إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

لا إله إلا الله

الإسلام عايد:


هسع وثاني مرة، يعود التوحيد، بصورة، حتى الموحدين يستغربوها، وينكروها.. زي الارتفاع القبيل قلناه في عمود التوحيد.. يرتفع من مرحلة العقيدة، التي كان عليها سلفنا، ليدخل في مرحلة الحقيقة، التي لم تمارسها أمة قبل الآن.. يرتفع من مراحل الإيمان الثلاث، إلى مراحل الإيقان الثلاث، لتجيء قمته في الإسلام.. وتنزل شريعته من جديد، بحبال جديدة، يستغربها الناس كلهم.. ارتفاعه دا بيستغرب، والكلام فيه يستغرب، لكن لا يمكن أن يعود الدين إلا على هذا المستوى.. ودا سلوك في مضمار (لا إله إلا الله).. يحققها الإنسان في نفسه أولا.. في حديث قدسي لعيسى، يقول الله تعالى: (يا عيسى!! عظ نفسك، فإن اتعظت فعظ الناس، وإلا فاستحي مني).. (لا إله إلا الله) تبدأ بيها في نفسك.. عاوز الحكومة الإسلامية تقوم في الأرض؟ أبدأ بيها في نفسك.. عاوز الدستور الإسلامي يقوم في الأرض؟ أبدأ بيهو في نفسك.. إذا ما الحكاية حصلت بالصورة دي ما بيعود الدين مرة ثانية.. أؤكد لكم.. دا وعد غير مكذوب.. (بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء!! قالوا: من الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها) سنته تنبعث بلا إله إلا الله في قمة معرفته.. لا حظوا!! ما قال يحيون شريعتي!! نبينا ما قال يحيون شريعتي!! قال يحيون سنتي!! لأن سنته عمله في خاصة نفسه.. وشريعته هي شريعته لأمته في مستوى دون مستوى عمله في خاصة نفسه.. ونحن جبنا ليكم مثلا المال في الصورة دي.. أنا أفتكر المقدمة دي بتوفي الأمر النحن بسبيله، لكن الكلام عن التوحيد أصله ما يمكن يتناهى، ويمكن للناس أن ينتفعوا بِالقليل القيل، أنا أفتكر، على حالته دي، موش كتير، لكن دا ما فتح الله، وما رزق.. شكرا جزيلا..

خاتمــة:


أما بعد فهذه نهاية محاضرة (لا إله إلا الله) التي ألقيت بنادي الحارة الأولى الثقافي بمدينة المهدية بأم درمان..
ولقد أريد بهذه المحاضرة إلى التسليك، والى بعث (لا إله إلا الله) في الصدور من جديد.. وسلف الحديث عن ضرورة هذا البعث في المقدمة، مما يغني عن إعادته في هذه الخاتمة، ولكن لا بد من توكيد المعنى الهام جدا، وهو أننا لا نوحد الله بالتوحيد، وإنما نوحد ذواتنا – أعني أن الله غني عن التوحيد، ولكننا، أنا، وانت، محتاجون للتوحيد – وقيمة التوحيد لنا، نحن، أن نحقق وحدة الفكر، والقول، والعمل.. وهذا يعني أن نصدق في تطبيق (لا إله إلا الله) حتى يصبح التوحيد صفة لنا..
المدخل على هذا النهج هو أن نفكر كما نريد، وأن نقول كما نفكر، وأن نعمل كما نقول، ونتحمل مسئولية عملنا.. ثم نجتهد في تجويد السلوك، والمعاملة، حتى يكون عملنا كله خيرا، وبرا بالناس، مما يجعلنا نسمو فوق طائلة القانون.. إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
إن غاية التوحيد أن تكون في سلام مع الله، لتكون في سلام مع نفسك لتكون في سلام مع الأحياء، والأشياء.. فإذا كنت كذلك فأنت (الحر)..
حقق الله الآمال وأحسن الخواتيم..