إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search
الموقف السياسي الراهن والحقوق الأساسية

أمدرمان - دار الحزب الجمهوري
٢٨ فبراير ١٩٦٩

الجزء السابع

أحد الحضور: إزي الحال، عندي تعقيب في الحقيقة على كلام المتحدث الأول والمتحدث الثاني.. أولاً إطلاقاً العقل الإنساني ما بيسمح أنه تكون هناك في دعوة إسمها الناصرية لأنه مافيش دعوة في الدنيا بتقوم على الفردية؟.. ممكن نقول الماركسية، الماركسية كفلسفة والميول الفلسفي ما بتوجد عند كل إنسان الحاجة التانية على الوضع القايم في الجمهورية العربية المتحدة المعروف، ومن البديهيات أنه في فراغ سياسي، والفراغ السياسي بكون ناتج لعدم الصلة بين القيادة والقاعدة.. والفراغ السياسي لا يمكن أن ينتهي إلا أن يكون هنالك مذهب معين أو نظرية فلسفية معينة يسير عليها الوضع في الجمهورية العربية المتحدة فبالتالي انحن ما بنتوقع من النظام الناصري بوضعه الحالي أو نظام عبد الناصر الموجود في الجمهورية العربية المتحدة يمشي خطوات أكبر إلي الأمام.. النقطة التانية بخصوص الأخ الإستنكر اللي هو إستنكاره لمقتل سيد قطب.. الواقع أنه أي نظام ثوري بيحارب أعداؤه وأي إنسان بيدعوا لنظرية معينة أو بيدعي لوضع معين قد ينتهز الفرصة إلى تنفيذ وضعه فقد شهد شاهد من أهل وضع سيد قطب فقد قال حتحوت وبلسانه لو كنت على حق لإنتصرت.. فإذا كان حتحوت من ضمن منظمي تنظيم الأخوان المسلمين في الجمهورية العربية المتحدة وهو يشهد بذلك فما بالنا نستنكر مقتل سيد قطب.. أما بخصوص الجامعة الإسلامية فالجامعة الإسلامية كما توضح الحقائق إنما هي إلا نظام فيصلي تصرف عليها المملكة العربية السعودية.. فإذا كانت المملكة العربية السعودية حادبة على نشر التعليم في السودان كان من البديهي أن تساعد جامعة الخرطوم ولا تسعى إلى ثنائية التعليم الذي لا يخدم تطور هذا البلد الإقتصادي وشكراً..

أحد الحضور: السلام عليكم، الواقع أتيت هذه المحاضرة متأخراً وإن كنت آسف على ذلك رغم حرصي الشديد جداً جداً.. وفي الواقع الحديث الذي أثير قبل هنيهة في هذا المنبر أثارني إلى حد.. النقطة الأولى: نقطة الأزهر التي أثارها الأستاذ محمود محمد طه وذكر أن الأزهر لم يقدم شئ والمسألة الثانية هي نقطة الأخ المتحدث الناصري الذى وقف قبل هنيهة هُنا ثم ذهب وجلس في مكانه أما بخصوص نقطة الأستاذ محمود مع إحترامي الشديد جداً جداً لرأي الأستاذ محمود أن الأزهر لو لم يقدم شيئاً لكفاه ان حفظ وجهاً أو حفظ شيئاً يقيم الأستاذ اليوم على أساسه فلسفة ودعوة جديدة، بغض النظر عن أن أتعرض لجمال الدين الأفغاني وما قام به في مصر حتى أُخرج من مصر.. ثم تخطيطات الإستعمار المختلفة ضد الأزهر وضد فلسفة التعليم فيه.. ثم نأتي إلى الجامعة الإسلامية وأنا قارئ فيها وأتشرف بالإنتساب إليها.. في الواقع فيصل لم يقدم للجامعة الإسلامية منحة تقوم على أساسها.. وإن كانت الجامعات في مختلف المدن والدول المختلفة لا ترفض أي معونة تأتي إليها من قبل أي إنسان.. وجامعة الخرطوم تأتيها معونات من الدول الغربية، الدول الإستعمارية التي لا شأن لنا فيها وهي تقبل هذه المعونات بحكم أنها مؤسسة علمية.. والجامعة الإسلامية لم تقم لتخدم فكرة فيصل أو فكرة علان أو فكرة فلان.. الجامعة الإسلامية قامت أساساً نتيجة لفشل الأزهر وفشل الجامعات في البلاد العربية بما فيها جامعة الخرطوم في السودان هنا.. فشلت لأن هذه الجامعات لم تخرج لنا أجيالاً يحملون في رؤوسهم فلسفة معينة عن الحياة والكون والإنسان ثم يقودوا عن طريقها الجماهير.. هذه الجامعات لم تخرج إلينا عبر العصور الطويلة إلا الموظفين فقط ولذلك هي جامعات يتخرج منها الطالب ولا يحمل في رأسه إي فلسفة للكون والحياة والإنسان.. من هذا المنطلق قامت الجامعة الإسلامية وقبل أن يطلق الأخ المتحدث كلامه فكنت أرجوا منه أن يتأكد أولاً وثم بعد ذلك يطلق حديثه.. فالجامعة الإسلامية تقوم على أساس جديد.. إذا كان هنالك يدرس الإقتصاد في جامعة الخرطوم، إقتصاد ماركس وغيره وغيره.. هنا يدرس إقتصاد ماركس وتفند كل قوانينه ثم يقام على هذا الأساس إقتصاد جديد وإذا كان هناك تفند نظرية (دوكايم في الإجتماع ونظرية (أوجست كونت؟) فهنا تقام نظرية جديدة.. وإذا هنالك تفند نظريات القانون فهنا تدرس وتفند وتقام على هذا الأساس نظرية جديدة وهكذا في التجارة والمعاملات ومختلف العلوم من هذا المنطلق وعلى هذا الأساس قامت الجامعة الإسلامية حتى تعيد للدول العربية كيانها المسلوب.. شكراً..

