إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search
محمود محمد طه في حوار صوفي
مع مسز هود جكنز

محجوب كرار - الصحافة - السبت 16-12-1972 م

الجزء الثاني

محمود محمد طه في حوار صوفي مع مسز هود جكنز


محجوب كرار - الصحافة - السبت 16-12-1972 م

هي: قلت في حديثك إلي "جون فول" عن أهمية تحقيق الشخصية الفردية للإنسان فهل تعتقد أن الطرق الصوفية تصادر الفردية ؟

و الأشارة هنا ترجع إلي أجوبة من الأستاذ محمود محمد طه علي أسئلة حول التصوف الإسلامي و الطرق الصوفية في السودان تقدم بها أستاذ أمريكي من جامعة هارفارد و كان ذلك في عام 1963م و قد نشرت بنصها في اللغة الإنجليزية في الكتاب الثاني من سلسلة أسئلة و أجوبة التي صدرت للأستاذ محمود محمد طه في نوفمبر 1971م و مما قاله الأستاذ في الفقرة التي عنتها المحققة قوله:
To the great Sufi the stage of Wusul only marks the beginning of unity with God. Unity with God means sharing with Him his attributes of perfection. Individualism is one of these attributes. The successful Muslim must enjoy absolute individual freedom. Here Islam ceases to be a religion. It becomes a way of life. It gives to every individual his moral code.


هو: التصوف ليس ضد الفردية. و لكن التصوف عندما انحط في شكل طوائف صار ضد الفردية.

هي: التصوف عندما بدأ كان حركة صفوة و لكن إنحطاطه أدى إلي إنتشار الدين بين الشعب.

هو : هذا صحيح.

هي : هل التصوف هو خطوة للإنفصال عن الحياة و الإتصال بالله ؟

هو : نعم .. و لكنه إتصال مؤقت ليعود بعده الصوفي و يأخذ المجتمع معه .. فهو يأوي إلي خلوته ليبرز منها إلي جلوته. فالصوفي يخلو إلي الله في خلوته ليبني شخصيته ثم يبرز لخدمة المجتمع في جلوته.

هي : هل معني ذلك أن التصوف هو الخلوة والطائفية هي الجلوة .. في الوقت الذي تشعر أن الطائفية فاسدة ؟؟

هو : يجب أن نعرف أن الطائفية ما هي إلا شكل مشوه للصوفية فعندما جاءت الطائفية أصبحت تستغل الدين للسياسة و يمكن أن نعرف الطائفية بأنها إستغلال الدين للأغراض السياسية .. فزعماء الطائفية لا يرشدون أتباعهم لأنهم (أي الزعماء) جهلة و هم يريدون الناس أتباعا ليستفيدوا ماديا و ليصلوا إلي السلطة.

هي : نعود الآن إلي شخصك .. من هم المفكرون الذين تأثرت بهم في تطوير أفكارك ؟

هو : في الحقيقة لا يوجد مفكرون بالمعنى الذي كان لهم أثر علي حياتي. و لكن هناك أصحاب مناهج هم الذين تأثرت بهم وهم النبي .. والغزالي .. فلقد إتبعت المنهاج و قرأت شيئا قليلا .. شذرات من هنا و هناك و لهذا لا أقول تلمذتي علي مفكر معين.

هي : هل قرأت لمفكرين إسلاميين ؟

هو : لم أقرأ لمفكرين إسلاميين طبعا و لكن قرأت قليلا لماركس و لينين وبرتراند راسل و شو هزج ولز .. والموضوع الذي جئت به لم يأت به السابقون حتى ولا إبن عربي فهو جديد كل الجدة ..

هي : إن الإختلاف لكبير بين فئتين .. الذين يقولون إن السعادة يجب أن تتحقق في هذا العالم و الذين يقولون في العالم الآخر فأين تضع نفسك من هاتين الفئتين ؟

وعند هذا الموقف شعرت مسز هود جكنز شعورا خفيا بأن أجوبة الأستاذ تحمل لها إتهاما بأنها تحاول مراجعته في بعض أفكاره و لهذا قالت توضح : - أرجو ألا تظن بأني أناظرك فيما تقول به من أفكار .. إنني أقدم إليك هذه الأسئلة فقط لأعطيك الفرصة لتنقض هذه الإفتراضات ..

هو : [يواصل الإجابة] إن الفرق بين التصوف والماركسية هو أن التصوف يأتي بالحياة المقبلة السعيدة للحياة الحاضرة و يقول إننا يجب ..؟؟؟

هي: كيف ترى تحقيق هذا .. هل بالوسائل السياسية و البرلمانية أم بالتعليم ؟

هو : بتعليم الإنسان على أساس تكوين الخلق و الفكر .. فإن المادة هي الوسيلة للحياة الكاملة في الروح .. و طريقة هذا التعليم توجد في الصلاة والصيام الخ .. فالصلاة تعطي العقل الصفاء فيرى الأشياء بوضوح .. و عندما يكثر هذا العدد من الناس تطبق هذه القيم الجديدة في المجال السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي.

هي : و لكن لكي يغير الإنسان المجتمع لابد أن يلجأ لحرب و قد يلجأ النبي للحرب .. فهل تريد أنت أن تحقق أفكارك بمجرد الدعوة ؟

هو : صحيح أن النبي لجأ للحرب و ذلك لحكم الوقت المتمثل في قصور المجتمع الجاهلي .. فبعد أن لم يستجب المجتمع الجاهلي للإقناع أخذه بالقوة .. أما المتعلمون من الناس فإنهم يؤخذون بالحجة .. و لعلك تعلمين أن القتال ممنوع في الدعوة الأصلية التي إستمرت لثلاث عشرة سنة في مكة.

هي : أنا لا أعني الحرب بحد السلاح و لكني أعني الدخول في الصراع السياسي.

هو : نحن سياسيون و حركتنا سياسية و حزبنا كان سياسيا و تكلم عن السياسة .. و نحن نعتقد أن السياسة و الدين يحتاجان للإقناع و نحن سائرون علي طريق الإقناع منذ زمن بعيد و قد أخذت حركتنا تتسع.

هي : لقد كنت تفكر في إستعمال الوسائل السياسية كدخول الإنتخابات و الخطابة علي المنابر .. الخ ؟

هو : نحن نعتقد أن الأساليب السياسية الحاضرة فاسدة فقد كان الساسة كاذبين .. لإحتياجهم لأصوات الناس ، كانوا يعطونهم الوعود الكاذبة التي لا يستطيعون الوفاء بها عندما يصلون إلي كراسي الحكم و نحن لا نريد هذا فهو أسلوب خاطئ يحتاج إلي تصحيح.