إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search
ندوات الخواطر

المهدية - اكتوبر - ديسمبر ١٩٧١

الخواطر - الندوة الأولى - ١٤ اكتوبر ١٩٧١

تنتظم هذه الندوة، وهي ندوة الخميس، الرابع عشر من اكتوبر.. الندوة الأسبوعية.. هذه الندوة معدة لمواصلة بحث سؤال الخواطر.. وكان سؤال ورد منذ عدة أسابيع من علي محمد أبو كليوة.. قال في السؤال انه هو يجد في بعض الأحيان بعض الخواطر العدائية لبعض الاخوان، الأكبر منه أو الفي مستواه.. بعض الاعتراض، بعض الشك، بعض الظن، وما يرضاه، لكنه يجده في نفسه.. وسؤاله ايه الضرر الينشأ للسالك من مثل هذا الخاطر، وما هو السبيل للتخلي عنه والتخلص منه.. والموضوع ده نوقش في ندوة البارحة واتفتّح، وكان قد نوقش وسُجّل منه ما إذاعته تستغرق نصف الساعة، من الشريط.. أما في ندوة البارحة فما يكاد يكون قد سُجّل شيء، في بعض الملاحظات هنا وهناك سُجّلت، لكن البارح كان مسح موسع لمعنى الخواطر، ونشأتها.. ولما اتوسعت المساحة بالصورة الحصلت البارحة أرجأناه لهذه الندوة، لعله يُختم.. قد لا يُختم، وقلنا البارح: ليست هناك عجلة في أن يُختم الموضوع ده بسرعة، إلا إن استوفى بحثه، لانه موضوع من الأهمية بمكانة كبيرة في التسليك.. فنحن الآن نطرح موضوع الخواطر لجلسة الأخوان ليُناقش، وأيضا نرى أن نبتدئ من بداية الخواطر.. طبيعة الخواطر هي شنو، طريقة نشأتها، فائدتها وضررها.. طريقة التخلص منها.. السلوك يتجه فيما يخص الخواطر كيف.. الموضوع مطروح للنقاش (.....)
الانسان الكان حر بطرده من النعيم الكان فيه، انتكس، وانحط فيه لأقل درجات المادة حياة.. ثم بدأ يصعد.. فنجي لمرتبة الكبت اللي هي الكبت الإنساني.. إذا رأيتوا أنه ده يكفينا في المنطقة دي افتكر أحسن، لانه موضوعنا كبير، نجي لمرحلة العقل الواعي اللي قبيلك ذكَّرنا بيها أستاذ عبد الله.. الكبت بالمعنى البنسميه كبت يعني.. في كلام من هنا كان؟ (.....)
شنو سبب الكبت في مرحلة المادة غير العضوية، وكيف بيختلف عن مرحلة الكبت في المادة العضوية؟ وشنو سبب الكبت في المادة العضوية؟ يعني شنو سبب الكبت في المادة غير العضوية، وشنو سبب الكبت في المادة العضوية، وشنو سبب الكبت في مرحلة الإنسان، وايه الاختلاف بين الثلاثة مراحل من الكبت؟ يمكن دي توضح شوية في موضوعنا ده.. عبد اللطيف سمى المادة غير العضوية إلى أن بقت عضوية فيها كبت، ثم مما بقت عضوية إلى أن جات للعقل الواعي فيها كبت، مما بدا العقل الواعي إلى يومنا ده في كبت.. شنو أسباب الكبت في المراحل الثلاثة وكيف بتختلف؟ (.....)
