إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

مسؤولية النقـد بين (الجـبهة) وخصـومها
مزيد من الهوامش على طرح د. عبد الله علي إبراهـيم

د. النور محمد حمد


٢١ مايو ٢٠٠٣

القضاة الشرعيون والتسييس الديني:


نشرت قبل أسابيع، مقالا، نقديا لطرح الدكتور، الفاضل، عبد الله على إبراهيم، حول ما أسماه التقليد الشرعي، والحداثة. وقد ركزت في ذلك المقال على إنحاء الدكتور الفاضل، باللائمة على الجمهوريين في تغليظ القول، على القضاة الشرعيين، في حقبتي الستينات، والسبعينات، من القرن الماضي. وقد أوضحت، في مقالي السابق، أن العراك مع القضاة الشرعيين ليس مما كان ممكنا تجنبه، أصلا. فالقضاة الشرعيون لم يتجهوا إلى الحوار، بداية، وإنما جنحوا منذ الوهلة الأولى، إلى إستخدام سيف القانون، لإسكات صوت الإجتهاد الإسلامي، الذي رأوا مغايرا، لما درسوه في مؤسسات التعليم الديني التقليدية، كالأزهر والمعهد العلمي بأم درمان، الذي أصبح فيما بعد جامعة أمدرمان الإسلامية، وكلية الشريعة بجامعة الخرطوم. كان القضاة الشرعيون، هم البادئين بالحرب، وبالتجني على الأستاذ محمود محمد طه، والإخوان الجمهوريين. ولقد قادتهم خصومتهم، المبيتة، لفكر الأستاذ محمود محمد طه، إلى درجة خرجوا فيها بالمحكمة الشرعية العليا بالخرطوم، جملة واحدة، عن قانون تأسيسها، الذي أنشئت بموجبه، وأعطوها، فجأة، وبلا مقدمات، وبلا أي مسوغ قانوني، حق النظر في قضية ردة! ومما ورد ذكره أيضا، في المقال السابق، أن تلك القضية قد رفعت من جانب بعض المشائخ، وأن بعضهم محسوب على جماعة جبهة الميثاق الإسلامي، كالشيخين، على طالب الله، وعطية محمد سعيد.

وفي تحريات الجمهوريين اللاحقة، اتضح أن الذين تقدموا بتلك الدعوى، لم يروا بأسا في أن يزوروا القاضي، الذي تخيروه لنظر الدعوى! نعم! ذهبوا إلى القاضي، توفيق أحمد الصديق، في عقر داره، وقبل التقدم بالدعوى، ليستشيروه في رفعها!! أكثر من ذلك!! فهم من فرط غفلتهم، عما ينبغي أن يكون عليه حال القاضي، من النزاهة، والحياد، لم يجدوا بأسا في إذاعة خبر ذلك اللقاء، الذي تم بينهم وبين القاضي، في بيته، على الملأ!! بل، وذهبوا ليشيدوا بذلك القاضي، قائلين إنهم حين تحدثوا إليه، بشأن نيتهم في رفع الدعوى، لمسوا فيه غيرة على الحق، واستعدادا لنصرته!

أردت إيراد ما تقدم، لأنني جد متعجب من إسباغ الدكتور، عبد الله علي إبراهيم، صفات حسن الذوق، وحسن التدريب، على القضاة الشرعيين، في سلسلة مقالاته الأخيرة. كما أنني متعجب أكثر، في تعويل الدكتور الفاضل، على هذا القبيل من (القانونيين) السودانيين، لكي يتولوا رسم مستقبل بلادنا القانوني، وما يتبع ذلك من مهام أخرى كثيرة، تتعلق بربطنا، بفضاءات التحديث، ومن منطلق فهم عصري للدين! ويقيني أنني لا أعمم تعميما غير منضبط هنا. فمن وصل منهم إلى درجة قاضي محكمة عليا، يمثل قطعا البقية منهم، خير تمثيل.

بعد أن أصدرت المحكمة الشرعية العليا، بالخرطوم، حكمها بالردة، ضد الأستاذ محمود محمد طه، في نوفمبر 1968، دعت أيضا، في تذييلها لحيثيات ذلك الحكم، إلى إغلاق دور الحزب الجمهوري، ووقف نشاطه، ومصادرة كتبه، ولم تنس أن تطلب المحكمة أيضا، تطليق زوجة الأستاذ محمود منه، على زعم أنه قد أصبح (كافرا). ويترتب على ذلك تلقائيا، حسب فهم هؤلاء القضاة، ألا تبقى زوجته، في عصمته، لأنه لا يجوز للمسلمة، وفقا للشريعة الإسلامية، أن تكون في عصمة (كافر)! كما نادت المحكمة أيضا، بـ (مؤآخذة) كل من يردد آراءه! الشاهد أن المحكمة الشرعية العليا، في الخرطوم، قد دللت عمليا على قصور القضاة الشرعيين عن فهم أبجديات قضايا العصر، وأبجديات ما تعنيه الدولة الحديثة، وما يعنيه أمر صيانة حقوق المواطنين الدستورية فيها. وكل هذه الأمور كافية جدا، لسلب القضاة الشرعيين أي مزية تتعلق بالتأهيل، لرسم صورة المستقبل في بلادنا، وأي بلد إسلامي آخر.

