لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search

خروج الفقه عن الديـن

آيات الأصول وآيات الفروع


ان الناس يعلمون أن القرآن مكي ومدني.. ولكنهم لا يعلمون أن لظاهرة المكي والمدني هذه دلالة كبرى.. ولقد نبه اليها الجمهوريون حين أوضحوا أن الآيات المكية هي آيات الأصول، والآيات المدنية هي آيات الفروع- وبذلك فإن الفرق بين القرآن المكي، والقرآن المدني، ليس هو فرق زمان، ولا فرق مكان النزول وحسب، وإنما هو فرق في المستوى، أساسا.. ومعنى هذا ان قد نزلت في مكة آيات الأصول فقدمت مبادئ الإسلام الأساسية، ووالت تقديمها ثلاث عشرة سنة، حتى عجز الناس عن تطبيقها، وعن الارتفاع الى مستواها، وهو مستوى الرشد، والمسئولية.. والمسئولية انما هي ثمن الحرية.. والحرية إنما هي آصل أصول الإسلام، ولذلك فقد بدئ بها.. وحين عجز الناس عن تحمل تبعاتها نزل لهم الى مستوى ((الوصاية)) الرشيدة.. فجاء القرآن المدني، وجاءت فيه آيات الفروع.. واعتبرت ناسخة لآيات الأصول.. ومخاطبة للناس على قدر عقولهم.. وإنما جرى ذلك مراعاة لحاجتهم، وتدريجا لهم، على قدر وسعهم، وطاقتهم.. وكذلك قامت شريعة مجتمع البعث الأول على آيات الفروع.. ولسنا نحن الآن بصدد الحديث عن الأصول، والفروع.. فهذا أمر قامت به كتبنا الأخرى، وبخاصة ((الرسالة الثانية من الإسلام))..

الشريعة خدمت مجتمعها لأنها كانت عملية وحكيمة


والشريعة قد قننت، وفرعت، من القرآن، ما يناسب طاقة، وحاجة المجتمع المشرع له.. وبذلك فقد كانت حكيمة، وعملية، وكافية لوقتها.. فنهضت بذلك المجتمع، ونقلته تلك النقلة الكبيرة، السريعة.. وكانت كل المصلحة، وكان كل الخير في التزامها.. وكان خير من طبق تلك الشريعة على المجتمع، وأقامها، بعد النبي الكريم، هو الصاحب الأكبر أبوبكر الصديق.. فقد التزمها، وأقامها، كما هى، بدون زيادة، أو نقصان، أو تخريجات..