كلام عبد اللطيف كان طيب، مؤكد، لكن لو بنى على إجابة فضل كان يمكن مشينا لقدام، ولو أنه الشرح طيب برضو.. لكن سبب الكبت في جميع المراحل زي ما قال عنه فضل، لكن بس فضل ما سماه اسم مشترك كان يسوقنا للوحدة.. أول مرة سماه القهر الإرادي، وبعدين جاب إرادة الحياة، وبعدين القهر الإرادي سماه قهر مباشر.. ونحن عندنا عبارة في الثلاثة تنتظم الصورة دي.. يعني الكبت كان بإرادة مباشرة، ثم إرادة شبه مباشرة، ثم إرادة غير مباشرة.. الكبت دايما الإرادة فيه، دي النقطة المهمة، لأنها دي نقطة سلوكية.. الوحدة البتنتظم مراحل الكبت كلها، هي الإرادة الإلهية، أول مرة كانت مباشرة، بمعنى أنو ما بينها وبين المكبوت حجاب، بعدين لمن ترقى المكبوت من المادة غير العضوية للمادة العضوية بقت عمل الله فيه، بِعد شوية، وبقي بينه وبين الله حجاب، وده ما سُمي شبه المباشر وهو إرادة الحياة.. بعدين لمن جاء العقل، بقى بينو وبين الله حُجُب، وده ما سُمي غير مباشر.. كبت بإرادة مباشرة، وبشبه مباشرة، وبغير مباشرة.. بعدين السير هو في رفع الحجب دي، الحصلت في إرادة الحرية وفي إرادة الحياة.. الكبت في إرادة الحياة كان شبه مباشر، الكبت في إرادة الحرية غير مباشر، وجات الحجب الحجبتنا من الله.. ظهرت لينا الأدوات وما ظهر الفاعل الماسك الأدوات.. زي ما يقولوا الصوفية، يمثلوا، يقولوا زي القدّوم، المنشار البشق الخشبة.. الإنسان إذا كان في مستوى النملة مثلا، يقولوا ما بشوف بعيد بالصورة البيشوف الإيد المحركة المنشار، فلذلك ينسب الفعل للمنشار، ما بيشوف غير المنشار.. أهو دي المرحلة الغير مباشرة.. نحن بنشوف الأدوات ما بنشوف الله.. بنشوف الشمس ونشوف القمر ونشوف النجوم ونشوف الأرض ونشوف المطر، ونشوف العواصف، لكن الله غاب عننا.. والسلوك الراجع الاتكلموا عنه الاخوان هو برفع الحجب دي، لنرى أنه الأدوات ما يُنسب ليها إلا زي ما يُنسب فعل الشق للقدّوم، وأقل كمان.. للمنشار.. النجار هو المسؤول موش المنشار.. فالمرحلة المنتظمة المسائل الثلاثة في مراحل الكبت الثلاثة هي وحدة الإرادة.. والاختلاف اختلاف مقدار بالمعنى المعروف بين المادة العضوية والمادة غير العضوية والمادة المفكرة، اللي هي الإنسان.. حَ نمشي أفتكر، دي، الحاجة الأهمتني أنه تكون في إشارة للوحدة البتنتظم كل شيء، ودي من أكبر ما يرتكز عليه الدين في العقل الخارج عن المادة.. نحن عندنا مع ماركس اتفاق، أنو المادة سابقة للعقل، لكن في عقل سابق للمادة.. الحاجة اللي ذُهل هو عنها أنه هناك عقل سابق للمادة، هو اللي كبت في مرحلة المادة غير العضوية، والمادة العضوية والمادة الحية المفكرة.. يجوز لي قدام تلقى إنه القيمة دي لا بد أن تكون لأنه في مراحل السلوك ما بكون في سلوك إلا بالنظر دائما للعقل الخارج عن المادة.. العقل السابق للمادة بمعناها البنعرفه..
طيب نمشي لي بداية العقل افتكر، نتكلم من النقطة اللي ذكّرنا أستاذ عبد الله أننا انتهينا ليها، اللي هو العقل الواعي، وكان في كلام في آخر جلستنا البارحة أنه المجتمع هو العامل المباشر في الكبت، وفي كانوا بعض الاخوان بيروا أنه العقل البيه الكبت هو سبب في المجتمع، وناس آخرين كانو بيروا أنه هو نتيجة للمجتمع، وأخير في الآخر افتكر اتصفَّت إلى أنو العقل نتيجة للمجتمع.. المجتمع يعني مجتمع الأحياء ومجتمع العناصر الحول الإنسان، البيئة.. من النقطة دي افتكر نقول كلمتين ونمِش لي قدام.. العقل برز كيف؟
نسمع...
أستاذ عبد الله بيرى أنه الرأي البيقول أنه العقل كان نتيجة للمجتمع ماهو سليم لأنه، وقيل البارحة وثابت، أنه الإنسان قبل العقل كان بيعيش، الحيوان يعني، بيعيش في مجتمع، فإذا كان الحيوان بيعيش في المجتمع يبقى ماهو سليم أن يقال أنه العقل نتيجة المجتمع.. عايزين النقطة دي نسمع فيها (.....)
