إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search
ندوات الخواطر

المهدية - اكتوبر - ديسمبر ١٩٧١

الخواطر - الندوة الثالثة - ٢٨ اكتوبر ١٩٧١

بسم الله الرحمن الرحيم
تنتظم هذه الجلسة الأسبوعية - جلسة الخميس - وهي جلسة مخصصة لمتابعة موضوع الخواطر.. وختمنا حديثنا الماضي بالحديث عن الخواطر الموروثة في العمر البشري والخواطر المكتسبة في حياة الانسان الفردية القصيرة.. وأنه كتير جداً من الخواطر الموروثة في العمر البشري كبتت بأنواع من القوانين وأنواع من المخاوف وأنواع من الأعراف والعادات، ضيقة، شديدة العنت والتضييق على الأفراد.. ثم يجيء الكبت في العمر البشري الفردي، برضو اتعرض لكثير من القوانين غير المستقيمة والعادات والأعراف والرأي العام.. ثم قلنا انه السياسة في مراقبة الخواطر وتهويتها وتشميسها وتعريضها للفكر والمنطق وإعطاءها حرية لتعبِّر عن نفسها، بعد أن كانت مكبوتة لأسباب من الجهالات أو أسباب من التضييق في القوانين أو الأعراف.. اعطاءها الفرصة دي هي مرحلة التطور في الترقي في العبادة.. وقلنا انه في الجلسة المقبلة، اللي هي الجلسة دي، بنمسح الأرض القديمة مسح خفيف، بسيط، ثم نمشي لمرحلة الخواطر من ما بدأ الحلال والحرام في الشريعة الاسلامية، اللي جاءت بيها العبارة ((الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات)).. فالمترقي من (الحلال بيّن) و(الحرام بيّن) كيف يستطيع ان يراقب نفسه ليحررها من الخواطر المكبوتة بغير وجه وجيه.. الآن الندوة مفتوحة لمن عسى ان يحدثنا بسيط عن الأرض المسحناها، ثم نبتدئ لقدام.. إذا كانت الجلسة دي، كانت نهاية لموضوع الخواطر يكون جميل.. على اننا، زي ما قلنا، ما بنستعجل الأمور، لأن موضوع الخواطر أي زمن يُعطاه ما هو زمن ضايع.. العبادة كلها هي موضوع الخواطر.. وعند الكلام عن المرحلة النحن مقبلين عليها كأننا بنأخذ الانسان قبل ما يعبُد.. ممكنك أن تأخذه من هو أصم.. العابد في أول أمره أصم.. وأصم بمعنى أنه بكليته بيتوجه للأشياء العايز يعملها، زي الطفل، زي ما قلنا عنه.. الطفل ما منقسم، ما بيفتكر انه في شيء مهم في الوجود غيره هو.. وهو بيلف حول مركزيته والوجود كله يراه بيلف حول مركزيته هو.. لغاية ما المجتمع يعلِّمه انه في اعتبارات اخرى مع رغايبه هو تُعتبر، وانه عليه أن تكون حريته ليها حد محدود.. بعدها تبتدئ حريات الناس الآخرين وليهم حق الوجود معاه.. فتبتدئ القسمة.. ودي مرحلة بدرية جداً وبدائية، لغاية ما يجيء في أن يكون مكلف شرعاً.. دي كمان مرحلة برضو، وإن كانت متقدمة عن مرحلة الطفولة، لكن ما هي مرحلة العابد.. العابد كمان يبتدئ بعد أن يكون مجوِّد للتكليف ليمشي ليترقى في المراقي.. المرحلة دي هي يمكن تكون موضوع بحثنا الليلة، لكن بنعطي بعض الدقائق ليكلمونا الأخوان.. فرصتين أو ثلاثة فرص لمسح الأرض اللي فتناها، وإذا كان فيها أي سؤال بيثار نسمعه.. الموضوع مفتوح.
