إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search
ندوات الخواطر

المهدية - اكتوبر - ديسمبر ١٩٧١

الخواطر - الندوة الثانية - ٢١ اكتوبر ١٩٧١

دي جلسة تقرر أنها تكون لمواصلة موضوع الخواطر الذي بدأ قبل حين ثم وقف لمناسبة مؤتمر أكتوبر الذي جرى برفاعة، وتقرر في الخميس السابق للخميس ٢١ أكتوبر، أن تستمر المناقشة فيه في الخميس الذي يلي مؤتمر أكتوبر اللي هو اليوم.. والحديث انتهى بينا إلى بداية الكبت وبداية العقل الواعي وبداية المجتمع.. في موضوع الخواطر تركزالحديث على أن معرفتها ومراقبتها والتصرف معاها ومناقشتها بوعي تكوّن مادة في السلوك، وهي في غاية الأهمية لكل سالك، ومحاولة حل العقد النفسية المترسبة في عمر البشرية الموروث وفي عمر الفرد المعاش، محاولة حل هذه العقد هي موضوع السلوك كله.. وكان الحديث جرى لمتابعة نشأة الحياة وتطورها إلى أن دخلت مرحلة الإنسان، وإلى أن ظهر العقل الواعي الذي به ظهر الإنسان وتميز عن الحيوان.. وقيل انه بظهور العقل الواعي، أو الإرادة المهتدية والمستجيبة لشريعة الحرام والحلال، بدأ الكبت في العقل الباطن، ولحاجة الإنسان إلى المجتمع يرجع الفضل في ظهور العقل الواعي.. إلى جانب عوامل أخرى لكن أكبر العوامل التي أبرزت العقل الواعي في الإنسان ضرورة المجتمع لحياته، لأنه المجتمع حيث نشأ، نشأ حول عادات وأعراف معيّنة حرَّمت أشياء وحللت أشياء.. وأصبح على الفرد الذي يعيش في هذا المجتمع أن يراعي ما حرمته العادة من تصرفات ومن شهوات كانت في مرحلة الحيوان مباحة.. كان عليه أن يراعي ما حرّمته هذه العادة، وأن يضبط نفسه ويسيطر على شهوته حتى لا يتورط في مخالفة العادة والعرف التي كانت هي بداية شريعة الجماعة.. وقيل في آخر الندوة الأخيرة انه أول ما وقع عليه الكبت وحدّته القوانين البدائية هو الغريزة الجنسية، لأنو الغيرة على الأنثى حظ مشترك بين الإنسان والحيوان وأنه الناس ما كان من الممكن أن يعيشوا في جماعات إذا ما كانت هناك قوانين ترعى وتسيطر على هذه الشهوة.. ثم ثاني أمر وقع عليه الكبت والتنظيم هو الميل للتملك، حب الملكية.. من أجل أن يعيش الناس في جماعة كان يجب أن تكون في شرائع تحرم الاتصالات الممكن تكون مباحة في عهد الحيوان بين الاقارب القريبين، زي الاب والبنت أو الأخ والأخت، أو الابن والأم، حتى يطمئن الأب للأشبال الكبار البيعيشوا معاه وحتى يطمئن الصهر على زوجته وهو يعيش بين أبيها وأخيها.. ثم قيل لا بد أن تكون هناك شريعة ترعى ملكية الافراد لما عندهم من سلاح حجري أو من عصاة أو من ملكية خاصة لأي شيء يمكن أن تتوق ليه نفس الفرد فيحاول أن يستولي عليه.. لأنه إذا لم يكن هناك تشريع يطبقه آباء الأسر، يحمي حقوق الأفراد فإن شريعة الغابة ستكون مستمرة، وتبقى النتيحة أنه الناس يحلوا مشاكلهم بأيديهم، ويبقى لا يمكن أن يعيش المجتمع في وحدة وانسجام والتئام إلا إذا كانت في حقوق بترعى هذه الملكية.
ديل الاتنين أول أمرين وقع عليهم الكبت، ويمكن للانسان ان يتصور لحظة وقف فيها المجتمع البشري في مفترق الطرق، إما طريق الحيوان أو طريق الانسان.. طريق الحيوان السائم مسترسل، بدون تحريم وتحليل، بدون رعاية لأي شيء، قانونه الشهوة والسعي لتحصيل الشهوة، ومجتمع الانسان عنده قانون يرعاه، وانه ما كل ما يكون من نزوة الفرد يمكن أن يمارسها، اللهم إلا إذا كان ممارسة شهوته لا تتعدى على حقوق الاخرين.. ومفترق الطرق ده كانت في بداياته الامرين المكبوتين القلنا عليهن اللي هي الغريزة الجنسية والملكية الفردية.. ثم تشعبت المسائل بالقوانين بعد ذلك، وكل قانون من القوانين وعرف من الاعراف يمثل كبت على الفرد ليسيطر على نفسه وان يكون في الداخل عايز شيء لكن لا يستطيع ان يمارسه إذا كان هذا الشيء الذي يريد ان يمارسه يتعدى على حريات وحقوق الآخرين.. والكبت بدا من النقطة دي، يمكن ان يقول الانسان انها دي في قاع الكبت.
