إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search
الدستور والحقوق الأساسية
نادي أبناء أرض الحجر

الأربعاء ١٩ مارس ١٩٦٩

الجزء السادس

((٦))

الأستاذ: نبدأ بحديث السيد عن، مثلا: (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار).. وأنه القرآن دة مشتمل على كل شيء... لو نحن لاحظنا الملاحظة دي.. هل الكلام دة كله مش كان دعوة للقرآن.. هل الكلام في بعث الدستور الإسلامي مش دعوة لبعث أصول القرآن.. هل السيد المحاضر [السائل] عنده اعتراض على الكلام دة من ناحية القرآن.. السيد السائل بيقرأ القرآن بطريقة ما بتدل على إنه ذاته حافظ القرآن.. يعني في لحن شديد فيه، ثم بعد أن يقرأ القرآن قراءة صحيحة بحتاج لئن يكون مفهوم.. انحنا في المرحلتين ديل افتكر عندنا الإمتياز على الطريقة اللي هو سأل بيها... القرآن بيقرأ عندنا صحيح ومفهوم صحيح.. أها.. النقطة كلها هي في الفهم.. نحنا ما راح يجينا نبي جديد بوحي جديد.. لكن راح يكون عندنا فهم جديد لأنه القرآن لا يمكن أن يستقصى فهمه وزي ما قلت قبيلك كلما كان الناس متطورين بوسائل العبادة ووسائل العلم بمشوا في فهم المعاني.. من المعاني البنتفاوت في فهمها انه القرآن عنده قمة عند الله وعنده قاعدة عندنا.. زي ما قلنا قبيل القرآن أصلو كلو يدور حول (لا إله الا الله).. المركز البلف حولها القرآن هي لا إله الا الله، و (لا اله الا الله) قيلت في اطلاق الله زي ما قلنا قبيلك.. شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم.. والناس في الأرض بيقولوها.. "خير ما جئت به أنا والنبيون من قبلي (لا إله الا الله)" ويتفاوت الفهم من المحدود الى المطلق.. فالعبارات اذن هي في الفهم.. النقطة بتاعة الصلاة.. هو الحقيقة دائما بتثار... وبتثار دائما أنا افتكر الى حد كبير بيكون فيها غرض التشويش أكتر.. يعني الواحد لمن يطلع من محاضرة قدمت ليهو فيها حقائق.. الإنسان البيصلها لو انت ناقشته لا يمكن يصلها بدون ما يكون مصلي.. تتركها جانب لأنه في التزام... لامن.. للأفكار لكن الشوشرة ما بتكلفك حاجة.. انت تجي تمشي تسأل في الموضوع دة بالصورة دي.. انحنا زي ما قال السيد المحاضر.. المجتمعات.. السيد رئيس الجلسة.. المجتمعات ال نحن بنحاضر فيها.. فيها كل ألوان الناس ونحن متعودين على أن نسمع الأسئلة أو الاتهامات تجي من كل أنواع الناس.. وبنتسع لها في الحقيقة بما وسعنا الله فيها.. بنتكلم عنها بالرد الممكن يكون.. كل ما يحصل من وضع زي دا انه بيصرف الكلام عن موضوع المحاضرة.. وهسع بيكون الإتجاه بتاع النقاش دا أن ينصرف فعلا عن مسألة الحقوق الأساسية.. لكن لا ضير ما دام الوضع بالصورة دي جاء.. القرآن ال نحن بنتكلم عن فهمه.. القرآن مثاني.. "الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني" مثاني معناه عندو معنيين.. معنى فوق ومعنى تحت، لأنه الرب بتكلم للعبد.. أها الكلام لما يصدر من الرب في اطلاقه دة لا يعرفه الا الله.. لما ينزل في المستوى البخاطب به الرب العبد يكون مفهوم وعندنا