ثم قضية بورتسودان!


هذا ما كان من شأن القضاة الشرعيين، ومحكمة الردة التي أقاموها للأستاذ محمود محمد طه، في الستينات. أما في منتصف السبعينات، فقد أقام الإخوان الجمهوريون معرضا لفكرتهم في مدينة بورتسودان. وكان ضمن المعروضات لوحة تتحدث عن ماضي القضاء الشرعيين، في ممالأة المستعمر، وتسلم ما سمي (كساوي الشرف) من قبل السلطات البريطانية. فأوعز كبار القضاة الشرعيين، بالخرطوم، للقاضي إبراهيم جاد الله، الذي كان، حينها، يعمل بمدينة بورتسودان، بأن يرفع دعوى قذف، ضد الأستاذ محمود محمد طه، وعددا من الإخوان الجمهوريين. أذكر منهم، المرحوم، بكري الحاج عبد الله، وبدر الدين يوسف السيمت، وأحمد المصطفى دالي. وذلك بحكم كونهم القائمين الفعليين، على أمر ذلك المعرض. فبعد أن فشلت مهزلة محكمة الردة، عام 1968، حاول القضاة الشرعيون أن ينالوا من الأستاذ محمود، بطريق آخر، وذلك بإدانته قضائيا، بتهمة القذف. وليتصور معي القارئ الكريم فداحة، أن يدان شخص، في قامة الأستاذ محمود محمد طه، الفكرية، والخلقية، في جريمة قذف. والقذف، كما هو معروف، جرم متعلق برمي الغير بتهمة باطلة. وليس للمتهم في تهمة القذف، سوى خيارين فيما يتعلق بخط الدفاع، وهما: إما أن ينكر كليا، ما صدر منه، قولا، أو كتابة، أو أن يتقدم إلى إثبات ما قاله، أو ما كتبه، بالدليل الذي لا يقبل الشك. وقد كان خط الجمهوريين الدفاعي، بطبيعة الحال، هو أن يثبتوا صحة ما قالوه في القضاة الشرعيين. وقد استمرت المحكمة لمدة من الوقت، أثبت فيها الجمهوريون بالوثائق، والوقائع، أمام المحكمة، صحة كل ما قالوه في شأن القضاة الشرعيين. الأمر الذي أضطر القضاة الشرعيين، نهاية الأمر، إلى توجيه الشيخ إبراهيم جاد الله، لكي يتنازل عن الدعوى، قبل أن تصل المحاكمة إلى نهايتها. وقد استطاع الأستاذ محمود محمد طه، أن يحول القضاة الشرعيين، من متظلمين، إلى متهمين. وتحولت القضية، من ثم، إلى محاكمة مفتوحة، لتاريخ القضاء الشرعي. ولم يجد الشاكي، القاضي، إبراهيم جاد الله، نهاية ألمر بدا من الإنسحاب، نزولا عند رأي رؤسائه. فانسحب عن الدعوى، وجرى من ثم، شطب القضية.

الترابي وزعامة ألوان الطيف السلفي:


أردت من إعادة سرد تلك الأحداث، التذكير بضرورة ألا نقفز فوق الوقائع التاريخية، ونرسم صورا وردية لتاريخ مؤسساتنا، لا تسندها حقائق، جلية، ولا تقوم على واقع الممارسات العملية، لهذه المؤسسات. وأود أن أضيف إلى ذلك، أن موقف القضاة الشرعيين، من الأستاذ محمود محمد طه، والجمهوريين، في حقبتي الستينات، والسبعينات، من القرن الماضي، لم يكونا موقفين معزولين عن السياق السياسي العام، والجو السياسي الذي خلقته جبهة الميثاق الإسلامي، بقيادة الدكتور حسن الترابي، وعبأته بكل ملتهب، من شعارات الهوس الديني. خاصة ما كان من أمر المزايدات بورقة الدستور الإسلامي. فقد استهدف الخط السياسي التعبوي، الذي انتهجته جبهة الميثاق الإسلامي، تصفية الدستور القائم وقتها، ومن ثم تصفية أساس الديمقراطية السودانية. وقد تجلى ذلك، أبلغ التجلي، في انمحاء الخطوط الفاصلة بين السلطات الثلاث، التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، الذي تجسد في قضية حل الحزب الشيوعي الشهيرة. فحين حكمت المحكمة الدستورية، ببطلان حل الحزب الشيوعي، سار رئيس الوزراء وقتها، السيد، الصادق المهدي، على خطى الدكتور الترابي، وقال: إن حكم المحكمة العليا، مجرد حكم تقريري. وجرى من ثم وضع السلطة التشريعة، والسلطة التنفيذية، فوق السلطة القضائية. ومنذ تلك اللحظة بدأ مسلسل البلايا الذي حول القضاء السوداني إلى أضحوكة، وإلى تابع ذليل للسلطة التنفيذية، تحركه كيف شاءت، مما وسم معظم عهود الحكم، التي تلت.

