إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

غزو العراق والوضع السياسي العالمي الراهن

خالد الحاج عبد المحمود


٩ يونيو ٢٠٠٣

بسم الله الرحمن الرحيم
(.. ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض، لفسدت الأرض.. ولكن الله ذو فضل على العالمين)
صدق الله العظيم

ما بعد الحرب الباردة:


ان البشرية اليوم تمر بأكبر، وأخطر، منعطف في تاريخها الحضاري.. وفي هذا المنعطف، تشابكت القضايا، وتداخلت حتى أنه اصبح من غير الممكن، الحديث عن أحداث القضايا الدولية الهامة بمعزل عن الواقع الحضاري.. فالسياسة، لم تعد معزولة عن بقية قضايا الحياة الأساسية.. ولكننا هنا لا نجد الوقت للكتابة المفصلة في هذا الأمر، ثم لا بد من خلفية للحديث عن الوضع السياسي الراهن، وتأثيره في الغزو الأمريكي للعراق، واحتمالات تأثره به .. والإطار الموضوعي الذي يشكل الخلفية لأحداث غزو العراق، لا بد أن يكون ما اصبح يطلق عليه (النظام العالمي الجديد) ، وهو مصطلح روجت له الإدارة الأمريكية، في عهد الرئيس بوش الأب، رواجا كبيرا، قبل، وأثناء، حرب الخليج الثانية 1991م، وكان الغرض من الترويج غرض دعائي، يستهدف توكيد الهيمنة الأمريكية، كما يستهدف دعم التأييد لتلك الحرب .. ونحن نحب أن نؤكد منذ البداية أننا لا نرى أي نظام عالمي جديد، وانما هو واقع عالمي جديد، لم يتبلور بعد بالصورة التي تجعل من المناسب وصفه بالنظام.. فحتى الآن لا يوجد هيكل مؤسس ومعلن لهذا النظام، وفقه يتم توزيع القدرات، وترتيب الوحدات المكونة للنظام، بالصورة التي تنعكس على سلوك الوحدات الدولية.. ما سمي بالنظام العالمي الجديد، هو الواقع الحضاري، والسياسي، الذي أعقب انتهاء الحرب الباردة.. وهذا الواقع بدأ يتشكل في رحم الحرب الباردة، وليس فقط نشأ بعدها .. فبسبب من الصراع بين المعسكرين سعت كل من الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي، إلى تطوير أنفسهما، في مختلف المجالات، بالصورة التي تجعله يتفوق على الطرف الآخر، في كل المجالات، خصوصا المجال العسكري.. فقد كان هنالك سباق محموم في مجالات الاقتصاد، والتطور العلمي، والتكنولوجي والبحث العلمي، والتسلح ، وغزو الفضاء .. إلخ.. ولكن يعنينا بصورة خاصة التنافس على الهيمنة، كل في مجال معسكره، وفي بقية دول العالم، التي لم تنضم لأحد المعسكرين، فكانت كل الوسائل تستخدم في هذا السباق .. فكل قطب من القطبين كان يسعى إلى الإخلال بالتوازن لمصلحته عن طريق استغلال إمكاناته وإمكانات حلفائه، وأي إمكانات أخرى، يستطيع أن يحصل عليها..
وعندما انهار الاتحاد السوفيتي ومعسكره، في بداية تسعينات القرن العشرين، انهار معه كل النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، وانهارت معه معظم القيم، والأسس، التي كانت تحكم العلاقات الدولية، وبدأت تنشأ ظروف جديدة مغايرة، تحاول أن ترسخ نفسها، لتتبلور في شكل نظام .. وكل ذلك يتم في إطار الواقع الحضاري الذي نشأ في القرن العشرين وما أدى إليه من متغيرات أساسية في مختلف نواحي الحياة .. وقد نشأ مصطلحي (العولمة) و (ما بعد الحداثة) للتعبير عن هذا الواقع وقضاياه، ومشاكله، ونحن بالطيع لا نستطيع هنا الحديث في هذا المجال ..
الأمر الذي يعنينا بصورة خاصة، هو أن انتهاء الحرب الباردة، وزوال الاتحاد السوفيتي، أدى إلي بروز الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في عالم ما بعد الحرب الباردة .. وكما ذكرنا، قوة الولايات المتحدة لم تبدأ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وانما هي أساسا تطورت أثناء الصراع مع الاتحاد السوفيتي والى حد كبير بسبب ذلك الصراع، ولكنها استمرت في تطورها في العقد الذي تلى انهيار الاتحاد السوفيتي .. ويمكن أن نبلور أهم معالم الواقع السياسي الجديد في النقاط التالية:
1. العالم يمر بمرحلة انتقالية تشهد اندثار أهم أسس وقواعد النظام الدولي السابق التي تبلورت في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية
2. بدأت تبرز أسس وقواعد لنظام جديد، لم تتبلور بعد، وتحتاج لبعض الوقت حتى تتبلور ، الأمر الذي يؤدي لصور من الاضطراب وعدم الاستقرار في مناطق عديدة من العالم، وفي مجالات مختلفة من مجالات الحياة
3. هنالك تحولات سريعة، وعميقة ومتلاحقة لا بد أن تترك آثارها في مجالات السياسة و الاقتصاد، والاجتماع، ومجالات العلاقات الدولية، وقضايا الحرب والسلام.
4. كل التحولات المذكورة أعلاه تعمل في ظل الثورة العلمية والتكنولوجية في وسائل الاتصال والمعلومات، وسبل المواصلات، في إطار واقع يتجه في كل مجالاته لوحدة الكوكب الأرضي
5. وحدة الكوكب الأرضي ومقتضياتها، هو التحدي الأساسي الذي يواجه الحضارة البشرية
6. بعد زوال المعسكر الشيوعي، أصبحت الهيمنة تلقائيا للشق الرأسمالي من الحضارة الغربية، واعتبر فشل الشيوعية هو انتصار كاسح للرأسمالية والمفاهيم الليبرالية .. بل اصبح البعض يعتقد أن هذه هي نهاية التاريخ في التطور الحضاري (فوكوياما)
7. أصبحت الولايات المتحدة، بعد نهاية المعسكر الشيوعي تشعر بتفوقها وتفردها، وأنها صاحبة الحق في جني ثمار انهيار الشيوعية، فأخذت تسعى إلى توكيد هيمنتها على حلفائها القدامى، وعلى بقية العالم، وظهر الحديث عن النظام العالمي الجديد ذو القطب الواحد، وظهرت مفاهيم العولمة المرتبطة بالتفوق الأمريكي في كل المجالات، وبسط هذا التفوق وبث نمط الحياة الأمريكية في كل أنحاء العالم.

