س: ننتقل للسؤال التالي، ما هو في تقديرك التحديد الزمني الممكن نحن نعتبرو فعلا دي بداية الحركة الوطنية في السودان؟
والله التحديد الزمني لبداية الحركة الوطنية في السودان أنا بعتقد اضراب طلبة كلية غردون في عام ٣١.. فعلا بعد داك اتداعى العمل طوالي والأدب وجد رواجه، والمجلات الأدبية السياسية، يمكنك أن تقول، أو الوطنية ظهرت، والمقالات الوطنية والسياسية ظهرت..
س: طيب دا بكون محل كويس عشان نعرف رأيك في حركة سنة ٢٤ على اعتبار هي بداية للحركة الوطنية؟
في اعتبارات، في حركة ٢٤ في اعتبارات حقها تاخذ وزنها.. نحن على طول المدى كانت عندنا دعوة لإنشاء علاقة بمصر، في مستوى من المستويات.. والأحزاب الاتحادية كانت هي الاحزاب الأثرت على مجرى تاريخ السودان الأخير في نضاله ضد الاستعمار.. كانت أقوى من الأحزاب الاستقلالية.. الصلة دي مع مصر، فيما بعد، بعد خروج الأحزاب من مؤتمر الخريجين، ظهر انها وسيلة لغاية، وأنه الناس اللي بيدعوا للاتحاد مع مصر ما غرضهم إلا أن يسندوا ظهرهم الى قوة يواجهوا الانجليز من قاعدتها، ليتخلصوا من الانجليز ثم ليتخلصوا برضو من النفوذ المصري.. دا كان بطبيعة الحال الأمر الحقيقي التحت السطح.. في حركة ٢٤ الاتجاه دا ما كان ناضج وواضح، حتى يمكن أن يقال إنه حركة ٢٤ تكاد تكون دعوة لمصلحة المصريين أكثر مما هي دعوة لوطنية السودانيين..
س: في سؤال بعد دا اللي هو الفترة بتاعة مؤتمر الخريجين.. من سير الحديث عرفنا أنها حركة بدأت بنشاط أدبي ثم توجت بإضراب سنة ٣١ ثم تبع ذلك من تكوين المؤتمر نفسه، قبيل يخيل لي إننا سألنا عن دورك فيه، وسؤالنا قائم ورأيك في الفكرة ذاتها والتطورات الحدثت فيها هل مشت في مسار صحيح؟ ولو ما مشت في مسار صحيح الاسباب الخلت أنو مؤتمر الخريجين ما يكون هو القائد للحركة الوطنية شنو؟
مؤتمر الخريجين كان نتيجة طبيعية للوعي الشمل الخريجين بعد إضراب طلبة كلية غردون.. حصل تحول كبير في الحقيقة.. كان الإنسان البمشى المدارس قبل إضراب الطلبة أو قل قبل الأزمة الاقتصادية بتاعة سنة ٢٩/٣٠/٣١ كان الشيء الطبيعي أنه الإنسان البمشى المدارس بيطلع موظف.. لمن جات الأزمة، أصبح عندنا نوع من المتعلمين ما بجدوا فرصة في الوظائف.. بل الحقيقة أنه مش الحكومة ما كانت بتشغل الخريجين بس، كانت برضو بتفصل بنوع من الاقتصاد بعض الموظفين العنده ا.. دي جعلت نوع من الوعي ونوع من التذمر إن شئتوا وجد تعبيره في مواجهة الإنجليز..