وده يمكن أن يرجع ليه السر في العنف العنيف اللي قايم على الحدود فيما يخص الزنا والقذف والسرقة وقطع الطريق.. أربعة حدود في الاسلام هي أدق التشاريع، يرجعن لأصلين اللهي حفظ العرض وحفظ المال.. والحقوق في الإسلام تسمى حق الله، بمعنى انه الامام أو الرسول إذا بلغه ان أحد الناس تورط فيما يوجب الحد، ثم قامت عليه اركان الحد، لا يستطيع الرسول ان يعفو عن الحد.. في القصاص إذا ولي الدم عفا يمكن للامام ان يعفو، لكن في حد السرقة، إذا انت جيت قلت والله السارق ده انا عفيت ليه مالي ده، هدا طرفي منه، ما بيصبح من حقك انت ان تخرجه من تطبيق قطع اليد عليه، الا إذا كانت الاركان ما قامت، ولا يستطيع النبي إذا بلغه الحد ان يعفو عنه.. لذلك الحدود اشد شريعة الاسلام في التعامل انضباط وقوة.. الحدود اربعة يرجعن لأصلين، العرض وحفظ المال.. العرض: الزنا والقذف.. القذف هو التهمة بالزنا.. بعدين السرقة وقطع الطريق.. ديل الاتنين يقومن على حفظ المال، وده يؤكد لكم انه في قاع العقل الباطن أول ما بدأ الكبت وقع على الامرين ديل.. وهناك القول بان العقل الواعي كان نتيجة للكبت ده.. والمجتمع كان عنيف بالافراد؛ ما كان السارق بتُقطع يده، كان اقل المخالفة توقع فيها عقوبة الاعدام.. كانت السارق تُقطع رقبته مثلا.. ثم عندما ترقى المجتمع واتطور والناس بقوا شوية أذكياء وعندهم تخيل ومقدرة على الانتفاع بأقل العقوبة، تطورت المسألة بعد ما بقت يُجتث كله أصبح يقطع جزء منه اللهو ايده.. دي تطوير للشريعة تمشت مع الوعي اللي شمل الافراد في تطور المجتمع لامام.. من العنف العنيف اللي بيعامل بيه المجتمع الافراد ليروضهم ويكسرهم ويؤدبهم، وينقلهم من الوحشية للإنسية ويخليهم ودعاء، وناس بيراعوا الآخرين.. العنف العنيف ده هو القوى السيطرت على اندفاعات النفس، ومن قوة السيطرة بدا العقل الواعي.. من قوة السيطرة الممارسة بالخوف المفروض علينا من المجتمع بدا العقل الواعي.. وبطبيعة الحال الى جانب الخوف من قوانين المجتمع نشأ الخوف من غضب الالهة، لانه القانون الاولاني أصله قانون ديني.. وماهو في مرحلة الوحدة، الدين ما كان في مرحلة التوحيد، كان في مرحلة التعدد، والتعدد قام على انه هناك قوة هائلة نحن نخاف منها ولا نستطيع ان نناجزها، وفي قوة هائلة نحن نحبها ولا نستطيع ان نكافئها على اعمالها لينا، ومن هنا، من الخوف والرجاء - خوف القوى الهائلة الما بنستطيع ان نناجزها، والحب للقوى الهائلة الما بنستطيع ان نصادقها ونجزيها على صنيعها بينا - نشأت العبادة.. طرف من الخوف وطرف من الشكر، من الحب، نشأت العبادة وترسخت في اذهان الافراد انه الآلهة بتدرك ما نعمل نحن وإن أفلتنا من عقوبة القوانين.. يعني هناك رقابة علينا، من قوى هائلة كبيرة تطلع على أسرارنا وان أخفيناها..
في البدايات كانت الصورة بهذا الشكل، والانسان الفرد بقى يمارس حركاته وسكناته وهو مفتوح العينين بأنه إن أفلت من عقوبة القانون لا يفلت من غضب الآلهة.. نشأ الضمير ونشأ العقل الواعي من المراحل البدائية وان كان الكلمات دي قد تدي صورة كبيرة عن هذا النشوء، لكنه في الحقيقة نشأ نشأة بسيطة لا تكاد تبين عند مفترق الطرق، واخذت النشأة زمن طويل لتكون محاولة ناجحة.. انحن اتكلمنا قبل كده عنها في مقدمة "رسالة الصلاة" انه كانت في محاولات كثيرة فاشلة، كأنما الانسان كان يحاول أن يرتفع عن الحيوانية ثم يرتد ويرتطم بشهواته ويفشل في المحاولة، إلى ان ارتفع في السلم قليل قليل.. لكن بداية بروز العقل الواعي يؤرخها بداية قوانين الحرام والحلال وبداية العقيدة في ان هناك قوى، هائلة، اكبر مننا تنظر لينا وتدركنا بالخير وتدركنا بالشر، وان نحن عملنا اعمال الخير نكافأ عليها وان عملنا اعمال الشر نعاقب عليها، ولا يعني اننا نعمل اعمال الشر ونفلت من القوانين ثم لا يكون علينا شيء، لانه هناك رقابة علينا، لانه هناك حياة اخرى.. نشأت برضو في المرحلة دي من مراحل البداية الشعور بأن هناك حياة أخرى.. ودي زي ما قلنا في محلات كثيرة كانت مادتها الأحلام، موش الانبياء والرسل جوا يقولوا لينا هناك حياة اخرى ولّا هناك في إله أو آلهة، انما ادركنا ده بعقولنا وبممارستنا وبأحلامنا.. شعرنا بأنه الاحياء الكانوا بيننا وماتوا نراهم في أحلامنا يمارسوا نشاط يشبه النشاط، قد يشبه النشاط الذي كانوا يمارسونه وهم بين ظهرانينا.. فشعرنا بأنهم ما عملوا غير ان انتقلوا من حياة لحياة، وانّنا نحن حين نموت ننتقل من حياة لحياة، وان هذه الحياة الاخرى ايضا تقوم على عقوبات تنصب على عملنا هنا في الحياة دي من خير أو من شر.. من يعمل الشر تستحوذ عليه آلهة الشر وتسوقه الى متاهات رهيبة من العذاب والظلام، واليعمل عمل الخير يفوز عند آلهة الخير.. فمثل العقائد دي كانت في البدايات وعليها قامت الشرائع وبيها هي نشأ العقل الواعي اللي هو السيطرة على غرائزنا واندفاعاتنا.. اللهو الانقسام الاولاني البسيط اللي خلانا اي حاجة عايزنها ما نستطيع ان نمارسها خوف العقوبة البنص عليها القانون، اللي هو العرف والعادة؛ برضو تسميته بالقانون قد تدي صورة من المبالغة، هو بسيط، أوضاع اتواضعوا عليها أشياخ الأسر وعادات لكنها هي بداية القوانين النحن بنعيش في أخريات ايامها في الوقت الحاضر..
من النقطة دي افتكر بنبتدئ نتكلم لقدام عن الخواطر، لكن المادة القدامنا كثيرة، لمن تجي لمرحلة الكبت والتحرر من الكبت والسلوك في المراقي دي، ولذلك إذا اتحركنا بسرعة في المناقشة بيكون خير.. يوسف جورج زي اقترح لو ان تكون في مراجعة لنشأة العقل الباطن، العقل الواعي، اللي هو بدايات الكبت دي، ما عارف إذا كان الاستعراض البسيط ده يغنينا عن المراجعة وللا نراجعها مرة ثانية في كلامنا؟ (يوسف).. نعم؟ طيب نستمر من نقط الكبت في مرحلة الشهوتين ونمشي لقدام.. الموضوع مطروح الآن للنقاش.