تفوق الولايات المتحدة:


لا بد من كلمتين عن تفوق الولايات المتحدة، بصفتها الفاعل الأساسي في العلاقات الدولية. إن تفوق الولايات المتحدة، في المجالات الحيوية كلها، تفوق كاسح، حتى أنها في كثير من الحالات، لا تقارن بدولة بعينها، وانما تقارن ببقية العالم .. فمثلا حسب تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 1994م وردت الإحصاءات التالية
الولايات المتحدة العالم %
المساحة 9.4مليون كلم٢ 145مليون كلم٢ 6.5
عدد السكان 250 مليون 5500 مليون 4.5
إجمالي الناتج القومي 6 تريليون دولار 23 تريليون دولار 26
إجمالي الإنفاق العسكري 265 مليار دولار 950 مليار دولار 28
عدد القوات المسلحة 2.1 مليون جندي 27 مليون جندي 7.8
عدد الأطباء 600 ألف طبيب 6 مليون طبيب 10
عدد المعلمين 2.7 مليون 38 مليون 7
متوسط دخل الفرد 19.5 ألف دولار 3.5 ألف دولار

وحسب تقديرات البنك الدولي لعام 1996م ، إجمالي الناتج القومي للولايات المتحدة يتجاوز 6 ترليونات دولار، وهو يوازي حوالي 25% من إجمالي الناتج العالمي، ويزيد على ضعف الاقتصاد الياباني الذي يعد ثاني اكبر اقتصاد في العالم .. وضخامة الاقتصاد الأمريكي تتمثل في جميع المجالات، بما في ذلك الزراعة حيث تنتج الولايات المتحدة محاصيل زراعية تكفي لإطعام نصف العالم، والولايات المتحدة هي الدولة الأولى في العالم من حيث عدد الشركات المتعددة الجنسية، فهي تملك 164 شركة من أصل 500 شركة في العالم .. وهي الأولى من حيث عدد المليارديرات، والمدراء الذين يتقاضون أعلى المرتبات في العالم.
و لابد من وقفة خاصة عند القوة العسكرية .. فعدد القوات العسكرية يتجاوز المليوني جندي، مجهزين بأحدث الأسلحة .. و لا يقتصر تفوق القوة العسكرية الأمريكية على الأسلحة التقليدية فقط، وانما هو في مجال القوة النووية أوضح، فهي أقوى دولة نووية .. فهي الأولى من حيث عدد الرؤوس النووية التي تقدر بحوالي 15 ألف رأس نووي، والأولى من حيث الصواريخ الاستراتيجية العابرة للقارات والتي تصل إلى ألف صاروخ، والأولى من حيث عدد الغواصات النووية، حوالي 700 غواصة، والأولى من حيث عدد القاذفات الإستراتيجية البعيدة المدى حوالي 500 قاذفة، وهي تملك برنامج حرب النجوم الذي يوفر لها حماية من أي هجوم نووي من الخارج .
هذا التفوق مدعوم بتفوق كبير في مجالات البحث العلمي والإنفاق عليه، ومجالات التكنولوجيا المتطورة، وصناعة المعلومات ، وبقدرات بشرية متقدمة ، ومؤسسات سياسية راسخة.
هذه صورة عامة للتفوق الأمريكي، وهو تفوق مشعور به بقوة عند أصحابه، ويقع في إطار واقع تاريخي غاب فيه المنافس التقليدي، ولم يبرز أي منافس آخر .. فمن الطبيعي أن تشعر أمريكا بأنها القطب الواحد، وأن تسعى إلى فرض هيمنتها على العالم، وأن ترى في ذلك حقا طبيعيا لها، بل وربما واجبا، فهي صاحبة رسالة في نشر المبادئ ، والقيم، التي أدت إلى تفوقها، في بقية العالم ، فهي عليها نشر الديمقراطية، وقيم الحرية اللبرالية ، وحقوق الإنسان .
في الواقع اتجاه أمريكا للهيمنة قديم، بدأ مع ( الآباء المؤسسين) ولم يغب عن الساحة حتى بوش الابن ، إلا انه في عهد بوش توفرت له فرص لم تتوفر من قبل .. كانت إدارة بولك polk الرئيس الحادي عشر، تقول بأن الولايات المتحدة تستطيع أن تتحكم بتجارة العالم . وأن تركن إلى الميزات السياسية المنيعة التي حققها الاتحاد الأمريكي: "لن تمر خمسون سنة قبل أن تصبح مصائر البشرية في أيدينا"
واما الشاعر القومي الأمريكي: وولت وايتمان Walt Whitman فقد كان يقول: "إن غزواتنا تنزع القيود التي تحرم الناس من الفرص المتساوية لأن يكونوا سعداء وصالحين" .. أما بوش الابن، فقد جعل من الهيمنة الأمريكية أمرا إلهيا، فقد ورد في خطابه للأمة 29 يناير 2003م "الحرية التي نناضل من اجلها ليست هدية أمريكا إلى العالم، بل هي هدية الرب إلى البشرية" .. ومن أقواله: "إن الإرهابيين يكرهون حقيقة أن نعبد الرب العظيم بالطريقة التي نريدها" ، وان الولايات المتحدة مدعوة إلى إيصال هدية الحرية التي منحها الرب لكل إنسان على وجه المعمورة" نيوزويك 11مارس 2003م

أسلوب العمل:


