إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search
الدستور والحقوق الأساسية
نادي أبناء أرض الحجر

الأربعاء ١٩ مارس ١٩٦٩

الجزء الثامن

((٨))

الأستاذ: دا كلام صحيح طبعاً، كلام صحيح بــ ..، الكلام القيل في السؤال كلام صحيح بمعنى إنه الجهات العايزة تكلفت الدستور بسرعة بتقدر تمرره، أنا أفتكر بتقدر تمرره. لكن في حاجة أساسية يمكن الإنسان ان يقولها، هي أنه إنت ممكن تفرض حاجات كتيرة على الناس، لكن الدستور ما واحد منها. الدستور إذا كان ما إتوفر ليهو الاحترام والحب والتعلق من الشعب والحماية ليهو، ما بستمر. ما بقول يعنى ما مكن أن يفرض دستور الناس يحكموا بيهو سنة أو سنتين زي ما هو قال، لكن صمام الأمان ضد الدستور الباطل هو وعي الشعب. الاعتبارات اللي هو قالها نحن عندنا في الحقيقة، وهي ظاهرة جداً وواعية، لكن ما في سبيل بالمرة لمعارضة أي تزييف للحكم الديمقراطي إلا وعي الشعب. جايز، زي ما قال، لمن يقوم الدستور دا الندوة الزي دي قد لا توجد، أنا أفتكر الأحرار برضو ما بيجدو فرصة ليتكلمو، ودا كلام صحيح. لكن على بال ما تكون الخطوة بتاعة الدستور البيكمم الأفواه، ويحل الأحزاب، ويمنع الدور من حرية المحاضرات باسم الدستور أو باسم الدين، هي في الغالب ما بيجي دستور بيمنعا، إذا كان منعت بتمنع بحكم دكتاتوري، لكن باسم الإسلام ممكن تمنع. الإسلام الجاهل بمعنى إنه موش إنت وأنا جهة الإسلام، الناس اللي هم مشهورين بأنهم علماء ديل هم اليقولو الكلمة.. بالصورة دي بيمنع. ودا، الخطر دا موجود، لكن أنا أفتكر ما في طريق بالمرة لمقاومة الخطر دا، إلا أن نجد ونسرع في استغلال الفرصة الحاضرة للتنوير، ثم إذا قامت الحركات البتكبت يجب أن يكونوا في ناس مضحيين فعلاً ليقيفوا المواقف الباسلة ليعارضوا. بعدين الشعوب ما بتغلب، شوف نحنا في الحكم العسكري كممت أفواهنا ستة سنين، تحت الأرض في حركة، ولا إنت ولا أنا ما كنا شاعرين بنضجها بالصورة دي، لمن انبثقت في ثورة أكتوبر أذهلت الناس. فالوضع الخطأ هو بيحمل جراثيم فناهو في ذاته. الحاجة الواجبة علينا نحن هو التوعية. وأنا ما أفتكر أبداً في طريق لمقاومة الحكم الفاسد، لتزييف الديموقراطية، لفرض الآراء الخطأ على الناس، إلا وعي الشعب. ممكن طبعاً تكون في تكتل لجبهة عريضة تقاوم. نحن مثلاً يوم بكرة عندنا دعوة للأحزاب والهيئات لتجي في دارنا، وعملنا تخطيط، هو في الحقيقة مش ميثاق، الحقيقة هو بسط للفكرة الجمهورية في الدين، في الدستور الإسلامي. لمن يجوا الناس ديل يناقشوا في الموضوع دا، نحن في الحقيقة بنعرض عليهم أفكارنا نحنا، أو الواحد لأول مرة يشوف كأننا نحن بندعوهم ليكونوا جمهوريين. نحنا لو كنا حزب من الأحزاب بيكون الكلام دا عبث طبعاً. إنت حزب وتدعو حزب ليصفي وجودو ليجي يكون معاك جمهوري، دا بكون خطأ. لكن لأنه نحن بنعتقد إنه دي الدعوة الإسلامية، وأي إنسان بيدعى للدعوة الإسلامية. أنحنا ضد أن تكون في جبهة عريضة للمقاومة. لأنه المقاومة إذا كان ما بتنبعث من مركز قوة ما بتجدي. أها مركز القوة هو الوحدة الفكرية، إنتو زي ما شوفتوا ثور