(.....) الفرد ما مهم.. هو ماركس طبعاً في المادية الجدلية - المادية التاريخية - بيتابع التاريخ بذكاء ذكاء شديد، وتسلسله وتفاعله، وعنده ان التاريخ صور حية في الصراع.. لكن بدأ يمشي بالصورة السلفية ليسحبها على المستقبل.. في الصورة السلفية الفرد فعلاً بُدئ بيهُ كأنه هو وسيلة المجتمع وانه المجتمع أهمَّ منه.. والانسان الدقيق في الملاحظة يرى انه في الوكت اللي الفرد بيقتلوه، يضحوا بيه في مذابح الآلهة لإرضاء الآلهة، لِئلا تسخط على القبيلة، وتنتقم من القبيلة في نوع من السخط والغضب، الضحايا دي، البشرية، برضو كان مراعين فيها مصلحة الفرد، بصور غير شعورية.. بس كل ما هنالك ان الفرد كان محتاج لعنف عنيف عشان ما يكون يكون درَّاك، لأنه كان كثيف، كان غبي، كان بليد.. فالعنف ده هو الصّهره وطلَّع منه ادراكاته وتخيلاته.. فإذن في بداية الأمر عندما كان الفرد كأنما هو وسيلة للمجتمع، ما كان وسيلة للمجتمع.. لكن كان المجتمع هو الأداة البتربي الفرد وتعلمه وتطوعه وتهذبه.. وكان بيحتاج للعنف ده لأنه كان شكس وكان متوحش، وكان غليظ، فعايز تأديب عنيف.. فإذن العنف في وقته ذاك كان المقصود منه الفرد ليتربى، والمجتمع ليتماسك، في نفس الوقت.. بعدين كل الصوره ما مشت لقدام التكاليف على الفرد تقل، والمجتمع يتراجع ليكون في مقام الوسيلة، والفرد يبرز ليكون في مقام الغاية.. الاستقراء التاريخي بالصورة دي ورّط المفكرين الاجتماعيين، ومنهم ماركس، في الخطأ في أنه الفرد ما مهم، الجماعة هي المهمة.. ولكن الناس المفكرين الدينيين يجدوا الفرصة في أن يصححوا الوضع ده لأنهم عندهم مدار التكليف عند الله الفرد مش الجماعة.. الله ما بيلاقوه الجماعة، بيلاقوه الأفراد.. ((يأيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه)).. الملاقاة لمن كانت علم ومعرفة بقى حظ فردي.. فأصبح واضح انه مجال نظر الله للجماعة هو الفرد.. الفرد هو المهم لكن المجتمع أهميته كبيرة، في مقام الوسيلة المفضية للغاية، طوالي.. الوسيلة اللي هي طرف من الغاية دي الجماعة.. الفرد غاية، الجماعة الوسيلة الواسلة والقريبة التوسيل.. فلذلك التبست على الناس، التبست على المفكرين في أنها هي الوسائل لمَّن تبقى مع الغايات لأنها هي طرف منها كأنها عنصرها واحد، بيكون اللبس فيها.. وأصعب الأمور على المفكرين التمييز بين الوسيلة والغاية، خصوصاً لمَّن تكون الوسيلة طرف من الغاية.. فالنقطة الأثارها أدروب هي دي، البتسوقنا إلى إبراز قيمة الاسلام الحقيقية الماممكن الاستغناء عنها، اللي هو انه الفرديات هي عنده مقام التكليف.. وانه من ثمَّ يبقى الجماعة هم الدعامة البترفع الفرد، أو الوالد الشرعي للفرد الكامل.. المجتمع الكامل هو الوالد الشرعي للفرد الكامل..
طيِّب ممكن نكتفي، أنا افتكر بالمسح اللي قاله “عبد اللطيف” بتوسع وقاله أدروب باشارة بسيطة، لنبتدئ في مرحلتنا في مجتمع القوانين البنعيشها نحن في الوقت الحاضر.. وزي ما قلنا السياسة الخارجية والسياسة الداخلية بيتعاونوا في الموضوع ده.. واحد يجي بعد الآخر في التعامل في السياسة.. فالمجتمع الرشيد هو الوالد الشرعي للأفراد الرُشداء.. المجتمع الحر يلد الأحرار بالصورة دي.. وقلَّ أن يكون في عدد كبير من الأحرار الكبار ينجموا عن مجتمع متخلف.. يحصل طفرة من حين لآخر، لكن المجتمع الفيهو العدالة الاجتماعية الكاملة، العدالة الاجتماعية البتقوم على الديمقراطية والاشتراكية والاسماح في الرأي العام هو الوالد الشرعي للأفراد الكُمَّل الكبار.. بقدر ما يكون المجتمع رشيد بقدر ما تكون انت كفرد حاجتك في الكبت أقل.. وكأنه إذن تساوق المجتمعات بتطورات تشاريعها بتقرب المسافة للأفراد ليبلغوا كمالاتهم.. حتى ينتظر الانسان أن يجيء الفرد الـ"من" طفولته يقوم عديل، لأن السوق والشارع والمدرسة والبيت كلهم مستقيمين..
نحن نبدأ في المرحلة الأولانية البتسيرنا للأفراد الـ"من" النوع ده، والمجتمع الـ"من" النوع ده، اللي هو من مرحلة الكبت الواعي البيقع على الفرد من طفولته، وهو ماشي لقدام في مسالك حياته الفيها التكليف اللي يقع عليه من القانون ومن العرف والراي العام.. نشرع..
(.....) الصورة اللي مشى ليها “إبراهيم” وهي صورة زي المشت لنهايات الأمور، وافتكر ما في باس من أن نسمع مسح للمنطقة العايزين تفصيلها.. وإذا كان الرأي هو زي ما بيرى “إبراهيم”، انه الانسان يمشي ليكون حر طليق حتى عن المجتمع، نسمع زيادة في النقطة دي.. إذا كانت صحيحة بيبقى كيف السبيل ليها؟ “إبراهيم” يرى انه عايز يرجّع الانسان للطفولة مرة ثانية، بالصورة البيكون فيها كأنما بيعيش هو والمجتمع كله في خدمته.. أو كأنما بيعيش وهو مركز الوجود.. هل الانسان مسافر بالطريق ده واللا عنده سفر بطريق ثاني؟ إذا كان هو ده في مسحنا للمنطقة دي يبقى نشوف الغاية اللي هو ماشي ليها، ونجي نأخذه في المشوار ده خطوة خطوة، اللي هو راح يكون طريق العابد.. نسمع عن مسح المنطقة، الانسان ماشي وين؟
الطريق المسافر بيه ياتو؟ الطريق النحن ماشين ليه، النقطة الاتكلم فيها “إبراهيم” واتكلم فيها “عبد اللطيف”.. نحن ماشين لوين؟ عايزين نسمع فيها زيادة ثاني..
