إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search
لقاء الأستاذ محمود محمد طه
بمندوبي صحيفة القبس الكويتية


مدينة المهدية - مايو ١٩٨١

الجزء الرابع

لقاء الأستاذ محمود محمد طه بمندوبي صحيفة القبس الكويتية

منزل الأستاذ محمود - مدينة المهدية - مايو ١٩٨١


الصحفي: شنو السر أستاذ ها الشكل، السلبية على دعوتك في أوساط السودانيين سوءاً تنظيميات، أخوان مسلمين ، أنصار سنة أو حتى بعض الناس العاديين، شنو سبب السلبية هذه؟

الأستاذ: السر أنو الدعوة دي جديدة بصورة ما سبق ليها مثيل في التاريخ، والناس الدرسوا الدين دراسة وظيفية ظنوا أنه ما درسوه هم ما في غيره .. إذا درست في الأزهر اثناعشر سنة وأخذت شهادة العالمية أو درست في المعهد العلمي أو في الجامعة الإسلامية أو في أي محلّة درست بتاخد شهادة العالمية وبتظن إنه ما في شي تاني .. فلما إنت تقرا لينا تقرا وإنت مقتنع بأنه الكلام البتقراه ده كلام باطل وبتفتش عن باطله وين، وتقوم تنشر آراء خطأ بصورة محرّفة مخرّجة غلط ومقتبسة غلط .. فبقى في تشويه كبير جداً أوقف الناس مننا موقف الإنسان الحذر والخايف .. لكن نحن باستمرار بنمشي وبنمسح في الأرض دي وبتبين للناس، باستمرار .. فالأمر ده قبيلك لمن كان في مستوى التوحيد، ١٣ سنة يكاد يكون ما أوجد إلا عدد يحسب في أصابع اليدين .. لما مشت الهجرة والدين قرّب لمألوف الناس أصبح الناس دخلوا فيهو بالإضافة طبعاً إلى الجهاد بالسيف وكده، فكونه الناس تكلمهم بي حاجة ما ألفوها من المؤكد أنه في الأول *** .. ودي السلبية بتجي من هنا، بعدين بتجي من معارضة فاجرة، معارضة بتكذب وتحرّف، وبعدين الناس الآخرين يقروا كتب المعارضين ما يقروا كتبنا نحن .. يمكن صدرت تسعة كتب - تسعة كتب في الرد علينا منها من يشوّيه أقوالنا ويبتر أقوالنا ويخرّجها غلط ...

الصحفي: منو بالضبط اللي كتبوا التسعة كتب؟

الأستاذ: مؤلفين مختلفين منهم الأمين داوود، منهم محمد علي يوسف، ومنهم واحد اسمه حسين زكي ومنهم النور محمد أحمد، عدد من الناس .. في البلد في الوقت الحاضر في كتب زي دي، لكن كلها ما بعارضنا نحن بعارض أفكار خطأ بينسبها لينا ويتكلم عنها .. يجوا ناس آخرين يقروا الكتاب ده ويمشوا معاه .. أها بالصورة دي، ده هو السبب الأساسي الغرابة السبب الأساسي بعدين التشويه ما ضرانا في الحقيقة بي حاجة لأنه أثار اهتمام ناس قد يكونوا سلبيين قبيلك كانوا في الفكرة ، وأثار اهتمامهم ومشوا، بدينا نحن بنوزع كتبنا بصورة واسعة جداً، نحن يمكن حسي موزعين في البلد ده أكثر من مليون كتاب .. وخرجت كتب عندنا بتقرب من الميتين (٢٠٠) في شرح الفكرة وتبيسيطها لكن الكتب مرغوبة دايماً وموزعه دايماً، وطاقتنا نحن في أن ننتج أقل من طاقة المستهلكين في أن يشتروا .. المسألة دي جاية من التشويش ومن المبالغة والعداوة الحاصلة، ما كنت تسميه سلبيه، الموقف ده ما سلبي في الحقيقة، موقف ده فيهو الكثير من الإيجابية .. يعني نحن حسي المعارضين مشغولين بينا شغلة شديدة وبي عداواتهم هم الدعوة ماشه منتشرة أكتر ...

الصحفي: أظنه يعملوا دعاية ***....