العلاقات الدولية تقوم على المنفعة، أو المنفعة المتبادلة، هذا أمر لا خلاف حوله .. وإذا أعلن خلاف ذلك، أما انه في إطار المنفعة، أو هو عملية تبرير .. فالأسباب المعلنة لا تكون دائما هي الأسباب الحقيقية أو الوحيدة، وفي الغالب الأسباب غير المعلنة هي الأهم، خصوصا إذا كان العمل في العلاقات الدولية، عملا، مفروضا، من طرف أقوى .. والولايات المتحدة في عملها الطويل، والمتصل، في السعي إلى الهيمنة، تعمل بأسلوب أصبحت معالمه، بحكم تكرار التجارب واضحة.
فهي قبل انهيار الكتلة الشيوعية، عملها في الهيمنة والتدخل قي شئون الدول الأخرى كان يجري في معظم الأحيان تحت غطاء، محاربة الخطر الشيوعي .. وهذا هو الكرت الأساسي، والذي فقدته بانهيار معسكر الكتلة الاشتراكية، فأصبحت تعتمد على أساليب أخرى، معظمها كان يمارس أثناء الحرب الباردة، واستمر بعدها..
واهم هذه الأساليب هو العمل من خلال استغلال الجوانب الاقتصادية .. وهذا هو الأسلوب الاستعماري التقليدي القديم .. فبريطانيا وهولندا مثلا، كانتا في نشاطهما الاستعماري تعتمدان إلى حد كبير على ( شركة الهند الشرقية ) الإنجليزية والهولندية .. وقد كان الهولنديون يقولون "إن التجارة لا يمكن أن تستمر دون حرب، ولا الحرب دون التجارة" .. وقد كانت أرباح شركة الهند الشرقية الإنجليزية من الدعائم الأساسية للنفوذ الخارجي البريطاني .. يقول توماس باردي: "إن المغامرين الذين ارسوا أسس الإمبراطوريات التجارية في القرنين السابع عشر والثامن عشر .. تابعوا تقليدا أوربيا قديما قائما على الاتحاد بين الحرب والتجارة حيث قاد نمو الدولة الاوربية كمشروع عسكري إلي ظهور الصورة النموذجية للأوربي بوصفه محاربا – تاجرا".. وكانت الشركات الكبرى ذات نفوذ سياسي .. بل بعضها كما هو الحال بالنسبة لشركة الهند الشرقية الإنجليزية، يكاد يكون متماهيا مع الدولة!!
وهذا الأمر، في الوقت الحاضر، وبعد التطور الهائل في النظام الرأسمالي اصبح أوكد منه في السابق .. فرأس المال له تأثير كبير جدا على السياسة الداخلية والخارجية معا، وفي اتخاذ القرار في الدولة بصورة عامة .. والولايات المتحدة ظلت تتدخل في الدول الأخرى من خلال:
· المعونات والقروض التي تقدمها وما يتبعها من شروط
· القروض من المؤسسات الدولية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة – البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .. بالإضافة إلى الاتفاقية العامة للتجارة G.A.T.T وأخيرا منظمة التجارة العالمية والشركات عابرة القارات .. واستخدام هذه المنظمات والمؤسسات للتدخل والهيمنة الأمريكية يحتاج إلى كثير من التفصيل، لا مكان له هنا.. إلا انه لابد من الإشارة إلى قوانين منظمة التجارة، المتجهة إلى تحريم الحماية قانونا، وفتح كل الدول لقوانين السوق الحرة، ففي إطار الشركات عابرة القارات ذات الإمكانات المهولة، يجعل الهيمنة الاقتصادية تكاد تكون حتمية، ويقلل بصورة كبيرة من نفوذ الدولة القومية.
· المعونات العسكرية وتدريب الضباط.. وقد ظل ضباط دول العالم الثالث الذين دربتهم الولايات المتحدة من أهم وسائلها في التدخل، وتدبير الانقلابات العسكرية، وخدمة أغراض شركاتها، أو الشركات الوطنية التي تخدم مصالحها، وقد كان هذا ظاهرا بصورة خاصة في دول أمريكا اللاتينية، ودول الكاريبي، وشرق آسيا.
