إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

أزمة الوعي والحرية بالجامعة!!

بسم الله الرحمن الرحيم
(أولا يرون أنهم يفتنون، في كل عام، مرة، أو مرتين، ثم لا يتوبون، ولا هم يذّكرون؟؟)
صدق الله العظيم


مدخل


لقد ظللنا نؤكد، في جميع مراحل عملنا، في مجال الحركة الطلابية، ضرورة نهوض الطلاب بواجبهم الطبيعي، والقيادي، في إحداث التغيير الاجتماعي عن طريق الثورة الفكرية.. ولقد كنا، ولا زلنا، نركز على تخلف الحركة الطلابية في هذه الجامعة، تخلفا مزريا، عن التصدي لتحقيق هذه الغاية..
إنطلاقا من هذه النظرية الشاملة التي تستهدف استقطاب الطلاب، استقطابا فكريا، به يكونون أداة فعالة تصنع الخير، والأمن، لهذا الشعب – إنطلاقا من كل هذه القيم، فقد كان للجمهوريين، في هذه الجامعة، موقف مبدئي في عدم الاشتراك في الإضراب الذي افتعله الأخوان المسلمون، في يومي الأربعاء والخميس، الماضيين.. أكثر من هذا!! كان لنا موقف مبدئي في الدعوة لتخذيل هذا الإضراب، ولتفشيله.. ذلك أن هذا الإضراب لا يمكن أن ينظر اليه بمعزل عن الحركة السياسية حولنا.. فهو، لدى التحليل الأخير، حلقة صغيرة في سلسلة طويلة من التآمر المدبر لخلق جو من الفوضى به، وفيه تستطيع القوى السلفية تحقيق مطامعها السياسية في الوصول الى السلطة!!

الشجاعة هي التزام الحق، وليست الانسياق مع القطيع


بادىء ذى بدء، نحب أن نقرر أن "إتحاد الأخوان المسلمين" قد فرض الإضراب بصورة فوقية، ودون إستشارة لرأى القاعدة الطلابية! ثمّ، بعد ذلك، حاول الأخوان المسلمون استرهاب الطلاب، وإجبارهم على هذا الإضراب المفتعل بالتخويف، وبالتلويح بالعنف!!
ونحن، منذ الوهلة الأولى، استنكرنا هذا الأسلوب الذي لم يحترم عقلا، بل ولم يرع حرمة لأحد.. وقررنا مواجهة هذا الإضراب. ونحن، عندما وقفنا هذا الموقف، كنا نقدّر مسئوليتنا في التصدي لإحباط أهداف تنظيم الأخوان المسلمين الذي استطاع، في مثل هذا الجو المتوتر، أن يفسد الحياة الجامعية، بل استطاع أن يسوق الحركة الطلابية جميعها، معصوبة العينين، من فشل الى فشل..
لقد قاطعنا هذا الإضراب، ونزلنا الى الدراسة، لأننا نعلم أن الشجاعة ليست في الانسياق خلف القطيع، وإنما هي الوقوف مع الحق، في صدق، وفى مسئولية، مهما كانت العواقب.. ولقد وقف الجمهوريون في هذا المجال وحدهم، وتخلّف عنهم، في ذلك، طلاب الإتحاد الاشتراكي نفسه!! ولا شك أن هذا وضع مؤسف، وسيجئ الحديث عنه في ختام هذا المنشور القصير..
إن الأهداف "المعلنة" لهذا الإضراب: كاستنكار دخول البوليس الحرم الجامعي، والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، ورفع القوانين المقيّدة للحرية بالجامعة، إنما هى، جميعها، كلمات حق أريد بها باطل!! ولو قد استأنى الطلاب قليلا لأنكشف لهم، جليا، ان كل هذه المآسي قد جرّها، لهذه الجامعة، التنظيمات الفارغة، وعلى رأسها، تنظيم الأخوان المسلمين، إذ أن هذا التنظيم هو المسئول الأول عن حالة التوتر، والاضطراب في هذه الجامعة.. ونحن، اذ نقول هذا القول، لا يغيب عنّا ان تنظيم الأخوان المسلمين ما كان له أن يبلغ ما يريد لولا سلبية الحركة الطلابية، التي اسلمت عقلها، ويدها، لهذا التنظيم الأخرق، فخبط بها ذات اليمين، وذات الشمال!!
لهذه الإعتبارات فإننا ندعو، مخلصين، أن يعيد الطلاب النظر في هذا الموقف، إعادة جذرية، وشاملة، على ضوء الحقائق الآتية: -
سوء التصرّف في الحرية هو الذي أدخل البوليس حرم الجامعة
إن الحرم الجامعي يستمد قدسيته من كون الجامعة منبرا فكريا، ودارا للعلم، والبحث، يلتقي فيها العلماء الأجلاء، والطلاب الناضجون، يتباحثون، ويتناقشون، في علمية، وموضوعية، في مختلف مجالات المعرفة التي تقوي العقول، وتخصّب الحياة، وتزيدها نماءا، وازدهارا.. هذه هي وظيفة الجامعة الأساسية. ومن ههنا كان حرمها مقدسا.. فإذا فقدت الجامعة وظيفتها الأساسية، وعادت مكانا للعبث، والتهريج، ومسرحا للعنف، فلا يمكن أن تظل مقدسة، كيفما كان الحال!!
انه لا يفوت علينا أن تدّخل البوليس في بعض المواضع كان فيه شىء من المبالغة.. ولكن هذا، على التحقيق، لا يعفي الطلاب من مسئوليتهم الكاملة في فتح الحرم الجامعي لدخول البوليس، إذ أنهم، منساقين وراء الأخوان المسلمين، هم الذين أساءوا التصرّف في الحرية، ابتداءا، مما جعل ليد القانون عليهم سبيلا، بل كل سبيل..
إنه، وكما هو معلوم، فإن السلطة قد سمحت، في البداية، بالحرية في هذه الجامعة.. فماذا فعلنا في تلك الحرية؟؟