الصحفي: أستاذ يمكن، الجمهوريين أيضاً الآن هو يعتبر حزب له تنظيم له خلايا أو فقط دعوة؟ يمكن، عفواً، تموت بموت صاحبها الله يعطيك العمر إن شاء الله ***

الأستاذ: هو قبيلك لمن كان حزب موش هي مسألة سجلات واشتراكات ولجان ، دي ما عندنا أصلا .. نحن ما عندنا سجل لعضويتنا، نحن دعاة لبعث الإسلام بانتهاج طريق النبي .. الناس البياخدوا النهج ده ما ضروري يجونا نحن هنا، يمكنك إنت أن تكون في مصر جمهوري لأنها هي في الحقيقة الجمهوري مطابقة للمسلم، بعث السنة كأنه حديث النبي قبيلك: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدا فطوبي للغرباء، قالوا: من الغرباء يا رسول الله قال: الذين يحييون سنتي بعد اندثارها" .. فنحن دعاة لبعث السنة - السنة دي عشانك إنت، نحن ما بندخل الإنتخابات، بطبيعة وضعنا يعني، مافي مساومة في الأمر ده .. الفكرة دي ولاّ بتجي كلها ولاّ الناس ينتظموا في نشرها لغاية ما تجي، لكن ما بنحتال ليها بأي حيلة ونحن .. ما بنعتقد أن السلطة بتجيب الدين، نحن بنفتكر إنه الدين بيجيب السلطة فلذلك ما عندنا تنظيم بالصورة دي .. هسع في الوقت الحاضر كل جمهوري في مستوى معيّن من القيادات - في مستوى الأخوات ومستوى الإخوان - في المستوى ده كل جمهوري داعية للدعوة الجمهورية، فاهمها ومضحي في سبيلها وتعبان وبعيشها ما عنده أي حالة غيرها .. فنحن ما عندنا خوف من أي حاجة من الإعتبارات دي ...

الصحفي: *** في ذهابك يمكن الدعوة خلاص تكون مجرد دعوة، مجرد شي عابر ***

الأستاذ: هي المسألة ما كده، لأنه المسألة مركوزة على تربية في أصول الناس وهي موش بتاعتنا نحن، نحن مثلاً لمن داعيين ما داعين لطريقة زي الطرق فيها أوراد وفيها انتماء معين، نحن داعين لطريق محمد .. طريق محمد ده ما بتاخده إنت من عندنا، نحن أخدناه من البخاري وأخرجنا الطريق، كتاب يعتبر هو اللائحة الأساسية للجمهوريين اسمه طريق محمد .. فإنت ممكن أن تجد طريق محمد من المصادر بتاعة الأحاديث من السيرة وتاخده .. نحن قلنا إننا نحن في الكتاب ده أخرجنا صورة من صلاة النبي ومن وضوءه ومن صيامه ومن قيامه ومن معاملته للناس .. يمكنك إنت.. نحن أخرجناه من البخاري، يمكنك إنت أن ترجع إلى البخاري تزيد .. نحن قلنا ده بكفي المقتصد لكن المجتهد يمكن أن يرجع للمراجع وياخد .. يمكنك أنت أن ترجع إلى طريق محمد من أي جهة شئت ، ما ضروري تاخد كتابنا نحن، ياها دي دعوتنا، نحن عايزين الناس يرجعوا لطريق محمد .. يخلوا الطرق ويخلوا الإختلافات البتجيب الطائفية وبتجيب الطرق بعد ما اتخلّفت وماتت ويرجعوا للطريق الأصل اللي هو طريق النبي .. دعوتنا ، أساسها ياهو ده.

الصحفي: عند ما يحصل انتخابات النقابات أو الاتحاد الإشتراكي أو مجلس الشعب أنتو بتقاطوعها ولا كيف؟

الأستاذ: موش هي نقاطعها بقدر ما نحن ما هي، مرّت الإنتخابات في الأوقات كلها بينا ما اشتركنا فيها أصلاً

الصحفي: سلبيين تجاهها؟

الأستاذ: موش بالضبط سلبيين، لكن نحن بنفتكر أنو ما بنساوم في فكرتنا.. يعني لو نحن في البرلمان دخلّنا ثلاثة ، أربعة أعضاء، بعدين في البرلمان القرارات بتؤخذ بالأغلبية الميكانيكية .. إنت يمكنك أن تقول رأيك لكن ما بتأثر في مجربات الأحداث .. آ نحن إذا ساهمنا بالصورة دي نحن بنكون مسؤولين عما يجري في المجلس مهما كان نوعه ولذلك نحن إذا كان ما الفكرة كلها جات، ما بنجي للسلطة - ما بنساهم في السلطة.

الصحفي: أذاً اللي يجري في المجلس الآن ما ترضون عنه إنتو.

الأستاذ:ما في أقيسه، يمكن يجيبنا في مسألتك إنت في السؤال عن ...

الصحفي: نعم..