· عمل المخابرات، وهو عمل واسع، وفعال جدا، حتى أن بعض الرؤساء والوزراء، والنواب، وكبار موظفي الدولة في العديد من دول العالم الثالث المستهدفة كانوا يجندون كعملاء لوكالة المخابرات المركزية، وكذلك الهيئات والمنظمات والجماعات الدينية، مثل التنظيم العالمي لجماعة الأخوان المسلمين، الذي أوجدته، ومولته، ودربته، وكالة المخابرات المركزية تحت مظلة العدو المشترك المتمثل في الشيوعية الدولية.
· استغلال التفوق الإعلامي، والدعاية.
· التدخل العسكري المباشر، وكان لا يستخدم إذا توفر البديل له
· الديمقراطية وحقوق الإنسان
· وبعد 11 سبتمبر2001م ظهر بصورة قوية موضوع محاربة الإرهاب
· محاربة تجارة المخدرات.. والاعتبارات الإنسانية، حقوق الأقليات الدينية والعرقية.. الخ.
أعلاه الأساليب والمبررات التي يتخذها التدخل الأمريكي .. وكيفية التدخل، وحجمه تخضع للظروف السياسية الداخلية والخارجية.. من المهم جدا، ملاحظة أن المبررات التي تساق كأسباب للتدخل تتم بصورة انتقائية تماما.. فيمكن أن تكون هنالك دولة لها أسوأ سجل في مجال حقوق الإنسان، وتقوم على نظام شمولي عضوض، ثم تعتبر دولة صديقة، ولا تثار في وجهها قضايا حقوق الإنسان، والديمقراطية، في حين تثار هذه القضايا في وجه دولة أخرى الأوضاع فيها افضل من سابقتها بكثير .. فلا يوجد معيار واحد موضوعي يطبق على الحالات المختلفة حسب انطباق هذا المعيار عليها، وإنما توجد مصالح هى دائما التى تحدد الموقف.. حتى بالنسبة للدولة الواحدة، فقد تكون وهى فى أسوأ حالاتها من الاستبداد، وعدم مراعاة حقوق الإنسان ثم تعامل معاملة الدولة الصديقة، وتجد المعونات العسكرية والاقتصادية ويتم السكوت التام عن مفارقاتها، ثم فى وقت آخر يتم التدخل فى شئونها، ويثار فى وجهها القديم والجديد، وهذا ما تم بالنسبة للعراق بالذات، وأمثلته فى دول أمريكا اللاتينية كثيرة، وكذلك فى شرق اسيا.. ففى كثير من الحالات من تستهدفهم الإدارة الأمريكية، يكونون من الزعماء الموالين لها، أو الأنظمة الموالية، أو التى فى الأساس أوجدتها هى أو دعمتها ثم يتم الانقلاب عليها عندما تستنفد غرضها.
وفى منطقة الشرق الأوسط إذا اعتبرنا إسرائيل حالة خاصة نجد دولة مثل السعودية، تتمثل فيها كل القيم المناقضة لمعايير الدولة الحديثة، وفق الرؤية الغربية، وسجلها فى مجال حقوق الإنسان، من أسوأ السجلات فى المنطقة، ورغم ذلك ظلت طول المدى من اقرب الدول الصديقة التى ترعى مصالح الولايات المتحدة، ولم يتغير الموقف تجاهها إلا بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث ظهر أن أموالها اكبر ممول للجماعات الإرهابية، وكثير من الذين كانوا وراء العملية ، والذين نفذوها ينتمون إليها، واهم من ذلك أن المعتقدات الدينية التى ترعاها، والمتمثلة فى المذهب الوهابى، والتعليم الدينى الذى تقوم عليه مؤسساتها التعليمية والدينية، هو المغذي الأساسي للجماعات الإرهابية، التي تمارس إرهابها باسم الإسلام .. ومنذ ذلك الحين بدأ التحول في العلاقة مع السعودية، ولأول مرة أصبحت تنتقد علانية من أفراد داخل مؤسسات الحكم الأمريكي، وفي الأعلام، واصبح نظامها أكبر نظام مرشح للعمل على تغييره من قبل الولايات المتحدة
الأمر الذي نحب أن نؤكده هنا هو أن الولايات المتحدة في تدخلها في شئون الدول الأخرى لا تحركها أفكار ومبادئ، فهي لا تعمل من أجل الديمقراطية ورعاية حقوق الإنسان، ومراعاة الاعتبارات الإنسانية، ومحاربة تجارة المخدرات .. الخ وإنما هي فقط تعمل لمصالحها، و تعمل بصورة انتقائية حسب رؤيتها لهذه المصالح، ثم تسوق الاعتبارات المذكورة للتبرير.