(.....) الاجابه عليه ثم الاجابه على الثاني هل كان في ناس قبل آدم وحواء؟ في بشر؟ موش شرط بشر، في ناس مكلفين يعني يمتازوا عن الحيوان بتكليف؟
افتكر جاء من عبد الرحيم انه في أوادم قبل آدم، وأوادم برضه كانوا مكلفين وكانت عندهم شرائع، لكن أديانهم ما كانت توحيدية.. آدم أول مرسل موحى ليه من السماء بالتوحيد، لكن كانت في شرائع الحرام والحلال في المحاولات والتكليف التحت من آدم وفشل مرات، بعدين جاء آدم.. ما كده يعني مكلفين! [توكيد] بشر آآي.. مكلفين.. ما هم سلسلة متصلة أصلها، ما انقطعت لتستأنف بآدم؛ آدم ما نتيجة لمن قبله ["ما" توكيد].. دي نقطة الآثارها شيخ يوسف في الحقيقة نقطة دائما بيرتطم بيها العلم مع الدين لانه الدين بياخذ من ظواهر النصوص، الناس ناس الدين بياخذوا من ظواهر النصوص، لكن الدين ما عنده أن الحياة بدت بآدم بالصورة دي، فجأة قفزت، إنما هي تسلسل من الماضي، و((هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا))؟ يعني جاء مر عليه وقت طويل وهو ما كان في مبلغ التكليف، ماهو مكلف ولذلك ما عنده ذكر.. ساقط، ذكره ساقط ((هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا)) يعني هل مر عليه، وقال قد مر عليه زمن طويل جدا ما كان مكلف، ولذلك هو في مستويات سفلى من تطور الحيوان.. والناس برضو ما بيعطوا اعتبار، أقصد الناس البيقروا الدين ويفهموا الدين ويتكلموا عنه، يقولوا انه ((فإذا سويته ونفخت فيه من روحي))، إذا سويته البسيطة دي ما بيعرفوا انها بتمتد عبر ملايين السنين.. ملايين السنين أخذت عبارة "فإذا سويته".. اللهي استعد المكان فيه ليُنفخ فيه من الروح الالهي ليكون بشر مكلف، فيه عقل يعني.. ((فإذا سويته ونفخت فيه من روحي))، فقبل آدم في أوادم كثيرين.. وهناك برضو الملائكة، ((وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟))، أها دي تجربتهم في الأوادم الماضين، سفك الدماء.. قبل آدم كانوا في أوادم.. يبقى سؤال شيخ أحمد بتجي اجابته من الاجابة على شيخ يوسف انه في مستويات الأوادم البسيطين ديل ظهر العقل الواعي، اللي هو عقل التكليف، اللهو بيه أنه المخلوق المكلف انقسم بين حاجة عايزها في نفسه وحاجة يمارسها طاعة للقوانين.. هو طايع القوانين لكن في دخيلة نفسه كابت رغبة في المفارقة والمخالفة.. في دخيلة نفسه في رغبة في المخالفة، في رغبة في تنفيذ الشهوة اللي هو عايزها، لكن التحريم الانصب على الشهوة خوّفه من عقوبة القوانين أو من غضب الآلهة.. أصبح منقسم، الانقسام ده هو العقل الواعي، بيه بدا العقل الواعي.. أها ده قبل آدم، لكن في مرحلة نشأة الانسان ومفارقته للحيوان، يعني في مفترق الطرق بين حياة الحيوان وحياة الانسان.. في مفترق الطرق أصبح في طريقين، طريق استمر فيه الحيوان وطريق صعد ليه الانسان.. الانسان الصعد، أول من صعد للسلم هي تجربة في اتجاه آدم لكن موش ادم النبي المرسل بشريعة التوحيد اللي قال عنها نبينا ((خير ما جئت به أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله))، من لدن آدم وإلى محمد يعني.. نمشي في اتجاهنا، الاسئلة الفرعية انتهينا منها..
الخواطرهي الأحلام وللا تختلف عن الأحلام؟
هي فعلا الصورة ياها دي، والخواطر المكبوتة.. سميت خواطر في اليقظة واحلام في النوم مافي فرق بيناتن إلا فرق المقدار اللي قاله عماد.. المنطقة المكبوتة بتحاول أن تعبر عن نفسها.. في النوم العقل الواعي رفع ضغطه ورقابته على العقل الباطن، فسرحت صور الرغايب المكبوتة، بلغة الأحلام اللي هي لغة الشكول والصور والاجسام المتحركة.. وهي نفسها اللي في اليقظة بتجي تلح وتشوش على الإنسان وتكون لغة داخلية وثرثرة داخلية كتيرة.. إذا كانت ما منظمة، بتكون فعلا فيها خطورة على الإنسان.. والعُبّاد دايما محاولتهم الاولانيه ان يرفعوا السيطره عنها.. كأنو العباده محاوله لإنقسام الشخصية الداخلي.. حسع في ناس يقولوا نحن ما بنحلم.. واحدين يقولوا كدا: ما بنحلم.. وهو مافي زول ما بيحلم، لكن في أنه الشخصية مرتتقه، مصمومة بالصورة اللي هو ما بيشعر بالأحلام، ولا بتذكرها.. وفيها العبارة عند العبّاد، زي عبارة السموات والأرض اللي قال عنها ربنا: ((أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ...)) شخصية الجاهل مرتوقه، في حالة غفلة، فتنفتق بالعبادة، خصوصا بصيام الصمديه.. دا يفتحها طوالي، كأنما بخلي في إنفصام شخصية.. تبقى الثرثره الداخلية دي في اليقظة وتكون أحيانا مزعجة، وتنظم بالعبادة وتنظم بالسلوك وتنظم بالسيطرة عليها، وشتى الوسائل في السلوك، ولكن الإنسان يبتدي يسمع حاجة داخلية.. بيتفتح داخليا.. في اليقظة خواطر وفي النوم أحلام.. دي الإجابة على عشماوي اللي جات من عماد.. ويبدو لي أنه دي المنطقه اللي يمكن منها نمشي لمسألة الخواطر في تنظيمها وتقسيمها على المستوى اللي إتكلم عنه شيخ أحمد الفادني.. من هنا لقدام ممكن يكون الكلام عن الخواطر وكيف رياضتها وممارستها ومحاولة مناقشتها والسماح ليها بالتعبير وكبت ما لايسمح ليه بالتعبير وكده.. لكن أحسن من بداية مفترق الطرق، اللي ظهر لينا فيه بداية الكبت الي مستوى الإنسان المكلف في مستوى العبّاد السالكين.. المنطقه دي أحسن نغطيها بسرعه.. بيحصل شنو فيها؟ من الإنسان البدائي اللي وقع عليه أول صورة من التكليف الـساذج.. في ان يكون هو في خدمة الجماعة.. وان يترك رغائبه الخاصة لمصلحة الجماعة.. لغاية ما جاء الانسان المتقدم اللي بقى الكبت عليه بقوانين واعية.. أحسن ندي دي اعتبارات شوية من المسح السريع حتين نجي لمسألة الخواطر في مستوى التقسيم...
