يا جماعة الأشقاء ويا جماعة الأمة..
أيها القاسمون البلاد باسم الخدمة الوطنية..
أيها القادحون قادحات الإحن فيما بين أبناء الأمة!!
أيها المذكون ثائرات الشر والتفرقة والقطيعة..
أيها المرددون النغمة المشئومة - نغمة الطائفية البغيضة.. إنكم لتوقرون أمتكم وقرا يئودها!!
يا هؤلاء وهؤلاء: أنتم تتمسّحون بأعتاب المصريين، ولا تقوون على أعمال الرجال الأشداء.. وأنتم تتمسّحون بأعتاب الإنجليز لأنكم صورتم المجد في أخلادكم صوراً شوهاء..
أنتم تريدون السلامة وانتم تريدون الملك.. أنتم تضيعون البلاد لما تجبنون وانتم تضيعون البلاد لما تطمعون.. أنتم تستغلون سيداً لا يعرف ما تريدون، وأنتم يستغلكم سيد يعرف ما يريد، والبلاد بينكم أنتم وانتم على شفا مهواة ومهانة.. فليلطف الله ببلاد لا يخدم نهضتها إلا صغار الموظفين أو كبار الموظفين.. وليتدارك الله ديناً باسمه يحيا أناس في برد العيش وقرار النعمة ورخاء الدعة وباسمه هم لأبنائه يكيدون..
يا هؤلاء وهؤلاء: إن الله لواحد، وان الدين لواحد، وإن الوطن لواحد، ففيم تقيمون على هذا النحو المزري؟؟
يا هؤلاء وهؤلاء: لأنتم أشأم على هذه البلاد من كل شؤم وشؤم.. يا هؤلاء كونوا ليوثاً غضاباً أو فكونوا قردة خاسئين، وارحموا شباب هذا الوادي المسكين، فقد أوسعتموه غثاثة وحقارا وهوانا.. أيها السادرون من هؤلاء وهؤلاء: لا تحسبن أن الكيد لهذه الأمة مأمون العواقب، كلا، فلتشهدن يوماً تجف لبهتة سؤاله أسلات الألسن، يوماً يرجف كل قلب ويرعب كل فريصة..
الحزب الجمهوري 1945م
هذا، وموقفنا من وثيقة الأحزاب يتلخص في أننا من جانبنا لا نقرها لأنها تختلف في جوهرها اختلافا واضحاً عن دستورنا، على أننا لا نفهم لماذا نتقيد بإتحاد وتحالف، فنضع بذلك حق البلاد الطبيعي في الحرية موضع المساومة، بأن ندفع ثمن الحرية إتحادا مع هذا أو تحالفا مع ذاك!!..
إن الحزب الجمهوري ليؤمن بالسودان أيمانا لا حد له، وانه ليريد له استقلالاً كاملاً شاملاً عن ربقة الاستعمار، وإنه لينكر أشد الإنكار زعم الذين يزعمون هنا وهناك، أن الدعوة إلى الاستقلال تبيت أمراً للعلاقات التي تربط بين مصر والسودان.. فالدعوة للاستقلال حق طبيعي من حقوق هذه البلاد وهي ينبغي أن تسر مصر لا أن تسوءها، وينبغي أن تساعدها مصر بكل سبيل لا أن تعقد لها بكل سبيل، فلأن يكون السودان حراً قوياً مستقلاً أفضل لمصر، وأعود بالخير، على تلك العلاقات من أن يكون مستعمراً مستهاناً ..
جلاء الانجليز والمصريين على السواء، وليس شئ يثنيه عن ذلك، وسيكون على مصر أن ترعي الصداقة اليوم وسيكون على السودان أن يرعاها غداً، والذين يشترطون في استقلالنا اتحاد مع مصر يريدون الخير ولكنهم يجهلون وجهه وسيكون عذرهم عند الخيبة عذر كل جاهل – حسن النية – ذلك عذر قليل الغناء
الحزب الجمهوري
رأي الحزب الجمهوري في قرار المؤتمر ووثيقة الأحزاب
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى المؤتمر والأحزاب:
1/ قرار المؤتمر أو وثيقة الأحزاب لا حظ لأيهما من الفهم السياسي المستنير وهما بذلك سيكونان أسوأ دعاية للسياسي السوداني في فهمه لقضية بلاده..
2/ سواء كان الوفد من صفوف المؤتمر فحسب أو من المؤتمر والأحزاب جميعها، وسواء كان المبدأ الذي يبغي الوفد تحقيقه صحيحاً أم خاطئاً، فإن طريقة سفر الوفد تسللاً، من غير أن يستكره الحكومة على احترام كلمته والاعتراف به جبن وخطأ، وسيعرضان قضية البلاد للسخرية من خصومها في الخارج، ولفقدان الثقة من أهلها في الداخل..