(....) هل الانسان ماشي ليستغنى عن المجتمع واللا ماشي ليتفاعل مع المجتمع في مستوى معين؟
(....) مع المجتمع في مستوى القوانين المختلفة اللي كانت في حد العنف العنيف اللي وصفناه في نشأة المجتمع.. وكأنما المجتمع كله على حساب الفرد.. وبعدين فِضل المجتمع يتسامح والفرد يجد حرية.. فهل سيره ده ماشي لأن يكون عنده تفاعل دائماً مع المجتمع في مستوياته، بمفاهيم معينة واللا ماشي ليستغني عنه؟ ماشي لوين؟
(....) أحسن قولوا لتتبينوا.. ومن المؤكد أنها نقطة طيبة جداً.. في مسألة النفخ.. نفخ الروح الالهي بيجيء أكبر وسايله المجتمع.. كأنه العوامل الأخرى موجودة، لكن أكبرالعوامل في نفخ الروح الالهي، أو في توسيع المدارك والفكر وانسراح الخيال وتوسيعه، المجتمع، كأنه عايز يقول.. وده معنى نفخ الروح الالهي، ممكن نحن نتكلم عن انه التعليم والتهذيب وإعطاءنا الفرصة لنمارس، لتتسع مداركنا وحيلنا ومقدرتنا على التصرف في الحرية، ده كله بيجيء في معيشتنا في المجتمع.. بعدين لكن "علي" بيرى ان الانسان لمن يتيقظ ضميره الداخلي حتى ما يحتاج لردع المجتمع من الخارج، لمَّن يتيقظ ضميره الداخلي برعايته لما يجب عليه حتى لا يحتاج لمن يردعه بالقوانين من الخارج، أصبح ماشي في طريق الاستغناء عن المجتمع.. أهي دي النقطة الأنا عايزها تكون واضحة.. هل هو الطريق النحن ماشين بيه طريق الاستغناء عن المجتمع، واللا طريق تلوين حاجتنا للمجتمع بصور أخرى مستمرة؟ هل نحن ماشين في طريق الاستغناء عن المجتمع واللا بتتلون حاجتنا للمجتمع؟ هي باقية لكن أخذت لون جديد وباستمرار ماشه في أن تأخذ ألوانها.. أنا افتكر النقطة دي ضروري نقررها لأنه إذا اتقررت عايزين نأخذ زول في المشوار ده.. من بدايته الأنانية.. وعلى وضع الصورة دي وضع طيِّب جداً.. انه الانسان كأنما مترقي من أنانيته السفلى.. من نفسه البترى مصلحتها في ضرر الآخرين، في غشهم، في خداعهم، في السرقه منهم.. في أنانية زي دي، هي الأنانية الجاهلة.. بعدين قال "علي" كأنما بيشوف كأنه في كفتين، كفه فيها الأنانية السفلى الحقيرة دي، وكفه فيها الأنانية العليا.. بعدين الوسيط بيناتهن العقل.. أنا افتكر انه دي صوره جيدة جداً الوضعها علي.. لكن عايزين نشوف لمَّن نحن بمراقبتنا وملاحظتنا للغيب، لله، البطَّلع على ضمايرنا، لمَّن نربي ضمايرنا لنلاحظه هو، سواء ان كان القانون بيراقبنا أو ما بيراقبنا، نجتنب العمل السيء.. هل نحن مسافرين في طريق الاستغناء عن المجتمع لأننا استغنينا عن قوانينه لتردعنا، واللا بنلوّن حاجتنا للمجتمع في مستوى جديد؟ وهل نحن طريقنا طريق الاستغناء عن المجتمع؟ واللا طريق تحقيق فردياتنا في مجتمع نحن محتاجين ليه برضو؟ لكن في مستويات تتلون وتختلف..
(....) النقطة العايز أذكر بيها الاخوان انه ما في شيء بدأ، الأشياء كلها كانت في الأزل وراح تظل في الأبد.. وانه ما في شيء بينتهي، الأشياء بتتلون.. يعني إذا كانت عندنا حاجة للمجتمع في الصورة الغليظة راح تظل عندنا حاجة للمجتمع في صور لطيفة.. لكن ما ممكن تكون بدت حاجتنا للمجتمع في وقت وانتهت.. ده في أصل الوجود ما يكون.. الأشياء لا تنعدم، لكنها تتطور.. وخذوا حاجتنا للمجتمع.. ما ممكن الناس يجيء وقت يستغنوا عن المجتمع، لكن يجيء وقت يكون عندهم مع المجتمع تفاعل يختلف عن الصور الغليظة.