أكتوبر، ثورة أكتوبر كانت فيها وحدة عاطفية، مش وحدة فكرية، لكن وحدة عاطفية ما بتندخل بالمرة، لأنه كل واحد في الشعب في ثورة أكتوبر كان بفتكر أنه الثورة بتاعو، ما منتظر من خطيب يحمسه ولا من سياسي ليوجهه. الشعب كله، كل واحد بيعمل في عمله اللي هو بفتكره خاص به هو. الوحدة دي إذا ما عادت تاني مرة، ما في إحراز لتغيير في البلد. الوحدة تاني ما بتعود بثورة العاطفة، لأنه ما عندنا عدو مشترك. قبيلك العساكر ما كان معاهم سند شعبي، الشعب كلو ضدهم، استطاع أن يتوحد، لكن النظام الديمقراطي، بعض الناس معاهو، كتيرين أو قليلين. في الحالة الحاضرة، إمكن اغلبية الشعب معاهو. إذا جيت إنت للمثقفين، جايز يكونوا مقسومين، بعضهم معاه وبعضهم ضده. الشاهد إنه ما بتكون في وحدة إلا بثورة فكرية. من أجل كدا نحن مرشحين "لا إله إلا الله" لتحدث الثورة الفكرية البتكون بيها الوحدة الفكرية متوجة للوحدة العاطفية، لتعود ثورة أكتوبر مرة تانية في الصعيد الفكري، بعدما أنجزت إنجازها في الصعيد العاطفي. انا بشوف إنه مجرد تكتل جبهة عريضة لتقاوم، ما بكفي. حتى لو كانت عندنا جبهة عريضة لتقاوم بتكون مسألتنا قريبة من مقاومة أكتوبر. اكتوبر في قمة انتصر الشعب، لكن ليه ما استطاع أن يستمر؟ لأنه ما في فكرة على أساسها يبني، بالعاطفة هدم الفساد. ليبني في مكان الفساد صلاح، عايز فهم، الفهم دا ما كان في. نحن هسع لو إتكتلنا تكتل في جبهة عريضة بدون فهم موحد، قد ننتصر على المرحلة الحاضرة من تحطيم اي دستور، لكنه ما بنستطيع أن نضع دستور، وبنتفرق مرة تانية. ولذلك نحنا دعينا لأن يكون في وحدة فكرية. بنفتكر أنو، لمن نحن ندعو الناس لـ "لا إله إلا الله"، وندعوهم لتقليد النبي بالصورة اللي دعينا بيها في كتابنا "طريق محمد"، ما دعينا للحزب الجمهوري. الحزب الجمهوري مش حزب إلا لأنه دا التنظيم الممكن إنت تباشر فيه منهاجك في الدعوة، بس. لكنه ما هو حزب من النوع بتاع الأحزاب، نحنا ما بندخل الانتخابات، ولا بنجي لأي إنسان، نحنا لمن نحاضر بالصورة دي، أو ننشر محاضراتنا وكتبنا في أي جهة، ما راح نجي لأي دايرة نقول ليها والله مرشح الحزب الجمهوري فلان الفلاني، دا ما بكون بالمرة. وفي الحقيقة ما بندعو أي واحد منكم لينا، بندعوه لنفسه. إذا كان الكلام دا حق، إذا كان هو عايز الله، إذا كان الكلام النحن بنقوله فيه حرارة بتوري إنه بودي لي الله، يأخدو ولا يشكرنا عليه. نحن من ثم، سمحنا لأنفسنا بأن ندعو الأحزاب لغير ميثاق، للفكرة الجمهورية، وما أفتكر أبدا، في الأخير، في الرد على السؤال، ما في طريق بالمرة لأن يحترز الشعب ضد التضليل البقوم بالإسلام أو بقوم بأي تضليل آخر إلا الوعي. والوعي دا يجب أن يعملوا الناس فيه في أوكات الحرية، وفي أوكات الكبت. وفي أوكات الكبت الأفكار بتنتشر اكتر خلي بالك، ما تفتكر أنه الاضطهاد والظلم بحجر الأفكار، بل الحقيقة بخليها تسعى بي حيطة، وبتسعى تحت الارض، وتجد عطف وتجد شغف والناس يتعلقوا بيها. فأنا ما بفتكر أنه الأفق مظلم، الأمل كبير جداً في أنه الشعب يتحرر. واجبي وواجبك هو أن نتوعى نحنا وأن ننشر الوعي.