نحنا مفهوم باللغة العربية ولذلك قال: "حم والكتاب المبين، انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون".. من أجل أن تعقلوا جعله ربنا قرآن عربي ثم قال: "وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم".. التفاوت دا في الفهم.. دا اللي بتفاوت بين المعنى القريب والمعنى البعيد في المثاني.. أهنا الحكاية ال نحن ما مفهومة عندنا هي انه في معنى بعيد. الحقيقة في ناس بعارضوا لمن نقول ليهم القرآن عنده ظاهر وباطن، في ناس كتيرين.. مدارس كتيرة من التفكير الاسلامي شائعة هسع ونشيطة تفتكر ان القرآن ما عندو باطن لكن القرآن عندو مستويات أكثر من ظاهر وباطن.. نحنا بس ال نتكلم في مسألة الظاهر والباطن دي.. هنا لمن، زي عبارة (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون).. ربنا قال "وما خلقت الجن والأنس الا ليعبدون".. أها.. يعبدون دي عندها معنى قريب ومعنى بعيد.. المعنى القريب العبادة في الشريعة.. المعنى البعيد العبودية.. العبادة وسيلة للعبودية.. معنى انه.. المعنى القريب العبادة يعني انت تعبد لتحقق العبودية.. أها.. العبادة جاتنا بأمر ربنا لينا على لسان الأنبياء زي العبارة بتاعت (صلوا كما رأيتموني أصلي).. كأنه ربنا قال ما خلقت الجن والأنس الا ليعبدوا كما أمرتهم على لسان نبيي أن يعبدو ليكونوا لي عبيدا كما أمرتهم على لسان عزتي أن يكونوا.. وين قال بلسان عزتو ان نكون عبيد.. قال: "إن كل من في السموات والأرض الا آت الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا".. فردية السلوك من النظام الجماعي الى مقامات الفردية دي مقامات العبودية.. أها تجي تلقى القرآن كله مركز على الفردية.. المعرفة لي الله أصلها ما بتكون جماعية.. العمل يكون جماعي في مظهره لكنه فردي في حقيقته لأنه الفردية هي الأصل.. شوف القرآن.. "ولا تزر وازرة وزر أخرى".. "كل نفس بما كسبت رهينة".. "وإن تدع مثقلة الى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى".. "لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة".. أو يقول "ونرثه ما يقول ويأتينا فردا".. فالفردية هي أصل التكليف.. الفردية هي العبودية.. لأنه العبودية مواجهة العبد للرب، وتأدب العبد نحو الرب بما يليق له.. المعرفة كلها فردية.. والحقائق كلها فردية.. بل انت إذا كان دقيق في المسألة... الجماعية مظهر للفردية.. هسع نحنا كلنا لو قمنا ثلاتة أربعة صفوف نصلي.. عندنا أمام واحد يصلي بينا.. ونحن حركاتنا على حركاته لكن كل قلب موقفه براه.. لا يمكن أن يكونوا في قلبين على قلب واحد.. ودي تجي من التوحيد.. من سعة الألوهية.. لمن ربنا قال كل يوم هو في شأن.. الشأن هو تجليه لعباده ليعرفوه.. أها شأن ربنا في تجليه لا يتكرر.. ربنا لا يتجلى على ذرتين في الوجود تجلي واحد.. دا معنى الفردية فيه.. نجي نحنا لموضوع عبادتنا وعبوديتنا.. إذا كان عبادتك متقنة تكون وسيلة لعبوديتك.. أها العبادة في العبارة بتاعت صلوا كما رأيتموني أصلي.. دي الصورة الشرعية