(الحاجة اللي الإنسان قوي الثقة بي الله فيها، أنّو الجمهوريين ما يلقوا إلا ما يقوّيهم، ويزيدهم، ويجهزم لأمرهم، بالمرة.. زيما حصل، الاعتقال، الناس مشوا لِيهُو مسرورين وفرحانين، وعاشوهو مسرورين وفرحانين، وخرجوا منه مسرورين وفرحانين.. لكن، من المؤكد أنُّو، نحن مقبلين على حركة عايزة تشمير أكتر.. بنقصّرها بقدر ما نشمّر.. نحن خرجنا في وكت، برضو، الشعب واقع عليه شيء كتير جدًا من الاضطهاد، ومن الظلم، ومن «الجوع»، من الجوع بصورة محزنة!!
بعدين، السلْطة في أضعف أوقاتها، حاجة مربوكة – السلْطة مربوكة، ما عارفة تعمل شنو.. الهوس الديني، لضعف السلْطة، افتكر أنُّو هو قريب من السلْطة.. والهوس الديني، من المؤكد، أنه بيستهدف الجمهوريين – ما عنده أعداء غير الجمهوريين، حتى ولا السلْطة!!
ولذلك، أنا بفتكر أنُّو الأيام المقبلة راح تكون أيام عراك.. لكن، العراك ما بيضركم بأيّ حاجة.. راح يقوّيكم، ويزيد قاماتكم..
بس لأنُّو المشوار طويل.. المشوار مش بحساب الزمن، بحساب القامة الروحية.. القامة الروحية المطلوبة كبيرة جدًا.. إذا كان نحن أيقنا بأنُّو الفكرة الجمهورية هي الدين؛ وأنُّو الدين عائد بغرابة، وغرابة شديدة.. وأنو عائد ليكون في قامة هي قامة كوكبية، زي ما المجتمع البشري مجتمع كوكبي، وكلو محتاج للدين.. لا بد أنُّو الناس البيرفعوا المشاعل دي يكونوا قامات عالية جدًا..
كل العوامل بتتضافر لترفع القامات دي.. لكن، بقدر ما نجوّد – بقدر ما نغيّر أنفسنا – نحن بنقصّر المشوار دا.. واحد من مشايخة الأحمدية – الشيخ البشير، في الحقنة – أدّى واحد من تلاميذه إسم عشان يكرره في سبحته.. قال لِهُ: أعملو كم، يا مولانا؟؟ قال لِيهُو: إن كنت من أهل التوحيد، أعملو مرة واحدة!! الناس بيعملوا عدد السبعين عشان يكون في واحد صاح..
هسع الجمهوريين أمامهم المشوار دا، إما الحكاية تبقى سبعين ألف، أو بتبقى واحدة، حسب التجويد.. وإذا كان كل واحد عرف مسئوليتو؛ وعرف خطورة القامة المطلوبة منو، والمقام المطلوب أن يملأهو؛ وعكف على نفسه، أفتكر المشوار قصيّر.. لكن، لا بد من أنه يكون في تغيير جوّه..
المعركة الجمهورية هي كلها معركة روحية.. انتوا بتنتصروا انتصار روحي.. زيما بنقول أنُّو، «معركة الجمهوريين في سجادة التلت».. دي كان بتقال دائمًا.. بطبيعة الحال، الناس كلما يمشوا لقدام، زي البيجمعوا قوة، وسرعتهم بتبقى أكتر، لأنُّو في أنوار استجمعت.. بيجيئكم وقت أنُّو، الأنوار الاستجمعت دي فجأة تشتعل.. زي حكاية «ثم أنشأناه خلقًا آخر».. بعد الستة أطوار «ثم أنشأناه خلقًا آخر».. فإنتوا، هسع، الناس الخرجوا من المعتقل، والناس المعتقلين في البيوت، وفي المكاتب، وفي كل جهة.. كل جمهوري هو، في الحقيقة، في المعتقل – كل جمهوري «غريب» على المجتمع دا.. والغربة، بطبيعة الحال، بتخلي الإنسان ينظر لداخلو أكتر مما ينظر لخارجو، هو.. بيشعر بأنُّو هو مقصود بالعداوة، وأنُّو ما عنده لمواجهة العداوة غير الالتصاق بالله..
المسألة، البتحوجكم لي الله، هي مسألة لخيركم.. ما في أي كلام.. وأنا أفتكر أنُّو في الأيام المقبلة راح تشعروا بالحاجة لي الله أكتر مما شعرتوا بِها في أي وقت.. وأنا مستبشر للمسألة دي، تمامًا!!
نحن في منعطف جديد.. أفتكر أنُّو الناس ياخدوه بالجد اللازم، والعمل اللازم.. ما بتلقوا أنُّو العمل دا نار، بتلقوه نور، نور أخضر بارد، ولذيذ، وممتع!!فالناس أحسن يعكفوا، فعلًا، بالصدق، في مواجهة أمرهم.. وخيركم قريب، أصلُ ما في أدنى شك.. وما يجري لِكم إلا ما يزيدكم قوة، وقرب، والتصاق بالله..
(من جلسة للجمهوريين أمسية 19 ديسمبر 1984، بمدينة أمدرمان)