بعد عام واحد فقط، من ثورة أكتوبر 1964، بدأت جبهة الميثاق في تعبئة الشارع بالشعارات الإسلامية، متعمدة إرباك المشهد السياسي السوداني، وديمقراطيته المتعثرة. فجرى حينها، الكثير من خلط الأوراق. وقد كان هدف جبهة الميثاق، منذ البداية، هو تقصير الحقبة الديمقراطية، ما أمكن، عن طريق سحب البساط من تحت أقدام الحزبين الكبيرين. وذلك، عن طريق جرهما للمزايدة على الشعار الإسلامي. وقد ظهر نجاح جبهة الميثاق، في جرجرة الحزبين الكبيرين، إلى خندقها، أوضح ما يكون، في قضية حل الحزب الشيوعي السوداني، كما تقدم شرحه. وقد بدأت تلك الجرجرة تأخذ تجسيدها العملي، عقب حادثة طالب معهد المعلمين العالي، الشهيرة، مباشرة. وقد اعترف قادة (الإخوان) أنفسهم، مؤخرا، باستغلال تلك الحادثة، أبشع إستغلال. في تلك القضية، وقف الحزبان، الكبيران بالفعل، ضد جوهر المباديء الديمقراطية، التي أتت بهما إلى الحكم. ويمكننا أن نؤرخ لبداية الممارسات المنحرفة، في أسلوب المعارضة،السياسية، بتذكر تلكم الأيام المظلمات.

المعارضة في الوضع الديمقراطي، المعافى، هي الوجه الآخر للسلطة التنفيذية. المعارضة الراشدة لا تعمى عن رؤية المشروع الوطني، وثوابته. وهي بهذا المعنى تمثل الوجه الآخر للسلطة التنفيذية. كما تمثل المؤسسة التي ينبغي أن تعين السلطة التنفيذية، على السير فوق الجادة، دون تلاعب بالثوابت الوطنية. غير أن المعارضة أصبحت منذ تلكم الأيام، لا هم لها، البتة، سوى الوصول إلى الكرسي، وبأي سبيل، وأي ثمن. وبما أننا مقبلون، في المستقبل القريب، على ممارسة جديدة للديمقراطية، فينبغي أن نراجع ممارستنا لمفهوم المعارضة عبر حقب الحكم الوطني، ودراسة التأثيرات السالبة لأسلوب المعارضة المنحرف، على جملة المشروع الوطني، وعلى عملية بناء الثوابت فيه. والحق أن كل ألوان الطيف السياسي، يمينا، ويسارا، ووسطا، قد أسهمت بقدر،يقل هنا، ويكثر هناك، في تلك الممارسة، المدمرة، القصيرة النظر. ولابد من التأكيد، في نهاية هذه الفقرة، على أن أساليب المعارضة، غير البناءة، قد ابتدرها، أصلا، الحزبان الكبيران، الأمة، والإتحادي، بُعَيْد فجر الإستقلال، وقد تعلمتها منهما الأحزاب العقائدية، كالإخوان المسلمين، والشيوعيين.

فكر الإخوان المسلمين هو المسؤول الأول:


لقد أسهم الشيوعيون السودانيون، دون شك، في تحويل العمل النقابي، إلى أداة ضغط سياسي، وإلى وسيلة لاحراج للحكومات، وأرباك خططها، وإفقادها توازنها. وقد تم كل ذلك، تحت غطاء المطالب النقابية المشروعة. وهذا نمط من أنماط المعارضة المضرة بالمشروع الوطني. واليسار مطالب، بتقفي هذه التجربة، ودراسة آثارها السلبية، على مجمل حركة التنمية الإقتصادية، والسياسية، في التنمية في البلاد. ولتكن السكك الحديدية، الحق الأول لمثل هذه الدراسة النقدية. أما في في مجال تخريب الممارسة الديمقراطية، فإني أميل من حيث الوقائع التاريخية، إلى الإنحاء الأكبر باللائمة على (الحركة الإسلامية السودانية) في ما يتعلق بإرباك تطورنا الديمقراطي. وعل هذه الحركة إعادة قراءة، ممارساتها السياسية، التي لم تقف وراءها أية فكرة، أو اي مشروع واضح المعالم. ينبغي في تقديري، على (الحركة الإسلامية) أن تعود إلى جذور أزمتها، في المرتكزات الفكرية، الضحلة. وما من شك أن جبهة الميثاق الإسلامي، التي ملت الساحة السياسية ضجيجا، في الستينات، لم تكن لها فكرة. وكل ما قامت عليه، لم يكن، في حقيقة الأمر، أكثر، من تلك الشذرات، غير المتماسكة، التي جاء بها الرواد الأوائل من السودانيين، الذين تتلمذوا على حركة الإخوان المسلمين المصرية. وكل حصيلة أولئك الرواد السودانيين الأوائل، لم تكن أكثر من ردود فعل عاطفية، لما استقوه، وتشربوه، من (مانفستوهات) محمد قطب، وسيد قطب، التحريضية، الغاضبة، ومعمياتها الشعارية، المراوغة، وخطابها المنغلق العنيف. يضاف إلى ذلك، فإن تلك الطلائع (الإخوانية)، قد تأثرت أيضا، بالرافد الإخواني القادم من شبه القارة الهندية. وهو رافد موغل في الإنغلاق، والسلفية، والتعنت. (راجع أراء أبو الأعلى المودودي، في (الحجاب)، و(حقوق أهل الذمة). ولذلك، لم تكن عقول من تصدوا لرفع الشعار الإسلامي، وتحكيم الإسلام في حياة الناس، مغايرة في شيء، لعقول سائر المشايخ، من السلفيين. وهذا هو ما جعل القضاة الشرعيين، ومدرسي التربية الإسلامية، وغيرهم ممن تلقوا دراسات إسلامية (وظيفية) امتدادا طبيعيا لرأس الحربة، الذي مثله فكر الإخوان المسلمين السياسي، الراديكالي.

كانت بدايات الحركة الإخوانية الإسلامية، في السودان، غارقة في العاطفة، والعموميات، والتبسيط. وقد وضح من كثير من مواقف هذه الحركة، ونهجها، وطرحها، أن أفق قياداتها، المعرفي، والسياسي، لا يمتاز كثيرا، على أفق مجنديها من طلبة الثانويات. وما من شك، ان كثيرا من التطور قد لحق بفكر بعض تلك القيادات، فيما بعد، وبخاصة الدكتور حسن الترابي. غير أن ذلك التطور، لم ينعكس إيجابا على الممارسة السياسية في الدولة الأنموذج التي أقاموها عن طريق إنقلاب الإنقاذ 1989 في السودان. فرغم كل ما قام به الدكتور الترابي، مؤسس (دولة الإخوان) في السودان، من مغازلات ثرة لآفاق التحديث، ومن مناورات لتجاوز التركة السلفية المثقلة، المشرجة أصلا، في جسد حركته، إلا أن دولته، بقيت مشدودة إلى الجذور النابتة أصلا في تربة التبسيطية، الشعارية، الهتافية، الأولى، التي انطلقت منها قبل نحو خمس عقود. كما أن التطور الذي أصاب الترابي، لم يكن تطورا أصيلا، بقدر ما كان جملة من الإلتواءات، و(البهلوانيات) التي أودت، نهاية الأمر، بمصداقيته، حتى وسط قومه أنفسهم. فقد درَّب الدكتور الترابي تلاميذه، على كل الأساليب (البراغماتية/الميكافيلية)، فأراه تلامذته، نهاية الأمر، صنفا منها، لم يخطر له على بال. ولسوف أفرد مقالا عن التطور السياسي، للدكتور الترابي، في وقت لاحق. أركز فيه على تناقضاته، ووجوه الثرة، المتقلبة، وكيف أنه جنى الشوك الذي زرع.

ظل سيد قطب الباقي:


استماتت قيادات الحركة الإخوانية، بطريقة وأخرى، في التمسك بما دعا إليه سيد قطب، منذ البداية. وأساس ذلك ألا يناقشوا القضايا، وإنما يرفعوا الشعار، حتى يصلوا إلى السلطة. وقد أشار الدكتور الطيب زين العابدين مؤخرا، إلى هذه العلة القاتلة. لقد شدد سيد قطب، أكثر ما شدد، على الإستعلاء بالإيمان، بزعم أن المجتمع في مجمله، لا يعدو كونه قبيلا من (الجاهليين). وشدد على ألا يجيب المتحمسون على دربه، لفكرة إقامة الدولة الإسلامية، على الأسئلة المتعلقة، بتفاصيل الدعوة، وإنما يكتفوا، فقط، بالدعوة إلى العقيدة. ومن ذلك المنحى، المستسخف للفكر الإنساني، والمستخف به، جاءت العزلة، وجاء كثير من الإستعلاء الجاهل على منجزات العقل البشري، وجملة معارف الحضارة الإنسانية. ولذلك فقد أصبحت أميز مميزات هذا التنظيم، هي التبسيط، والغوغائية. فهم أكبر من مارس الغوغائية، ضد كل الخصوم السياسيين، وضد كل طرح فكري يستدعي إعمالا للعقل. وقد عانى الطلاب الجمهوريون، على وجه الخصوص، في كل الجامعات، والمعاهد العليا السودانية، الأمرين من غوغائية الإتجاه الإسلامي. واستمر ذلك الحال بهم حتى، منتصف الثمانينات، حيث جرى إغتيال الأستاذ محمود محمد طه، وبدأت مطاردة الجمهوريين، ومضايقتهم. وخلاصة القول، أن هذه الحركة الإخوانية، التي تولت إدارة الدولة، في السودان، قد انطلقت من تبسيط ساذج. لقد اتبعت، في مجمل خطها السياسي، أسلوب ما يسمى عند الغربيين، بـ (self-fulfilled prophecy). ويعني ذلك، أن يطلق المرء نبوءة، ثم يعمل من جانبه، بكل الوسائل، لكي تتحقق تلك النبوءة. فقد تنبأ (الإخوانيون) بقيام الدولة الإسلامية على أنقاض الممارسة الديمقراطية، وعلى أنقاض الدستور العلماني، في السودان. ولكن دون أية تفاصيل. مستندين في كل ذلك، في الخمسينات، والستينات، من القرن الماضي، على أدبيات (جاهلية القرن العشرين). ولذلك فقد عملوا بكل الوسائل الممكنة، لكي تفشل الديمقراطية، ويفشل الدستور العلماني. ولهذا فإنني أعزي ارتباك المشهد السياسي في السودان، منذ أكتوبر 1964، وحتى يومنا هذا، إلى عمل (الإخوان) المنظم، والدءوب، لتحقيق تلك النبوءة الأولى.

الترابي، وحقبة نميري:


ولأن الجبهة لم تحدث في مسارها أي نقد، ذي بال، فقد سارت على نفس منهجها القديم، أثناء حكم جعفر نميري، وعقب سقوطه أيضا. ففي أثناء حكم نميري، حول الترابي، وقبيله نميري، يبن يوم وليلة، (من سامر ليل مسكين) إلى خليفة للمسلمين! أركبوه مركبا صعبا، و(كلفتوه)، حتى بلغوا في تلك (الكلفتة) أن بايعوه جهارا، نهارا، في قرية أبو قرون، شرقي النيل الأزرق. وقال يس عمر الإمام، الذي كان وقتها، أحد كبار قياديي التنظيم الإخواني، وأحد كبار المسؤولين المايويين، في الإتحاد الإشتراكي، وصحافته، عن بيعة نميري، بقرية أبو قرون، ما يجعل المرء يحار. جاء فيما أوردته عنه صحيفة الأيام السودانية، الصادرة في 23/8/1984 قوله:

((انهمرت الدموع في أبي قرون وهي تستعيد ذكرى السيرة العطرة ومواقف الصحابة في بيعة الرضوان) ..... (وتحرك رئيس الجمهورية وسط الناس لا يحيط به الحراس) ..... (البيعة عهد سياسي يقوم على ركائز الدين وفعل ديني ينظم أمر المؤمنين في السياسة) .... (وأمر البيعة لا يستوي إيمان المرء إلا به) ...... (نحن نبايع اليوم على سلطة متقدمة نحو الدين) ..... (واليوم تعود إمامة الصلاة إلى إمام المسلمين) ..... (حسمت البيعة الصراع الذي يظل يدور السنين المائة الماضية) ...... (ولأول مرة في تاريخ المسلمين تأتي الشورى واضحة وملزمة في صيغة البيعة للراعي)).. إنتهى .. ويستمر السيد، يس عمر الإمام قائلا:

((يسري التجديد في المسلمين كل مائة عام أو يبعث الله من يجدد لها أمر دينها) ..... (وتأتي هذه البيعة مظهرا وجوهرا ورمزا وعنى تزيل الحرج من النفوس وتقطع الطريق على النكوص والردة)).. إنتهى .. (راجع كتاب محمد سعيد القدال، (1992) (الإسلام والسياسة في السودان). دار الجيل: بيروت، ص ص 221-222)