كانت تجارب وشوفته للنار واختراعه للمسائل المتقدمة بالصورة دي، دي متقدمة بالنسبة للنقطة النحن عايزنها، اللي هي هل نشأ العقل، في بدايته البسيطة، قبل ما يمشى لتعقيد حياته ليكون مزارع أو صياد حتى، في مستوى تنظيمه البشري.. الحكاية الفارق بيها الحيوان، هل نشأت نتيجة للمجتمع وللا هي السبب في المجتمع؟ مفترق الطرق ده هو النحن عايزنه، بعدين بنمشى للتطوير ده، فإنت أحصر نفسك في ده، مفترق الطرق اللي اختلف بيه الإنسان عن الحيوان هل كان المجتمع نتيجة فيه، وللا هو برز بطريقة تانية ونظم المجتمع؟ (.....)
القهر الإرادي بينتظم الحركة كلها، في مرحلة سُمي مباشر، في مرحلة سُمي شبه مباشر، في مرحلة سُمي غير مباشر، لكن الحركة اللا إرادية هي السبب في إبراز القدرة الإرادية والحركة الإرادية.. الحركة اللا إرادية، الإنت قلتها، هي السبب في إبراز الحركة الإرادية.. يعني الغريزة هي الجرثومة بتاعة الفكر.. هل الغريزة إرادية؟ لا، ولكن العقل ما بيختلف منها إلا اختلاف مقدار.. كدي شوف النقطة دي، شوفها انت بالذات، الحركة اللا إرادية ما تفصلها من الحركة الإرادية.. الغريزة اللي سايقة النحلة هي في جذور الفكرة السايقة الإنسان.. إلا إذا كان في اعتراض على الكلام ده.. في واحد بيفتكر أنه الحركة الإرادية جاية من غير الحركة اللا إرادية؟ أو بمعنى آخر الفكر ما جاي من الغريزة؟ في اعتراض على ده؟
(.....) الصوره المشابهه ليهو واللي هو العقل البشري.. النقطة دي ربطها ببعض ضروري، وإلا بنكون بنفكر في منطقتين نحن، وده التوحيد يرفضه.. إذا كنا بنفتكر إنو في حاجة لا إرادية وفي حاجة إرادية، من الأول نحن اتجاهنا ما اتجاه التسليك، لان التسليك بيقوم على وحدة
(.....) هو المطور المادة، من اللا إرادي أظهر الإرادي، وده ما سميناه المباشر وشبه المباشر وغير المباشر.. غير المباشر ده الحركة الإرادية، مثلا نحن جُعنا، لأننا جعنا ابتدينا نتحرك لنحصّل الغذاء.. السبب المباشر عندنا في الحركة المباشرة دي أننا جعنا، لكن وراء الجوع في عمل تاني.. العقل الكلي بالجوع حرّكنا لنعمل.. فربط الأشياء بالصورة دي في تفكير تنتظمه الوحدة بين اللا إرادي والإرادي، بيكون التوحيد.. لكن إذا قلنا ده لا إرادي وده إرادي وعملنا بيناتن خط فاصل، بيكون في تعدد في التفكير وما بينسجم.. والوجود وحدة كلها، الوجود وحدة والفكر وحدة والحياة وحدة، والتوحيد هو الأصل.
هناك في سؤال بيقدمنا في موضوعنا؟
(.....) أنا بفتكر هي واضحة، كونو المجتمع سابق للعقل دي أصلها ما عايزة كلام؛ العقل الواعي بالمعنى الإنساني يعني.. كونو المجتمع سابق ليه دي ما أفتكر عايزة كلام، لانها واضحة جدا.. بعدين يمكن الصورة تنوضع بالصورة دي تكون أوضح في أذهان الناس.. الحاجة للمجتمع أملت على الإنسان حيلة، هي أن يتسامح مع الناس الزيّه، عشان يقدر يعيش.. ممكن نقول كده؟ الحاجة للمجتمع؛ المجتمع في منطقة الحيوان موجود، والحيوان محتاج ليه، غريزة القطيع موجودة في الحيوان.. حسع البهايم بتسرح بي هنا لو لقيت بقرة انعزلت من المُراح، بتشوفها بتتوله كيف وبتجري كيف وبتكورك كيف.. ده ما فكر، دي غريزة القطيع البيشعرها بأنها هي في مأمن لمن تكون وسط القطيع.. الغريزة دي المشتركة بين الإنسان والحيوان، لمن الإنسان مشى لقدّام، وذكاؤه.. هو اصلو الطليعة زي ما قال عنه عماد، يعني كأنما هو بيجمع فعلا فضائل الأحياء كلها لأنه هو رأس السهم.. بصورة عضوية وصورة غير عضوية، الإنسان وارث لفضائل الحيوانية دي.. بعدين زي ما حصل امبارح، أظن عبد الرحيم الريّح قال، لو كان نحن ماشين بطريق الفيل، يعني نحن عضلاتنا قوية بالصورة اللي تحل مشاكلنا كلها، عقولنا ما كانت برزت، ولو كان نحن ضعاف خالص خالص حتى ما بنقدر ننهض لأي مناجزة، عقولنا ما كانت برزت، ولذلك نحن برزخ موزونين كده.. في قوة كافية علشان ما تنفذ عمل معيّن، لكن ما بتحل مشاكلنا وتُغنينا عن الحيلة.. وحتى الأداة، الراح يكلمنا عنها أستاذ عبد الله بعد شوية، إنما جات لنمدّ بيها طريقنا، لو كان عندنا مخالب وأنياب زي الأسد يمكن ما كنا استعملنا الأداة.. يعني السلاح الحجري كان ضروري عشان نقابل بيه حيوان عنده مخالب، نحن ما عندنا، وعندو أنياب نحن ما عندنا، فقمنا اتخذنا الأداة، كان من العود، وسنيناه كده ولّا نجرناه، ولّا من الحجر، لغاية ما جينا للحديد، وركّبنا السنان بتاعنا، هي مقابلة للانياب والمخالب.. دي نسميها الحيلة، الحيلة هدتنا لي دي.. هل في حاجة للإنسان في أن يعيش في مجتمع، هذه الحاجة اضطرته لاستنباط حيلة تخلي مجتمعه ينمو؟ ممكن الزول يقول كده؟ الحاجة للعيش في المجتمع، حاجة يشعر بيها الحيوان، وإذن من هنا شعر بيها الإنسان في مرحلته اللي هو ماشي فيها لقدام.. لكنه لمن الناس عندهم، أو الحيوان المنه ظهر الإنسان، عندهم ذكاء أكثر من غيرهم، أصبحوا إن ما اتسامحو مع بعض وإن ما جاملوا بعض بيتفرتقوا.. وفي حاجة لأن يبقوا مع بعض.. فهل نستطيع أن نقول الحاجة للمعيشة في المجتمع هدت الإنسان إلى حيلة هي المعايشة مع أصحابه في المجتمع عشان المجتمع ده ما يتفرتق؟ ممكن نقول الكلام ده؟
أهو، لا، ما تقول المجتمع هو الأنشأ، قول الحاجة للمجتمع عند مخلوق أذكى من غيره.. في مخلوقات بتجتمع وتتفرتق، لكن الفضائل الاجتمعت في طليعة المخلوقات دي، اللي هو الإنسان، والضعف، الحاجة للمجتمع، هدته إلى حيلة هي أنه المجتمع يظل.. يظل متماسك.. إذا كان المجتمع لازم يظل متماسك معناه أني أنا أراعي شعورك وانت تراعي شعوري، لأننا ما أصبحنا زي الحيوانات دي، في شيء شوية زايد في الذكاء.. فهل بالصورة دي ما واضح أنه الحاجة للبقاء في المجتمع هدى الإنسان لحيلة هي أن يكبت؟ ولّا عايزة لسه يمكن تغطية؟
البقاء في المجتمع موش عند الحيوان في؟ هل الإنسان اللي هو أذكى من الحيوان، عايز يمش لقدام باستمرار، بيشوف أنو مجتمعه كل مرة بيتفرتق.. كل ما الأبناء بلغوا سن الرجولة ينطردوا ويتفرقوا وما يعيشوا مع الآباء.. بعدين الحاجة لأن يظلوا الناس متماسكين ببعض ومجتمعهم متوسع، هدت الرشداء منهم، القبيلك سميناهم رُسُل مثلا، الحكماء من البشر، لعامة البشر، هل يمكن أن نقول انو الحاجة لبقاء الأسر دي مع بعض هدت الحكماء أو طلائع العنصر البشري لأن تفكر في شيء، في حيلة، تخلِّي الناس يتعايشوا؟ ولّا ما ممكن نقول كده؟