وزي ما قلنا إذا كان نحن ماشين في ان نكون في فردياتنا زي الأجرام، كل واحد جُرم براه، كل واحد مننا نحن كوكب براه، أو نجم أو شمس.. ويكون كماله فيه، وعلاقته مع الكون الخارجي موجودة.. وزي ما الكون الخارجي محفوظ بالجاذبية بين أجرامه المختلفة، نحن قانوننا راح يبقى الجاذبية بين الافراد المختلفين، اللي هي قانون المحبة.. نحن ماشين تفاعلنا مع المجتمع أن يكون تفاعل المحبة المتبادلة، ونحن ماشين لنحب الله.. الله في تجريده ما بينحب.. بينحب في كونه وفي خلائقه، ولذلك تجيكم الصورة في الجنة ((ونزعنا ما في صدورهم من غلٍ اخواناً على سُررٍ متقابلين))، فالانسان موش مسافر طريق الاستغناء عن المجتمع، إلا بالصور الغليظة الانتم بتقولوها، لكن إذا كان الانسان ماشي ليكون خير كله، ليعطي الخير للآخرين، هو في حاجة لمن يتلقى منه الخير، وده تفاعل قايم.. حتى انه الصوفية قالوا الرب محتاج للعبد.. الله في اطلاقه وفي ذاته غني، لكن في تنزلاته محتاج.. شوف النقطة دي فيها دقة شديدة من العارفين.. قالوا الرب محتاج للعبد، يعني الربوبية لابد ليها من العبودية وإلا ما تظهر، إذا مافي عبودية الربوبية ما تظهر.. وظيفة الاسم "الرب" ما تجد مدلولها إلا إذا في "العبد".. وبالمعنى ده هم يقولوا الرب محتاج للعبد.. لكن يجب أن تكون في دقة في العبارة انه الله غني، ((يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد))، لكن في تنزلات الاطلاق دي مناطق القيد، لأنه هو كان مطلق وما بيعرف، ولذلك قال ((كنت كنزاً مخفياً)).. مخفي بإطلاقه لأنه العقول لا تعرف المطلق إلا إذا قيدته في مستوى إدراكها، بعدين لمَّن تنزل ليتقيد ليها لتفهمه قال "فخلقت الخلق"، كأنه قال تنزلت في صور من تنزلاتي، أو تقيدت بصور، كأنه قال كده.. "فخلقت الخلق فتعرفت إليهم"، دي كلها تنزلات "فبي عرفوني".. الدين منازل القرب من العباد، من الذات الصرفة، وقعت الحاجة اليقولوها هم انه الرب محتاج للعبد ليظهره.. ويقول الحديث ((المؤمن مرآة المؤمن))، "المؤمن" الله و"المؤمن" أنا وانت.. نحن نظهره، وهو يُظهرنا، ده معنى المؤمن مرآة المؤمن.. انت وأخوك يعني ترى صفاتك الكويسة مرضياه، والصفات السيئة بيكلمك بيها أو ينتقدها، أو ترى أثرها عليه، فكأنه هو مرآتك بالصورة دي، وانت مرآته، بتتبادلوا اظهار ما عندك واظهار ما عنده.. قالوا المؤمن مرآة المؤمن، الله مرآة للعبد والعبد مرآة للرب.. وده المعنى القالوا بيه انه ما بتكون وظيفة الاسم ناجزة – الرب – إلا إذا في عبد، إذا مافي مربوب مافي رب.. وما في رب مُش معناه ما في الله، لأنه الله في صرافته أصله ما جدَّ عليه جديد، لكن مسألة التنزلات للتقيد اللي قال عنها ((كنت كنزاً مخفياً، فأحببت أن أعرف، فخلقت الخلق، فتعرفت إليهم، فبي عرفوني)).. فالحاجة المهمة اننا نحن ماشين لنطوِّر قانوننا مع المجتمع من قانون القهر إلى قانون المحبة.. وأنا يبدو لي انه ده طريقكم للسير في الكبت.. ممكن نحن نتابع تطور الانسان العابد من مراحل المجاهدة الأولانية إلى أن يدخل في مراحل المحبة.. ونحن مرات قلنا انه الانسان أصله كبت للخوف.. لولا الخوف ما ظهر العقل البشري وإذا ما نتحرر من الخوف ما يظهر الكمال البشري.. فالتحرر من الخوف وسيلته في الأول أن نحيل الخوف كله على الواحد، ثاني في المرحلة الثانية أن نعرف انه الله خير مطلق، وانه لا يُخاف منه وانما يؤنس بيه، ويُطمأنَّ ليه، ويُرضى بيه، ويُفرح بيه.. فيكون الانس والمحبة هي التعامل بيننا وبينه، وهو في تجريده لا يمكن ان يكون في تعامل معاه، إلا في خلقه.. فإذا استقرت النقطة دي يمكن نديها فُرص شوية من الكلام فيها، وإذا كان في أسئلة حولها لكن يجب أن تستقر عشان نقدر نأخذ زولنا من شوطه بتاع الكبت الموروث والكبت المكتسب ليتحرر من الكبت.. ولأنه لا يكون في تحرر من الكبت إلا إذا سرنا بالثقة وبالطمأنينة وبالمحبة.. أصله الخلاص من الكبت في الآخِر أن يكون قانوننا المحبة اللي هو يمحي الخوف.. لأنه المحب اتجاهه دائماً أن يثق في المحبوب، وألا يتهمه ولا يظن بيه الظنون.. اهو ده هو اليفك الكبت في المراحل الكبيرة.. النقطة دي نديها فرصة إذا كان في تساؤلات حولها، أما إذا كانت مُقررة يبقى أحسن نبدأ شوط زولنا من طفولته إلى المراحل المختلفة في كيف يكبت؟ وكيف يسمع أصوات المكبوتين؟ الانسان في الأول أصم، حتى العبارة القرآنية ((أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما))، دي تصح في آيات الآفاق، تصح في النفس البشرية المبتدئة العبادة.. الطفل مرتوق.. الطفل أصم ما انفتق، شخصيته ما اتميزت حتى تكون في خواطر مسموعة فيها نقاش داخلي وثرثرة داخلية ومعارضة داخلية.. في صوت واحد بينبعث هو بيسمعه انه كل شيء لازم يلقاه.. لمَّن يحصل انه يفهِّمه المجتمع انه في ناس آخرين يجب تكون في رعاية ليهم، يقوم لمَّن يحاول يقول رأيه في أنه لازم يدوه البرتكانة الفي إيد أخوه، يعرف انه مابيدوها إياه.. حَ يكون في نقاش داخلي، أها ده الفتق.. ((كانتا رتقاً ففتقناهما، وجعلنا من الماء كل شىءٍ حي)).. من المرحلة دي لازم نسيِّره لغاية ما يكون يجي لفك الكبت بدخوله باستمرار في قانون التسليم والرضا والمحبة.. برضو نرجع إذا كانت النقطة محتاجة لإثارة أسئلة حولها أحسن نثيرها.. الانسان ما هو مسافر في طريق الاستغناء عن المجتمع إلا بمعنى أنه عايز المجتمع يتلقى منه، ولمَّن يتلقى المجتمع منه هو يرى صورته في المجتمع ويكون التبادل في المحبة.. نقيف في دي شوية نسمع.
(.....) طيبة لكنها بطبيعة الحال بتحتاج للكيفية اللي بيها بتحصل الحركة دي.. اللي هي قطع المراحل اللي كان فيها الكبت بيرجع ليتخلص من الكبت.. التفصيل ده لابد منه، لكن نحن في نقطة قلنا فيها انه المجتمع نحن ماشين لنتفاعل معاه على قانون مطوَّر من قانون حاجتنا الغليظة ليه إلى حاجة تقوم على تبادل المحبة بين الناس.. يبقى القانون مشى بالصورة دي.. بعدين قلنا انه دي نديها فرصة ليكون فيها تداول إذا شئتم، هل هي فعلاً ده الطريق النحن مسافرين بيه، ودي الغاية النحن ماشين ليها؟ واللا ماشين لنستغني عن المجتمع استغناء تام.. وده المستوى البيقول فيه يوسف انه مجتمعنا يكون في داخلنا.. يعني الانسان يكون عنده اكتفاء ذاتي، وفي الخارج ما عنده علائق، كأنه كده.. بعدين “ميرغني” قام اثار نقطة قال ما بيبدو انه تفاعلنا مع المجتمع في تطور مستمر ماشي في طريق أن نصل لنتيجة هي المحبة.. قد يكون ماشي في طريق ان نصل لنتيجة هي العدل ورعاية القانون وعدم الاعتداء.. وده ما بالضرورة يصحب معاه المحبة، بل قد يصحب معاه نوع من عدم الاهتمام ونوع من البرود نحو الآخرين.. و”ميرغني” أخذ الحكاية دي من المجتمع البريطاني قال.. عايزين نحن نسمع في النقط دي قبل ما نبتدئ نسيِّر زولنا بالطريق اللي أجمله "ذا النون".. وردت من "النور" و”عبد اللطيف” وأستاذ "“عبد الله”".. أيوه يا “ميرغني” (.....) أيوه هو برضو.. هو لا هو بيمشي، هو “النور” برضو بيمشي في الاتجاه ده، يعني قال لابد ليه في فض الكبت، وكأنما ابتدأ لينظر في جهات ثانية.. والهيبيز وجدوا تربة خصبة لأن الوضع كان سيء، كوضع كبت لا بد ان ينفجر في وقته.. وأنا افتكر انه العلامة البتظهر على المجتمع البريطاني اللي حكى عنها “ميرغني” هي مرض في المجتمع، مُش هي سمات المجتمع دائماً، هو المجتمع ماهو صحيح.. وأستاذ “عبد الله” قال هو زي حريص، مُش محترم للقوانين، حريص على القوانين لقيم مادية بيأديها ليه الفرد ده.. كل واحد منهم عايز يحتفظ بمكانه في الحياة وبكسبه وبأسلوب حياته، وبألا يجر عليه مشاكل من المجتمع لمَّن يتحرك القانون ضده.. وأصله الانسان في الحقيقة ماهو حشرة اقتصادية.. نحن مش مسافرين بطريق النمل والنحل، لكن المدنية الغربية بتوكيدها للقيم دي، وقسوة الحياة البيلقوها الناس، زي البقتنا كأننا حشرات اقتصادية، همّنا أن نعيش وأن ندبِّر بالصور البيتم بيها الادخار والمعيشة.. وانت في المجتمع الغربي، الحاجة المخلية في نوع من الجفاف في المجتمع الغربي انو ما حد بيسأل في الآخر، إذا كان الانسان الآخر محتاج أو مريض.. حتى قد لا تكاد تكون في صدقات بيتلقوها الناس الشحادين زي ما يكون عندنا نحن في المجتمعات الشرقيه.. بطبيعة الحال البيوت مش مفتوحة للناس زي ما هي في المجتمعات البدوية.. مجتمعات البادية الساذجة.. والسبب بطبيعة الحال برضو تعقيد الحياة، وتعلق الناس بمصالحهم الفردية، ونضوب العاطفة بتاعة القرابة اللي بتربط بين الناس