نعم ... لكن الكبت السببه الخوف بدا مع الحياة.. الكبت الإرادي.. ببروز الإنسان المكلف.. لكن الحقيقة، الحيوان عنده كبت لأنه بيخاف.. لانه هو برضو منقسم.. إندفاعاته محدودة بالخوف.. كأنك بتقصد كدة هي.. الحيوان بيحلم لأنه فيه الإنقسام دا.. هي الحقيقة الحياة ذاتها انقسام.. مما بدت.. أصلو الحياة.. كأنه طرفين.. طرف كثيف وطرف لطيف.. المادة اللي كانت مسوية، الماده اللي كانت أفقية، ارتفع طرف منها رأسي وبيه بدت الحياة.. فالحياة كأنها شكل مثلث برضو، طرف غليظ هوالقاعدة وطرف لطيف هو القمة.. أهو ده ذاته انقسام.. وبالقدر ده دخل الخوف ودخلت الإرادة في مستويات غير واعية، اللي هي إرادة الحياة موش إرادة الحرية زي ما بنقول عنها.. وارادة الحياة فرضت على الحي تحوطات معينة ليحتفظ بحياته من أعداؤه.. أهو دا انقسام.. لكن الكلام في الانقسام البنعنيه نحن، الانقسام الإرادي الفيهو سيطرة منها نما ونشأ العقل.. بعدين النقطة الأثارها عماد نقطة طيبة اللي هي أنه فرويد بيعتبر الغريزة الأساسية هي الغريزة الجنسية.. لكن السبب اللي ورطه في المسألة دي هي أنه الغريزة الجنسية أول غريزة وقع عليها الكبت، وهي في الحقيقة، الغريزة الجنسية غريزة تعبير عن الحياة، هي الحياة في مدى تعبيرها.. الغريزة الجنسية هي الحياة في تعبير.. والغريزة الأساسية هي الحياة.. تعبير الحياة وقع عليه حد، ما أصبح منطلق ليعبّر كما كان في مستوى الحيوان.. فجاء التشريع.. أول حيوية كبيرة انصب عليها التنظيم هي دي.. هي تعبير الحياة عن نفسها في مجال الجنس.. ولذلك فرويد عنده خطأ في عبارته دي في انه الغريزة الجنسية هي الغريزة الأساسية.. لكن هي أول طاقة حيوية وقع عليها التنظيم والكبت.. وبطبيعة الحال علماء النفس بمشوا يقسموا الغرائز إلى جمله كبيرة.. حتى هناك وعلماءنا هنا في الشريعة يقولوا غريزة الملكية وانه الإسلام راعى غريزة الملكية ولذلك اعترف بالملكية الفردية.. ما في حاجة اسمها غريزة الملكية.. الغريزة واحدة اللي هي الحياة بتنطلق في اتجاهات مختلفة لتعبر عن نفسها ولتحتفظ بنفسها بالحياة.. فإذا شعرت بالخوف من الجوع في ممارستها الطويلة، لجأت الي أن تخزن.. خوف من أنها ما تجد قوتها.. يعني الإنسان الصياد اللي كان بجري وراء الحيوان ويصيده بعد تعب شديد، لما يظفر بيه بجي يخزن بعض لحمه.. ما بيستهلكه كله، لانه بكرة قد لا يلقي حيوان يصيده أو قد يعييه الحيوان ما يصيده، يرجع للحم المخزون.. وبعدين وقع على بهايم صغيرة، جديان صغيرة مثلا من الصيد أو من الحيوان البيُستألف، فألّفه، وبدت طبيعة الادخارفيه، اللي هي الخوف من الجوع.. كأن غريزة الحياة التوت عندما صادفت الجوع.. ما غريزة.. الملكية ماغريزة.. الغريزة واحدة، عندها طرق للتعبير، وعندها التواءات ظهرت بيها في مجالات مختلفة، وكل التواءاتها جات من مواجهتها للخوف.. غريزة الحياة في اندفاعاتها واجهت الخوف واحتاطت بحيل مختلفة.. بنمشي في موضوعنا.
اي.. نجيء لغاية هنا بعدين بنبتدئ نواجه الانسان المعاصر
(.....) أصله هو الانسان كبت بالقوانين، أصله كبت بالقوانين، لكن القوانين بقى مشت في سماحه لغاية ما جاءت عند قوانيننا نحن الاسلامية.. المرحلة هي لغاية المسلم المعاصر في شريعته، دي المرحله، لكن أصله الكبت وقع بالقوانين
(.....) هو في الحقيقه كده يعني بتحوّر.. بتحور بس، اولا بتسمح القوانين.. القوانين دائما تمشي في سماحة وبيجيء الوقت الانسان كأنما بيعيش فوق القوانين.. قوانين الجماعة.. لكن برضو مراقب قوانين أخرى هي صلته بالله.. اللي هي رعايته لأدبه مع الربوبية.. الشريعه الفردية فيها.. فدائما بيظل الكبت.. لكن بيلطف كل حين.. فنحن المرحله العايزنها هي مرحلة بداية الكبت بالقوانين الساذجه البدائية العنيفة.. لغاية ما نجيء للقوانين السمحه الفي الاسلام
(.....) كأنه ما كان مكلف.. يعني اقل من درجة التكليف كان، دي الصورة في عمر الجنس.. والبراءه في عمر الفرد هي برضو مرحلة عدم التكليف، لكنه هو وارث للتجارب الكبيرة.. براءة الطفل مثلا انه ما منقسم، وبراءة الانسان الاول انه ما منقسم.. لكن الطفل المعاصر وارث لتاريخ البشرية كله والانسان الاول ماهو وارث الا لتجارب في مستوى الحيوان.