البيئة الصماء البتعيش فيها انت؛ مثلا إذا كنا، انا مثلا بمشي أصيد براي؛ الأسد بمشي يصيد براه.. شايف؟ اللبوة قد تكون معاه وقد تسرح براها، لكن عنده اقتدار على ان يلحق فريستو وعنده اقتدار على أن يضربها ويرميها.. لكن أنا لمن أصيد براي وأجي دائما قمحان، وبعدين نمشي أنا وانت والثالث والرابع، نحوش الحيوان، لمن جاري بي هنا يلقاك انت لمن يجري بي هنا (يلقى دا)، لمن يجري بي هنا.. بعدين نقبضو وننقسمو، هل الحيلة الزي دي ما بيحتاج ليها الإنسان إذا قوبل بالأسد؟ وهل هي لمن ينفذها بالصورة دي ما بتخليه مرتبط بأخوانه ديل، دائما عايز يقنص معاهم؟ ولمن يقنص معاهم موش معناه أنو حتى لو كان هو الضرب الحيوان أول شيء وقتله، موش معنى الكلام أنو ياخذه كله، ولا ياخذ نُصّه.. إذا كانوا خمسة ياخذ خُمسه، إذا كانو عشرة ياخذ عُشره، هل الكلام ده ما عملي ومعقول؟ ولّا شنو؟
أهي دي البيئة، ونحن أصلنا بنعيش في مجتمع، لنحارب أعداء هم البيئة، لننتصرعلى أعداء هم البيئة، حتى لنكسب من أصدقاء هم البيئة برضو.. البيئة ما دائما عداوة.. لكن أهي دي الصورة، البيئة ألجأتنا من العوامل الفيها، من الجوع ومن البرد ومن العطش ومن الأعداء البشريين ومن الأعداء غير البشريين أن نعيش مع بعض لنحمي بعض، وأن نعمل مع بعض لنوفر القوت لبعض.. لغاية ما جاء تقسيم العمل والوظائف، ده بدأ متأخر كثير، لكن في البدايات أهو كان كده.. الأسد بيصيد براه وعنده اقتدار على حيوانه، لكن نحن أنا وانت بنمشي مرات ونجي قمحانين، لمن نمِش مع بعض بنحوش حيوان وبنقدر نضربه، بننقسمه، بكرة ما بِمِش انا براي واجي قمحان، بنمش مع بعض.. نمش مع بعض معناها أنه يكون في مجاملة لبعض وعدالة مع بعض، ما يمكنك انت نحن نصيد العشرة، الحيوان، وانت تقول انا باخذ نص وانتوا التسعه أخدوا النص الثاني، ولّا بكون؟ أهي دي القصة بسيطة جدا هي.. من هنا جات المجاملة اللي معناها أنا أكبت رغائبي الخاصة بي، يجوز انت تفتكر أنه الحيوان ده قتلته انت ما حقه الناس التانين يشيلوهو معاك، ولّا واحد جاء ساكت بسلاح ما بيقتل أي حاجة، ليه يشيل؟ ولّا واحد ضعيف وانت قوي.. دي أملت حكمة الحكماء، إذا كان انت قلت أنا باخد، العشرة ديل، باخد النص وانتو التسعة أخدوا النص، يجوا الناس راجعين لشيوخ الأسر، يقولوا ليك لا، الكلام ده ما بيجوز، انت واخوانك تنقسموا، انت تاخد العُشر زي ما أي واحد منهم ياخد العُشر.
اها ده اللي بخليك انت تراجع نفسك ورغبتك تكون مقيّدة بالآخرين، وده العقل الواعي، ظهر هنا.. إذا كان جاء من عندك من حكمتك كويس، لانك انت شاعر بذكاء معيّن وأنك لو جيت للناس بلوّموك لأنه خطأ، أن تقول كده، إن ما شعرت بيهو انت لغاية ما جيت الناس تاني بيضربو على أيدك ما بقولو ليك انت تاخذ (؟؟؟) لا انت غلطان، ان قلت أنا ضروري آخدو يقومو الناس الآخرين ضدك.. يعني يجعلوك تكبت إن ما كبتّ براك، يعني يجعلوك ذكي، بتقدِّر الناس الآخرين وبتفكر وتسيطر على نفسك.. أفتكر القضية ماها صعبة بالصورة اللي صُوّرت بيه.. كده نسمع زيادة في الموضوع ده، هل في اعتراض عليه، أنو الصورة دي هي الأبرزت العقل الواعي؟
(......) نشأ ومقدرته على التجربة أكثر من الحيوانات (....) أملت على الإنسان يسيطر على غرائزه، سميها الحاجة للمجتمع، الحاجة للمجتمع أملت على الإنسان الحيلة اللي بيها يستنبط عادات معيّنة وأوضاع معيّنة، وعرف معيّن، اللي المجتمع يظل بيه قايم.. العرف المعيّن ده هي أنك انت تسيطر على نزواتك وغرائزك عشان أنا برضو أسيطر لنتعايش مع بعض.