الشرقيين، او الناس البدائيين، والناس المتقدمين في الحياة المدنية والمعقدة البتجيب أنماط من الناس غريبة.. نحن هسع برضو، نحن ما كان عندنا حيشان.. بيوتنا فاتحة، وكان في وقت من الأوقات أن يكون حوشك ده مقفول ده عيب.. لكن انت ماشي لحياة معقدة وبتجيب أنماط من الناس غريبين وقد يدخل انسان يسطو على المنزل إذا كان المنزل ما مقفول.. وبعدين نعلّي الأسوار، وبعدين نعمل سلك شائك من فوق.. الحاجات دي كانت في المجتمعات البدائية مافي، والناس بيفضوا إلى بعض بسهولة وبيسر وبطيبة.. ويجيك الزول الضيف الانت ما بتعرفه، تكرمه وتدخله معاك، لكن هسع يجوز انت تفتح ليه البيت وتكرمه وهو لص في حقيقته.. وحصل انه مثلاً، انت ماشي بعربيتك، واحد يرفع ليك ايدو، وانت تحب ان تحسن فيه لتوصله، فاذا هو قاطع طريق لمَّن انت تقيف تلقى منه نوع من السطو والاعتداء.. وده حصل مثلا في العاصمة هنا يبقى الزول التاني البعد دا لمَّن يرفع ليك إيده، مُش راح تقيف ليه.. مسائل زي دي تخلِّي العواطف بين الناس تقل، والسماحة القديمة الساذجة والطيبة والانفتاح على الناس تقل بالتجارب القاسية الـ"من" النوع ده.. المجتمعات الغربية مشت في الاتجاه ده لغاية ما بقت في نضوب في العواطف فعلاً، وكأنما الناس حشرات اقتصادية بقوا.. ودي النقطة الأثارها أستاذ “عبد الله” هنا، ودي النقطة الأخرجت الاعتراض من الثورات، ثورات الشباب اللي يمثلوها الهيبيز في قمة.. الهيبيز رفضوا – زي ما قال “ميرغني” – اتجاههم مُش اتجاه إيجابي، لكن علامة الرفض ذاتها علامة صحة.. انهم رفضوا مجتمع الانسان فقد فيه انسانيته.. فقد فيه نفسه.. فقد فيه قيمته وفرديته.. بقى مجتمع انتاج واستهلاك.. (المعامل) الكبيرة تدوّر لتنتج، ونحن نستهلك، وبعدين ينشر لينا من الاعلانات ما يوهمنا بأننا نحن محتاجين لكماليات أكتر لنستهلك البضائع البينتجوها هم.. الاعلانات والدعاية والترغيب والهوس القايم، فأصبح الانسان فعلا في سبق مادي بس.. انتاج واستهلاك، وديل رفضوا، ورفض فيه عنف.. عايزين يمشوا لمجتمع الغابة تاني، يرسلوا شعورُهم وينوموا على الأرصفة ويلبسوا الهدوم المرقعة، ومشت لإباحية كأنما قربتُهم من منطقة الحيوان اللي بذلت البشرية فيه زمن طويل ومجهود طويل من العرق والدم لتخرج منه.. الحيرة دي مُش هداية لكنها استعداد للهداية، ودي هي البتجد فرصتها في انه الدين يرفع قيمه للمحتارين البيبحثوا عن وجود أنفسهم.. عن الروحانية الفقدها الانسان الساذج البسيط البيعرف انه المادة وسيلته، مُش غايته.. المادة وسيلة الانسان.. الناس يقولوا الانسان بيأكل ليعيش، ليحقق بمعيشته قيم في حريته وفي تحرير عقله وشعوره.. الحيوان يعيش ليأكل.. في حكاية بيقولوها كتير، الناس، "الحيوان يعيش لياكل" "الانسان ياكل ليعيش".. نحن هسَّع في مجتمعات المادة، والمدنية الغربية، والسبق بالصوره دي كأننا بنعيش لناكل.. الهيبيز صورة من الصحة في الرفض.. نعم هي سلبية، لكن استعداد، عندما يجيء الوضع الايجابي ليتعلقوا بيه.. والواحد يشوف انه أُس الرجاء في انه الدور جاء للدين، هو رفض المدنية الغربية.. لو كان الناس راضين عنها وماشين في اتجاهها يبقى ما بيسمعوا.. الانسان ما بيسمع إلا إذا شعر بالحاجة.. الهيبي شعر بالحاجة، ما عارفها وين، لكن بمجرد شعوره، مجرد رفضه للوضع القديم، هو علامة صحة.. فالمجتمع البريطاني، المجتمع الغربي، مجتمع المدنية الغربية المركِّزة على القيمة المادية وحدها، سواء أكانوا الشيوعيين أو رأسماليين غربيين، مجتمع مريض، وفارق مفترق الطرق، ومشى في طريق النملة والنحلة، الحشرات الاقتصادية اللي هي مُش طريق الانسان.. ولذلك أنا بفتكر انه المجتمع فعلاً يورثنا التفاعل معاه للمحبه، قولاً واحداً.. لكن في مطبات معينة بيفقد صحته وبيعتدل ثاني مرة، زي الجسم البشري يمرض ويُعالج.. أها هسَّع الجسم البشري في المجتمع البشري مريض، وجرعته، لعلها هي الجرعة الدينية النحن بنعتقد انه الاسلام بيرفعها ليه.. الاسلام بيقدِّم ليه الجرعة دي ليصح بيها جسمه.. إذن الصورة بتاعة المجتمع البريطاني قولاً واحداً ما يُستنتج منها انه المجتمع ما راح يسوقنا للتفاعل معاهو تفاعل محبة.. نمشي، إلا إذا كان في أسئلة حول الموضوع أو تعليقات عليه.
