ديننا نزل في المصحف كله، لكن ديننا نزل على مستويين، مستوى أصل ومستوى فرع.. مستوى الأصول اللي هو كان في مكة، الآيات المكية اللي بتقوم على الإسماح، "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" أو "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر".. الآيات الأصلية اللي نزلت في مكة ١٣ سنة منسوخة بالآيات الفرعية، اللي بنسميها القرآن المدني اللي نزل في المدينة مدة تسع سنين إلا شوية، ١٠ سنين إلا شوية.. القرآن المدني فروع، والقرآن المكي أصول.. الفروع هي اللي قامت عليها شريعتنا في المرحلة الأولانية.. خصوصًا فيما يخص المال وما يخص السياسة، ما يخص الناحية الاجتماعية في علاقة الرجل بالمرأة.. دي كلها قائمة على فروع، اعتبرت في الوقت ذاك ناسخة للأصول.. من الآيات المنسوخة آية الاشتراكية، ومن الآيات المنسوخة آية الديمقراطية.. آية الديمقراطية: "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر".. دي منسوخة بآية السيف.. معاها عدد كبير من آيات الإسماح منسوخة بآية السيف.. وآية السيف تدرجت لغاية ما جاءت في: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم".. اتدرجت من: "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير".. إلى: "وقاتلوا الذين يقاتلونكم".. إلى: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم".. هنا نبينا عند الهجرة قال كده: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن (لا إله إلا الله) وأن محمدًا رسول الله فإذا فعلوا عصموا مني أموالهم ودمائهم إلا بحقها وأمرهم إلى الله".. بعد ما كان منهي عن القتال أُمر بأن يقاتل.. اتحول العمل من الديمقراطية إلى الإكراه.. على اعتبار أن الناس ظهر أنهم عاجزين عن تحمل مستوى الحرية في الديمقراطية، فعوملوا بما يستحقوا.. والأصول اعتبرت مرجأة.. نسخت لأنها أكبر من المجتمع.. في المال في الاشتراكية برضو الأصل قائم في: "يسألونك ماذا ينفقون قل العفو".. والعفو يعني أن تنفق عنك كل ما زاد عن حاجتك.. والنبي فسرها بالحاجة الحاضرة.. لكنها دي أصل في القمة، الأمة ما كلفت بها.. نزل للفرع: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم".. جاءت الشريعة في المستوى ده.. الآية الفرعية في: "خذ من أموالهم" ناسخة للآية الأصلية في: "يسألونك ماذا ينفقون قل العفو".. في المستوى ده شريعتنا ما هي ديمقراطية ولا هي اشتراكية.. الزكاة ذات المقادير نظام رأسمالي.. رأسمالية ما تنبغي أن تنبعث في ذهنك الرأسمالية اللي بتقوم على الاستغلال والربا والاستعمار زي ما هي في الغرب.. الرأسمالية التعريف العلمي يدخل الزكاة ذات المقادير.. اللي هي أي نظام اقتصادي يملك وسيلة الإنتاج للفرد الواحد أو الأفراد القلائل.. والزكاة ذات المقادير ينطبق عليها القدر ده.. فهي من هنا رأسمالية.. ولا يمكن أنت في الشريعة الإسلامية أن تلتمس الاشتراكية.. إطلاقًا.. لأنها مرحلتها مرحلة رأسمالية ملطفة لتطور الناس نحو الاشتراكية.. كذلك لا يمكنك أن تلتمس في شريعتنا الديمقراطية.. ومن ثم ليس في شريعتنا دستور.
هنا لمّاً جاءت آية السيف لأن يحمل الناس على الإسلام بالإكراه، اللي بيدخل في الإسلام بيظل فيه مستشار في أموره، يُشاور في أمره، النبي يستشيره.. جاءت آية السيف ناسخة لآية: "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" في حق المشرك، وآية الشورى ناسخة لآية: "فذكر إنما أنت مذكر" في حق المؤمن.. كأنه النسخ في مستويين.. في حق المشرك السيف.. في حق المؤمن الوصاية.. الناس يقولوا أن الإسلام حكم الشورى.. الشورى ما هي حكم ديمقراطي.. الشورى حكم الوصي الرشيد على الناس القُصر.. يشاورهم ويخالفهم.. الشورى ما ملزمة.