إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

غزو أفغانستان
النذير العريان

الموقف العالمي من الغزو


وفاز مشروع القرار بالإنسحاب الفوري، غير المشروط للقوات الأجنبية من أفغانستان بأغلبية 104 دولة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وصوتت ضده 18 دولة، وأمتنعت عن التصويت 18 دولة، وتغيبت عن جلسة التصويت 12 دولة.. صوتت ضده الدول الدائرة في فلك النفوذ السوفيتي ومنها: أنجولا، واليمن الجنوبية، وأثيوبيا وموزمبيق. كما امتنعت عن التصويت الدول الموالية للنفوذ السوفيتي ومنها: الجزائر، بنين، بورندي، الكونغو، غينيا الإستوائية، غينيا، غينيا بيساو، الهند، مدغشقر، مالي، يوغندا، زامبيا، سوريا!! وكانت ليبيا من الدول التي تغيبت عن الجلسة!! وقد تغيب مندوب السودان عن الجلسة برغم موقف السودان المعلن، الواضح من إدانة الغزو والمطالبة بإنسحاب القوات السوفيتية الغازية، مما جعل الرئيس نميري يستدعيه للتحقيق معه حول هذا الموقف الغريب الذي لا يعبر عن سياسة السودان الخارجية، مطلقا.. ومن الغريب أن تقف دول شيوعية، كالصين، ويوغسلافيا، ورومانيا موقف التنديد بالغزو بينما تقف بلاد إسلامية كالجزائر، واليمن الجنوبية، وسوريا، وليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينية موقف التأييد أو الحياد في قضية إنتهاك صريح لإستقلال وسيادة بلد إسلامي!! ويعمل الإتحاد السوفيتي، هذه الأيام، على إعادة حالة التوتر الحادة إلى النزاع العربي الإسرائيلي، لصرف أنظار العالم عن إفغانستان، ولإستعادة موقعه كنصير مدع للحق العربي، بعد أن هزت أحداث أفغانستان هذا الموقع الذي كسبه عبر سنوات طويلة، ثم لتشتيت جهود أمريكا المركزة الآن في الخليج!! فقد زار وزير الخارجية السوفيتي سوريا قبل أسابيع، فتمخض ذلك عن إتجاه سوريا لسحب قواتها (قوات الردع العربية) من لبنان، لتعزيز أمنها حسب تبريراتها، في وجه حشود عسكرية إسرائيلية ادعت أنها تستهدف ضرب دمشق عن طريق لبنان!! وهكذا فإن الإتحاد السوفيتي يخطط لتفجير النزاع العربي الإسرائيلي من جديد كتكتيك داخل إطار إستراتيجيته للهيمنة التامة على المنطقة، والتي يمثل غزو أفغانستان حجر الزاوية فيها.. فالقوات السوفيتية اليوم على بعد 300 ميل من الخليج الفارسي!!