لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search

تعلموا كيف تجهزون موتاكم

حقوق المرأة بين العرف والدين


لقد صار من العرف، اليوم، أن تؤدي المرأة، في الحياة العامة، نفس الواجبات التي يؤديها الرجل!! فتتعلم إلى أرفع المراحل التعليمية، وتتسنم سائر الوظائف التشريعية، والتنفيذية، والقضائية.. وبذلك خطا العرف خطوات واسعات نحو مراد الدين بالمرأة، من تحقيق كرامتها، بإعطائها حقوق الحرية والمسئولية كاملة عند استعدادها، واستئهالها لها.. ((ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف..)) وبالمعروف يعني بالعرف. فإذا جاء البعث الاسلامي، اليوم، فإنما يوجه هذا العرف المرضي، ويجنبه سائر مثالبه، ويتسامى به إلى مراد الدين الأساسي بالمرأة كمسئولة قيّمة بأمر نفسها، وكمصونة، عفيفة، طيبة السيرة.. إن المرأة التي خرجت اليوم لتخوض تجربة المسئولية الفردية والحرية الفردية إنما هي الخامة الصالحة لإنجاب المرأة المسلمة، وذلك عن طريق التربية في المقام الأول، وعن طريق التشريع، في المقام الثاني. فالتربية على منهاج السنة النبوية إنما تعد الفرد، من رجل وامرأة، ليكون حراً، حسن التصرف في الحرية، وتشريع المساواة والعدالة، المستمد من أصول القرآن الكريم إنما يعامل المرأة أو الرجل، على أساس أنها حرة، فيتيح لها فرصة التصرف بحرية، فإذا أحسنت هذا التصرّف لم يكن له عليها من سبيل: ((ما على المحسنين من سبيل))، وإذا أساءت صادر منها القدر من الحرية الذي لم تستطع تحمّل تبعته، مصادرة مؤقتة ريثما تستعيده باكتساب المقدرة عليه.. وهكذا يجيء البعث الديني، اليوم، لإنجاب المرأة المسلمة التي تتولى أمر نفسها، بنفسها، ولاية تامة، وقد أسقطت عنها، بعفتها، وجدارتها بتحمّل المسئولية، كل قيود الوصاية..
لقد آن للدين أن يستوعب أعظم أعراف الحياة، على الإطلاق، وهو العرف الذي يتيح، اليوم، للمرأة فرص الحرية والمسئولية، وأن يوجه هذا العرف في مساره الصحيح إلى تحقيق الحرية الفردية المطلقة للمرأة. إن الدين لهو أولى بالمرأة من سائر الفلسفات المعاصرة.. فإن الدين إنما جاء لينجب المرأة القيّمة، قوامة تامة، على نفسها، بعد عهد طويل، ومرير من قصورها ونقصها.. والمرأة القيّمة ـ الحرة ـ التي تأخذ بمنهاج الاستقامة، إنما هي أمّ الأفراد الأحرار، حرية كاملة.. فهي التي تورثهم شمائل الاستقامة، وتربيهم على منهاجها.. ها هو القرآن الكريم يقدم الدين، كمنهاج حياة، في التربية والتشريع، ينجب المرأة القيّمة على نفسها.. فإنه دين النفس القيِّمة.. نفس الرجل القيِّم، والمرأة القيِّمة.. ولكنه دين المرأة القيِّمة، من باب أولى.. ((وما أمروا إلا ليعبدوا الله، مخلصين له الدين، حنفاء، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، وذلك دين القيِّمة))!