الجماعية.. نحن أمرنا أن نقلد نبينا... دي عبارة "صلوا كما رأيتموني أصلي".. قلدوني.. أها طيب، "ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا".. ما آتاكم الرسول فخذوه معناه أنه الرسول آتانا.. شوف الحقايق اللي قال هو أنا.. قال: "قولي شريعة، وعملي طريقة، وحالي حقيقة".. وهو آتانا التلاتة أشياء دي قولي شريعة، وعملي طريقة، وحالي حقيقة.. حاله في الحقيقة هي عبوديته.. سبحان الذي أسري بعبده.. عبوديته انه حياته كلها لي الله.. "قل ان صلاتي ونسكي ومحياي و مماتي، لله رب العالمين.. لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين"... ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا... انه الرسول آتانا شريعة، وآتانا طريقة، وآتانا حقيقة.. لكن نحنا ما عارفين المستويات دي.. هنا لمن قال صلوا كما رأيتموني أصلي، إذا كان نحن بنفهم الموضوع دة، كأنما قال: قلدوني في عملي لتقلدوني في حالي.. لأنه ما في عمل هو غاية في ذاته.. الصلاة مش غاية في ذاتها.. الصلاة زي ما قلنا وسيلة للصلة.. وسيلة للعبودية.. وسيلة للحضور مع الله بلا غفلة.. فـ... لمن قال صلوا كما رأيتموني أصلي كأنما قال قلدوني في صلاتي لتقلدوني في حالي.. أها.. حاله الأصالة... نبينا حالته الفردية، الأصالة.. هو ما مقلد.. الصلاة الشرعية ال هو بصليها، هي صلاته هو بالأصالة.. لكن صلاتي أنا وصلاتك انت، صلاة ابو بكر وما دونه بالتقليد.. نحنا مانا أصلاء.. لما نحنا نقلده في عمله في العبادة... لمن نجي نقلده في حاله.. في الأصالة... بتبرز حالة من الأصالة يسقط معاها التقليد ولا تسقط الصلاة.. يسقط التقليد ولا تسقط الصلاة.. أها الصلاة شنو؟؟!!.. دي برضو المعاني الما معروفة حتى نحنا لمن قال... نبينا لمن قال: "الصلاة صلة بين العبد وربه" وقال: "الصلاة معراج العبد الى ربه".. نحنا ما عندنا فهم غير انه الصلاة هي الهيئة الشرعية البنعملها هسع... والحقيقة أنه حتى.. دا، ما سوّغ لينا نحن في التضليل.. نحن قلنا ما خلاص نحن بنصلي.. ما دام بنصلي نحن مسلمين... نحن بنصوم.. ما دام بنصوم نحن مسلمين.. لكن لو عرفنا أنه الصلاة حركة لي قدام باستمرار تقربك من الله.. كنا بنقيس في صلاتنا.. هل هي باطلة ولا حق... هل هي بتقربنا، ولا عمل آلي بقى روحه ما في قشرته في؟ هو قال "الصلاة معراج العبد إلى ربه"، قال "الصلاة صلة بين العبد وربه". المعنيين ديل مش واحد. "الصلاة صلة بين العبد وربه" دي الصلاة اللي لمن نبينا قام في المعراج بين يدي الله، جبريل ما في، بعدما جبريل تخلف في سدرة المنتهى جات عبارة الصلاة الصلة. والقرآن جاء يحكي عنها "إذ يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى"، "إذ يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى"، "مازاغ البصر وما طغى" يعني إنه نبينا فكرو ما أشتغل بالماضي ولا بالمستقبل، "ما زاغ البصر" ما فكر في مكة خلى شنو، ولا في المستقبل ما قاعد إشتغل بالخطوة الجاية بيحصل عليه شنو في المقام الموحش دا، إنما كان في اللحظة الحاضرة. وهسع إنت لمن تجي في الصلاة، الحاجة البتنقص صلاتي وصلاتك، هي إنه خاطرنا طوالي زي بندول الساعة في الماضي والمستقبل ما بيقيف في اللحظة الحاضرة، ما بتحضر. مجرد من تقوم تصلي فكرك يشتغل بالماضي حصل فيهو شنو، إنت جايي من الدكان مثلاً، حصل شنو في دكانك؟ آخر رسالة جات من وين؟ المبلغ الأخير ختيتو في الخزنة والا ختيتو في الدرج؟ مفتاح الخزنة عندك؟، طوالي بتحسب. أول ما نتجت ليك حاجة من أفكارك معينة، شغلت فكرك، تقوم تقرر إنه في المستقبل، أول ما ترتاح، وترجع للدكان تعمل العمل الفلاني، تكتب عن الـ ....، تضرب التلفون للجهة الفلانية، وتتصل بالسكة الحديد حصلت الرسالة الفلانية أو ما حصلت، أهو دا طوالي المرجحة دي. والحقيقة بتقرب للإنسان، لي ذهنو إذا كان نحنا ضربنا بيها مثل حي، زي ما بيحصل مثلاً، بعرفوهو كتير من الأخوان البرتادو السينما، أو مثلاً من هواة الكرة. أفرض إنك بتمشي السينما، وفي فلم جيد جداً، الفلم دا بدا يعرض، بتكون إنت مشدود للشاشة، الحركات البتحصل في الشاشة، والألفاظ البتقال، والكلمات اللبتقال من الممثلين، حتى في اللحظة ديك لا تكاد تشتغل إلا بما هو أمامك. دي، المقام دا لمن قامو نبينا بين يدي الله في التجلي الذاتي الكبير عليه، إنشغل عن كل الزمان والمكان، حتى كأنما خرج عن الزمان والمكان، فجات العبارة عنو "إذ يغشى السدرة ما يغشى" من التجلي الإلهي، "ما زاغ البصر وما طغي"، كان في لحظتو ديك، دي جبريل ما حاضرها، ودي الفردية، اللهي العبد في مواجهة الرب في التجلي الأكبر. بعدين لمن رجع نبينا للعادة الطبيعية، جاتو الصلاة المعراج، جابا جبريل. إمكن دي توريكم الفرق بين الصلاتين: صلاة أكبر من جبريل، وصلاة في مستوى ما يدرك جبريل ليوصل. فالصلاة ذات الحركات المعروفة الشرعية، جاء جبريل بهيئة وضوئها وهيئة صلاتا وأوقاتا. بعدين نبينا قال "الصلاة معراج العبد إلى ربه"، كأنه المقام الطلع فيه بالمعراج بالصورة دي بيعرج ليه كل يوم بالصلوات المكتوبة دي. وكل حركة منها تزيده قرب حتى هو قال "وجعلت قرة عيني في الصلاة"، لأنه بتقرب بيها، لأنه بقابل فيها الله. هنا الصلاة دي، الصلاة الشرعية، نبينا فيها أصيل، نحن مقلدين. لمن إنت تجي تترقى بيها لصلاة الصلة، لصلاة العبودية، أن تكون عبادتك عبودية، إنت مطالب أن تكون أصيل، وهنا يسقط عنك التقليد ولا تسقط عنك الصلاة إطلاقاً. الجمهوريين كلهم بصلوا، أحسن من بصلي، إنت قلت كلمتك دي في الحقيقة مجازفة ساكت ما بتعرف عن الجمهوريين أي حاجة. الجمهوريين كلهم بصلوا أحسن من بصلي. أنا مثلاً، عندي، أنا بصلي، لكن مش بطريق التقليد، بطريق اصالة، ودي دعوة الدين كلها. هنا، إذاً الموضوع، الحقيقة، هو عايز فهم، مش عايز مغالطة ساكت. دا بإيجاز الإجابة على موضوعك، إذا كنت إنت فعلاً صادق لأن تصل فيهو إلى حاجة بتلقى في كتاب رسالة الصلاة، هسع معروض في الباب هنا، إشتريه وأقراه شوف الحقايق الفيه، كلها من أصول الدين بالصورة اللعايزة منك أن تجلس وأن تفهما مش أن تتعجل فيها بصورة القلناها.