إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

غزو أفغانستان
النذير العريان

بسم الله الرحمن الرحيم
(وقد مكروا مكرهم، وعند الله مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال * فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله.. إن الله عزيز ذو إنتقام * يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار * وتري المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد * سرابيلهم من قطران وتغشي وجوههم النار * ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب * هذا بلاغ للناس، ولينذروا به، وليعلموا أنما هو إله واحد، وليذكر أولو الألباب)..
صدق الله العظيم..


المقدمة


نكاد نشم دخان الحرب العالمية الثالثة!! فالإتحاد السوفيتي لن يستطيع الصبر، على الإطلاق، ليواجه (الجوع النفطي) الذي سيصيبه، بشدة، في سنوات الثمانينات المقبلة، حيث يصير، لأول مرة، مستوردا للنفط، بعد أن عاش طويلا، وهو مصدر له، مما يوقعه تحت رحمة دول (الأوبيك)، وتحت رحمة السيطرة الأمريكية على ممرات النفط الحيوية!! كما أن الإتحاد السوفيتي لن يستطيع الصبر، على الإطلاق ليواجه (المجاعة) الحقيقية، المتمثلة في تناقص إنتاجه الزراعي، من الغلال، بصورة مخيفة، عاما، بعد عام، مما جعله يعتمد على الأمريكان، إعتمادا كبيرا، في سد هذا النقص.. ولقد تمكن الأمريكان من أن يتخذوا القمح سلاحا لممارسة الضغط عليه في الأزمات، كما هي إجراءآتهم التأديبية له الآن بسبب غزوه لأفغانستان!! والإتحاد السوفيتي، كذلك، لن يستطيع الصبر، على الإطلاق، وجبهته الداخلية تتصدع، وهي مكونة من شعب مسلوب الحقوق الدستورية طيلة حوالي ستين سنة، ويتبلور سخطه ويتعاظم، كل يوم في أوساط المثقفين، والمفكرين، والعلماء، والفنانين، وهم يرون هدا الشعب وهو يغالب محنة إنسانية مفجعة، فلا هو وجد حريته، ولا هو وجد مجتمع الكفاية!! بل إنه صار عالة، حتى في قوته الضروري، على فائض إحتياج المجتمع الرأسمالي!!
ومن يدري؟؟ لعل السوفيت، وهم يواجهون التصدع الداخلي، في حالة عجز ويأس، أن يبادروا بخوض مغامرة عسكرية تؤدي إلى حرب عالمية!! ومن يدري؟؟ لعل شرارتها أن تندلع في منطقة الشرق الأوسط بمنابع نفطها، وبممراتها المائية، وبإمكانياتها الغدائية (بإعتبار السودان)!! حرب كهذه إنما ستكون صراعا على البقاء، بين الشرق والغرب، حول مصادر البقاء التي تتمتع بها هذه المنطقة.. الإتحاد السوفيتي مقضي عليه بالتصدع الداخلي، سالم أو حارب، فالحرب عنده مقامرة لتحديد المصير، خصوصا إذا كانت على أسباب وجوده الأساسية، في هذه المنطقة الحيوية، والغرب مقضي عليه بالتصدع إذا فقد أسباب وجوده الإساسية، في هذه المنطقة، أيضا.. فالحرب وشيكة، وواردة، في هذه الظروف العالمية الصعبة!!
هل تبقي لدينا، نحن المسلمين، غير أن نفر إلى الله: (ففروا إلى الله!! إني لكم منه نذير مبين!!) لعل الله أراد أن يسوقنا إليه بالخوف بعد أن طال غطيطنا في مراقد الغفلة.. ومن يدري؟؟ لعلها فرصتنا الأخيرة في إحراز العزة (ولله العزة، ولرسوله، وللمؤمنين!!)
لا يمثل الغزو السوفيتي لأفغانستان إلا خطوة تخطوها القوات السوفيتية في زحفها المخطط، عبر حدودها الجنوبية، نحو (الجنوب الدافيء)، حيث منابع البترول، وممراته!! ويتوقع المراقبون أن تكون باكستان، أو إيران هي الخطوة الثانية في هذا الزحف. وسنتتبع في الصفحات التاليات جذور الأطماع السوفيتية في هذه المنطقة، وأساليب الإستعمار السوفيتي في الهيمنة على دول العالم الثالث، وتصاعد القوة العسكرية السوفيتية، وإتساع مناطق النفوذ السوفيتي، ثم غزو إفغانستان: حجمه، وأهدافه، ونتائجه...