(.....) ممكن تقول عدم الانقسام، هسع عندنا الطفل لمن يولد مثلا نبينا يقول ((كل مولود يولد على الفطرة)).. الفطره هي السلامة دي من الانقسام.. عقله صفحة بيضاء وقلبه سليم.. دي البراءة ودي الفطرة.. بعدين الانسان الاول كان ما منقسم زي العبارة القلناها، ((أو لم ير الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقا))، زي الحيوان.. الحيوان ما منقسم لانه سايم في المروج يسعى في تحصيل لذته ولا يردعه شيء من اللذة.. لا يردعه شيء عن اللذة.. في المعني ده هو وحدة.. دي ما يمكنك ان تسميها بالبراءة.. بعدين لمن ابتدأ ينقسم أصبح في ظاهر وباطن.. الباطن يخفيه عننا، لانه ما لائق يعبر عنه.. اها هنا دي جاءت الصوره الافسدت البراءة
(......) نحن قلناهو برضو.. نحن قلنا وارث، هو برئ في معنى انه ماهو منقسم انقسام واعي، هو شاعر بيه، لكن هو وارث.. وارث للكبت في عمر البشرية ده.. وده هو في الحقيقه هسع برضه في المقدمه انحن قلنا في كبت في عمر البشريه وكبت في عمر الفرد المعاش.. وده معنى الخطيئه الموروثة
(.....) مافي خلاف بين الموضوعين ديل.
الخطيئة الموروثة عندنا هي الكبت في عمر البشرية، بعدين الخطيئه البتُكبت بعد الانسان ما يكون مكلف.. هو الحقيقه من ما يولد بيبتدئ ينقسم.. في الاول بسيط وطفل بيعتقد انه كانما الكون كله ليه هو.. اي حاجه عايزها لازم تكون ناجزة وجاهزة.. يبتدئ يبكي في كل حاجة ما يلقاها.. لقدام يوروه انه ما بستجيبوا لبكاءه دائما، وانه في ناس اخرين معاه، ولو كان شاف ليه حاجه في ايد اخوه بكى عليها، ما بيدوها ياهو.. لانه دي بتاعت اخوه التاني.. فأصبح ينقسم باعتبار انه في ناس اخرين عايشين معاه.. هو رغباته عندها حدود.. لغاية ما يجيء في طور التكليف.. تجيء القوانين البتنظمه برضو كرجل مسؤول او امرأة مسؤولة في المجتمع.. لغاية ما يعيش عمره ستين أو سبعين سنة.. في مرحله كبتها في حياته القصيرة دي.. وفي مرحلة وارثها في الكبت الجماعي الجاي من وراء.
(.....) المسيحيين الخطيئه الموروثه.. وللا عندك شنو؟ طيب
النقطه العايزين نغطيها؟ زي ما قلنا هي دي.. من بداية الكبت لغاية ما جاءت القوانين الواعية، خلينا نقول، قوانين القرن العشرين النحن بنعيش فيه هسع، لانه نحن غرضنا من الخواطر تسليك السالكين.. فنتكلم شوية عن المنطقة القديمة
سؤال يوسف: الحي الاولاني، الدودة الاولانية، عندها مخاوف تردعها من حركات معينة ما تستطيع ان تخرج بغير حساب.. تخرج في مستوى معيّن.. الاسماك الصغيرة كان دخلت جوه في المويه الغريقه تبتلعها الاسماك الكبيرة.. ولذلك عندها منطقة تعيش فيها وإذا وجدت نفسها اتورطت جوه تجيء جارية بسرعة للبر الما بجيء فيه الحيوان الكبير.. كأنه الحياة كلها صورتها كده لكن الاختلاف اختلاف مقدار.. لمن جاء العقل بدأ الكبت.. ده المعنى النحن بنقصده بظهور العقل.. الكبت القايم على القوانين.. لانه القانون خطاب للعقل.. العادات والاعراف الاولانية الفرضوها مشايخ الاسر على افراد الاسرة.. من الوقت داك بدأ الكبت البهمنا نحن.. لكن دي ما بداية الكبت على إطلاقه.
العنصر المشترك بين الكبت قبل ما يظهر العقل والكبت بعد ما ظهر العقل اللي هو الخوف.. ده الموضوع الاساسي بتاعنا.. الخوف بيجري عبر الحياة كلها.. ونحن كمالنا وحريتنا بتجيء بالتحرر من الخوف، والقوانين وخصوصا القوانين الدينية تخط الخطة لتحررنا من الخوف.. مرت بمنطقة الخوف هي ذاتها.. إذا اخطأنا بنمشي النار اللهو امتداد للمخاوف القديمة، وإذا أحسنّا بنمشي الجنة، ثم مشت لقدام.. فنحن عايزين نتابع الخيط ده.
(......) ينشد الكلأ، ينشد السعة، ينشد الحرية.. ينشد أشياء كثيرة، فمقدرته على الأقلمة، ودي طبعا العقل الواعي، هو العقل، وأصله الطوّر الانسان مقدرته على انه يتأقلم مع البيئة.. يتفاعل ويتواءم مع البيئة.. دي الحيلة.. وهسع خارج من بيئته زي ما لاحظ عشماوي.. خارج من بيئته الطبيعية ليمشي لبيئة زي القمر، يشيل معاه هواه، يشيل معاه مويته، اهو في الارض يمكن يشيل زاده ومويته ويهاجر، هاجر للقمر أعدّ ليه العدّة بان يأخذ الاكسجين معاه.. فهي العقل الواعي، العقل هو اليخلي الانسان يتواءم مع البيئات المختلفة، اللي هو يجوز لو اتعرض ليها الحيوان ينقرض.. بعدين جايز جدا هسع الكلب الفي الاسكيمو لو جبناه للمنطقة الحارة يموت حالا، لكن الانسان الفي الاسكيمو لو جبناه للمنطقه الحارة جايز يحاول يقاوم أكثر من الحيوان.. يقاوم أكثر من الحيوان.. فالعقل هو السبب في المقدرة على انه الانسان بيتطور.. نحن بنتطور أسرع من الحيوانات الاخرى لأننا بنتعلم اسرع منها وبكفاءة اكبر منها، ومن تعلمنا بنستطيع ان نوجد من الحيل ما يغير بيئتنا.. ونحن باستمرار ماشين لنسيطر على البيئة.
