إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

ساووا السودانيين فى الفقر
الى أن يتساووا فى الغنى

حدث ما كنا نحذر منه


ولقد وقع، الآن، بالفعل ما حذرت منه كلمة (الجمهورية)، فلقد أصبحنا نرى الطبقات التى تثرى الثراء الفاحش، على حساب سواد هذا الشعب، ثم هى يجرى على أيديها ما يفسد فى الأرض فساد المترفين الذين حق القول على أمثالهم فى الماضى فدمرا تدميرا: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا، فَفَسَقُوا فِيهَا، فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ، فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) ..
وحكم الوقت الحاضر لا يقضى بتدمير، ولا بتصفية جسدية، وإنما يقضى بالتغيير الثوري الذى يجعل كل فرد هو غاية فى ذاته، فيصلح، بل يحمل على مصلحته حملا، إن هو إثّقال الى الأرض.. ومن هنا، فإنه، حتى هؤلاء الذين يخطئون الطريق القويم فى الحصول على الثراء ويسيئون إستخدام هذا الثراء، حتى هؤلاء، هم موضع الحب، والعطف منّا، وإن كانت تصرفاتهم ستكون موضع حربنا، ذلك بأنهم ضحايا تفكير إجتماعى خاطىء، وضحايا تربية شعبية منحرفة..
والأمثلة على هذا الإنحراف الإجتماعى كثيرة، ونكتفى هنا بسوق بعض النماذج له.. ومن تلك النماذج ما نشرته جريدة الصحافة بتاريخ 10/8/1978 من تعليق بقلم الأستاذ نورالدين مدنى ومما جاء فيه الآتى:
(المواطن عبد المنعم بشير حسن بمواصلات العاصمة أرسل لنا رسالة يصف فيها حفل زفاف شاهده مؤخرا كان صيوانه يشغل مساحة تعادل ميدان الأمم المتحدة، وأن المدعوين كانوا يقدمون (النقوط) للراقصة، التى أستوردت خصيصا لهذا الحفل، فى شكل عقود من الجنيهات الإسترلينية والدولارات الأمريكية.. وهذا يعيد للأذهان حفل الخطوبة الشهير الذى تم فى لندن بمدعويه وفنانيه الذين أقلتهم طائرة خاصة الى هناك) إنتهى..

ومثال، ثان، وثالث!


وفى نفس هذا الإتجاه نشرت جريدة الصحافة أيضا بتاريخ 12/8/1978 ما يلى:
(حتى البكاسى من ضمن الشيلة!!
أحد العرسان الأشاوس حاول ضرب الرقم القياسى فى مكونات "الشيلة" فاشترى 25 وحدة من كل شىء، أى اشترى خمسة وعشرين فستانا و25 زوجا من الأحذية و25 قارورة من العطر و25 مرآة وهكذا حتى معجون الأسنان المعدوم اشترى منه 25 انبوبة وسبع عشر وقية من الذهب لكنه فوجىء للأسف بآخر يرسل الشيلة محمولة فى عربتى بوكس جديدتين ثم يخبر أهل العروس بأن العربات من ضمن الشيلة).. إنتهى..
وبتاريخ 7/5/1979 نشرت جريدة الأيام خبر احتوى على ما يتقزز منه المرء، ويأسى لإنحطاط القيم ولإهدار كرامة الإنسان، بشكل لا يكاد يتصوره أحد، بأن يحدث فى السودان، وفى نهايات القرن العشرين.. وفحوى الخبر أن أحد العرسان، وأهله، أرسلوا ضمن أشياء أخرى، الى أهل العروس (خادما)، إنسانا، من لحم ودم!!