إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الصلاة وسيلة وليست غاية

الأركان هي الحد الأدنى


إن من يسمع من الجمهوريين أنفسهم أو يقرأ كتبهم لا يمكن أن يتهمهم بالدعوة إلى ترك الصلاة. وقد يتهمهم بالتعمق في الدين وفى العبادة، وبأدائها بجد واجتهاد وعزيمة حتى تتحول العبادة إلى عبودية لله وقد قال العلماء بالله إننا ما دمنا قد خلقنا للعبادة فلا يمكن أن تكون عبادتنا هي الحج في العمر مرة، وصوم شهر من اثنى عشر شهراً، وزكاة بإخراج العشر أو نصف العشر أو ربع العشر من مالنا بعد أن يتم النصاب ويحول الحول. وصلاة الخمسة أوقات التي لا تزيد على ثلث الساعة من الأربعة وعشرين ساعة. قالوا لا يمكن أن تكون هذه هي كل عبادتنا، ولكن هذه هي رأس المال، هي أقل المطلوب، هي أقل ما يجب. ولذلك فمن جحد واحداً منها خرج من الملة، ومن تهاون في أداء أي واحد منها فهو عاصي.

قربوا المسافة بين العبادة وبين الحياة


المطلوب منا، في حقيقة الأمر، إنما هو أن نقرب بين عبادتنا وبين عادات حياتنا حتى ترتفع بنا العبادة إلى العبودية. والعبودية هي أن تعطى وقتك كله لي الله، بأن تكون حاضرا معه بل ان تكون كلك لي الله مسلما له. قال تعالى يأمر نبيه الكريم ((قل ان صلاتي ونسكي ومحياي، ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين))
فكل واحد مننا يجب أن يتجه إلى أن يجعل حياته كلها عملاً متصلاً في سبيل الله حتى يصبح كل وقته ذكراً وفكراً ((قل ان صلاتي، ونسكي، ومحياي ومماتي، لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)). فقد أمر النبي بأن تكون عبادته وحياته ومماته لله رب العالمين فأطاع. وبذلك أمرنا نحن حين أمرنا باتباعه ((قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) الله لم يقبل منا ان يكون بعض وقتنا وبعض حياتنا لغيره تعالى!... تفضلاً منه وتدريجاً لضعفنا على أن نتحرك للأحسن، الأساسي، لا أن نجلس في أول السلم، ونقف مع الحد الأدنى. الله تعالى قد استنهضنا للصعود في مدارج الكمال والمسئولية قال تعالى ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون)) فالله قد خلقنا لنكون له عبيداً ومن أجل ذلك كلفنا بالعبادة لتوصلنا إلى العبودية. والعبودية لا تتحقق إلا إذا كنت كلك لله ((فالعبد مفقود لنفسه موجود لسيده)) ولذلك فإن العبادة ليست كسير جمل العصارة، يسير ويسير، وهو في محله، وإنما هي حركة منطلقة نحو هدفها العبودية ونحو الصلة المتصلة بالله. فكما ورد ((الصلاة معراج العبد إلى ربه)) كما ورد عن صلاة الصلة ((الصلاة صلة بين العبد وربه)).