إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

لا إله إلا الله

الإسلام على مستويين.. بداية ونهاية:


ديننا جايينا – الدين الإسلامي دا – جايينا لنسير فيه سير سرمدي – سير لا ينتهي – بالعلم، بالمعرفة.. بتحقيق التوحيد.. بالتخلُّق بالتوحيد.. أنا راح أوجز ليكم الخلاصة بتاعة الأمر دا في أن المراقي للإسلام، زي ما قلنا قبيل، إن الدين قمته عند الله، في إطلاقه.. نزل في الأرض للناس.. إذا كان الواحد اتصوره بالصورة دي، كأنه عندنا إسلام في الأرض، وإسلام في السماء.. أو قل إسلام في القاعدة وإسلام في القمة.. الحقيقة دا هو وضعنا.. نحن ديننا السير فيه كأنو سير في مراقي سبعة.. سلم سباعي.. أوله الإسلام، ثم الإيمان، ثم الإحسان، ثم علم اليقين، ثم علم عين اليقين، ثم علم حق اليقين، ثم الإسلام من جديد.. فالإسلام مرتين.. الأول أقل من الإيمان.. وقال عنه ربنا: (قالت الأعراب آمنا، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم).. الإسلام دا هو الانقياد الظاهري.. حتى المنافق في الدرجة دي من الإسلام بعتبر مسلم.. المنافق لما يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويصلي، ويصوم، ويزكي، إذا كان عنده مال، ويحج، إذا كانت عنده طاقة.. ده يعتبر مسلم.. وقد تعرف أنت، وأعرف أنا.. وقد يعرف النبي إنو منافق.. والنبي بيعرفهم، ولكن ما أمر أن يقول له أنت منافق.. هو قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم، وأموالهم، إلا بحقها، وأمرهم إلى الله) يعني قلوبهم إلى الله.. دا انقياد ظاهري.. دا قول باللسان، وعمل بالجوارح.. دا الإسلام الأول.. بعدين إذا كان الإنسان صادق فيه.. ما هو منافق.. العمل بالجوارح يؤكد معنى في قلبه سمي الإيمان.. يبقى الإيمان: قول باللسان، وعمل بالجوارح، وتصديق بالجنان.. ثم إن الإيمان يزيد.. يبقى إحسان.. وأنا افتكر انتو بتذكروا حديث جبريل.. رواه عمر بن الخطاب.. قال (بينما كنا جلوس عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ أقبل رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد.. فجلس إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم.. فوضع ركبتيه إلى ركبتيه وأسند يديه على فخذيه.. وقال.. يا محمد أخبرني عن الإسلام.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. الإسلام أن تشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم الشهر، وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا.. فقال صدقت!! فعجبنا له يسأله ويصدقه.. ثم قال فأخبرني ما الإيمان؟ قال الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله.. وبالقدر خيره وشره.. وباليوم الآخر.. قال صدقت.. قال فأخبرني عن الإحسان قال الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه.. فإن لم تكن تراه فانه يراك.. قال صدقت.. قال فاخبرني متى الساعة؟.. قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل.. قال فاخبرني عن علاماتها! قال أن تلد الأمة ربتها.. وأن ترى الحفاة، العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان.. ثم انصرف.. فلبثنا مليا.. ثم قال: يا عمر، أتدري من السائل؟؟ قلت الله ورسوله أعلم!! قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم).. جبريل علم الأمة دينها في ثلاث درجات.. إسلام، وإيمان، وإحسان.. والحاجة النحن خلطنا فيها، طوالي، على طول المدى.. وخصوصا في الوقت الحاضر، هي أننا افتكرنا أن الإسلام هو فقط هذه الثلاث درجات.. والحقيقة أن الثلاث درجات المشار إليها في حديث جبريل تمثل المرحلة الأولى من الإسلام.. وهي مرحلة الإيمان، وإنما وقف جبريل عند هذه المرحلة لأنه إنما جاء ليبين لأمة المؤمنين دينها.. ولم يجيء ليبين لأمة المسلمين.. لأنها لم تكن قد جاءت يومئذ..