إعفاء البنك من قيود النقد الأجنبي
يساهم في تدهور الأرصدة الأجنبية
اما اذا كان الهدف من فتح البنوك الاجنبية والمشتركة هو بجانب العمل الاستثمارى، جلب واستدرار العملات الاجنبية للبلاد، فإنا نستغرب أن يبادر بنك السودان فيعفي كل معاملات وتحركات رأس مال البنك وودائعه بالعملات الاجنبية من القوانين المنظمة للنقد، حتى يتمكن البنك من تحويل واستخام ودائعه ورأس ماله بحرية كاملة!! ذلك بانه قد يكون معقولا أن يسمح لرأس المال الأجنبي بهذا البنك - بموجب قانون تشجيع الاستثمار، وعلى غرار ماتتمتع به مؤسسات الاستثمار الاخرى – ان يحول نصيبه من الأرباح، بشرط المساهمة في زيادة الناتج القومي بولوج ميدان الاستثمار الإنتاجي المحفوف بالمخاطر، وعلى نحو يساهم في رفع حجم الصادر أو خفض حجم الوارد عن طريق انتاج السلع البديلة، مثلا، فيكون بذلك نصيبه من الربح المحول جزءا من نصيبه في المشاركة في الفائض الإقتصادي الذي ساهم في تحقيقه فعلا.. أما ان يستمتع البنك بهذه الميزات بدون أن يمارس عملا في مجال الاستثمار بأن يعمل عملا تجاريا عاديا، فهذا يعني أنه يشارك دون حق، في التمتع بعائد مجهود قام به غيره، وتحمل في سبيل تحقيقه من المخاطر مالم يتحملها هو!!
فإذا أخذنا في الاعتبار أن 60% من حملة الاسهم في البنك هم من غير السودانيين، أتاحت لهم هذه الإعفاءآت، كما أتاحت للسودانيين، تحريك رؤوس أموالهم للخارج متى شاءوا، وبحرية تامة، لتصورنا مدى الضرر الذي يمكن أن يلحق بالإقتصاد الوطني من مثل هذا الإعفاء.. اذ يعني ذلك أنهم بمقدورهم أيضا، تحويل الفائض الإقتصادي الذي جنوه من استغلال الموارد القومية، الى الخارج دون قيد!! فبدلا من أن تعين هذه البنوك على الحفاظ وعلى زيادة الأرصدة الأجنبية بالسودان، فإنها ستكون من عوامل تدهور هذه الأرصدة وضياعها.
شركة الصرافة الإسلامية
يضاف الى ذلك أن البنك، وبصورة لا يشبهه فيها أى بنك وطني أو أجنبي، سمح له بفتح مكتبا للصرافة، أسماه "الشركة الإسلامية للصرافة"، أتاح له فرصة اجتذاب مدخرات المغتربين باسعار السوق المغرية، التي تفوق الأسعار الرسمية التي الزم بها بنك السودان البنوك الأخرى، مما يجعله في وضع أمتاز به على هذه البنوك، يستطيع به أن يتحصل على حصيلة كبيرة من العملات الأجنبية بطريقة سهلة، تضع تحت تصرفه مبالغ ضخمة من هذه العملات، بينما تشكو البنوك التجارية المملوكة للدولة من شح العملات الأجنبية.. ورغم محاولات هذه، البنوك وفروع المغتربين بها لاجتذاب مدخراتهم، فإن محاولاتها قد باءت بالفشل لعدم توفر مقومات المنافسة مع مكاتب الصرافة، ومنها (الشركة الإسلامية للصرافة) التابعة لبنك فيصل الإسلامي السوداني.. والخطر في هذا الأمر أن الدولة، ممثلة في بنوكها الأربعة العاملة في المجال التجاري، سوف تفقد مصدرا رئيسيا من مصادرها للنقد الأجنبي، كانت في الماضي تحصل عليها من هذه البنوك، كما ستكون أقل قدرة، من ذي قبل على السيطرة والتحكم في توجيه هذه الموارد الصعبة نحو الأولويات الاقتصادية للبلاد. في جملة الأمر إستطاع هذا البنك (الذي يشكل نصيب رأس المال الأجنبي 60% من جملة أسهمه) بما نال من امتيازات واعفاءات خاصة، أن يحتل مركزا غير متكافيء مع البنوك الوطنية مما وضعه في موضع قد يمكنه من سحب البساط من تحت أقدام هذه البنوك تدريجيا.