إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

عقيدة المسلمين اليوم!!

العقيدة مستويان:


ويمكن أن يقال ان عقيدة التوحيد، كما هي في القرآن، تقع على مستويين: مستوى الفروع – القرآن المدني – مستوى الشريعة .. ومستوى الاصول – القرآن المكي – مستوى السنة .. والمستوى الاول هو ما كانت عليه الأمة، في حين أن المستوى الثاني، كان عليه النبي في خاصة نفسه .. فالمستوى الأول هو مرحلة العقيدة .. والمستوى الثاني هو مرحلة الحقيقة، أو مرحلة العلم .. وكل مرحلة من هاتين المرحلتين تقع على ثلاث درجات .. فالمرحلة الأولى درجاتها الثلاث هي: الاسلام، والايمان، والاحسان: وقد حكاها حديث جبريل ،الذي يرويه عمر بن الخطاب .. وفيه جاء تعريف المعصوم: ( الايمان ان تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والقدر، خيره وشره، واليوم الآخر) اما المرحلة الثانية فدرجاتها الثلاث هي: علم اليقين، وعلم عين اليقين، وعلم حق اليقين .. ثم تجئ الدرجة، الأخيرة من درجات سلّم الاسلام السباعي وهي الاسلام الاخير .. والمرحلة الاولى من مراحل العقيدة هي مرحلة الأمة المؤمنة، والمرحلة الثانية من مراحل العقيدة، هي مرحلة الأمة المسلمة، التي ينتظر ظهورها، عندما يتم بعث الاسلام من جديد، وذلك ببعث السّنة، كما بشّر بذلك المعصوم : والى هذين المستويين، من مستويات العقيدة، تشير الآية الكريمة : (آمن الرسول بما انزل اليه من ربه، والمؤمنون، كل آمن بالله، وملائكته، وكتبه ورسله ..) .. فعبارة (آمن الرسول بما انزل اليه من ربه) اشارة الى العقيدة في مستوى الأصول مستوى الاسلام.. وعبارة (والمؤمنون، كل آمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله!!)، اشارة الى العقيدة في مستوى الفروع – مستوى الشريعة – مستوى الأمة المؤمنة .. وبالطبع فان الفرق شاسع بين ايمان الرسول وايمان الأمة المؤمنة .. بل والفرق شاسع بين ايمان المؤمنين فيما بينهم .. ومما يعين على تصور هذا الفرق في مستويات الايمان، حديث المعصوم عن سيدنا أبي بكر، والذي يرويه على بن ابي طالب، وقد جاء فيه: (لو وزن ايمان أبي بكر بايمان أهل الأرض لرجح بهم) .. وعن الايمان عند امة المسلمين الموعودة يجئ حديث المعصوم، الذي اورده ابن كثير في تفسير سورة البقرة، وقد جاء فيه: (عن ابن محيرز، قال: قلت لأبي جمعة حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قال: نعم، أحدثك حديثاً جيداً: تغدّينا مع رسول الله، ومعنا أبوعبيدة ابن الجرّاح، فقال: يا رسول الله، هل أحد خير منّا؟؟ أسلمنا معك!! وجاهدنا معك!! قال: نعم!! قوم من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني ..) وفي رواية أخرى يسأل الاصحاب بقولهم: (يا رسول الله هل من قوم أعظم منّا أجراً، آمّنا بالله واتبعناك؟؟) .. ويجيب الرسول: (ما يمنعكم من ذلك، ورسول الله بين أظهركم، ويأتيكم بالوحي من السماء؟! بل قوم بعدكم، يأتيهم كتاب من بين لوحين، يؤمنون به، ويعملون بما فيه، أولئك أعظم منكم أجراً، مرتين ..) راجع تفسير ابن كثير سورة البقرة .. وفي حديث ثالث، يقول المعصوم: (الا انّ أعجب الخلق الّيّ ايماناً، لقوم يكونون من بعدكم، يجدون صحفاً فيها كتاب، يؤمنون بما فيها) راجع المصدر السابق.
على ضوء هذه الصورة، عن المستويين في العقيدة، سيكون حديثنا عن فساد عقيدة المسلمين اليوم، وعن تصحيح هذا الفساد.