غزو العراق
التسبيب:


لقد كان التسبيب الذي ساقته الولايات المتحدة لغزو العراق ضعيفا جدا، ومتهافتا جدا.. بل هي في الواقع كانت تتصرف بكثير من الصلف، تصرف من يشعر انه لا ينبغي أن يسأل عما يفعل .. فهي في جميع سلوكها لم تكن تعتمد على أسباب ومبررات، وإنما كانت تعتمد على قوتها وتفوقها ..
كان السبب الأساسي المعلن منذ البداية هو أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، ولم يتخلص منها!! ويلاحظ حول هذا السبب ما يلي:

· من المؤكد أن العراق لا يملك أسلحة نووية .. ولا حتى إمكانية أن يملكها بعد أن ضرب الإسرائيليون مفاعلاته، وبعد أن خاض ثلاث حروب كبيرة، وتحت ظروف الحصار التي يواجهها.. فلم يبق سوى الأسلحة البيولوجية والكيميائية، وهذه منتشرة في العالم ، وهنالك العديد من الدول خارج النادي الذري تمتلك أسلحة دمار شامل بما فيها الأسلحة الذرية، فما هو المعيار الموضوعي الذي يحرم على العراق امتلاك أسلحة دمار شامل، دون بقية دول العالم الأخرى؟‍‍‍‍‍‍‍! لماذا يحق لإسرائيل، والهند وباكستان مثلا أن تمتلك أسلحة دمار شامل، ولا يحق للعراق؟! كان يمكن أن يصدر قرار يجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، ويمنع جميع أقطارها من امتلاك هذه الأسلحة.. او تمنع جميع الدول في العالم التي لا تملك أسلحة دمار شامل من امتلاكها
· إذا كان العراق يملك أسلحة دمار شامل، فهو لا يمكن أن يكون قد تملكها فقط بعد حرب الخليج الثانية 1991م .. فاذا كانت القضية بهذه الأهمية لأمريكا لماذا لم تتخلص من أسلحة الدمار الشامل في العراق بعد حرب 1991م؟! فقد كانت الظروف مواتية، أو حتى بعد أن اتهم العراق باستخدامها ضد مواطنيه من الأكراد، فحينها كان الأمر مقبولا
· لم تختلف الدول في مجلس الأمن مع أمريكا في مبدأ إمكانية امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، او مبدأ ضرورة تجريده من هذه الأسلحة- وكان ذلك في الواقع مجاراة للقوة والنفوذ الأمريكي – وإنما كان الخلاف حول الأسلوب، فالدول التي عارضت أمريكا كانت ترى أن يتم تجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل إن وجدت، عن طريق الأمم المتحدة، والمفتشين
· فشلت أمريكا في أن تجد لها سندا مناسبا في الأمم المتحدة، ولم تقف بجانبها بصورة واضحة ومعلنة سوى بريطانيا وإسبانيا وقليل من دول أوروبا الصغيرة، رغم كل الأساليب غير الديمقراطية، والضغوط التي مارستها.. فحجم المعارضة الدولية، والشعبية على مستوى العالم كان يفترض أن يجعل أمريكا تعيد النظر في قرارها، أو حتى أسلوبها، ولكن العكس حدث، أصرت على موقفها متجاوزة الأمم المتحدة، والرأي العام العالمي، بل خرجت عن مجرد اللياقة الدبلوماسية المعهودة، وهذا يؤكد أمرين أساسيين .. أولا: اعتمادها التام على قوتها وتفوقها دون أي اعتبار للقيم والتقاليد المرعية في العلاقات الدولية.. ثانيا : أمر غزو العراق أمر استراتيجي هام، اقتضى منها كل هذه التضحية والإصرار على الموقف
· لقد فشل المفتشون طوال فترة عملهم في العثور على أسلحة دمار شامل، رغم استخدامهم لاحدث الوسائل العلمية في هذا المجال، ورفعوا تقاريرهم للأمم المتحدة، وكان يمكن أن يستمروا في بحثهم بصورة فعالة، ولكن أمريكا لا تريد ذلك، وكانت في عجلة من أمرها، ولا تريد لأي شئ أن يفوت عليها الفرصة
· الحجة في ضرورة عدم امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل، تأتي من انه حاكم مستبد، ورجل طائش يمكن أن يستخدمها، وقد استخدمها بالفعل ضد مواطنيه، كما يمكن أن يسربها للإرهابيين، ولكن صدام لم يصبح طائشا فجأة سنة 2003م، فقد كان طوال تاريخه طائشا ومستبدا، وكان وهو على ما هو عليه يجد المساعدة، والدعم، من أمريكا، التي كانت هي المسلح الأساسي له، وقد ساندته بصورة فعالة في حربه ضد إيران، فأمريكا مسئولة ولو جزئيا عن استبداد صدام .. ومرة أخرى حتى لا يستخدم صدام أسلحة الدمار الشامل، كان يمكن نزعها بعد هزيمة 1991م أو نزعها عن طريق عمل المفتشين، هذا على افتراض انها موجودة
· في الوقت الذي يتم فيه غزو العراق لافتراض انها تملك اسلحة دمار شامل – دون الذرية- وهو افتراض لم يثبت حتى الآن وبعد الغزو وسقوط نظام صدام، لا يوجد اي تهديد معلن بالحرب ضد كوريا الشمالية التي طردت المفتشين وانسحبت من معاهدة الانتشار النووي، ثم اعلنت بنفسها، وبصورة متكررة، وفي تحد، انها تملك اسلحة ذرية ولمحت بأنها قد تبيع اسلحة نووية لمن يدفع!‍‍؟؟
وعلى كل لا بد ان نتذكر، أن الولايات المتحدة – العاقلة – هي الدولة الوحيدة التي استخدمت الأسلحة الذرية في اليابان، دون ضرورة لذلك.. والولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة، التي استخدمت اسلحة الدمار الشامل – دون السلاح الذري- بتوسع كبير، في فيتنام ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍.. ومع ذلك هي الدولة التي تقيم من نفسها حاميا للعالم، من استخدام اسلحة الدمار الشامل ولو في الاطار الضيق الذي يمكن ان تمتلكه العراق!!

