إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

قصائد تمجد الموقف

موقع الفكرة


قصائد كتبها بعض الشعراء لتمجيد مواقف الأستاذ محمود محمد طه

عُبُورُ الْمَدَىْ


أحمد الفرجوني



تَنَادَى القُسَاةُ قُسَاةُ القُلُوُبْ لِيَقْتَلِعُوُا مُزْهِرَاتِ الطِّيُوبْ

فَقَدْ خَسِئُوُا أنْ يِرَوْا مَا رَأَى فُـؤادٌ جَـثـَا لِلكَرِيِمِ الوهُوبْ

وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ قَلْبٍ بَصِيِرٍوَقَـلْـبٍ عـَمِىِّ سـَقـِيـمٍ كَئيـبْ

فَهَذَا يـَرَى كُلَّ شَئٍ ضِيَاءً يـَكَادُ يُـنـَاجِى بِسِرِّ الغِيُوُبْ

يَرَى بِالبَصِيِرَةِ مَا لَا يُرَى وَلَا يـُرْتَجَىَ لِقُسَاةِ القُلُوُبْ

يَرَى فِى الظَّلَامِ أَفَاوِيِقَ ضَوْءٍ تـَلـُوُحُ بـِمَعْـنَىً بَعـِيِدٍ قـَرِيِبْ

يَرَى أنَّ لَيْلَى- وَكَانَتْ بَعِيِدَاً - تُسَافِرُ فِيِنَا بِكُلَّ الدُّرُوُبْ

لـِلـَيـْلَى حَـدِيِثٌ لِـمَنْ تَـصْطَفِيِهِ قُبَيْلَ الشُّرُوُقِ بُعَيْـدَ الغُرُوُبْ

فَـمَجْـدَاً لِلَـيـْلًى، ويَـا مَجْـدَنَا أِذَا عـَانَقَـتْنَا عِنَاقَ الحَبِيِبْ

وعِـزَّاً لِـلَـيْـلَىَ، وَيَـا عِـزَّنَا أِذَا دَثَّـرَتْـنَـا بِـثَوْبٍ قَشِيِبْ

وَشـَتَّـانَ مَا بَيْنَ قَلْبٍ بَصِيِرٍ وَقَـلـْبٍ عَـمِىِّ سَقِيِـم كَئِيِبْ

يَرَى فِى الضِّيَـاءِ الأَصِيِلِ ظَلَامَاً وَيْسَمَعُ فِى الشَّدْوِ غُبْنَ النَّحِيِبِ