الحاجة للمجتمع عند الحيوان في، زي ما قلنا قبيل، حاجة أمن من الخوف.. انت لمن تكون في وسط القطيع ده بتشعر بأمن، ما بطريقة تفكيرية.. حسع يعني الناس لو ماشين في الظلام زي ما قلنا قبل كده، لو ماشي واحد موش زي لو ماشين اتنين.. تلقائيا وبطريقة ما بتفكر فيها، انت بتشعر بأنك انت في أمن مع الناس.. الحكاية دي موش بتاعة الإنسان بس، بتاعة الحيوان برضو.. الحيوان بشعر بأمن لمن يكون في القطيع، وبيتولّه بصورة ظاهرة لمن يكون منفرد.
(.....) المجتمع باستمرار، أول ما مثلا أطفاله يبلغوا حد الرجولة يتفرقوا، وبعدين بالتفرق ده ذاته الأب الكبير يشعر بضيم ويشعر بضرر، وأنه منعزل ويغيروا عليه الأعداء وتحصل النكبات عليه.. وبعدين تجاربه البيختزنها دي ورّته أنه لمَّن يكون أولاده في، الحيوانات بتهابه والبشر الآخرين بيهابوه.. وأنه يشوف في طريقة يخلي أولادو يكونو معاهو ما يتفرقو.. هل الكلام ده كلمات ولّا تجربة الواحد بيتصوّرها؟ بعدين تشوف أنك انت مثلا، حسع المجتمع بيكون فيهو حكاية زي دي، تقوم انت تكون حاد جدا أولادك ما يحتملوك، يفوتوا منك.. بعدين يجيك واحد يقول ليك والله يا فلان الاولاد في الوقت الحاضر ده ما بيعاملوهم بالصورة دي، بيفوتوا طوالي، انت حقك تكون شوية يعني أخلاقك واسعة معاهم.. دا ما بيحصل اليوم ده؟ بعدين انت تجاملهم وتقول ليهم والله أنا ما عندي غيركم، وأنا الكلام الأنا بقوله بس عايز صلاحكم مثلا.. بعدين تليِّن جانبك ليهم ليقعدوا معاك.. ده حسع ما حقائق عملية اليوم ده في؟ أها ديك كانت في أوائل المجتمع، بالتجربة الطويلة المجتمع وجد نفسه أنه محتاج لي بعض، وأنك انت إذا كان محتاج للآخرين جاملهم بعض الشيء، وإلا راح يفوتوك ويمشوا منك.. المرحلة دي، الذكاء العند الإنسان، زيادة على العند الحيوان، وطبيعة تكوين الإنسان في أنه ما هو قوي ليستغني بعضلاته دايما ولا هو ضعيف ليكون خاير وعقله ما متطور، هداهه لحيل منها دي، أنو يجامل الآخرين لقدام.. المجتمع بقى من الأسرة الواحدة، الاُولاده يكونوا حوله، وأولاد أولاده حوله، بقت كمان الأسر مع بعض.. أنا ما بتصور (ابدا) الصعوبة في الموضوع ده، بل الحقيقة واضح حتى بيتكلم عن نفسه، لانه نماذجه موجودة عندنا اليوم.. حسع هنا مجتمع البادية برضك انت بتمش، إذا كان الابيات الكتيرة سكنت مع بعض تقوم تتنازع في المرعى لأنه المرعى البينزلوا فيه قد لا يكفي حيواناتهم، يقوموا يتفرقوا هناك وهناك وهناك.. بعدين يشعروا بأنه بيغيروا عليهم قبائل تانية.. انت.. انت قاعد في بيتك براك في الخلاء بيغيروا عليك قبائل تانية، تقوموا تلمّوا بيوتكم جنب بعض، وتسرحوا بي حيواناتكم في جهات مختلفة يسرحوا بيها الأولاد، والبيوت تكون مجموعة مع بعض.. بعدين يمشوا ويجوا يأووا حولكم في الليل، وتوقدوا نيرانكم.. أها دي ما صور! يعني الحاجة لأن يظل المجتمع ماها مسألة تفكير، مسألة موروثة من الحيوان.. كل ما هناك أننا نحن أذكى من الحيوان ولذلك بنطوّر في وجودنا.. موش الحيوان دايما يفرق مجتمعه، دائما يفرق مجتمعه، يبقى بصورة واحدة.. نحن بنمش لي قدام ونشوف دائما نسد الثغرات والخطأ في تصرفنا اليجر علينا شيء من الضرر.. التفكير في البتاعة دي، في الأول كان الحيلة البدائية هي مجاملة البعض.. مجاملة البعض دي هي صورة الكبت الأنك انت الحاجة العايز تقولها ما لازم تقولها، الحاجة العايز تعملها ما لازم تعملها، لانك لو عملتها بتُقابل بعداء من الجانب التاني.. الصعوبة في ده شنو الواحد يتصورها؟ (....) (؟؟؟) إنسان، والمسائل دي بتتم عبر أجيال طويلة حتى زي ما قالوا يعني، زي الحروف الأبجدية، هل كان في يوم قام واحد قال نعمل ٢٨ حرف للغة العربية؟ لكن هل مع كده ما بنستطيع أن نتتبع كيف نشأت؟ مافي خطوط فاصلة، ومع كده نستطيع أن نتتبع المسائل دي نشأت كيف.. نشأت وئيدة وفي الزمن البعيد لكنها نشأت، وبعدين نشأت عبر تجارب كثيرة تفشل، حتى نصل للتجربة الصحيحة.
