إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

قل هـذه سبيلى

شذرات عن المدنية الإسلامية


الاقتصاد – الإجتماع – التعليم – المرأة


غاية الحياة انجاب الفرد السعيد وهي هي غاية الحكومة الصالحة .. والفرد السعيد من تمتع بجمال الجسم ، وجمال العقل. ولا يتوفر جمال الجسم ، وجمال العقل للفرد الا إذا حقق فرديته التي ينماز بها عن سائر أفراد القطيع. ولكي يحقق كل فرد فرديته لا بد من الحرية وعلي رأسها الحرية من الخوف. والحرية من الخوف تقوم علي حريتين اثنتين هما الحرية من الفقر ، والحرية من الجهل ولكفل هاتين الحريتين اللتين هما إرهاص للحرية من الخوف وجب أن تكون الحكومة اشتراكية ، ديمقراطية. فالاشتراكية للحرية من الفقر ، والديمقراطية للحرية من الجهل ، وهذه الحكومة الاشتراكية الديمقراطية ، هي التي عنيناها "بالجمهورية" و سنتحدث فيما يلي بإيجاز شديد عما نريد بالاشتراكية وبالديمقراطية.

الاشتراكية


1- الاشتراكية تنمية الموارد الطبيعية ، وعدالة توزيع الثروة .. أما تنمية الموارد الطبيعية فبالحذق الفني والمعرفة بالعلوم التجريبية والطبيعية والخبرة باختراع الآلة أو بإستخدامها في جميع وسائل الإنتاج استخداما مقصودا به إلي توفير الفراغ وتوفير المتاع وبالإدارة الحازمة الرشيدة. وأما عدالة توزيع الثروة فتعني المساواة الاقتصادية وهي أن يكون هناك حد أدني لدخل الفرد يستطيع في حدوده أن يعيش عيشة تليق بالإنسان الكريم علي أن يكون هذا الحد مكفولا حتي للعجزة الذين لا ينتجون ، وحتي للأطفال ، وكلما زادت الثروة بنماء الموارد الطبيعية كلما ارتفع الحد الأدني للدخول حتي تتحقق الرفاهية لكل فرد من أفراد المجموعة.
2- لتحقيق المساواة الاقتصادية وجب أن تكون جميع موارد الثروة ملكا للمجموعة تديرها لمصلحتها علي أسس تعاونية تمدها الحكومة المركزية بالخبرة الفنية والتوجيه الرشيد كلما أقتضت الحال حتي يعمل الناس لأنفسهم بأنفسهم جميع ما يحتاجونه.
3- الأرض جميعها ملك للمجموعة توزع علي قاعدة الإيجارات لا علي قاعدة الملكية الفردية ، وتدار علي طريقة الجمعيات التعاونية تعينها الحكومة المركزية بالخبرة الفنية والتوجيه الرشيد.
4- الملكية الفردية تقتصر علي ملكية المنزل والحديقة حوله والأثاث والسيارة الي آخر ما لا يستلزم استخدام مواطن استخداما يستغل فيه عرقه لزيادة دخل مستخدمه.
5- الزائد من ريع الأرض والموارد الأخري توجهه الحكومة المركزية الي إنشاء موارد للرزق مناسبة في أنحاء القطر التي لا تتمتع بموارد طبيعية سخية.
6- مهم جدا ان يعمل الناس كل ما يحتاجونه بأنفسهم علي الطريقة التعاونية فلا ينتظروا من الحكومة المركزية إلاّ الإعانة بالخبرة الفنية المتعذرة عليهم فإن ذلك أدني أن يجنبهم خطر الحكومة المركزية القوية قوة تنقلب معها دكتاتورية غاشمة تفوت علي الأفراد فرصة الاستمتاع بالحرية الفردية التي هي وحدها الغاية وراء النظم الحكومية.
7- للحكومة المركزية حق الإشراف علي توزيع الدخل القومي بين المناطق الكثيرة الإنتاج والقليلة الإنتاج حتي تتحقق المساواة الاقتصادية بين أبناء القطر الواحد.
8- لا توزع الحكومة المركزية الدخل القومي بين المناطق الكثيرة والقليلة الإنتاج علي أساس الصدقة ولا الإحسان وإنما في شكل مشاريع إنتاج تمكن الأفراد من الكسب بالعمل.
9- علي الحكومة المركزية استجلاب الآلات وتنظيم التدريب الفني حتي تقل الحاجة الي استخدام الأيدي وحتي يتوفر الإنتاج فيتفرغ الناس للدرس وللتأمل وللاستمتاع بثمرات الفنون والآداب والعلوم.
10- الحكومة المركزية مسئولة عن تنمية موارد الثروة الطبيعية وأهمها المورد البشري ، فيجب أن توفر له ، وأن تكفل له المساواة في فرص الصحة ، وفرص التعليم ، وفرص التمدين.
11- محاربة الفقر حيث وجد وبأي صورة وجد ، محاربة لا هوادة فيها ، ولا لين ، أكبر واجبات الحكومة المركزية فإن الطبيعة البشرية لا تضار بشيء ما تضار بالحاجة والخصاصة.