أِذَااجْتَاحَهُ النُّوُرُغُمَّ وَهَمَّ لِيُطْفِئَ وَمْضَ الضِّيَاءِ الثَّقِيِبْ

وأِنْ يَسْمَعِ الحَقَّ ضِيِمَ بِـه وَاُخْرِسَ مِنْهُ لِسَانُ الخَطِيِبْ

لَـقَد رُوِّعوا بِـبَـيَانٍ وَضِئٍ وقَـلـْبٍ تَـقِـىِّ نَـقِـىِّ نَجِيِبْ

وَعَـقْـلٍ تَـفَـتَّقَ عَـنْ مَنْهَجٍ كَزَرْعٍ تَنَامَى بِوَادٍ خَصِيِبْ

نَمَى فَاسْتَوَىَ وَاسْتوَتْ سُوُقُهُ وَرَوَّاهُ قَـلْبٌ حَمِيـدُ الوَجِيِـبْ

وَنفْسٌ تَجَلَّى لَدَى أُفِقَهَا ضِيَاءُ الأَصَالَةِ لِلْمُسْتَرِيِبْ

وَرُوُحٌ تَحِن أِلَى حِبِهَا حَنِيِنَ السَّوَاقِى قُبَيْلَ الغُرُوُبْ

فَآذَآهُمُوُ أَنْ يَرَوْا مُجْتَلٍ يُمِيِطُ الظَّلَامَ وَلَيْلَ القُطُوُبْ

يُغَـنِّى لِـلَيْلَى وَتـرْنُوُ لَـهُ فَـيَـمْشِى أِلـَيْهَـا بِـلُـبٍ سَلِيِبْ

وَتُضْفِى عَلَيِهِ ثِيَابَاً رِضَاءً وتَـمنَـحُـهُ ضَمَّةَ المُسْتَطِيِبْ

يُغَنِّى وَيَفْرَحُ حَتَّى البُكَى وَيَغْرَقُ فِى عِطْرِ دَمْعٍ سَرِيِبْ

فَـيَنْدَاح فِى أَصْغَرِيِهِ الهَوَى فَيُبْحِرُ وَالبَحْرُ أَنْدَاءُ طِيِـبْ

فَلَا سَاحِلٌ لَا وَلَا مَرْكِبٌ ولا شئ غَيْر الحَنَانِ الوَهِيِبْ

هُـنَا هَهُنَا وَهُنَـاكَ هُـنَـا فَـطُوُبَى لِهَـذَا الوَحٍيِدِ الغَـرِيِبْ

يخوض الدجا والدجا مستجيشٌ وَيَرْكَبُ أَعْرَافَ مَوْجٍ وثُـوب

لِهَـاتِى وَتِـلْكَ وَتَـيَا وَذِىِ يَـحِـنُّ لَـهُـنَّ بِـقَـلْـبٍ طَـرُوُبْ

أِذَا مَا رَأىَ نَجْمَةً أَمَّـهَا فَـأِن وَسِنَتْ تَحْتَ هُـدْبِ المَغِيبْ

أَقَـامَ مَـعَـارِفَـهُ نَـجْــمَـة وَسَـاقَ الحُـدَاءَ بِصَوْتٍ رَطِيِـبْ

خُذِى أَدْمُعِى وَافْضَحِى سِرَّهَا لَهُمْ وَافْصِحِى عَنْ غَرَامٍ شَبِيِبْ

وقُـوُلِى لِلَـيْلَى وَلَيْلَى مَعِى وَلَيْلَى امْتِلَاءُ المَكَانِ الرَّحِيِبْ

لِلَيْـلَى نِـدَائى وَلَيْلَىَ لَـدَيَّـا بِـرَغْمٍ العَذُوُلِ وَرَغْمِ الرَّقَيِبْ

أِذَا عَـذَلُوُا القَـلْبَ جُنَّ بِهَا وَرَقْرَقَـها أَحْـرُفَـاً فِى النَّسِيِبْ

وَشَـتَّـانَ مَا بَيْـنَ قَـلْبٍ بَصَيِرٍ وَقَـلْـبٍ عَـمٍىِّ سَـقِيِمٍ كَئِيِبْ

مَضَوْا يِجْمَعُوُنَ قُضَاةً ظَلَامَاً لَهُمْ قَدْ أَسَرُّوُا بِأَمْرٍمَعِيِبْ

فَـقَاضٍ قَمِئٌ وَقَـَاضٍ دنئٌ وَقَاضٍ غُرَابٌ كَرِيِهُ النَّعِيِـبْ

فّـقَـد أوقَـفُوُكَ لَـدَى مِحْـنةٍ وَمَا أَبِهُـوُا- وَيْلَهُم – لِلْمَشِيِبْ

وَظَنُوا تَذِلَّ لهُـمْ-خَسِئُوا- وَهُمْ يَجْمَعُوُنَ الوَرَى فِى شُغُوُبْ

وَسَامُوُكَ تَحْيَـا وَتَجثُوُ لَـهمْ لِتَـلْـبَـسَ ثَـوْبَ الدَّعِىًّ الكَـذُوبْ

وَفِى لَحْظَةٍ بَيْنَ شَطٍ وَشَطٍ يَزِلُّ بِهَا ذُوُ الجَنَانْ الصَّلِيِبْ

تَـصَرَّحَ مِـنْـك بِهَا صَادِقٌ وكُنْتَ بِهَا كَالحُسَامِ الشَّطِيِبْ

سَـمَوْتَ سُمُواً كَسَاكَ الحَيَاةَ وَذَلُّوُا فَـبَاؤُا بِمَوْتٍ شَحِيِبْ

لِذَاكَ ابْتَسَمْتَ ابْتِسِامَاً سَرِيَّاً وَافْحَمْتَهُمْ بِالجَبِيِنْ المَهِيِبْ

وَنادَتـك لَـيْلَى فَجَاوَبْتَهَا جَوَابَ الحَبِـيِـبِ نِـدَاءَ الحَبِيِبْ

فَـلـَمَّا عَبَـرْتَ المَـدَى بُهِـتُـوُا فَـكُلُّهُمُو ذُو فُـؤادٍ نَخِـيِـبْ

فَهَا أَنْتَ سَارٍ عَلَى كَوْكَبٍ وَهُمْ مُقْحَمُوُنَ وَأَهْلِ القَلِيِبْ

وَهَـا أِنَّ لـَيْـلَى بَشَائِرُهَـا تَلأَلأُ فِـى الأُفْـقِ لِلْـمُسْتَجِيِبْ


*** ألقاها الفنان والشاعر أحمد الفرجوني فى ذكرى استشهاد الاستاذ محمود محمد طه فى 2002 فى ولاية ايوا