الأستاذ محمود: قال أني أنا قلت أنه الأزهر ما قدم أي شئ ودا طبعاً تحوير لكلامي ليجي الرد على أنه الأزهر يكفيه أن إحتفظ، كأنه عايز يقول إحتفظ بالتراث الإسلامي.. لكن سؤالي كان قال أُثر الأزهر على مصر.. ما الدين موش كتب الدين موش علماء بسيروا في الشوارع.. الدين أثر على حياة الشعب فسؤالي كان حقو يواجهه بالصورة دي أيه الصبغة المصرية في الإسلام اللي جاية من الأزهر؟ هل مصر ما متأثرة بالغرب مع وجود الأزهر فيها الف سنة؟ هل إستطاعوا الأزهريين أن يصبغوا القري ولا المدن الريفية بالإسلام بأي صبغة من الصبغ؟ أما كونه الأزهر عندو كتب بيحفظها ومكتبة كبيرة وكتب بيعيد نشرها أنا بعرف الكلام دا.. إذا كان هو كل ما عايزه من الأزهر، يبقى أنا كنت منتظر أن يعتقد أنه الأزهر أجدر بعمل أكبر من دا.. ثم لأنه هو في الحقيقة ما بيعتقد في الأزهر حاجة، قال الجامعة الإسلامية قامت لفشل الأزهر.. لأنه الأزهر فشل.. فشل في شنو؟.. في آخر كلامه وافقني على الكلام النقضه في أول أمره.. ثم الجامعة الإسلامية قامت لفشل الأزهر.. فيها كم أستاذ من الأزهر في الوقت الحاضر؟.. الأساتذه الفشلوا الأزهر ديل ينجحوا الجامعة الإسلامية؟.. قال في رده على السيد اللي كان إتكلم قبل شوية ونحن ما شفنا ضرورة للتعليق على كلامه، قال أنه المعونات البتتلقاها الجامعة الإسلامية من فيصل.. السيد المتكلم قال إذا كان فيصل بهمه التعليم في السودان ليه ما أعان جامعة الخرطوم قال.. برضو كان هو يواجه السؤال بالصورة دي.. كأنه السائل القال الكلام دا عايز يقول أنه فيصل عندو غرض سياسي في قيام الجامعة الإسلامية، موش التعليم.. الغرض السياسي هو إستغلال الدين زي ما هو الوضع عندو هناك.. ثم قال إذا كانت في جامعة الخرطوم بتدرس النظرية الماركسية بتفند في الجامعة الإسلامية في أمدرمان ليقام نظام جديد.. ثلاثة مرات قال لينا النظام الجديد.. هو شنو النظام الجديد؟.. ما عندو فرصة ليقول لينا النظام الجديد شنو هو.. أنا ما بفتكر أنه إنت بتقدر تدافع عن الجامعة الإسلامية.. إنت معاها بعواطفك تمام لكن هي الجامعة الإسلامية لغاية الآن معهد أمدرمان العلمي.. إتغيرت صورة والأسم وجابوا ليها علماء من الخارج في الحقيقة جهلاء.. نحن متابعين كلامهم وأنا أؤكدلكم انحن راح نفندوا في كتب.. كلامهم البنشروه في الصحف، اللي سودوا بيهو صفحات الرأي العام كلها ماهو كلام بيوجد للناس فلسفة جديدة، بل الحقيقة الفلسفة القديمة ما عارفنها والفلسفة العصرية القايمة ما عارفنها.. فإذا كان هم بعلموا ناسهم قشور الإسلام وقشور الفلسفات الغربية الحاضرة يبقى أي مستوى من الطلبة راح تخرج لينا الجامعة الإسلامية؟ موضوع الجامعة الإسلامية بحتاج إلى عمل كبير ولابد أن يجي الوقت اللي توضع في موضعها وموضعها هو تصفيتها في الحقيقة..
ثنائية التعليم موش راح تستمر دي حاجة مؤكدة موش راح تكون هناك مصلحة للشؤون الدينية في بلد أصله مسلم.. ليه ما كل الناس يكونوا الشؤون الدينية.. مصلحة الشؤون الدينية.. الجامعة الإسلامية.. ودا كلو ثنائية في التعليم ماها قايمة إلا على هوس تملأ بيه عقول طلبتها ليفتكروا أنهم هم عارفين الدين.. إن جيت في الآخر أنهم سعاة لمناصب.. الأزهر بصوره القديمة إنمسخ ليمشي لا هو الآن مدرسة غربية ولا هو مدرسة شرقية.. لا هو الأزهر القديم اللي قايم على نصوص الدين بالصورة ديك وناسه مقتنعين بلقمة العيش البلقوها ولا بلغوا أن يكونوا غربيين لينافسوا الجامعة المصرية.. الجامعة الإسلامية بالصورة دي، وأقل من الصورة دي، وأنا أفتكر أنه إذا كنت إنت بتفتخر بإنتسابك للجامعة الإسلامية، أنا عايز أقولك الحكاية اللي قلتها للطالب قبل قبيل، إنت فكر فيها مع إخوانك.. في كتاب الردة في علماء بدرسوك الدين وبدرسوك الأخلاق.. بزيفوا المنقول، بصورة مخزية ونحن وضعناها قدام أنظاركم ووجهنا ليكم الكتاب دا في خطاب وفي هدية ليكم.. ما شعرنا بأنكم أنكرتوا.. أنا اؤكدلكم إذا كان الحكاية دي في طلبة مدرسة من المدارس المدنية لكانوا أعترضوا على الأستاذ دا وأحرجوه.. إنت بتدرس الدين، بدرسك ياهو إنسان ولا عندو دين ولا عندو أخلاق ولا عندو فكر ولا عندو الإنسانية البتمتع بيها رجل الشارع، وإنت بتجلس تحت أقدامه عشان تطلع بعدين مشرف للبلد دا بمذهبية جديدة..