(.....) تجاربك أكبر من رجل عمره ثمانين سنة، لانك أضفت لتجاربك تجارب آخرين بما قريت.. نحن في البداية عقولنا نشأت باختزان التجارب وبعدين أول ما نشوف موقف مماثل للموقف الجرت فيه التجربه ما ضروري نجربه، نعرفه.. عند الطفل مثلا كده؛ الطفل لقى جمرة في الأرض قبضها، حرقته، بكرة ما بيمسك الجمرة دي، بيعرفها.. دي التجربة الاختزنها.
(.....) الانسان ما فرد في المكان الأول، يعني أول شيء بدأ هو وحده، ومارس تجربة.. لكن البيئة الكانت قبيلك بيئة غير عضوية، ممكن تعتبرها هي المجتمع.. يعني مافي تجربة في فراغ، تجربة بالتقاء بأشياء تانية عندها أثر عليك، ده معنى التجربة.. تلتقي بشيء آخر، جماد أو حيوان أو إنسان، عنده أثر عليك.. الأثر ده هو التجربة، لمن تلتقي بيه الأثر البيتركه في عقلك [الغريزة الجنيسة] أول حاجة كُبتت فيك والرغبة في التملك، ديل الحاجتين الأساسيتين الكُبتن في الأول مافي ذلك شك.. ولذلك الحدود اللي هي أضبط القوانين، الحدود أضبط من القصاص، قايمة على الاتنين ديل بس.. الحدود في الإسلام قايمات على الاتنين ديل.. دي أوكد القوانين.. طيب إذن أحسن من هنا تتسلسل وتمشي لي قدام.. بدأت الخواطر المكبوتة، أو قول أصله الخاطر معناه حركة القوى المكبوتة لتعبّر عن نفسها.. الخاطر هو حركة القوى المكبوتة ليعبّر عن نفسه.. زي مثلا الحيوان الجاري في البرية، وبعدين انت قبضته وكتفته وقعد يرفس، الرفسي ده جري، لكن ما مطيقه هو، الخاطر حركة تعبير من القوى الاتكتفت دي.. وبعدين شوفوا الخواطر كيف مشت لقدام، وكأنه بجي في نوع من ترتيبها.. المشي ليه عصام في الحقيقة ده، دي خواطر متقدمة، كثير، لكنها دي هي كدة.. نمشي بمتابعة الموضوع ده زي ما تابعتوا انتوا التسلسل من المادة غير العضوية لغاية ما جيتوا للعقل الواعي.. أحسن تكون في متابعة عبر القوانين، عبر تطور القوانين في المجتمعات، وممكن تكون القوانين الدينية والقوانين غير الدينية.. أحسن إذا كان واحد عنده صورة من الموضوع ده يدينا ياها.
