لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search
تصفية المحاكم الشرعية - المحاضرة السادسة

الخرطوم - داخليات المعهد الفني - ٨ يناير ١٩٦٩

الجزء الخامس

أولًا خطاب أزهري أبرز مواقف الناس.. الناس المؤيدين للدستور الإسلامي والمؤيدين لخطاب أزهري، مثلًا أساتذة الجامعة الإسلامية، السياسيين من ناس جبهة الميثاق، الطائفيين من الأحزاب، حزب الأمة وغيره، كثير من الأفراد.. الناس المعارضين ليهم ما قادرين يعارضوا في المستوى اللي يمكن أن تسميهم مواجهة للدستور الإسلامي.. مثلًا عبد الخالق وبابكر عوض الله من أكثر الناس عندنا ثقافة وإخلاص، عارضوا خطاب الأزهري بقوة، لكن لمّا جو عند موضوع الدستور الإسلامي، قالوا الخطاب ده انصرافي.. قالها بابكر عوض الله، وقالها عبد الخالق: بيصرف الناس عن حقيقة مشكلتهم، اللي هي المشكلة الاقتصادية.. نحن بنفتكر أن الجماعة ديل لمّا جو في المواجهة في النقطة دي، ماعوا عن المستوى بتاع المعارضة الأولانية، لأنهم مواجهين بالدستور الإسلامي، وما يمكنهم أن يقولوا: نحن ما عايزين الدستور الإسلامي.. يبقى النقطة الثانية أن ينصرفوا عن الخطاب بأنه انصرافي.. الحاجة اللي نحن عايزين نوكدها أنه الخطاب ده ما انصرافي، وأنه لو عُومل على اعتبار أنه انصرافي، نكون نحن انصرفنا عن أصل القضية، اللي هي تمرير الدستور الإسلامي.. المشكلة الاقتصادية مشكلة قائمة ما في ذلك شك، ومهمة ما في ذلك شك.. لكن المرحلة الحاضرة هي مرحلة الدستور الإسلامي.. هل يمر بغفلة من الناس دستور جاهل يُسمى الدستور الإسلامي؟ ثم بعد داك تكون كل العقبات اللي بتُوضع باسم الإسلام أمام الشعب؟ أيمكن بعدين الاشتراكية دي تُحرم؟ بطبيعة حالها، أهو أنتو شايفين مثلًا زي الأستاذ الدرديري محمد عثمان، قال نحن ما ممكن نتكلم عن الاشتراكية، إلا إذا حبينا الترقيع، وإلا إذا رمينا الإسلام بالقصور.. فإذا كان عبد الخالق و بابكر عوض الله بيعتقدوا أن المشكلة الحقيقية هي مسألة اقتصاد الناس والاشتراكية ومحاربة الرأسمالية الغربية، يمكن أن تجيهم بتشريع أنها الوضع هو يكون ده.. المشكلة إذاً هي تمرير الدستور الإسلامي، وفي عجلة على تمريره.. وبيُقال أنه، مثلًا زي جبهة الميثاق بتقول أن نعجّل بتمرير الدستور الإسلامي، لأنه في ناس ما عايزينه.. أنا ما أعرف أنه إذا كان الدستور الإسلامي الصحيح جاء، بيكون في زول ما عايزه؟ أنا أأكد لكم إذا كان الدستور الإسلامي صحيحًا جاء الوثني ما يأباه، والمسيحي ما يأباه، واليهودي ما يأباه.. لكن إذا كان الدستور الإسلامي في مستوى غير المستوى الحقيقي، كلنا بنأباه.. لأنه ده ما الدستور الإسلامي.. ما بنأباه لأنه دستور إسلامي، لأنه ما الدستور إسلامي، لأنه جهل راح يلبس قداسة الإسلام ليُكيد للناس أشنع أنواع الكيد.. المواجهة الحقيقية هي دي.. والانصراف عنها للكلام عن أي عمل ثاني من الاقتصاد ومن غيره انصراف عن أصل الميدان.. نحن عندنا المعارضين ديل في مستوى رفيع.. لكنهم ما استطاعوا أن يواجهوا القضية دي، أنا بأعتقد لأنهم ما عندهم رأي في الإسلام.
أها دا الدستور الإسلامي.. أنت ممكن أن تقول عايزه، ولو في داخلك ماك عايزه، وفي الحالة دي بتجي انصرافك عن المواجهة.. إذا قلت ماك عايزه، من المؤكد بيُسلط عليك صف الإرهاب بأنك ضد الإسلام، بأنك مرتد عن الإسلام، أي نوع من النوع اللي يمكن أن يُقال، وما يرضاه الإنسان لنفسه.
الحزب الجمهوري وحده في الميدان، لأنه الحزب الجمهوري عنده فكرة عن الإسلام، بيعرف أن ده ما الدستور الإسلامي، وهو داعي للدستور الإسلامي.. يمكن بطبيعة الحال أن يُقال أنه جائز الحزب الشيوعي يكون بذكائه المعهود عايز يخلي الدعاة للفكر الإسلامي يلقوا فرصتهم ليطبقوه، عشان ينفروا الشعب من الدين إلى الأبد.. جاءت مسألة هسا هنا، الدستور الإسلامي جاء كتب عنه، وزارة الاستعلامات قالت أخرجت كتاب، الكتاب ده طبّلت له جريدة الميثاق.. في هذا الكتاب نشرت جريدة الميثاق عدد أول أمس وهي عندنا هنا، أن الدستور الإسلامي كان مطبق في المهدية.. ما أعرف اطلعتوا عليه ولا لا، لكنها هي هنا هسع.. قالت الدستور الإسلامي كان مطبق في المهدية.. طيب، إذا كانت حكومة المهدية كانت على الدستور الإسلامي، إذاً ناسنا اللي بيدعوا للدستور الإسلامي، الحكومة والسيد إسماعيل الأزهري، الحكومة اللي وضعت الكتاب ده من وزارة الاستعلامات والسيد إسماعيل الأزهري، جبهة الميثاق اللي طبّلت له، الناس اللي معاه، عايزين يعيدوا حكم المهدية.. طيب حكم المهدية قام به الرجل دعاة الإسلام دول كلهم لو وُضعوا في كفة معاه يرجح بهم، المهدي.. بعد ١٦ سنة الناس زهجوا من الحكم الديني ده، واستقبلوا الفاتح المستعمر المسيحي بفرحة.. يبقى يمكن أن يستقيم مع تفكير الحزب الشيوعي أن الإسلام لو جاب الصورة اللي عند ذهان دول بيهيئ الشعب ليقبل الماركسية والإلحاد.. إذا كان ما تكون دي، أنا أفتكر معارضة عبد الخالق بتحتاج منه لإعادة نظر.
الحزب الجمهوري وحده في الميدان.. لأنه بيملك أن يقول أن ده ما الدستور الإسلامي، وده ما مطلوبنا.. الأحزاب الثانية ما بتملك أن تقول الكلام ده.