لقد سعت حركة الترابي إلى السلطة، بكل سبيل. وقبل أن يبلغ الأمر، درجة احتواء نظان نميري، من الداخل، والتغلغل في مؤسساته، وصياغة قوانين سبتمبر، ومبايعة نميري، خليفة للمسلمين، بدأت فكرة البنوك الإسلامية، التي مثلت ضربة البداية لسيطرة جماعة الترابي على الأسواق. وقد اتسعت نتيجة للإزدهار التجاري، للتنظيم، عضوية الجماعة، اتساعا أفقيا، خرافيا. وقد أصبح المال، والوظيفة، والتسهيلات التجارية، والقروض، والمنح، والبعثات إلى الخارج، وكثير من صور الإغراءات، عناصر جديدة، شديدة الفعالية، في توسيع العضوية. وهذه مرحلة نحتاج فيها إلى دراسات تفصيلية تكشف كل مخبوئها. ففي تلك المرحلة، بدأ أيضا، التغلغل في الجيش، وفي الشرطة، وفي كل أجهزة الدولة. وما أن سقط نظام نميري، حتى ظهرت حركة الترابي، في قامة غير مسبوقة، من حيث الثراء، والماكينة الإعلامية، والإرتباطات الدولية الواسعة، والتحكم في مفاصل إقتصاد الدولة السودانية. في هذه المرحلة، غير الدكتور حسن الترابي، إسم حركته، إلى (الجبهة القومية الإسلامية)، وما أن جاءت الإنتخابات، حتى أصبح، حزب الجبهة، ثالث أكبر حزب في البلاد، كما أصبح رقما لا يمكن تجاوزه، في حسابات السياسة السودانية، مما إضطر السيد الصادق المهدي إلى التحالف معه، وابتلاع كل الشعارات البراقة التي أطلقها عقب الإنتفاضة في أبريل 1985.

وما أن وصلت جماعة الترابي، إلى البرلمان، في 1986، حتى بدأ العمل ضد حقبة الديمقراطية الثالثة، بهدف تقصير عمرها، أيضا. وقد نجح ذلك المخطط، نجاحا باهرا. فقد استغلت الجبهة القومية الإسلامية كوادرها الإعلامية، وصحفها الكثيرة، في توجيه الضربات للنظام الديمقراطي، حتى جعلت منه هيكلا فارغا، وشبحا بلا روح. كما أظهرت انحيازا كبيرا للجيش الذي كان يحارب في الجنوب، في ظروف بالغة السوء. كما بدأ المعهد الإسلامي الإفريق، (جامعة إفريقيا العالمية، لاحقا) في استدراج ضباط الجيش والشرطة للكورسات، والدورات، مما وسع الجسد السلفي، وسط الجيش. وانقلب الميزان الذي كان مائلا داخل الجيش، نحو اليسار (الضباط الأحرار) وصار أميل إلى جانب الفكر السياسي (الإخواني). وتمكنت الجبهة، من خلال الضرب المتوالي علي النظام الديمقراطي المرتبك، من عزله عن الجماهير، مهيأة بذلك الجمهور، لقبول أي انقلاب يحدث. وقام الإنقلاب المدبر أصلا، ولم يذرف أحد من العالمين دمعة على حكومة السيد، الصادق المهدي الباهتة، الواهنة. وسقط ميثاق الدفاع عن الديمقراطية، سقوطا مدويا، في أول تجربة أعقبت التوقيع عليه. وهكذا، جاء الفكر (الإخواني) منفردا، إلى السلطة، ولأول مرة، في تاريخ السودان، في صبيحة الثلاثين من يونيو 1989. وهنا تحقق للإخوان هدفهم الأساس، الذي عملوا له منذ منتصف الستينات، وأستخدموا في سبيل الوصول إليه، كل وسيلة ممكنة، أخلاقية، كانت أم غير أخلاقية.

من (يا أمريكا لمي جدادك) إلى التعاون في مكافحة الإرهاب!
الشاهد أن الجبهة لم تؤمن أصلا بشراكة القوى الأخرى لها. ظانة أنها حين تتسلم مقاليد الأمور في البلاد، بمفردها، سوف تتمكن من إدارة شؤون البلاد، بلا شراكة من أحد. كما ظنت أنها سوف تعيد صياغة كل شيء في السودان. وقد بادرت بالفعل، منذ الثمانينات، إلى إطلاق شعارات، (أسلمة المعرفة)، وهو شعار وضح تنطعه، وغموضه، وفراغه من المحتوى، منذ البداية. فالتيار (الإخواني) قد كانت منذ البدء، عملا (حركيا)، ولم يعط جانب الفكر كبير اهتمام، في يوم من الأيام. بل هو قد انبنى أساسا، على تسفيه الفكر، والحط من قدر العقل، والإعلاء من شأن العاطفة الدينية الفجة. ولذلك، ما لبثت أن شرعت الإنقاذ، فور تسلمها للسلطة، في تصدير (الثورة) إلى خارج البلاد. متجاهلة ما يمكن أن يجلبه هذا الإتجاه، من مخاطر ماحقة، على نظام وليد. وما لبثت، أن فتحت البلاد لكل التنظيمات المهووسة، وكل الأفراد المهووسين، جاعلة من نفسها رأس الرمح، في حركة اسلامية أممية، تطمح إلى تغيير الإقليم، وإعادة صياغة معادلات توازن القوى على وجه الكوكب، برمته. كما تعالت أيضا، على الصراع الداخلي، فيما يتعلق بمشكلة الجنوب، وانتهجت أسلوب الحسم العسكري. وظلت على حالها ذاك، حتى جاءتها الضغوط من كل حدب، وصوب، فأحست لذعات الخطر، فأخذت تكفكف بساط مطامحها، وأخذت شعاراتها تنحو نحوا متواضعا، شيئا فشيئا. وما لبثت أن أصبحت الخاطب الأول لود أمريكا في الإقليم، بعد أن كانت تردد، بملء الفم: (يا أمريكا لمي جدادك). وحين خرج المارد الأمريكي من قمقمه، عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، قدمت الإنقاذ كل ما حوته جعبتها عن الإرهابيين الذي سبق أن دعتهم، وآوتهم.

