إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

بنك فيصل الإسلامي!؟

كيف يكون الربا لمصلحة المسلمين؟


وحين تطرّق النقاش، في إجتماع الجمعية العمومية، لبنك فيصل الإسلامي المصري، عن معاملات البنك الإسلامي الربوية، مع البنوك الأخرى، لم يعتذر الأمير محمد الفيصل بأن (الضرورات تبيح المحظورات) كما قال من قبل، وإنما تذرّع بذريعة أخرى، مما يدل على أن المقصود هو الإستفادة المادية والسياسية وراء حركة البنوك الإسلامية.. ثم التبرير للمفارقة بما يناسب المقام..
اقرأ ما جاء في الإهرام الإقتصادي العدد 689 بتاريخ 29 مارس 1982م صفحة 6: (وقال الشيخ عادل عزّام ان البنك حسب تقرير الميزانية قد أودع 185 مليون دولار في البنك المركزى والبنوك المحلية، وان البنك حصل على فوائد على بعض العمليات، وهذه الجوائز أو الفوائد تعتبر ربا.. وقال الأمير محمد الفيصل أنه حتى مع فرض حصول البنك على هذه الجوائز فإن هناك رأيا للدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر السابق، فقد رأى أنه يمكن الحصول على هذه الفوائد اذا تم ايداع اموال المسلمين في بنوك ربوية أجنبية، حتى يستفيد منها المسلمون في مشروعات تخصهم..) إنتهى.
إننا لا ندري مدى صحة نسبة هذا الحديث لشيخ الأزهر السابق، ولكنه على كل حال حديث لا يليق بمسلم، اذ كيف يظن أحد، أنه يمكن ان ينتفع من الربا، في عمل يخص المسلمين، والله تبارك وتعالى يقول: (يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّ‌بَا وَيُرْ‌بِي الصَّدَقَاتِ)؟؟ ويقول: (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّ‌بًا لِّيَرْ‌بُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْ‌بُو عِندَ اللَّـهِ)؟؟ والنبى صلي الله عليه وسلم يقول: (ما أحد أكثر من الربا الاّ كان عاقبة أمره إلى قل!!)؟! ابن كثير صفحة 329

البنك الإسلامي ومشكلة معدّل الخصم


والبنك الإسلامي لا يفارق الشريعة بحجة (الضرورات تبيح المحظورات) فحسب، بل أنه لم يجد بديلا عن الممارسة المعنية التي يكون فيها الشبهة.. جاء في المناقشات التي أعقبت محاضرة (تجربة البنوك الإسلامية) التي قدمها لبنك السودان في 26 يناير 1981م السيد عبد الرحيم حمدي نائب مدير بنك فيصل الإسلامي السوداني ومحرر جريدة الميثاق التي كانت تصدرها جبهة الميثاق الاسلامي سابقا جاء ما يأتى:
(سؤال: في حالة التمويل طويل الأجل يكون هناك حاجة الى عمل تقييم للمشروع، وقد تكون طريقة التقييم غير متفقة مع الإسلام اذا استخدم فيها معدّل الخصم "Discount Rate"
المحاضر: ليس لى رأى معين في هذا الموضوع لأنه تحدّ يواجهنا جميعا وقد طرحت هذه المشكلة في جدة في العام الماضي في ندوة عن مشاكل الإستثمار في البنوك الإسلامية وحتى الآن لا يوجد بديل ملائم لإستخدام سعر الخصم في تقييم المشاريع) إنتهى..
واضح أن نائب مدير بنك فيصل الإسلامي يوافق السائل في أن نظام سعر الخصم لا يتفق مع الإسلام ولكنهم يمارسونه، لأنهم لم يجدوا بديلا، ملائما، غيره، في تقييم المشاريع وهذه المشكلة تواجه كل البنوك الإسلامية وحين طرحت في جدة لم يجدوا لها حلاّ.. والسؤال: هل يكفي الإعتذار بعدم وجود بديل للإستمرار في معاملة مفارقة للدين؟؟ ماذا لو قال أصحاب البنوك الربوية أنهم لم يجدوا بديلا ملائما لنظام سعر الفائدة (الفائظ)؟ هل يعذرهم مثل هذا القول في نظر مفكري البنوك الإسلامية؟؟
ان الخطورة كلّها، في ان تقوم هذه البنوك الإسلامية، وتشرع في الممارسة، قبل أن تجد البدائل الشرعية للمارسات المفارقة للدين، مما يدّل على ان أمر الربح، هو المقدم، عند مؤسسي البنوك الإسلامية، وأمر الدين هو المؤخر، للحد الذي يجعلهم يمارسون المفارقات، ثم بعد ذلك يناقضون بدائلها، وحتى عندما لا يجدون البديل الشرعي، لا يجعلهم ذلك يوقفون ممارساتهم المفارقة للدين.. فأعجب لإسلام لا ينهى صاحبه عمّا يعرف من الحرام!!