(.....) موضوع اجتماعي يدرس تطور الإنسان، القوانين، ولذلك أنا بعتقد أنه الدارس للقوانين، العنده عقلية قانونية وثقافة قانونية واسعة، يمكن أن يكون أكثر الناس تقييما لتطور المجتمع.. والتاريخ الحقيقي للمجتمع يكون مرصود في القوانين دي.. نحن حسع قاعدين ندرس التواريخ من قصص، والقصص دي منتَّفة، حتة هنا وحتة هنا، ما مسبوكة مع بعض، وقد نأخذ سبب تافه في القصة ونفتكره هو السبب الأساسي.. زي ما نحن مرة بيدرسونا نحن كان في المدارس الوسطى أنه الحرب العظمى قامت لأنه ولي عهد النمسا قُتل في الصرب، ولذلك قامت الحرب.. شوف التفاهة دي بقت كيف.. مع أنه العوامل السياسية والعوامل الاقتصادية هي الأساس دائما البيحرك المشاكل دي، بعدين تجي ما يسموه القشة القصمت ظهر البعير، المؤرخين يأخذوها هي يبنوا عليها.. جايز التاريخ حسع دخل في شوية وعي أكثر مما كان زمان، لكن أؤكد لكم زمان تُدرّس المسائل المثيرة، الحاجة المُلفتة كده تؤخذ كسبب، مع انه الجذور تكون في ثقافة وفكر أوسع لو كان مشوا ليها.. التاريخ لو دُرس في تطور القوانين وانتقالها من بلد لبلد، ومشت كيف مثلا، أهو نحن عندنا العين بالعين والسن بالسن ما بدت في الإسلام.. جاءت بصورة كبيرة من التوراة، التوراة ما أول شيء.. ولو جئت للحج ولو جئت للصلاة ولو جئت للزكاة كلها ما جاءت في التوراة والانجيل والقرآن، في الوثنيات عندها جذور.. القوانين إذا كان الإنسان عنده ثقافة قانونية واسعة وإدراك كبير واستطاع أن ينتقل، يمكن الصور دي تكون، يعني المدنيات الأولانية اللي شرّعت وقننت، وزي بتاعة شريعة حمورابي مثلا وأثرها على المصريين وأثر المصريين عليها وانتقال الصور دي من التقاليد، يقدر يشوف تطور المجتمعات بصورة جيدة جدا.. ما عارف إذا كان بدري هنا نشوف القضية دي، وموضوعنا ده ما بينتهي حسع، لكن الكبت شديد الصلة بالقانون، والقانون هو حركة المجتمع الحقيقية.
طيب نتكلم شويه في موضوعنا ده نسمع عنه..
(؟؟؟) نتكلم كلام كويس وكده، لكن لمن نجي نتصرف في الوقت المناسب لنعمل حاجة، ما بنعملها بالعمل الإرادي البنقوله ده.. في عوامل غير الإرادية هي البتخلينا نعمل وفق أعمال مرسومة لينا من بدري.. دي القوى المكبوتة ذاتها، لاننا منقسمين، العقل الواعي ما قاعد يسيّرنا التسيير الكافي.. وكلما الناس يترقوا وبقوا عندهم سيطرة وعقلهم الواعي بقى ماسك الزمام كلما اتهذبت العلاقات، لغاية ما تمشي للزوجة الواحدة للزوج الواحد.. دي النحن ماشين ليها حسي في كمال مجتمعنا، ده معناه أنه ده الوقت البنكون فيه راقين ومسيطرين سيطرة تامة وعقولنا الواعية المدركة هي المسيّرة (حركتنا؟).. فالبدايات الانت شايفها ما سببها الحكاية الاقتصادية بقدر ما سببها الضعف عن السيطرة، الضعف الموروث من الحيوان السايم البكافح ويساسق بس.. نسمع تاني عن
(.....) أنا افتكر اتسجل فيه شيء كثير لغاية الآن، وبنديه فرصة لندوة أخرى، ما أعرف تقرروها متين، (؟؟؟؟) عشان تقرر متين، لكن لغاية ما يجيء اليوم البنناقش فيه، نحن عايزين كل واحد من الأخوان يعمل مجهود في أن يشوف صور الكبت كانت كيف والقوى الإنصبّ عليها الكبت، وعندنا نحن برضو صورتين من الكبت، واحدة موروثة في عمر الجنس البشري، وواحدة مستحدثة في عمر كل واحد مننا.. عايزين صور من النوع ده.. هل المستحدث في عمرنا ممكن يلقي ظل على الموروث في عمر الجنس البشري؟ على القاعدة البتقول انه كل مولود يحكي صورة الجنس البشري، كل مولود من هو جنين لغاية ما يهرم ويموت، الصورة دي البتاخذها عن أي فرد يمكن هي أن تكون صورة الجنس البشري من لدن آدم إلى نهاية الدنيا.. هل على الصورة دي يمكن للكبت المستحدث في حياة الفرد أن تستدلوا منه على الكبت المنتشر في الجنس البشري من الأول؟ دوِّروا الموضوع ده في الأذهان لغاية ما نجي [نناقشه] في يومنا اللي راح نعيّنه.