أحد الحضور: لو أنفقوا حملوك فوق رؤوسهم وتخيروك لمجدهم عنوانا.. إن كان هذا المعنى قيل لمخصوصٍ أو إن حُصر هذا المعنى في الخصوص فليشمل الآن العموم.. سؤالي الذي أود أن أتوجه به للأستاذ، إذا إتضح لنا أن هؤلاء القوم الذين أتو من مصر لننشر الفكر الإسلامي ما هم إلا أناس يزيفون الحق وما هم إلا أناس ينطقون بشئ لا يضمرونه في صدورهم ، أوما تكنه صدورهم، هل هذا المعنى غائب على العلماء هنا ؟ وهل هذا المعنى أيضاً ليس بواضح لرجالات الحكومة والرجال الذين متبنين شأن هذا البلاد ام أن زي ما بقول المثل "عين الحامل طرشا".. شكرا..

الأستاذ محمود: أنا أفتكر أنه الناس اللي فتحوا المجال دا للنفوذ المصري بالصورة اللي- المسؤولين يعني الفتحوا البلاد للنفوذ المصري، وأنا بسجل المسألة دي عليهم.. نحن الجمهوريين من المؤكد أنه بنعتقد أنه بجي وقت بيحاسبوا الناس عليه في أي تصرف سيئ ضد البلد دا.. الناس المهملين الناحية في الوقوف ضد النفوذ المصري ناس منتفعين، للمصريين عليهم يد.. يد قديمة ما بستطيعوا أن يعارضوها.. في ناس عندنا ولسوء الحظ برضو الواحد يقول انحن عندنا عقدة الأجنبي.. إذا كان جاء الأجنبي.. خصوصاً إذا كان أبيض، بنفتكر أنه عالم.. بكون عندنا إستعداد لأن نكون ليه تلاميذ.. جانا مثلاً- بلدنا دعا نزار قباني.. نزار قباني الشاعر.. أنا أفتكر عندنا شاعر هنا يمكن ما يقدر أن يدافع عنو في مجال الشعر في الأدب في الأخلاق في أي قيمة ما أفتكر بيدافع عنه لكن في الدين قولاً واحد هو هو شاعر ***** بتكوينه وبطبيعة تفكيرو.. نزار قباني في شعره قال إن الله مع الصابرين دي نحن ما عايزنها وهو بفتكر أنها دي يعني فزلكة وفلسفة.. معناها شنو.. أنه المسلمين بقوا إتكاليين خالص لازم يسيبوا إن الله مع الصابرين ليحقدوا ما يصبروا.. بيفتكر دي التربية البتسترد للشعب العربي مجده.. قال إنا لله وإنا إليه راجعون دي قلناها كثيرة.. نحن أحسن نقول إنا راجعون لفلسطين بسلاحنا، بالبندقية.. وأنا اؤكدلكم أنه دا إما أن يكون هو مزيف في تفكيره وفي أخلاقه وفي قيمه، أو أنه يكون عايز ليه شهرة جديدة في تمليق عواطف الشعب العربي في الوقت الحاضر لينتفع برضو.. جابو بلدنا هنا وجرينا وراه وهللنا ليه وطبلنا ليه.. جانا مفكر في مستوى معين، مالك بن نبي، الجمهوريين حاولوا يتصلوا بيه وعرفوا قيمه لكن هنا أقامت البلد كلها وقعدت