(.....) لأنه الانسان ما مقطوع من الحيوان، ولذلك فِي بعض الشمائل بين الانسان والحيوان مشتركة، لكن الشمائل الاساسية اللي قال عنها يوسف تكاد تكون موجودة في السؤال انه الانسان هو الحيوان الوحيد اليستطيع ان يتأقلم بسرعة وان يتواءم مع البيئه بسرعة.. مع كده هو تعرّض لانقراضات كثيرة في عجزه عن المواءمة دي السريعه برضو.. لكنه أسرع الحيوانات في المواءمة ولذلك يستطيع ان يعيش في المناطق المختلفه، لو غَيّرتُه فيها بستطيع ان يعيش برضو يتأقلم بسرعة.. يكافح لغاية ما يوجِد الفرصة البعيش فيها.
(.....) والكبت بمعنى انها، الخواطر والكبت هي مظهر للعقل الواعي، والعقل الواعي هو صاحب الفضيلة في المقدره دي على المواءمه والتصور والتحول
(.....) القوانين البدائية كانت عنيفة جدا.. كأنها في مرحلة العنف كبتت خواطر نحن في الآخر بنشوفها خيرة.. الصورة ما واحدة.. القوانين الأولانية كبتت خواطر هي في الآخر مافي بأس من انها تعبر عن نفسها لانه المجتمعات اتطورت من الكثافه والغلظه الكان عليها الفرد زمان الى فرد رفيع خيّر يرتدع بأقل العقوبة، أو لعله بالكلمة.. فالقوانين واكبت التطور ده من العنف الشديد الي السماح.. فإذن الخواطر في الأول الكُبتت ما حقها تكبت لو كان صاحبها عاش في مجتمع مثلا في القرن العشرين.. فدي تأخذوها في الاعتبار.. الكبت يختلف حسب المجتمعات، حسب مستوى المجتمعات وقوانين المجتمعات وحسب أفراد المجتمع.. والبيُكبَت قبل عشرين سنة، العرف والعادة والقانون قد يسمح ليه بالعبارة اليوم.. فيصبح يومنا ده هو خاطر خيّر.. لكن قبل عشرين سنه كان خاطر شرير.. وكمان خذ العشرين سنه دي لغاية ما تمشي ليها لبدايات المجتمع لمن كان القانون عنيف جدا.
نسمع زيادة برضو سؤال استاذ عبد الله سؤال في الاصل خالص وقايم
(.....) خيّر وشرير.. خير وشر.. هل هي مسأله نسبية؟ يعني يمكن اعتبار الخير شر واعتبار الشر خير في وضع معيّن، يعني ممكن يبادلوا بعض.. ايه يعني خير وشر؟
(.....) يمكن نضع السؤال بطريقه ثانية.. مافي شر مطلق، في خير مطلق.. طيب الخير شنو والشر شنو؟ الخير في اطلاقه شنو والشر الماهو مطلق شنو؟ وليه ماهو مطلق؟ الشر ليه ماهو موازي للخير في المدى البيذهب ليه الخير؟
(...,,) سمعتوا كلام عماد وكلام شيخ احمد قبله
(.....) انه الخير المطلق ده الاصل.. الخير هو شنو.. بعض الحاجات افتكر بناخدها قضية مسلّمة طوالي، والواحد يستغرب لمن يقيف فيها شوية.. الخير شنو؟
(.....) الخير هو الله طبعا دي مافيهاش شك.. لكن مظهر الله للانسان شنو؟
(.....) قيل نعم هو الله، بعدين لمن تقول عبارة الله مشيت في تيه، نحن عايزين تجيء لمنطقة التحديد المعقول للناس
(.....) ولمن انت تجيء للخير في مواضع ما تقدمه انت من عمل صالح بتجيء الاعتبارات النسبية.. ايه رأيكم في ده؟ مين القال الحياة هناك برضو.. (قُرني).. الخير المطلق الحياة المطلقة.. كأنه كده يعني.. الحياة الكاملة.. وبعدين الحريه المطلقه هي وصف الحياة الكاملة، وهن بيتّحدَن هناك.. يعني الحرية المطلقة والحياة المطلقة هي الخير المطلق.. وكل شيء ينقص الحياة المطلقة، شر، الشر ده عليه عقوبة ليكمّل.. الخير في الشر هو انه بممارسة الشر نعرف الصواب.. بممارسة الخطأ نعرف الصواب فنزيد في علمنا، فتتسع حياتنا، وده البيخلي الشر نسبي.. فاذن الإجابة على الاستاذ نميري انه في خير مطلق، والخواطر الخيّرة هي الخواطر البتتسع للمعرفة الصالحة في توسيع الحياة.. الخواطر البتتجه للمعرفة البتحررنا من الخوف.. اللي هو آفة الحياة ونقص الحياة.. فالخير المطلق هو الله، هو الحياة.. ونحن ماشين لله بالحياة.. ماشين ليه بالعلم، وأعلى من العلم ماشين ليه بالحياة.. وعايزين نحيا حياته، الحياة القادره القدرة المطلقه والعالمة العلم المطلق والمريدة الارادة المطلقة.. الحياة الما عاجزة.. بعدين.. نعم؟ في كان كلام؟ (.....) نعم.