مؤتمر الخريجين الى حد كبير استلف من المؤتمر العام في الهند.. الفكرة أيامها ديك كانت قايمة في الهند قومة كبيرة وظهر اسم غاندي – وقبله كان ظاهر – لكنه ظهر في الفترة ديك ظهور كبير واسم نهرو وحركة التضحيات البقوموا بيها الهنود في مواجهة الاستعمار البريطاني، فاقترح واحد من كبار الخريجين، الأخ أحمد خير، في الجمعية الأدبية في مدني، أنه الخريجين السودانيين يعملوا مؤتمر عام ليبلور نشاطهم ويجعلهم في مواجهة الاستعمار قوة فعالة.. المؤتمر واجه اعتراض من الاستعمار بمعنى أنو الخريجين موظفين للحكومة وموظفي الحكومة ليس من حقهم يعملوا في السياسة والأفندية المنضويين تحت لواء مؤتمر الخريجين مش هم البيمثلوا السودان، بيمثل السودان زعماء العشائر وزعماء الدين.. الصورة دي اتصعدت في مواجهة الاستعمار لغاية سنة ٤٢ عندما أقروا - رؤساء الدول الحليفة، بريطانيا وأمريكا وفرنسا وروسيا والصين الوطنية - ما سمى بوثيقة الأطلنطي.. وكانت بتدعو إلى إعطاء الدول المستعمرة حق تقرير المصير، ودا كان معمول كدعاية حربية ليقنعوا الناس اللي الاستعمار مهيمن عليهم، ومواردهم يمكن كان تستعمل لتغذية الجيوش ولمساعدة نشاط الحرب، أنه عنده م نصيب في الحرب لما تنتهي.. فكانت وثيقة الأطلنطي بعثت في الحركة الوطنية في داخل مؤتمر الخريجين نشاط جديد، وتقدموا بوثيقة للحكومة.. لكن المستر يوقول، كان السكرتير الإداري وقتها سنة ٤٢، فرد الوثيقة دي بدون ما ينظر فيها، أو هكذا زعم.. لأنه السودانيين الخريجين ما بمثلوا مصالح السودان، يتكلموا بي اسم السودان زى ما قلنا – فيما قالوه هم – زعماء العشائر وزعماء الدين.. دي صعدت الحركة لتبدأ الأحزاب السياسية.. قبلها مؤتمر الخريجين كان بيلقى المعارضات من الإنجليز بعدم الاعتراف بيه بل التهديد بأنه كل موظف في المؤتمر يمكن أن يصله جواب ليختار بين أن يكون في المؤتمر أو أن يفصل من وظيفته – أما أن يخرج من العمل السياسي ضد الدولة أو يعرض وظيفته للخطر..
كان النشاط الى حد كبير منحصر فيما سمى بيوم التعليم، ونشأت المدارس الأهلية في الوقت داك نشوء سريع لنشاط الخريجين في جمع الأموال لنشر التعليم.. وذكرنا قبيلك أنو في وسط الأزمة الإنجليز خفضوا المدارس من مدرسة وسطى كاملة أربعة فصول عملوها فصلين، تآخد سنة وتغِب سنة، فدا أعان على أنو الناس مضطرين لتعليم أولادهم ينجحوا يوم التعليم نجاح كبير فنشأت المدارس الأهلية بصورة كبيرة جدا..
أفتكر أنو مؤتمر الخريجين ما خرج عن مساره لأنه أصلو ما ساب السياسة لكن في كل وقت كان بوسع قاعدة المتعلمين بنشر التعليم بالصورة دي، لعله يصل الى اليوم اليكون الوعي منتشر بصورة أوسع.. في سنة ٤٢ حصل التحول الكبير بخروج الأحزاب السياسية عن مؤتمر الخريجين.. الحقيقة كان الصراع داخل المؤتمر صراع متبلور حول الأنصار والختمية.. كان الصراع على مناصب مؤتمر الخريجين قائماته تظهر بصراع بين العضوية البتنتسب للختمية والعضوية البتنتسب للأنصار.. كان عنده أظنو جمعيته العامة من ٦٠ والمجلس التنفيذي من ١٥ وكان الصراع محتدم بالصورة دي.. وخروج الأحزاب من المؤتمر كان بس نفس الصورة.. خرج الختمية والأنصار، وكانوا الأنصار هم الاستقلاليين وكانوا الختمية هم الاتحاديين.