إسقاط نظام صدام:


السبب الثاني المعلن للحرب هو إسقاط نظام صدام، واقامة نظام ديمقراطي حر في العراق!! لماذا!؟ لأن نظام صدام خطر على الولايات المتحدة وعلى جيرانه، ولتحرير الشعب العراقي!! ‍
من المؤكد ان نظام صدام من اسوأ الأنظمة الشمولية في التاريخ المعاصر، وهو نظام عشائري يعتمد على الأسرة، والأهل من التكريت، فهو في هذا الجانب مشابه للنظام السعودي، وأنظمة الخليج الأخرى .. ولكن نظام صدام لم يصبح بشعا، فجأة في عام 2003م، فقد كان كذلك منذ ايامه الأولى، وكانت الولايات المتحدة مساندة له وداعمة وهو في ابشع حالاته من التسلط والقهر .. وهو واحد من العديد من الأنظمة الإرهابية البشعة التى ساندتها الولايات المتحدة، فى كثير من انحاء العالم، وعلى مر حقب التاريخ مثل نظام الشاه فى ايران الذى دبرت لقيامه انقلابا عسكريا ضد حكومة مصدق، وبيونشيه الذى قام بانقلابه ضد حكومة اللندى المنتخبة فى شيلى بدعم من الولايات المتحدة.. ورجل المخابرات الامريكية نوريغا دكتاتور بنما.. وسوهارتو فى اندونيسيا.. وكل دكتاتوريي هاييتى بمن فيهم دوفالييه الاب والابن والى جون جاك هونورا ـ وبول بوت فى كمبوديا.. الخ، هؤلاء وغيرهم كثير، من ابشع الدكتاتوريين الذين نكلوا بشعوبهم اشد التنكيل، وقد اتت بهم الولايات المتحدة الى السلطة ودعمتهم، او دعمتهم بعد وصولهم الى السلطة، هذا خلاف الأنظمة الشمولية مثل النظام السعودي، وأنظمة دول الخليج كلها، التي تجد الرعاية الحميمة من الولايات المتحدة، لأنها تخدم مصالحها .. وما لنا نذهب بعيدا، أليس صدام نفسه، والى وقت قريب يجد الدعم من الولايات المتحدة‍‍!!؟ جاء بالنيوزويك عدد اول اكتوبر2..2م عن العلاقات بين الولايات المتحدة وصدام، قولها: "كان الريغانيون يسعون لدعم العراق في حرب دموية طويلة ضد ايران. وكان للاجتماع بين رامسفيلد وصدام نتائج بالغة الخطورة: فعلى امتداد السنوات الخمس التالية، الى ان استسلمت ايران في نهاية المطاف، دعمت الولايات المتحدة جيوش صدام بمعلومات استخباراتية عسكرية وبالمعونات الاقتصادية والإمدادات السرية من الذخائر" .. "كان الاتحاد السوفيتي قبل الحرب الباردة شريك امريكا في الحرب ضد هتلر. ففي العالم الحقيقي، كما يقول المثل، ليس للأمم اصدقاء ثابتين.. فقط مصالح ثابتة دائمة.." .. "ان تاريخ علاقات امريكا مع صدام هو واحد من أكثر القصص مدعاة للأسى في السياسة الخارجية الأمريكية. لقد غضت امريكا الطرف مرة تلو الأخرى عن عدوانية صدام ورأت فيه أهون الشرين او احجمت عن الاطاحة به عندما سنحت الفرص وليس هناك من صانع قرار واحد او ادارة واحدة تستحق اللوم لخلقها او على الأقل التسامح مع وحش، فالكثير من قراراتهم بدت معقولة في حينها. وحتى مع ذلك، هنالك لحظات في هذه الرقصة الخرقاء مع الشيطان تجعل المرء يرتجف. من الصعب التصديق أن امريكا سمحت عن سابق معرفة للجنة العراقية للطاقة الذرية بأن تستورد مخلقات بكتيرية يمكن استخدامها في بناء اسلحة بيولوجية ولكن هذا ما حدث" !! "لقد كانت امريكا تتنافس مع السوفيت من اجل صدام، أثناء الحرب الباردة، وربحت تجربة ضد المتعصبين الدينيين في ايران. ووجدت واشنطن التي طورت علاقات مريحة مع صدام انه من الصعب انهاء هذه العلاقة حتى بعد الحرب معه عام 1991م. لقد أسهم الغرب عبر سنوات من التعاون العلني والسري في خلق صدام اليوم، أفسح له المجال لبناء ترسانة فتاكة، والسيطرة على شعبه" .. "فقد حذر رامسفيلد في اجتماع مع المسئولين عام 1983من استخدام صدام للأسلحة الكيميائية قد (يوقف) المساعدات الأمريكية. غير ان كبار المسئولين في ادارة ريغان رأوا في صدام بديلا مفيدا فهو قد يستطيع بشنه الحرب على ايران ان يستنزف الراديكاليين ٍالذين استولوا على السلطة من الشاه الموالي لأمريكا، ورأى بعض مسئولي ادارة ريغان أن صدام هو انور سادات آخر قادر على أن يجعل من العراق دولة عصرية علمانية، تماما كما حاول انور السادات ان يعلي من شأن مصر قبل اغتياله عام 1982" .. فبعد زيارة رامسفيلد عام 1983م قررت واشنطون ان تمد يد العون للعراق. وبدأت اجهزة الاستخبارات الأمريكية في تزويد الدكتانور العراقي بصور ملتقطة عبر الأقمار الصناعية تظهر تحركات القوات الايرانية . وتشير بعض الوثائق الرسمية الى ان امريكا ربما ساعدت بشكل سري في ترتيب شحن دبابات واسلحة اخرى للعراق في صفقة مقايضة .. دبابات امريكية لمصر مقابل دبابات مصرية للعراق. ورغم احتجاج بعض المتشككين في البنتاغون، بدأت ادارة ريغان بالسماح للعراقيين بشراء اجهزة ومواد ذات ( استعمال مزدوج ) من مزوديين امريكيين ووفقا لوثائق سرية لضبط الصادرات لوزارة التجارة حصلت عليها نيوزويك فأن القائمة اشتملت على قاعدة بيانات كمبيوترية لوزارة داخلية صدام ( الغرض منها كما يفترض المساعدة على رصد المعارضين السياسيين ) ومروحيات، لنقل الضباط العراقيين، وكاميرات تلفزيون ل ( الاستخدام في الرقابة بواسطة الفيديو ) ، واجهزة تحليل كيمائية للهيئة العراقية