لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search
تصفية المحاكم الشرعية - المحاضرة السادسة

الخرطوم - داخليات المعهد الفني - ٨ يناير ١٩٦٩

الجزء الثامن

هنا إذاً لمّاً إنت تتكلم عن السيادة للشريعة الإسلامية في خلط كبير جدًا في الأمر.. وأنت لمّا تلتمس الدستور الإسلامي من الشريعة الإسلامية لا يمكن أن تظفر به.. بل الحقيقة راح تتورط في مسائل ما تكون ديمقراطية.. اللي هي في الشريعة حكم الردة موجود، لكنه في الدين ما في.. حكم الردة إذا كان قائم ما تتكلم عن دستور، لأنه إسقاط لحق المواطن في حرية العقيدة.. لمّاً تجي أنت للدين، الدين يقول: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".. ده الدين.. "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي".. ده الدين، لكنه ده منسوخ.. فإذا أنت عايز تتكلم عن الدستور الإسلامي لا يمكن أن تصله إلا بتطوير صور الشريعة المرحلية من الفروع لتجيء قريب للأصول.. في الوقت داك حكم الردة يسقط.. شريعة الردة تسقط، ما هي شريعة أصلية، شريعة مرحلية.. كما أنه شريعة السيف ما أصلية وإنما هي مرحلية.. ده أصل الدين بالصورة دي.
الحزب الجمهوري وحده في الميدان لأنه هو وحده اللي بيقول الكلام ده.. الناس الثانيين عايزين يعيدوا الشريعة بصورتها الماضية في كل صورها، ولا يمكن أن يكون في كلام عن الديمقراطية إذاً.. ممكنك أنت أن تقول أنا عايز الشريعة الإسلامية بصورتها ديك، وتكون مخلص معاها.. الإخلاص يديك احترام.. جايز يكون بطلبك للشريعة الإسلامية بصورتها ديك في جهل.. في عدم معرفة بالدين وعدم معرفة بالمجتمع الحاضر.. لكن إخلاصك يخلينا نحترمك.. هسع الناس اللي بيقولوا عايزين الشريعة الإسلامية بصورتها ديك ما هم مخلصين.. ولا هم فاهمين.. ما أعرف إلى أي حد يمكن للإنسان أن يحتملهم حتى، خلي أن يحترمهم.
هنا مثلًا زي جبهة الميثاق، نحن نجي لجبهة الميثاق ونتكلم عنها، وأنا أحب فعلًا أن يكون الكلام ده موجه للأبناء والإخوان اللي هم من جبهة الميثاق.. جبهة الميثاق يجوز هي الأمل الكبير في أنها تخرج من التنظيم الحاضر.. الطائفية راح تمشي في الوضع ده.. والطائفية عايزة تستغل الدين، واستغلت العقيدة فعلًا.. إذا وجدت الفرصة للدستور الإسلامي راح يكون عندها فرصة لتستغل السلطة الزمنية والعقيدة.. وهي بالعقيدة بس، استطاعت أن تضلل الشعب، وأن تجمد ثقافته وأن تخليهم مُحتفظ به للإشارة.. فإذا أديناه نحن فرصة في السلطة الزمنية أنا أفتكر ضيعنا البلد حقيقة.. جبهة الميثاق، إذا كان ناسها وقفوا وفكروا شوية ما عندهم مصلحة في الاتجاه الماشي مع الطائفية.. أنا أحب أنه ناس جبهة الميثاق يفكروا في القضية دي.. أن جبهة الميثاق ما بتقول بتطوير الشريعة الإسلامية.. عايزاها على صورتها.. طيب.. جبهة الميثاق لمّاً كانت في حكومة الهيئات، بعد ثورة أكتوبر، وافقت على إعطاء المرأة السودانية الحق في الانتخاب وفي الترشيح.. ده في الشريعة الإسلامية ما في.. الشريعة الإسلامية بصورتها السلفية، المرأة تقر في بيتها، وما تخرج من بيتها إلا إذا كان في حاجة كسب معيشتها، بأن كان ما عندها من يعولها.. فقُصد أنها تكسب بالعمل الشريف.. واشترط أنها تخرج، وهي لابسة لباس حشمة، ما يظهر إلا وجهها وراحات يديها، كفيها.. وأنها ما تختلي بالأجنبي.. إذا كان ما في الضرورة دي، ما تخرج.. دي الشريعة السلفية بالصورة دي.. إذا كانت جبهة الميثاق بتقول بالتطوير، ممكن أن يكون مفتوح الطريق للمرأة أن تكون على قدم المساواة مع الرجل.. المرأة في الدين مساوية للرجل، لكن في الشريعة ده حقّها.. أنا أفتكر أنه الجماعة من جبهة الميثاق يمكن أن يفكروا في الموضوع ده ويسألوا أنفسهم فيه.
الناحية الثانية برضو تجي مع أن جبهة الميثاق ما محتفظة بالشريعة بصورتها ديك، ولا هي من دعاة تطويرها.. ما محتفظة بها لأنه الحادث بتاع معهد المعلمين الـ نحن قرينا لكم بياننا فيه، اتكلمت فيه شابة من جبهة الميثاق، لشبان في معهد المعلمين العالي، وده الشريعة ما بتعطيه الحق ده.
فنحن نحب أنهم يسألوا أنفسهم، الشريعة العايز الترابي يديها السيادة هنا، هي ياتها؟ هل هي الشريعة القديمة باحتفاظها، وده ما احتفظ بها؟ أم هي الشريعة المتطورة زي ما بيدعو لها الحزب الجمهوري؟ أم هي شريعة تُخرق عندما يكون من المناسب أن تُخرق؟ أنا بفتكر أن النقط دي لو كان الإخوان وقفوا فيها، وسألوا فيها أنفسهم، يمكن أن تكون في رجعة لنصرة الدين.. المسألة مسألة الدين هسا في مضيق حقيقي، وفي حرج حقيقي.. وإذا كان طبق بمستوى جاهل، أنا أأكد لكم أن الخطر كبير جدًا.