إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

المرأة والدعوة الى الدين

بسم الله الرحمن الرحيم
(من عمل صالحا، من ذكر، أو أنثى، وهو مؤمن، فلنحيينه حياة طيبة، ولنجزيهم أجرهم، بأحسن ما كانوا يعملون..)
صدق الله العظيم


مقدمة:


هذا منشورنا الخامس عشر، بمناسبة عام المرأة العالمي، وهو أيضا ختام سلسلة منشوراتنا، التي والينا إصدارها ببداية هذا العام..
ونحب، في هذه المقدمة، أن نلفت نظر السادة القراء، إلى أن عملنا في هذا العام، لم يكن بالشيء الجديد علينا، وإنما هو عبارة عن احتفال، وتكثيف، لعمل بدأ منذ الأربعينات..
وعندما سجن الأستاذ محمود محمد طه، في عام 1946 مرتين فقد كان سبب سجنه الأول: إصداره لمنشور يعارض فيه الحكومة الإنجليزية، آنذاك، (فى الطريقة التي شرعت عليها تحارب عادة الخفاض الفرعوني.. لأنها طريقة تعرض حياء المرأة السودانية "للابتذال"، وعلى الحياء تقوم الأخلاق كلها.. والاخلاق هي الدين). كما قال الاستاذ محمود محمد طه في كتابه (رسائل ومقالات الثاني)..
أما سبب سجنه الثاني، والذي كانت مدته عامين، فهو: (مسألة فتاة رفاعة) الشهيرة.. ونحن نرى أن الفكرة الجمهورية، قد بدأت عملها لنصرة المرأة (وهي أكبر من استضعف في الأرض)، منذ نشأتها، في الاربعينات، بل ان نشأتها نفسها قد كانت من أجل المرأة بشكل خاص، ومن اجل جميع المواطنين بشكل عام.. ثم واصلت نصرتها للمرأة بصورة مدعمة حين أصدرت كتيبها: (خطوة نحو الزواج في الاسلام)، الذي حوى الجوانب المشرقة، من الشريعة السلفية، التي يمكن أن تناسب، مرحليا، قامة المرأة المعاصرة الى حد كبير.. ثم أصدرت كتابها: (تطوير شريعة الاحوال الشخصية) الذي أوضح كل حقوق المرأة، التي ادخرها لها الدين، في اصوله، في: (القرآن المكي)، والتي تقوم، اساسا، على تكريم المرأة، واعطائها حقها في الحرية، والمساواة.. وحين قيض الله هذا العام – (عام المرأة العالمي) - احتفلنا به، وكثفنا عملنا فيه، فأصدرنا سلسلة منشورات، تناولت جل مشاكل المرأة المختلفة، وحاولنا تقديم الحلول المناسبة لها، مرتكزين على اصول الدين.. كما ركزنا على تبيين وضع المرأة المزرى في الفقه، وكيف ان: (قوانين الاحوال الشخصية) فيه قد خلفها العصر.. أكثر من ذلك!! فهي منافية لروح الدين، التي جماعها تكريم الانسان، حيث اننا نجد ان هذه القوانين، تقوم على اذلال المرأة، واهانتها، ومعاملتها كانسان من الدرجة الثانية.. ومهم جدا، معرفة هذا القصور، وتبينه للناس، لان التغيير الى الاحسن، لا يمكن احداثه الا إذا عرف الجميع مدى رداءتها.. ومن ثم كان منشورنا: (قانون، وقضاة، الاحوال الشخصية، قصور عن الشريعة، وتخلف عن العصر).. وكتتويج لعملنا في هذا العام، ونيابة عن النساء، سنتولى رفع قضية دستورية ضد: (قوانين الاحوال الشخصية) وضد من كانوا يسمون (بالقضاة الشرعيين)، لأنها قوانين ضد الدستور، أكثر من ذلك!! هي ضد الدين، في أصوله.. فهي تقوم على الوصاية – وصاية الرجال على النساء – وهذا يتعارض مع اصول الدين التي تقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى).. وتقول: (كل نفس بما كسبت رهينة).. وتقول (لهن مثل الذي عليهن بالمعروف.. وللرجال عليهن درجة.. والله عزيز حكيم).. كما ان قضاة هذه القوانين هم أكبر اعداء المرأة لأنهم يقفون حائلا دون عودة الدين الصافي الذي فيه اعزاز المرأة، وتكريمها.. ثم هم تجسيد لكل هذا القصور المزري..
ونحب ان ننبه جماهير النساء عامة، واتحاد نساء السودان خاصة، ان عام المرأة العالمي أوشك ان ينتهي، ولا بد من انجاز فيه سريع.. نريد رأيهن في هذه القضية الدستورية التي تحدثنا عنها، والتي سنحملها عنهن.. ونريد منهن موقفا حاسما، شجاعا، فان الحقوق لا تعطى، وانما تؤخذ أخذا، وتنتزع انتزاعا..
كما نحب ان ننبه مواطنينا، ان رفعنا لهذه القضية، كتتويج لعملنا في هذا العام، وكخاتمة لسلسلة منشوراتنا، لا يعنى، بالنسبة لنا، نهاية عملنا في نصرة قضية المرأة.. وانما يعنى بداية دورة جديدة، لعمل جديد، نواصله كل عام جديد.. ولن يهدأ لنا بال، حتى نرى ان موازين العدل قد أقيمت على هذه الارض قاطبة والله مولانا، وناصرنا.. انه نعم المولى ونعم النصير..