للطاقة الذرية، وعدة شحنات ، وهذا هو الأكثر مدعاة للقلق من ( بكتريا، فطريات، بروتوزا ) للهيئة ذاتها. ووفقا لمسئولين سابقين فان المخلقات البكتيرية كان من الممكن استخدامها لصنع اسلحة بيولوجية بما فبها الجمرة الخبيثة، كما أن وزارة الخارجية وافقت على شحن 1.5 مليون حقنة ايثروبين للاستعمال ضد آثار الأسلحة الكيميائية، غير ان البنتاغون منع بيعها ، وقد استخدمت المروحيات كما خمن بعض المسئولين الأمريكيين فيما بعد، في رش الغاز السام علىالأكراد" .. وكان صدام يشعر بالتيه والعجرفة، اذ بمساعدة الغرب الحق الهزيمة بالثوريين الاسلاميين في ايران. وكانت امريكا تحابيه كدعامة اقليمية، وتزاحمت الشركات الأمريكية والأوربية على العقود مع العراق... الخ
اما نعوم شومسكي فقد جاء ضمن اقواله، ( اما المثال الأغنى بالدروس فهو صدام حسين، الصديق المحبوب والشريك التجاري للغرب، رغم اسوأ فظائعه. فعندما كان جدار برلين يتهاوى عام 1989 تدخل البيت الأبيض مباشرة، في اجتماع شديد السرية، لضمان تلقي العراق ضمانات قروض جديدة بمقدار مليار دولار، رغم اعتراض وزارتي الخزانة والتجارة قائلتين بأن العراق لم يكن أهلا للثقة، كان السبب كما شرحت وزارة الخارجية، هو ان العراق (شديد الأهمية لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط) و (ذو اثر في عملية السلام) و (مفتاح لحفظ الاستقرار في المنطقة. ويقدم فرصا تجارية كبرى للشركات الأمريكية) .
فاسقاط نظام صدام ليس سببا حقيقيا للغزو، فقد كان صدام في اسوأ حالات تجبره وبطشه مدعوما من الولايات المتحدة، كما رأينا .. ولو كانت امريكا تعمل على اسقاط الأنظمة بسبب استبدادها، لما كان معظم حلفائها ، في دول العالم الثالث من كبار المستبدين، كما ذكرنا في النماذج التي أوردناها، ولما اسقطت انظمة ديمقراطية لتقيم مكانها دكتاتوريات مستبدة .. ولو كانت امريكا تريد اسقاط نظام صدام بسبب استبداده، لعملت على اسقاطه منذ وقت طويل، خصوصا عندما كانت الظروف مهيأة بصورة أفضل مما هي عليه الآن، بالذات عندما هزمته في حرب 1991م، في اطار حلف دولي كبير، وفي اطار تسبيب للحرب اكثر اقناعا من حربها هذه الأخيرة، وان كان ذلك التسبيب نفسه تم بصورة انتقائية، ففي نفس الوقت الذي غزت فيه العراق الكويت، كانت اندونيسيا قد غزت تيمورالشرقية عام 1990م، واحدثت مذبحة كبيرة وسط التيموريين، وكان الدافع هو المطامع في بترول وغاز تيمور .. ولم تدن امريكا، مجرد إدانة غزو تيمور الشرقية، وفرضت تعتيم اعلامي عليه – بل هنالك من يتهمها بأنها على الأقل كانت على علم بحادث الغزو، ان لم تكن وراء تدبيره – هذا مقابل اٍلتعبئة الضخمة والتحالف الدولي الكبير، والحرب، في حالة الكويت.
من المؤكد ان صدام استنفد غرضه عند الأمريكيين، ولم يتم العمل على اسقاطه الا في الوقت الذي استنفد فيه غرضه حسب حسابات السياسة الأمريكية، وهذا ما جرى للكثيرين من حلفاء امريكا وصنائعها، امثال نوريقا الذي يقضي الآن عقوبة السجن، وقد تم غزو بلاده بسبب ضلوعه في تجارة المخدرات، التي تفيد التقارير بأنها تضاعفت بعد ذهاب نوريقا، ولم يشفع لنوريقا عندما استنفذ غرضه انه كان عميل المخابرات الأمريكية.
ولو كان ازالة نظام صدام، واقامة نظام ديمقراطي هو الغرض لنفذته امريكا دون الحاجة للحرب، وبأقل من عشر التكلفة المادية، خل عنك التكلفة البشرية، فهذا هو عملها الذي تجيده ولقد تمرست عليه سنين طويلة، ولكنها لما كانت تريد الغزو، كانت تظهر ان ازاحة صدام من دونها غير ممكنة، هذا مع العلم ان الذي حسم الحرب في النهاية ليس العمل العسكري، فقد سلمت بغداد بالصورة الغامضة الي رأيناها، مما يؤكد ان هنالك عمل مخابراتي ما تم، وحسم الحرب بهذه الصورة الغامضة حتى الآن.. واذا صح ما تناقلته وسائل الاعلام العالمية، من انه ظهر ان طارق عزيز رجل مخابرات امريكية- وهو امر غير مستبعد- يصبح من السهل تصور امكانية تغيير النظام، دون اللجؤ للحرب، رغم كل ما يقال عن جبروته..
إذن تغيير النظام العراقي مطلوب ان يتم بالصورة التي تم بها، وليس بأي صورة اخرى، لأن الصور الأخرى لا تؤدي الغرض المطلوب، بل تفوت الفرصة على هذا الغرض، ولذلك كان الاستعجال.
لو كانت امريكا تريد ان تعمل لمصلحة الديمقراطية، وضد الأنظمة الشمولية في العالم، للعبت دورا كبيرا في هذا الصدد، كان يمكن ان تستصدر قرارات من الأمم المتحدة، أو حتى حلفائها بمعاقبة الدول الشمولية، وعدم التعاون معها، بالطرق التي ظلت تمارسها طوال الوقت، كما فعلت في الجانب الاقتصادي ولن تجد في النهاية هذه الدول المعنية مناصا من تغيير اوضاعها..
ان الديمقراطية والحرية التي تهم امريكا، هي ما عبر عنه احد المصرفيين بوضوح في فنزويلا في عهد بيريز جيمينيز بقوله: " لديك مطلق الحرية هنا ان تفعل بأموالك ما تشاء، وبالنسبة لي فان هذا يساوي كل الحرية السياسية في العالم".. ان امريكا تريد الحرية والديمقراطية في اطار مشروع اقتصادي يحقق مصالحها، وليس من منطلق قيمة أخلاقية مطلقة.

