إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

ساووا السودانيين فى الفقر
الى أن يتساووا فى الغنى

بسم الله الرحمن الرحيم
(فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ، وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ، وَقُلْ: آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ، وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ!!)
صدق الله العظيم..


مدخل


إن الموقف الإقتصادى هو المؤثر الفعّال الذى به يتبلور، ومنه ينطلق الموقف السياسى.. على أن الموقف الإقتصادى لا يقوم بمعزل عن الخلفية الإجتماعية، والأخلاقية، التى تلعب دورا أساسيا، سواء فى مجال التنمية والإستثمار، أم فى مجال الإستهلاك الفردى والجماعى..
ومن هذا المنطلق يجب أن يجىء تقويمنا، وعلاجنا للموقف الإقتصادى الصعب الذى تواجهه بلادنا الآن، والذى تريد القوى المعارضة للنظام، من طائفية، وأخوان مسلمين، وشيوعيين، أن تحوله الى معترك سياسى بين السلطة وبين الشعب، مستغلة فى ذلك المطالب الفئوية، والمشاكل التموينية..

الأزمة أزمة أخلاق!!


إن الأزمة الحاضرة ليست ناشئة، فى حقيقتها، من ضيق مواردنا القومية، ولا هى ناشئة كذلك، من ضيق فى حصيلتنا من المواد التموينية، بقدر ما هى ناشئة من قصور فى أخلاق الأفراد، وضمور فى حسهم الوطنى.. إن أزمتنا هى فى كلمتين: أزمة أخلاق.. وإننا لعلى يقين بأنه لن يستقيم لنا أمر من أمورنا السياسية، ولا الإقتصادية، ما لم نجد العلاج الشافي لهذه الأزمة الأخلاقية.. ولا يظننّ أحد أن أزمة الأخلاق هى أزمة الشعب السودانى وحده، كلاّ!! وإنما هى أزمة عالمية يتداعى من جرائها الموقف العالمي نحو هاوية سحيقة، لا منجاة للإنسانية منها الاّ بثورة فى الفكر، وثورة فى الأخلاق، تضع للناس موازين القيم الصحائح فى مواضعها، وتخط لهم طريق الخلاص..

لنضع أقدامنا فى طريق ثورة التغيير


إن فى يد هذه السلطة، كما فى يد شعبها، من الإمكانات، ومن المقومات، ما يجعل بلدنا رائدا فى مجال الثورة الجديدة التى نحتاجها نحن، كما يحتاجها العالم، حاجة حياة أو موت..
إن أولى الخطوات، التى تقتضى الثورية إتخاذها، إنما هى أن تزيل هذا التفاوت المريع، والمذل، بين الحد الأعلى، وبين الحد الأدنى، للمرتبات، سواء أكان ذلك فى القطاع العام، أم فى القطاع الخاص.. فهو تفاوت يبلغ نحو سبعين ضعفا بالنسبة للقطاع العام، أما فى القطاع الخاص فنسبته أعلى من ذلك بكثير..
أضف الى ذلك، نشوء طبقة من الرأسماليين الذين قفزت دخولهم الى حدود جعلت منهم طبقة تنقطع الصلة بينها، وبين عامة الناس، وتتسم تصرفات أفرادها فى الأموال بالإستهتار، وبالسفه، الذى يضر بأخلاقيات، وتقاليد، وقيم هذا الشعب، أبلغ الضرر، مما لا يمكن السكوت عليه، ولا التساهل معه، وإنما يجب أن يواجه بالمعالجة الثورية التى تضع له حدّا واضحا وحاسما..
إن التفاوت فى الدخول الذى يخلق وسط الشعب الطبقات التى تتسع الشقة بينها، ويتعالى بعضها حتى يستنكف من أن يزوّج أولاده وبناته للطبقات الأخرى – هذا التفاوت يجب أن يبدأ فورا العمل لإزالته، ومحو آثاره!!