سعادة السكرتير الاداري
بعد التحية
الحزب الجمهوري الذي يسعي إلى تحقيق وحدة السودان أولاً، وقبل كل شئ يقف الآن أمام مسالة الجنوب.. ومسالة الجنوب هذه هي مصدر وطر لم ينقض لهذا الحزب كلما فكر في وحدة السودان، وذلك لأن السياسة الانجليزية في الجنوب، تلك التي قضت بقفله أمام سكان الشمال، لا يمكن أن تكون من دواعي حسن النية.. ومهما يكن من أمرها، فإنا لا نطيق عليها صبراً، وليس هذا ما كتبنا لنقوله، وإنما كتبنا لنستبين بعض المسائل وبواعث النشاط الذي تبديه هذه السياسة منذ العام فيما أسمته مشروع الزاندي.. وهذا المشروع الذي سيكلف الخزينة بضع ملايين من الجنيهات، هو فيما نزعم اتجاه جديد لنفس السياسة القديمة – اتجاه يتخذ قناعاً غير قناع الدين، ولكنه سيفضي إلى جعل الجنوب مزرعة بريطانية ومهجرا بريطانيا على غرار كينيا ويوغندا.. نحن نريد أن نعرف أين نقف من الجنوب؟ ولما كان من غير الميسور أن نعرف الحقيقة بمجهودنا الشخصي نظراً للتكتم الرصين الذي يحيط بمسائل الجنوب كبيرها وصغيرها، فقد آثرنا أن نسال الجهة الرسمية المسئولة.. نحن نريد أن نعرف:-
(1) البواعث وراء مشروع الزاندي
(2) كم مليوناً من الجنيهات يكلف وفي كم سنة نفرغ منه
(3) ماهي منشآته
(4) إلى متي تستمر الحكومة مقفلة الجنوب في وجه الشمال
(5) ماهو السر في قفل أماكن كتم والروصيرص
هذا ما كتبنا نستوضحه:
و تفضلوا يقبول فائق الاحترام
أمين محمد صديق / سكرتير الحزب الجمهوي 19/12/1946م
منشور (6) – مشكلة الجنوب
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بيان الحزب الجمهوري للناس.. هو نذير من النذر الأولي ستليه أخر، ترمي بالشرر وتضطرم بالنار وتتنزى بالدم، فإن مسالة الجنوب لا يمكن الصبر عليها ولا الصبر عنها، وإن الانجليز ليبيتون له أمرا، ولئن لم نحتفظ نحن اليوم بالجنوب احتفاظ الرجال، لنبكينه غداً بكاء النساء..
أيها السودانيون: لماذا يقفل الجنوب في وجه الشمال وتفتح أبوابه لكل دخيل جشع نازح آفاق؟ أهي الشفقة بأهل الشمال أم الرأفـة بأهل الجنوب أم الكيد للاثنين معاً؟ وهل هناك جرم في الانتساب إلى الشمال؟ وما سكوتكم على مسالة الجنوب على هذا النحو المزري؟ ولماذا هذه المرونة التي لا تتفق وكرامة الرجال؟ ولماذا تطأطئون رؤوسكم إلى الأبد والله لا ينهاكم عن الذين أخرجوكم من دياركم.. لماذا؟ أحبا في السلامة؟ أم عزوفا عن الكرامة؟ أم زهداً في الأوطان؟ أم لأن للانجليز رب قوي، ولكم رب ضعيف؟
إن الحزب الجمهوري الذي يسعي لتحقيق وحدة البلاد أولاً وقبل كل شئ، يقف اليوم أمام صخرة الجنوب وقد عقد النية على إزالتها عن طريق الوحدة بالغاً ما بلغ أمرها، ونحن إذ ننوء بأعباء هذا الطريق الوعر ليس لنا من عتاد غير هذا الشعب، إليه نتجه وبه نهيب، وله ندعو بالهداية إلى صوت الحق من بين هذا النقيق الذي يزحم الأفق الآن فيفسد الرأي ويوهن العزم..
إن الحزب لعلى يقين من أمره وإيمان بربه وثقة بسودانه، وسيجهر بدعوته يوم يجهر بها ثم يتبين أين نحن مما ندعي؟؟
21/2/1946م
الحزب الجمهوري
الجنوب – الجنوب – الجنوب
ما سكوتكم عن الجنوب أيها السودانيون ما سكوتكم؟؟
تعالوا فاتركوا هذا العبث السخيف - هذه المذكرات والوثائق، هذا التحالف والاتحاد – وواجهوا الحقائق المرة.. فالجنوب هو مشكلتنا الأولي والسكوت عنه مزر بكرامة السودانيين ابلغ الزراية..
أيها السودانيون: انتم دافعتم عن الحرية دفاع الإبطال، فهل نصيبكم منها أن تكونوا في أوطانكم مشردين غرباء؟؟
أيها السودانيون: انتم رويتم شجرة الحرية في منبتها الوعر بدماء أبنائكم ودموع نسائكم، فهل رضيتم فيها أن تعيشوا في أوطانكم مستعبدين أذلاء؟
أيها السودانيون: أين الذين منكم طاحوا في الدفاع عن الحريات في أقاصي الأرض، فبكت نساؤهم ويتم أطفالهم وخلت دورهم، وانفض سامرهم..
أيها السودانيون: أين الدماء السودانية الذكية التي روت صحراء الشمال وخضبت جبال الشرق وسالت في مجاهيل الأرض؟
ستحيق لعنة الله ولعنة اللاعنين – أيها السودانيون – على الذين منا يجعلون زهق تلك النفوس الأبية، وإراقة تلك الدماء الزكية سدى وفي غير طائل.. إن سكوتكم عن الجنوب أيها السودانيون، لييئس منكم الولي ويطمع فيكم العدو.. الجنوب أرضكم – أيها السودانيون – والجنوبيون أهلكم، فإن كنتم عن أرضكم وأهلكم لا تدافعون، فعن من تدافعون؟
أيها السودانيون: قدروا (إن الله يدافع عن الذين أمنوا، إن الله لا يحب كل خوان كفور * أذن الذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير * الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله)
25/2/1946م
الحزب الجمهوري
القي الأستاذ أمين محمد صديق سكرتير الحزب الجمهوري خطاباً عاماً أمس الأول عن الجنوب في الخرطوم بحري أمام السينما الوطنية، وأعاد القاءه في نفس الليلة في مكان آخر في الخرطوم بحري، وقد استدعاه البوليس هذا الصباح وحقق معه، فاعترف بكل ما حصل وزاد بأن هذا جزء من خطط كبيرة ينفذها الحزب الجمهوري..
أخي أمين!!
أنت من هذا الذي أضعه بين يديك الآن، كنت، ولا تزال، ولن تنفك.. لقد أفنيت عمرك في تحقيقه، ثم في إحقاقه.. فلئن أهديه إليك اليوم في القراطيس فلا عجب، فقد كنته في الدم، واللحم، صدق مواجهة، وصراحة قصد ووترية فكر..
حفظك الله، وحفظ عليك، وأمتعك بعافية البدن، وعافية العقل وعافية القلب..
أخوك محمود.. أم درمان.. 15/12/1979
25/ محرم 1401هـ