3/ قضيتنا قضية حرية، ولا سبيل إلى كسبها إلا بإثارة الشعب حولها بالدعوة الجريئة السافرة، وأولي الخطوات لتوحيد البلاد، هي فتح الجنوب على مصراعيه، واستكراه الحكومة على احترام الحريات العامة – حرية الكتابة وحرية الكلام وحرية التنقل – فعلا لا قولاً.
4/ نحن موقنون أنكم تطلبون الخير ولكنكم تجهلون أصل القضية، ولهذا رأينا أن نتصدى لنصيحتكم إذ أننا لو كنا نتهمكم بسوء القصد (الخيانة) لكان لنا معكم شأن آخر..
5/ وليس الخائن لدينا من يفهم مقصد السبيل ثم يحيد فقط وإنما الخائن أيضاً الجاهل الذي تأخذه العزة بالإثم - وقد أعذر من أنذر..
الحـزب الجمهوري
14 / ربيع الآخر 1365 هـ
17 مارس 1946م
لقد أطلعناكم على رأينا في مبادئكم وأساليبكم قبل سفر مندوبيكم، ولم نرفع صوتنا بذلك الرأي – كما هو حقنا وواجب الأمة علينا - لأننا نكره أن يستغل الاستعمار صوتنا ضدكم.. أما الآن وقد بدل أعضاء وفدكم قولاً غير الذي قيل لهم، واستجدّوا أمرا غير الأمر الذي اتفقوا عليه بيننا، رضوخاً لسطوة الساسة المصريين، فإنا نرى السكوت عقوقاً لهذه الأمة لا يدانيه عقوق.. إن للوفد خطة رسمها، ودستورا وضعه.. هذا الدستور هو المطلب الأساسي وهو جلاء شامل كامل من وادي النيل، ثم يأتي بعد ذلك مطلب آخر وهو تنظيم العلاقة بين الشمال والجنوب وفق وحدة تجمع مابين الأخوين المقيمين على ضاف النيل..أما بيان رئيس وفدكم الذي نشرته الصحف المحلية أمس واليوم هو بعينه مطلب الساسة المصريين.. وتدل القرائن كلها هنا على أنكم لا تستنكرون تصرف ممثليكم وضعفهم وانقيادهم، ولا تعترضون على هذا الوضع الجديد الذي انساقوا إليه انسياقاً، والذي سيجر البلاد إلى خراب محقق.. وهذا الجلاء التام مبدأ لا خيار عليه وهو مبدؤنا نحن، ولكنه جلاء المستعمر الانجليزي والمصري على السواء.. فليست قضيتنا تقوم على استبدال سيد بسيد.. وأما وحدة وادي النيل فمؤامرة خبيثة أملتها مطامع السياسة المصرية، لم يقو مندوبيكم على النهوض لها، ومواجهتها.. ونحن لاجئون لرفع صوتنا ضد هذه الألاعيب ما لم نستلم منكم في ظرف 48 ساعة ما يفيد بأنكم اتصلتم بمندوبيكم هؤلاء وأقنعتموهم بتعديل موقفهم هذا الأخير.
أمين محمد صديق – سكرتير الحزب الجمهوري 12/4/1946م
صاحب الدولة رئيس الوزارة المصرية
صاحب الدولة رئيس وفد بريطانيا للمفاوضات المصرية
بواسطة سفير بريطانيا بمصر
بعد التحية
بالإشارة للمحادثات القائمة الآن بين دولتي بريطانيا ومصر لتعديل معاهدة سنة 1936م، يرى الحزب الجمهوري أن يسجل وجهة نظره أدناه:-
1/ من الحقائق المقررة أن السودان غير مصر، وان الشعب السوداني غير الشعب المصري، وان لكل من الشعبين تاريخ وتقاليد تختلف تمام الاختلاف، فكل دعوة بخلاف هذه لا تستقيم عمليا، وفيها افتراء على الحقيقة والتاريخ، يعتبره الحزب الجمهوري مؤامرة خبيثه على كيان هذه الأمة، ولن يقف أمامها مكتوف الأيدي.
2/ الحزب الجمهوري لن يتقيد بأي اتفاق يبرمه وفد الأحزاب السودانية الذي بالقاهرة الآن، مع أي جهة رسمية.
3/ المطالب التي يؤيدها الحزب الجمهوري هي:
الاستقلال التام الناجز – جلاء الانجليز والمصريين على السواء وقيام جمهورية ديمقراطية..
وتقبلوا فائق الاحترام
أمين محمد صديق – سكرتير الحزب الجمهوري
مصر للمصريين والسودان للسودانيين، وكل بلد شرقي فهو لأهله.. أيها المصريون – عودوا فنظموا منزلكم، وسنلتقي في مسالك الحياة المحتشدة وقد أضنانا الجهد، ومسنا اللغوب فنفئ إلى علائق العواطف النبيلة ويقول بعضنا لبعض: انتم قومنا، وعشيرتنا، وأهلنا الأدنون..