هل في اعتراض على أنه المجتمع سايقنا لنتفاعل معاه بالمحبة؟
(.....) الانسان لمَّن يبقى على المعرفة والعلم دي الفردية، تتحقق هنا، الناس لمَّن يكونوا مؤمنين وأصحاب عقائد ديل جماعة، أول ما يبقوا علماء ديل أفراد، وهم مجتمعين أفراد.. العلماء هم مجتمعين وأفراد، بعدين المؤمنين ماشين في القطيع، هم مجتمعين أو متفرقين هم جماعة، هم قطيع.. فالفردية تتحقق بالمعرفة، بالفكر، ده اللون البيميّزك انت عن الثاني.. فهل في اعتراض على الوضع ده؟ أنه نحن ما ماشين لنستغني عن المجتمع، ماشين لنتفاعل مع المجتمع بقانون مُطوَّر من القوانين البدائية، بدل قانون الخوف قانون المحبة.
(.....) في سؤال من الأستاذ "نميري” نديه فرصة.. أستاذ “نميري” قولوا ليهم تاني بالله.
(.....) المحبة من الافراد للمجتمع هي محبة مشروطة بأنهم يحبوا الخير في الناس ويكرهوا الشر، واللا هي محبة تنفتح على الناس بخيرهم وشرهم؟
(القضية) في الحقيقة بتجي من بعيد.. المحبة كأنما شيء، تنمية لموهبة هي قديمة فينا، انجذاب الحيوان لفصيلته أو ما نسميها غريزة القطيع.. انجذاب الحيوان لفصيلته حاجة قديمة، نحن وارثنها من زمن طويل، وبعدين الانسان مشى ليطور الغريزة دي لتبقى تشمل الأحياء والأشياء.. الناس المحبين في الدرجة الكبيرة كأنما هم خلفاء الله في الأرض، يحبوا كل شيء، يحبوا كل شيء يخلوه في حالة أحسن مما وجدوه عليها.. الأشياء والأحياء.. والحكاية قايمة في انه المحبة معاملة في أساسها الحكمة.. كل الأشياء خلقت لحكمة.. وأنه الانسان الرشيد البتصرف بمحبة بتصرف بأنه يترك كل شيء يؤدِّي الحكمة من وجوده.. لذلك يجمِّلوا الوجود، يجمِّلوا الحياة والأشياء بتنظيمهم ليها.. وفي منطقة التطور ما ممكن انت تنتظر من الانسان أن يكون في المستوى ده إلا بعد تطور طويل، وده الانسان النحن بنسعى لإيجاده.. الخليفة.. وما ممكن انت تكلف بيها الانسان في الأول.. فلذلك تلقى ان الانسان في الشرايع الأولانية مطلوب منه أن يبغض عدوه وأن يحب قريبه.. ماهو من الساهل أن تقول للناس، زي ما قال “عبد اللطيف”، ما تكره الناس لكن أكره فِعْلهُم الكعب، واعطف عليهم.. هي دي مرحلة من الترقي في الحقيقة.. يمكن هسَّع في شريعة التوراة "أحبب قريبك وأبغض عدوك"، وده شىء طبيعي جداً لأن تكون انت مستعد لتحارب عدوك.. انت مبتدئ ما ممكن يقولوا ليك عدوك ده إذا كانت أخلاقه كويسة حبّه.. هو بمجرد انه عدوك خلاص ده وضع إنك انت تكرهه.. ونحن نفسنا في مرحلتنا الأولانية لدينا انت بتكره الكافر مُش بتكره الكفر.. ولولا إنك بيغذوك بكراهة الكافر ما بتقدر تحاربه.. ((يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غِلظة))، ((يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير)) أو ((فاذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)) أو ((انما المشركون نجس)).. شايف.. هي في حقيقة المعرفة ما في حاجة في عينها نجسة.. المشرك النجس فيه الاشراك، والعين كلها محبوبة وطيبة.. عين الأشياء.. لكن ده ما بتطلبه انت من المبتدئ، فالمبتدئ إذن يكره الكافر والكفر.. بعدين يمشي لقدام يجيء العارف في مرحلة معينة يكره الكفر ولا يكره الكافر.. دي دقيقة.. بعدين لقدام يصل الانسان للخير، يبقى ما في حاجة بيكرهها، لكن ما يمكن أن يحب الناس على حالتُهم.. الناس الشريرين ما مطلوب انه يحبهم، وفي المرحلة الأولانية مطلوب انه يكرهُهم، وانتوا عندكم في السلوك يقولوا "قاطع لمن واصلت أيام غفلة" لأنه انت كمبتدئ زي ما بقولوا ابرتك ما بتشيل خيطين.. إذا كان قالوا ليك انت حِب الشريرين