دين الخلائق ودين البشر
(دين الله) الوارد في الآية (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها واليه يرجعون؟؟) هو الإسلام بالمعنى الشامل، العام، الذي لا يخرج عنه مخلوق من الأحياء.. من السوائل.. من الغازات.. من العناصر كلها.. الحقيقة دي تعطيكم معنى قوله تعالى: (وان من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم).
معنى قوله تعالى:(وله أسلم من في السموات والأرض طوعا، وكرها، وإليه يرجعون) أنودي الإرادة الإلهية التي سير بها ربنا الوجود كله.. لا يشذ عنها شاذ، ولا يعصيها عاصي.. من عصا فقد أطاعها.. لا تعصى هي.. المعصية هي في مرحلة الشريعة.. لكن في الحقيقة الله لا يعصى.. إبليس موش عاصي لي الله في مرحلة الحقيقة.. ولكنه عاصي في مرحلة الشريعة.. العناصر كلها مسلمة وجهها إلى الله، ولكن ربنا يريد إسلام الوعي.. إسلام الفهم.. إسلام العقول.. لذلك قال تعالى: (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) روح الآية هي عبارة (وهو محسن) لأن الوجود كله مسلم وجهه إلى الله.. لا يعترض على الله.. لكنه ما مدرك.. إرادة الله لا تعصى.. كل الوجود مسلم ليها، لكنه لا يدرك.. ربنا أرسل رسله ليخرجوا الدين الواعي من الإرادة العامة.. من إسلام العناصر.. ليخرجوا إسلام البشر.. دا سمي مرضاة الله.. في مرحلة الإرادة ربنا أراد الخير والشر.. (ما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون).. والحديث: (من آمن فقد آمن بقضاء وقدر، ومن كفر فقد كفر بقضاء وقدر، رفعت الأقلام وجفت الصحف) دي مرحلة الإرادة.. لا يدخل في الوجود إلا ما يريد الله.. (شهد الله أنه لا إله إلا هو) شهادته دي معناها ما في الوجود إلا هو.. ما يدخل في الوجود إلا ما يريده الله.. العبارة التوحيدية تقول:(لا يعرف الله إلا الله، ولا يدخل في ملكه إلا ما يريد).. هنا ربنا أراد شيئا ولكنه لم يرضه.. دي من دقائق عبارات الأسماء.. ربنا أراد شيئا ولكنه لم يرضه.. ربنا أراد الكفر، ولكنه لا يرضى إلا الإيمان.. ربنا أراد الشر، ولا يرضى إلا الخير.. هنا دي وظيفة (لا إله إلا الله) التي جاءت تخرج دين التوحيد الواعي، من دين التوحيد العام، الواحد يمكن أن يصورها ليكم زي ماء البحر مثلا.. ماء البحر الملح.. وماء النهر العذب.. الخير والشر أصلها عبارة بتخصنا نحن، عند الله ما في شر.. لكن نحن الما بستوي عندنا الحلو والمر يكون عندنا الخير والشر.. الثنائية في مرحلتنا نحن، موية البحر مثلا، أنا وإياك ما بنستسيغها.. ما بنشربها.. مُرَّة.. موية النهر حلوة.. وعذبة.. عندنا.. يمكنك أن تتصور أن الإسلام في الإرادة العامة زي موية البحر ربنا سلط عليه رسله الذين أرسلهم بعد أن رباهم وهذبهم ليخرجوا من الموية العامة الملحة موية عذبة – يعني من الإرادة الفيها الخير والشر.. عايز يخرج لينا الخير الصرف في جانب – زي ما سلط الشمس على موية البحر، أخرجت منها بالتبخير، الموية اللي جات نزلت مطر وبقت أنهار ونحن نستسيغ أن نشربها.. يمكنك أن تتصور مرضاة الله بالمقارنة بإرادة الله، زي موية النهر، بالنسبة لموية البحر.
ربنا قال في الأمر دا: (إن تكفروا فإن الله غني عنكم، ولا يرضى لعباده الكفر، وإن تشكروا يرضه لكم).. (إن تكفروا فإن الله غني عنكم) الغني الما بيُغلب.. كأنه قال إن تكفروا، ما كفرتم مغالبة لله.. كفرتم بإرادته.. ولكنه لا يرضى منكم الكفر.. يتابعكم بالتعليم والامتحان.. وبالتعذيب.. بالخير والشر إلى أن يخرجكم إلى الخير.. (إن تكفروا فإن الله غني عنكم، ولا يرضى لعباده الكفر، وان تشكروا يرضه لكم).. أرسل رسله ليخرجونا من الارادة إلى الرضا.. ليخرجونا مما يريد إلى ما يرضى.. جاءوا كلهم بلا إله إلا الله من أجل ذلك.. ما يريد، هو دين الخلائق.. وما يرضى، هو دين البشر..