وفي الداخل خفتت مصادمات الإنقاذ الأولي لواقع السودانيين الثقافي، ونمط حياتهم، وتقاليدهم المتوارثة، المنبعثة من منطلق الإستعلاء الديني. مات مشروع تهميش النساء في الحياة العامة. وماتت محاولات فصل الرجال والنساء في وسائل المواصلات في مهدها، بعد أن تعثرت في فضاء الواقع العملي، وأصبحت مثار تندر، ومجالا لتأليف النكات. وقلت المضايقات لحفلات الأعراس، ولتقاليد السودانيين، في هذه الأعراس. ومؤخرا جدا، إنهزمت حملة محافظ الخرطوم، المتشدد، مجذوب الخليفة، حين حاول أن يحارب النساء في تحصيل أرزاقهن، بإسم الدين. ثم ما لبث النظام الإخواني الوهابي النزعة، فيما يتعلق بالنظرة إلى الطرق الصوفية، أن فتح الباب للطرق الصوفية، على مصراعيه. فلم تشهد الطرق الصوفية، في عمرها المديد، احتفاء من جانب الدولة كالذي تشهده الآن، على عهد الإنقاذ. وعموما أوشكت الحياة في السودان، بشكل عام، أن تعود إلى طبيعتها القديمة. ولله الحمد من قبل ومن بعد.

الشاهد أن هذه الحركة الميكافيلية، التي جاءت لتهد الواقع، وتبنيه من جديد، فشلت في مشروعها هذا الذي رعته منذ الخمسينات، من القرن الماضي. وهذا من فضل ربي، على أهل السودان، وعلى أهل هذه الحركة المستعجلة، أنفسهم. والفكر (الإخواني) الذي امتصت ثوريته، ودغمائيته، عناصر كثيرة، في الواقع السوداني، ومنها طول بال السودانيين، وصبرهم، والتحولات العديدة المتتابعة في الساحة الدولية، مطالب الآن، بنقد نفسه، نقدا شفافا، شافيا. وعلامة النقد الشفاف، الشافي، وعلامة صدقه، أن يصل إلى تفكيك، موروث الحركة مما سمي (الإستعلاء بالإيمان)، الإخواني، الذي تحدرت سيوله من منابع، حسن البنا، وسيد قطب. وأن ينعكس كل ذلك في واقع ممارستنا السياسية، فنصبح جميعا، كسودانيين، على قدم المساواة، من حيث أهمية كل منا، للمشروع الوطني، الشامل. وهي فيما أرى، لم تفعل ذلك بعد. ومن بدأوا هذا النقد، من أنصارها، كالدكتور الطيب زين العابدين، والدكتور حسن مكي، والدكتور عبد الوهاب الأفندي، والصحفي، محمد طه محمد أحمد، والصحفي، عثمان ميرغني، وغيرهم، مارسوا، حقيقة الأمر، نقدا خجولا، لا يسمن، ولا يغني من جوع. فكلما قرأت لهم، كلما أحسست أن هناك (تابو) يعجزون عن مقاربته، فيما يتعلق، بجذور الحركة، ورؤيتها التبسيطية الأولى. وكأني بهم يزورون من إدانة كثير من المحرج في تاريخ حركتهم. غير أنه لا مناص من نقد شاف، شفاف، يقفل باب الوصاية على الخلق بإسم السماء، مرة واحدة، وإلى أن يرث الله الأرض، ومن عليها.

النقد الذي نتطلع إليه:


نحن اليوم، أكثر ما نكون حاجة إلى أدبيات نقدية ثرة، في هذا المنحى. أدبيات تتقصى صعود فكر سيد قطب التعبوي العاطفي، المستعلي بالإيمان، وتمدده (الحركي) في الفضاء السوداني. وليتأمل معنا كل الذين رعوا هذا المشروع المتهوس، ظاهرة الخمود البالغ السرعة، للصورة الطهرانية للدولة، التي رسمها (الإخوان) منذ الخمسينات. ثم اضمحلال(الأشواق) الإيمانية، العاطفية، وذهاب زخمها، وبريقها، بعد تجربة للحكم لم تبلغ بعد، العقد والنصف، من الزمان!