(.....) في السؤال الاصلي بتاع استاذ عبد الله اللي هو الخواطر الخيرة شنو؟ قبيلك قيل انه الخواطر هي نتيجة للكبت.. هنا النور اتجه اتجاه في الرد على السؤال ده.. اتجه فيه عماد واتجه فيه أدروب.. الاخوان كلهم عندهم أنصبة منه.. لكن انا افتكر انه دي أقرب الاوضاع ليه.. انه أصله الخير هو الحياة.. بعدين التعبير البيدي الحياة سعة دائما، العلم مثلا، خير، والتعبير البيدي الحياة ضيق، الجهل، شر.. والانسان، في عبارة قالها سيدنا عمر، قال ((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا))، والانسان في الحقيقة وُلد حر لكنه وُلد ضعيف، والضعيف ما ممكن يكون حر.. وُلد محتاج.. ودي العبارة الجرت على لسان النور.. انه حياته اللي هي أٌس الخير، بداية الخير، حياته مهددة بعوامل كثيرة هو ما بيستطيع ان يناجزها كلها، وان ينتصر لحياته ويحتفظ بحياته دي، ولذلك زي الساوم عندما بلغ مرتبة الإدراك والحيلة.. العقل يعني.. زي الساوم بجزء من حريته.. وأول ما بلغ منطقة الإدراك بقت عنده اعتبارات الحرية.. ساوم بجزء من حريته.. ليحتفظ بباقي حياته.. بباقي حريته يمشي.. القانون هو كده.. القانون أن نتنازل عن بعض حريتنا، لنستطيع ان نستمتع بباقيها، لأنه في ما يهددها كلها من الاصل، في ما يهدد الحياة كلها، اللهي أهم، كقاعدة، أهم من الحرية.. الحرية تّزّيُد فيها هي.. لكن كل حاجة تهدد الحياة يمكن ان نضحي في سبيلها بالحرية، زي ما يكون الانسان خايف من مواجهة العدو، يقبل بالخوف، وبالاضطهاد البيجيء عليه، لانه إذا ناجَز بيصل الى ان تُجتث حياته.. فالمجتمع نشأ بنوع من المساومة، حتى زي روسو [جان جاك روسو] زي البيعتبر أنه في اتفاق جرى في شراكة، انه كل الناس يضعوا أسهُم فيها، الأسهُم دي هي تنازُلك انت من مقدار معيّن من حريتك لتستمتع بالباقي.
(.....) حدود القوانين على الحريات.. وفي الحقيقة في مستوى القوانين، في مستوى الجماعة مافي حريه فردية مطلقة، في حرية فردية نسبية، ما دام انت بتعيش في الجماعة في مستوى قوانين الجماعة، بلغت ما تبلغ من الإسماح، هي برضو محدودة.. دي حرية محدودة.. الا إذا استطعت بممارسة المنهاج التعبدي ان تعيش فوق شريعة الجماعة، لأنك مُقيّد باخلاقية معيّنة هي قمة هرم الشريعة.. في الوقت ده انت بتستطيع ان تمارس الحرية الفردية المطلقة.. لكن بيكون خاطرك وقولك وعملك لا ينتج منهم للناس الا الخير.. ونحن عندنا تعريف للحرية الفردية المطلقة، قلنا فيها الحُر حرية فردية مطلقة هو الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، ثم لا تكون نتيجة فكره، نتيجة قوله ونتيجة عمله الا خير وبر بالناس.. هنا دفع ثمن الحرية الفرديه المطلقة، كان في حكومة أو مافي حكومة، كان في قوانين أو مافي قوانين.. هو بيعيش في تسامي ما يناله القانون.. هو فوق القوانين لأنه ما بيتورط في القوانين، بطبيعة تساميه، بقى قانونه الأخلاق، واللي هو الاخلاق هي الطرف الرفيع من القانون.. القانون قاعدة والاخلاق قمة.. فالبيعيش في مستوى الاخلاق ده بيستمتع بالحرية الفردية المطلقة.. دون دي في الحرية النسبية، اللهي ان تفكر كما تريد وتقول كما تفكر وتعمل كما تقول، على شرط ان تتحمل مسؤولية قولك وعملك.. ودي بتحدّها قوانين الجماعة.. في الأول القوانين كانت غليظه جدا، والإنسان مسلط عليه الخوف من كل جهة.. خوف الآلهة، وآلهة عنيفة وموصوفة بالعنف الشديد، وخوف القوانين، وقوانين زي ما قلنا عنيفة، والعقوبة عليها الحياة كلها.. والفرد كانوا يطوعوه لغاية ما يعملوه ضحية.. يذبحوه ضحية على معابد الآلهة، ليدفع الشر عن القبيلة.. ودي، الضحايا البشرية كانت معروفة كانت لوقت قريب.
فالخوف ده هو اللي سلَّط الكبت على الحرية حتى أصبحت كأنه مافي حرية.. حتى أصبح الفرد وسيلة للجماعة.. مع انه الوضع الصحيح هو انه الجماعة وسيلة للفرد، لكن في المجتمعات البدائية الفرد ما مهم بالمرة.. الفرد وسيلة للجماعة، حتى المسأله دي ربكت الماركسيين وافتكروا الصورة دي هي الصورة الخالدة والباقية.. لكن هي صورة مرحلية.. الفرد غاية المجتمع، والمجتمع وسيلته، لكن في المجتمعات البدائية الصورة كانت مقلوبة لأنه الفرد كان شكس وكان غليظ وكان جاف وكان بليد، عايز عنف عنيف عشان يوقظ ضميره، ويبرز فيه التخيل وقوة الارادة ليكون انسان، موش حيوان متسفّل وسائم.. أها الصوره دي سلَّطت كتير جدا من الكبت على الحرية اللي هي الخواطر الخيرة.. بعدين كلما المجتمع مشى لي قدام، والافراد اتهذبوا واترقوا ودمثت أخلاقهم وبقوا عندهم ذكاء وتخيل، كلما كانت القوانين أسمح.. ماشة في تطورها في سماحة.. وتطور القوانين الدينية بصورة خاصة زي ما نحن قلناها مرات، يعني ربنا عن اليهود قال ((فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم)).. بعدين لمن جاء في المجتمع الاسلامي، سِمحت القوانين بصور كبيرة حتى بقت المحرمات كلها أربعة: ((قل لا أجد فيما أوحي اليّ محرماً على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة، او دما مسفوحا، او لحم خنزير، فإنه رجس، أو فسقا أهل لغير الله به))، ديل أربعة من المحرمات الكثيرة الكانت في بداية التشاريع.. ثم ديل كلهن الأربعة ديل قال ((فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه))، حتى في ديل بقن حلال.. اها رجعت الخواطر القبيل كانت مكبوتة أصبحت في مجتمعات فيما بعد، القبيل كان شر أصبح خير، بسماحة القوانين، وأصله اعتبار الشر والخير هو اعتبار القانون.. مافي حاجه هي شر في أصلها إلا من نظر العقول ليها.. الحرام ماهو عين في الشيء وإنما حكم شرعي عنده حكمة تعليمية للناس.. الاجابه اذن على سؤال الاستاذ عبد الله أنه خواطر الحرية، ودي الخواطر الاصلية.. هي الخير.. وهو قال برضو، أستاذ عبد الله قال، الخير المطلق هو الحريه الفردية المطلقة، وده صحيح، لكن لأنه الانسان محتاج، بقى يساوم.. المساومة دي في الشركة الأولانية كانت عايزه رأس مال كبير مننا ندفعه، ثم بقت تُسمح شوية شوية كل مرة بان تقلل من الثمن علينا البندفعه لنعيش في المجتمع.. كل ما جاءت القوانين سمحة.. فبقت القوانين هي البتخلينا نعرف أنه الخواطر القبيل كانت شريرة هي في مجتمعنا الحاضر خواطر لا بأس عليها.. بل انها خواطر خيرة.. وتجي المسأله تمشي لقدام.. اهو دي حكاية الاعتبار يا استاذ عبد الله
(.....) الخواطر الخيرة (.....) طيب هسع نحن موقفنا.. الساعه كم هسي؟ زدنا عن الوقت.. بدينا ثمانية..