لأنه الشر ده مرض، وهُمّ معرضين ليه ودي آفة حقها تعطف عليها، انت ما بتقدر تواجه الشعورده بالقدر الكافي من المجاهدة لتتجافى انت من الخطيئة.. ويقولوا السالك شاشُه أبيض، أول مرّة يحملوه طوالي على الجانب النضيف اللي هو أنك تكره الشر والشريرين وتبتعد عنهم.. ما (يستطيع) أن تحب الناس الشريرين.. لقدام لمَّن تعرف انت انه الخير والشر من الله، وأنه مآل الانسان للخير، وأنه جرثومة الخير فيه، وانه هو صادر من الله والله خير صرف، تكره الكفر في الكافر ولا تكره الكافر.. ويكون هنا في الوضع ده يكون عندك تعاطف معاه.. كأنما هو ضحية، هو مريض، تحاول انت أن تنقذه من كفره.. ودا بيجي بأنك تحبه هو في ذاته وتكره الجهل اللي هو عليه، ومن ثمَّ تجاهد في أن تخرجه من الظلام للنور.. بعدين الوضع ده فيه الصورة من البداية إنك انت لايمكن أن تحب الناس على ما هم عليه.. تحب الخير في الخيّرين وتلتزِمُهم، وتعطف على الشريرين وتحاول انقاذُهم.. مساعدتك ليهم بالصورة دي.. فإذن القضية في المحبة مشروطة لأنه برضو الله ما بيحب الشر.. الله أراد الشر لكنه ما برضاه.. دي العبارة البِتُقال دايماً "الله أراد الكفر لكنه ما بيرضاه".. لكنه عنده فيه حكمة مرحلية، يتطوروا بيه الناس بوسائل الخطأ والصواب.. ولمَّن يخطىء يتعرض للعقوبة ومن العقوبة يتعلم، ومن هنا يترقى فهمه وادراكه وينفتح الطريق في تطور، في حرية ليصل للمعرفة بعد أن دفع ثمنها.. ده يمكن الاجابة على أستاذ “نميري”.. مشروطة المحبة بالخير.. تحب الخير وتحب الخيّرين، وفي الأول تكره الشر وتكره الشريرين.. في مرحلة لقدام لمَّن تعرف انه الخير والشر من الله، يبقى تعرف انه فيه حكمة، تحب الشرير في ذاته، لكن تكره الشر فيه، وده معناه أن تعطف عليه.. المحبة ما بتجيء هي للشرير بالصورة دي، لكن يدخل الفكر فيها ليخليك ترى انه الشرير انما مضروب عليه الشر، كما المرض مضروب على المريض.. واجبك نحو المريض أن تعطف عليه لكن أن تعالجه من مرضه.. واجبك نحو الشرير أن تعطف عليه لتعالجه من الشر.. لكن الشرط الحاجة الطبيعية أنك تحب الخير والخيرين.. وبالصورة دي يكون التسامي وتفاعل المجتمع لينقل بعضه مع بعض بيأثر في بعض ليعلم بعض، قايم على الحكمة دي ذاتها.. تحب الخير والخيّرين
(.....) طيِّب دي الاجابة على السؤال الفرعي هنا في كلام استاذ “نميري”.. عندنا حاجة تُقال في داك..
أنا افتكر مسحنا أرض جديدة برضو.. اللي هي انه نحن ما ماشين لنستغني عن المجتمع.. ماشين لنوكِّد فردياتنا، والفرديات بتجيء ببروز الفكر فينا.. ارتفاعنا من مرحلة العقيدة لمرحلة العلم بتُبرز الفرديات فينا.. مرحلة العقيدة دائماً مرحلة السير في القطيع.. مرحلة العلم بتتميِّز بيه الفرديات، لانه لون فكرك بيُظهرك.. ونحن إذن في المجتمع نكون أفراد، مش معنى اننا أفراد اننا عندنا انقطاع علاقات مع الآخرين.. نعم بيكون عندنا زي الاكتفاء الذاتي اللي قال عنه يوسف، كأنما نظرنا للداخل، لكن نظرنا للداخل معناه انه الوحدة فينا تتحقق.. ده معنى نظرنا للداخل.. نحن موزّعين باعتبارات الآخرين.. قليل جداً البيعيش في فكره.. نحن بنعيش في الناس بيفكروا فينا كيف.. كتيرين مننا يتصرفوا وكأنما دوافع تصرفهم تجيء من برة منهم.. الناس بيقولوا شنو، الناس بفتكرونا شنو.. اهو دي تملي علينا تصرفنا.. المقصود انك انت، انت بتعتبر التصرف ده (كيفنّه)، حتى لو كان الناس كلهم عارضوه، وده معنى النظر للداخل.. وده بيتحقق بي صورة لمَّن نكون الوحدة الداخلية، وزي ما قلنا الوحدة الداخلية علامتها انك انت تفكر بحرية (.......)