المفكر المفكر وكتبت عنو الصحف.. تفكيرو شنو؟... مافي حاجة.. كثير من الزركشة الفي.. نحن عندنا طيبة.. الشيخ العبيد أنا أفتكر بمثل الشعب السوداني في أخلاقه.. الشيخ العبيد قال البقول ليك أنا قول ليه إنت والببقى ليك شيخ أبقى ليه حوار.. أنا أفتكر دي نحن مطبقنها، أدب صوفي رفيع لكن نحن مطبقنها حتى خارج التصوف.. انحن افتكرنا انهم ديل مشايخ وبقينا ليهم حيران.. العلماء الهنا شاعرين بقصورهم الحقيقي أمام المصريين.. قايلين أنهم عندهم شئ.. أي حاجة يقولوها المصريين يفتكروه شئ.. المصريين بشئ كثير جداً من تحدي شعور الناس لو مشو في حولية للأذكار يمسكوا المكرفون دا يخرج الحولية بدون روح.. لإعتبار أنه الناس بسمعوا ليهم ويفتكروا أنهم تلاميذهم ومافي حاجة يراعوها فيهم.. لكن الشعب السواني في الآخر بجي يثأر لكرامته.. الشعب السوداني راح يعلم الناس البستغلوا طيبته أنه إستغلال طيبته ما مأمون العواقب.. إذا كانت الحكاية في الإجابة على السؤال دا، هل الناس ديل عارفين المسألة دي أو ما عارفنها.. هم بين عارف وما عارف.. العارف منتفع بالمسألة دي وعندهم يد عليه طويلة وما بستطيع أن يرفع عينو ليهم.. ال ما عارفين هم الأكثر.. إن جيت لجانب العلماء، ما عارفين.. علماءنا الواحد لمن يجي من الازهر يسمى الأزهري، يبقى كيف يرفع حاجبه على عالم جاء من الأزهر؟ هو تلميذه لا يزال.. )

أحد الحضور: أنني لم أستطع أن أوفق بين فكرتين.. فكرة أن ينصر الإسلام هنا السعوديون بحجة أو بغرض القضاء على القومية العربية ثم هنالك فكرة أخرى وهي أن يرسل إلينا جمال عبد الناصر أو يساعدنا جمال عبد الناصر بقوم يريدون أن يبثوا الفكرة الإسلامية هنا وأن يقوضوا الحلف الإسلامي أو المؤتمر الإسلامي وكل ما أرجوه من الأستاذ الكبير أن يوضح لي لأن كل ما أريده هو التوضيح.. لأنه يبدو ان هنالك تناقضاً بسيطاً لا أستطيع أن أفهمه

الأستاذ محمود: (...) لكن أنا ما بسأل عنه ، لأنهم هم بعتقدوا أنهم في الإتجاه دا بدعوا فعلاً للنفوذ المصري هنا مع أنهم ما بستطيعوا هنا أن يدعوا إلى القومية العربية أفتكر لكن إتجاه العواطف الإسلامية ممكن يستغلوه هم، ثم نحن بنكون مديونين للتعليم المصري وللعلماء المصريين وبكون نفوسنا مهيئة لأن نتقبل منهم الأوضاع بتاعتهم.. إنت بتشوف التناقض قايم ليه بأنه عمل مثلاً يدعوا ليه فيصل في مسألة الحلف الإسلامي(...)