طيب.. كأنه الموضوع لسع مفتوح.. انا افتكر الخميس الجاي برضو بتجه الى أن يرجع للنقطه دي.. النقط دي رجوع بسيط ليشوف تدرج القوانين برضو.. تدرج القوانين بين الإعنات والإسماح.. القوانين البدائية كانت عنيفة ومتعنتة، وأشياء مافي بأس بيها كُبتت.. بعدين يجينا نحن الشريعة، تجينا الشريعة الاسلامية فيها سماحة شديدة، فيها تطورات علي الشرائع المختلفة، وماشة لغاية ما تجيء في مراحل لتحرر الإنسان من الكبت كلية.. فيما يخص الشريعة.. تخلي الكبت فيما يلي الله، اللي هو معرفتك بالله وتخوفك من أنه يحجبك.. كأنك انت امام حبيب خايف اي حركة وسكنة ماها لائقة تكون سبب عقوبة عليك.. دي مراحل كبت برضها لكنها مراحل كبت رفيعة، ودي لا تنفك عن الانسان إطلاقا.. لأنه كل مرة ماشي لمجالسة الحبيب والاستمتاع بيه أكثر، ويخاف انه اي حركة واي سكنة غير لائقة توجب عقوبته وطرده.. وافتكر هي مراحل العبادة بتبتدئ من مسألة الشريعه دي، ((الحرام بيِّن والحلال بيِّن))، وبعدين كيف تكون المراحل في السير الي مرحلة الاستقامة.. ودي هي القيمة الاساسية لبحثنا ده كله.. الخواطر في المنطقة دي كيف؟ وكيف الخلاص منها؟ وكيف تصفيتها؟ والعلم البتقتضيه في كل مرحلة لغاية ما تجيء الحرية البتخلي الانسان مواجِه لحبيبه ثم سالك السلوك المستمر في الترقي، بمحاولته الرشيدة لاعطاء الحريات لخواطر قبيل كانت مظلومة، في اعتبارات الماضي، وحكم الحاضر، زي ما قال يوسف يعطيها الحريهة.. زي الافراد.. الافراد ما كانوا مضطهدين ومستغلين ومسترقين ومستعبدين.. وباستمرار الحياة ماشة في التحرير.. الخواطر كذلك.. المجتمعات الأولانية اللي كانت عنيفة على الافراد، مجتمعات الاستغلال، مجتمعات العبودية، العبودة، المجتمعات اللي كانت بتقوم على الرق كنظام اقتصادي ونظام اجتماعي ونظام سياسي، باستمرار نحن ماشين لنتخلص منها لغاية ما جينا في عهود الديمقراطية، اللي حتى الناس محاولين، الطبقات نفسها تتصفى في طبقة واحدة لا مستغِّـلة ولا مستغُّـلة.. الخواطر عندها شوط تمشيه زي دِي.. وأنا افتكر انه السياسة الخارجية والسياسة الداخلية بيمشن مع بعض.. الانسان اللي قِدر يسوس نفسه الداخلية يقدر يسوس الناس أكثر من غيره.. ولذلك تلقى انه مثلا دكتاتورية زي دكتاتورية النبي هي أرشد من حكم الديمقراطيين في أوقات كثيرة إلى يومنا ده، لأنه اتربَّى تربية داخلية جعلته ما عنده الرغبة في التسلُّط على الآخرين، لأنه هو ملاحظ عبوديته مع الله.. وتسلُّطه على خلق الله فيه نقص لعبوديته، وأدب العبوديه يقتضي الا يكون ليه سلطان أو سيطرة على الناس.. زي ما قلنا انه السيد احمد ابن ادريس يقول في دعائه ((اللهم لا تجعل لي رائحة ربوبية على أحدٍ من خلقك)).. ونبينا كان يعيش الحكايه دي لغاية ما يجيء الخبر اليقول انه ما سُئل شيء، النبي ما سُئل شيء، قال لا.. يُعطي كل حاجة سُئلها وان كان هو محتاج ليها، لأنه بيرى انه هو ما حقه يكون عنده ملكية عين على شيء، إلا ملكية ارتفاق.. قميصه اللابسه ده هو ما بيملك عينه.. العين يملكها الله وحده، وهو مرتفق بيها.. فإن كان وجد من هو أحوج منه سألُه ياهو، من أدب العبوديه ان يعطيه ليه.. في التسامي ده تجي السياسة الخارجية والسياسة الداخلية.. تأثِر وتتأثّر.. المجتمع والفرد.. يؤثر المجتمع في الفرد ويؤثر الفرد في المجتمع، في تساوق مستمر لغاية قمة مجتمعنا على وجه الارض دي.. وانا افتكر انه ده بيكون موضوعنا في جلستنا المقبله إن شاء الله الخميس، بنرجع رجعة بسيطة للأرض المسحناها هسع ثم نستمر في الاستفاده البنجدها ليستعين بيها المترقي، من الجمهوريين، بوجه خاص في مجاله ده، وما يقدمه للناس من علم في السلوك.. عندنا حاجة هنا.. دي نهاية الندوة.