الأستاذ: في أقيسه للمسائل، إنت ما بتقيس بالصورة المثالية الإنت عايزه إنت ما بتلقى كل ما إنت عايزه في أي وقت من الأوقات .. بتسعى إنت بالتطور المختلف في أن تصل إلى نقطتك .. نحن مثلاً كنا دعاة للجمهورية ، كانوا الناس كلهم ضد الجمهورية وكانوا يقولوا أنه البلد ده بلد متأخر، والنظام الجمهوري ما ينفع مع شعب متخلف زي شعبنا ، أحسن أن يكون في نظام ملكي .. ونحن ماشين وبناقش في مسائلنا وبنقول إنه الشعب هو الحقو ترجع ليهو السلطة والشعب يوعى ويمسك مصيره في إيده .. وجاء الوقت اللي الناس سابوا الملكية هنا وهنا، بل الحقيقة في العالم الملكيات أصبحت تنزل، والجمهورية ترتفع، فجاء النظام الجمهوري .. والنظم النحن داعين ليها من وقت طويل ماشة بالوسائل المختلفة وبقوموا بيها ناس غيرنا نحن .. نحن بنأيد الإتجاه اللي ينمي اتجاهنا ويجي في الآخر ليصل ليهو وما بنقيف سلبيين منه .. نحن عندنا نظام نميري أحسن نظام وطني مرّ على البلد منذ أن تولى الوطنيين أمورهم من سنة ٥٦ .. مرّت حكومات كتيرة جداً، الأحزاب القبيلك اتكلمنا عنها، أحزاب ما عندها برامج مدروسة إنما هي أحزاب متكتلة وهمها التجمّع .. الأحزاب دي فشلت بصورة ذريعة ونحن من الأول كنا بتكلم عنها، من عهد الإنجليز، بنقول أنه الإستعمار ، قد يكون بعدين في استعمار ببشرة سوداء موش بشرة بيضاء .. الاستعمار هو قيمة في الحكم، إذا كان المستعمر ده وطني هو قد يكون زي المستعمر الأجنبي أو أسوأ .. فنحن إذا كان ما عندنا دراسة لأوضاعنا وبنحل مشاكلنا قد يجلو الإنجليز ولا نجد أنفسنا أحرار ولا مستقلين .. فالصورة دي ماشة باستمرار لغاية ما جا نظام عبّود في فترة من فترات الفساد بتاع الأحزاب والصراعات الفارغة حول الكراسي والفساد والرشوة وشراء النواب .. جاء نظام عبود نظام عسكري استمر مدته الإستمراها، اتغيّر بنظام وطني تاني مرة شعبي بثورة اكتوبر .. تاني دخلت الأحزاب وسارت نفس السيرة وأفسدت وكانت ماشة - الطائفية - لتجيب حاجة إسمها الدستور الإسلامي وتجعل الحكم إسلامي ، ونحن ما شافين أنه الطائفية عندها دين لتجعل الحكم إسلامي ديني، لكنها عايزة تضع إيدها على السلطة الزمنية زي ما عندها السلطة الروحية.

الصحفي: هل من جائز قولك، مدحك لنظام نميري هو أنه وضعت هذا حتى يمكن يعطيك الحرية اللازمة لتنشر الدعوة وعندك الآن فعلا مو متعرضين إليك..

الأستاذ: موش النقطة هي دي، النقطة أنه البلد كان في خطر كبير جداً في أن تستولي عليهو الطائفية لأن الطائفية عندها السلطة الروحية ، مضللة الشعب تضليل تام .. والطائفية ما عندها أي مصلحة في أن يتنوّر الشعب، عكس ما نحن عايزين، وأنا بفتكر أنه الشعب البكون ديموقرلطي هو الشعب الواعي والشعب الواعي هو البوعى سياسياً ودينياً .. الطائفية بتخدر الناس يظلوا رهناء لإشارة رئيس الطائفة. الأمر ده كان ماشي ليحكم قبضته على البلد بصورة كبيرة جداً قبل مجيء نظام نميري .. في حاجة عندنا إسمها الجميعة التأسيسة لتضع الدستور الدائم للسودان، الطائفية داعية لأن يكون الدستور الدائم للسودان دستور إسلامي .. نحن بنعتفد أنها هي ما بتفهم الدستور الإسلامي ولا العلماء بفهموا الدستور الإسلامي .. في مستوى ما عندنا الآن من إسلام - في الشريعة الإسلامية - مافيش دستور .. في وصاية زي الكلام القلناه قبيل، والدستور بقوم على الحقوق الأساسية والمساواة أمام القانون.

الصحفي: هل تعتقد بأنه مافي أفضل من نظام نميري؟

الأستاذ: مافي أفضل فيما مضى؟

الصحفي: لا، فيما يأتي..

الأستاذ: كيف، وأنا بعمل لي شنو هسع!؟