والنقد الذي نتوقعه، ونتتطلع إليه، لا تفي بالغرض فيه، المقالات الصحفية، التي تظهر، هنا، وهناك، في المناسبات، من ذلك النوع الذي غالبا ما تدفع بها إلى الواجهة، الأحداث السياسية. نحن بحاجة إلى خبرة، وقلم الدكتور عبد الله علي إبراهيم، لكي نعمل جميعا في وجهة النقد الصارم المحايد، لعوارتنا الفكرية والسياسية لا دمدمتها. بالقفز على الإختلافات الجوهرية، خاصة، ما يتعلق بدستورية القوانين، وحقوق المواطنة، وابتعاد الدولة عن لعب دور الحارس للفضيلة وللقيم، وللأخلاق. فالسلطة، بطبيعتها، مظنة فساد، وإفساد، أكثر من كونها مظنة رشد، وهداية. ودونكم تاريخ الدول، دينية، وغير دينية. ودونكم سلطة الإنقاذ الحالية، التي وعدتنا بمجتمع العدل والفضيلة، أول ما أتت. حتى أن السؤال اليوم، ليس: أين نحن من حيث الفضيلة، مما وعدتنا به الإنقاذ؟ وإنما، السؤال هو: أين نحن مما كنا عليه حالنا، حين جاءتنا الإنقاذ!!

نحن بحاجة إلى تثبيت الثوابت، التي لا تكون الدولة متمدينة بغيرها، وهي الحقوق الأساسية. والدول الغربية التي تحكمها دساتير علمانية، ليست دولا ملحدة. ولكنها دول تركت أمر الدين لمنظمات المجتمع المدني. فأي حديث عن تطبيق للشريعة الإسلامية، مهما تحايلنا عليه، يعني بالضرورة تقويضا للدستور، ومصادرة للحقوق الأساسية. كما يعني وصاية للحاكم على المحكوم، ووصاية للرجال على على النساء، وعزلا للرجال عن النساء. ثم هذه هي نماذج الدول الدينية، حية امام ناظرينا: كانت الدولة دينية في أفغانستان، على أيام طالبان، وهاهي اليوم قائمة في السعودية، وفي إيران. فهل هذه نماذج يمكن أن تغري أحدا بالإقتداء؟ لماذ نريد أن ندخل أنفسنا في مثل هذه المطبات المحرجة، وننصرف عن قضايانا الرئيسة، في التنمية، والتطوير، والتحديث؟

في تقديري، أن الكتابات الأخيرة، للدكتور عبد الله علي إبراهيم، لا تعين كثيرا، في وجهة. النقد الذي نحتاجه، ونتطلع إليه، وننتظره. فمقالاته مالت إلى تلميع، مناهج، ومقاربات، هي من العتاقة، بحيث يستحيل تلميعها. وهي قد بدت، أقرب ما تكون، إلى (عمل الشربات من الفسيخ). نحن بحاجة إلى حفر كثير في بنية العقل السلفي. وذلك لا يكون بتملقه، وإنما بمواجهته، دون مواربة. وكون الجبهة قد بنت لنفسها صرحا في حلبة السياسية السودانية، وأنشأت لنفسها دولة، وأحرزت ثروة، وأصبحت رقما لا يمكن تخطيه، في حقل السياسة في السودان لا يعني أن نزايد على نهجها، وأسلوبها، ونقبلهما على علاتهما، فقد كانا خاطئين. لست أدعو إلى رمي كل جسد الجبهة من النافذة، فذلك غير ممكن، إضافة إلى كونه غير مطلوب. ما أرمي إليه هو تفكيك فكر الجبهة الإستعلائي، الإنتهازي، الميكافيلي، وتجريده من أي خرقة دينية تدثر بها في الماضي. هذا منعطف تاريخي، يجب أن نقبر فيه جثة العقل السلفي، وتخلقاته السياسية، في واقعنا الساسي. بنية العقل السلفي هذه، هي التي قد قضت على محاولات التنوير في بلادنا، و قادت إلى قتل رواد التنوير، على أعواد المشانق. نعم على القوى المستنيرة، والطليعية، في كل فضاءات المعرفة، أن تمارس نقدا. غير أن على المؤسسة السلفية، وجسدها السلطوي المتمثل، في الإنقاذ، أن تمارس نقدا أكثر، حتى تذيب نفسها في الفكر السوداني، وتقطع عنها هذه الجذور الأجنبية المنبتة. وعلى المفكرين أن يعينوها على ذلك، ولا يمدوا لها في باطلها.

في المقال القادم، أكتب هوامش حول كتاب الدكتور عبد الله علي إبراهيم، (الإرهاق الخلاق)، وكتاب الأستاذ عبد الخالق محجوب، (آراء وأفكار حول فلسفة الإخوان المسلمين).