اذن لماذا الغزو؟


ان الصورة التي تم بها غزو العراق جاءت اشبه – على الأقل – في الشكل- بالغزو الاستعماري، في القرن التاسع عشر .. فقد كان من المستبعد ان يتم الغزو بالصورة التي تم بها، لا لسبب الا لأن العصر قد تجاوزها كثيرا، ولأن امريكا ظلت تستبعد الخيار العسكري – ولا تلجأ له الا عند الضرورة القصوى، لأن اغراضها يمكن خدمتها وبصورة ربما أكفأ، بالوسائل الأخرى.. ولكن هذه المرة رأت ان اغراضها لا تتحقق الا بالغزو العسكري، ولما كانت هذه الأغراض عندها هامة فقد اصرت على اسلوبها رغم فشلها في ان تجد لها غطاء من الأمم المتحدة، ورغم المعارضة الكبيرة التي وجدتها.
ان هدف امريكا في سياستها الخارجية طوال فترة الحرب الباردة وما بعدها، كان هو الهيمنة على العالم .. وبانتهاء المنافس الأساسي، زالت العقبة الأساسية، واصبحت الفرصة في الهيمنة اكبر بكثير، خصوصا مع التفوق الهائل للولايات المتحدة، كدولة واحدة، على جميع دول العالم قي كل المجالات، كما سبق ان اشرنا.. ان امكانية هيمنة الشق الرأسمالي من الحضارة الغربية، بعد انتهاء المعسكر الشيوعي، اصبح واقعا، لا يجد، حتى الآن، اي منافس، او حتى معوق اساسي له.. وفي اطار امكانية هذه الهيمنة، تريد الولايات المتحدة، ان تكون الهيمنة لها هي بالذات، دون بقية حلفائها، الذين تريد لهم ان يكونوا تابعين لها بنفس الصورة التي كانت وقت الصراع مع المعسكر الشرقي، ولذلك كانت، ولا زالت، مستفزة من موقف بعض حلفائها وعلى رأسهم فرنسا.. فالهيمنة هي الاستراتيجية الأساسية لسياسة امريكا الخارجية، وهي استراتيجية ثابتة، لا خلاف حولها بين صقور وحمائم في الحزب الواحد، او بين الحزبين، وانما يأتي الخلاف في الأولويات وفي الأساليب، لا في مبدأ الهيمنة نفسه.
فغزو العراق بصورة عامة هو عمل، في اطار هذه الاستراتيجية الأساسية، ولكنه عمل له خصوصيته، وهذه الخصوصية، تؤكدها اهمية المنطقة- العراق ومنطقة الشرق الأوسط عموما- كما يؤكدها الاصرار الذي ظهر من خلال اسلوب امريكا في العمل.. في تقديري في اطار الإستراتيجية العامة، هنالك امران، اساسيان، هما السبب المباشر وراء عملية الغزو.. السبب الأول هو أحداث 11سبتمبر2001م والسبب الثاني، هو الانتخابات الأمريكية القادمة 2004م .. إن احداث 11 سبتمبر عمل غريب جدا، فهو قبل حدوثه ، يمكن ان يعتبر في حكم المستحيل .. فالاتحاد السوفيتي في عنفوان قوته، كان من المستحيل أن يضرب رموز القوة الأمريكية التي ضربت في 11 سبتمبر، بل ان العالم اجمع من الناحية العسكرية لا يستطيع ان يقوم بهذا العمل!! والجانب الأكثر تأثيرا في احداث 11 سبتمبر، ليس هو الخسائر المادية، ولا البشرية، فالأهم من ذلك كله، الإهانة المستفزة التي لحقت بأمريكا، من خلال هذا العمل.. فأمريكا في قمة مجدها وتيهها، وقد تجاوزت خصمها الأساسي، بصورة تجعلها تأمن كل خطر، ومع ذلك ظلت تصرف المليارات الممليرة، على قوتها العسكرية، وعلى امنها، وفي هذا الوقت بالذات يتم ضربها في القلب، في رموزها الأساسية: السياسية- والعسكرية- والاقتصادية!! ان هذا الأمر يحتاج الى كثير من التأمل، وهو نموذج لخطورة المكر الإلهي، المكر بالطرفين المعتدي، والمعتدى عليه.. ان هذا الحدث لن تنساه الادارات الأمريكية بسرعة، ولن يكون هنالك حد لرد الفعل الذي احدثه ويحدثه.. يكفي ان نشير ان امريكا لم تنس حتى الآن لليابان ضرب بيرل هاربر، رغم تقادم الزمن، ولا زالت تطالبها بالاعتذار عن ذلك الحادث وباصرار.. وعندما تطالب اليابان امريكا في المقابل بالاعتذار عن هيروشيما وناجازاكي ترفض امريكا.. في تقديري ان أحداث 11 سبتمبر فيها اهانة للكرامة الأمريكية أكبر بكثير من أحداث بيرل هاربر، خصوصا بالنسبة للرموز التي تم ضربها، والتوقيت الذي تم فيه ذلك.. فمنذ 11 سبتمبر 2001م اصبحت محاربة الارهاب- بالمفهوم الأمريكي – استرتيجية اساسية في السياسةالأمريكية.. فالى جانب الاهانة هنالك خوف حقيقي من العمل الارهابي، خصوصا ما يتسم به من خفاء، ومن امكانيات تدمير، وبصورة أخص اذا تصورنا امكانية استخدام الارهاب لأسلحة دمار شامل، وهو امر ميسور جدا بالنسبة للأسلحة البيولوجية والكيميائية، ولا يوجد اي سبب موضوعي، يجعل الارهابيين لا يفكرون فيه، ويعملون على القيام بعمليات ارهابية كبيرة تستخدم فيها اسلحة دمار شامل.
وموطن الارهاب، باسم الإسلام، ليس افغانستان، وانما افغانستان نزح اليها، لاعتبارات استراتيجية عسكرية، وقد تم ضربه فيها، في هذا الجانب، الجانب العسكري.. موطن الارهاب الأساسي باسم الإسلام، هو الشرق الأوسط، السعودية ومصر بالتحديد.. فجميع جماعات الارهاب خرجت من الفكر الرجعي السلفي عند ابن تيميه والوهابية في السعودية، ومن جماعة الاخوان المسلمين، خصوصا سيد قطب، وبصورة أخص كتاب "معالم في الطريق". فالارهاب كله يقوم على مفاهيم: الحاكمية، والتكفير، والجهاد، عند هذه الجماعات، وهي مفاهيم، الى جانب عمل التنظيمات يغذيها التعليم الديني الرسمي القائم، والأمريكان على وعي تام بهذا الأمر، فإلى جانب عملهم السياسي والمخابراتي، استكتبوا بعض المفكرين العرب خصوصا من المصريين، وقدم هؤلاء دراسات وافية حول جذور، الارهاب، وكتب بعضهم بصورة واضحة انه يقدم هذه الدراسة بطلب من الإدارة الأمريكية.
فاحتلال العراق يوفر للحكومة الأمريكية فرصة كبيرة لتجفيف منابع الارهاب، في المنطقة، وهي فرصة لا تستطيع السعودية ان توفرها، لأن المطلوب يتعارض مع طبيعة تكوينها السياسي والديني نفسه، رغم انها لن تمانع في القيام بالدور الذي يوكل لها في هذا الصدد، لكنها عمليا لا تستطيع، وكذلك الحال بالنسبة لمصر.. فالعراق يمكن ان تكون البديل للسعودية ومصر كدولتين صديقتين لأمريكا، استنفدت صداقتهما مرحلتها.. وهذا لا يعني استخدام عراق ما بعد صدام بصورة مباشرة، او غيره من الامور، وانما العمل من خلالها، حسب مقتضيات الحال.. وبالطبع العمل الذي يمكن ان تقوم به العراق اذا امكن توظيفها كدولة موالية، لا يمكن ان تقوم به اسرائيل بحكم العداوة التاريخية بينها وبين دول وشعوب المنطقة.
وهذا لا يعني انه كان هنالك خوف حقيقي من صدام في مجال الارهاب، او امكانية التعاون مع الارهابيين، فعلى الرغم من ان كلاهما ارهابي، الا انه لا توجد ارض مشتركة بينهما، وما يفرق بينهما اكبر مما يمكن ان يجمع بينهما.. ولكن الحديث يعني ان عراق ما بعد صدام يمكن ان يستخدم بفعالية ضد الارهاب، اذا نجحت التصورات الأمريكية لسيناريوهات ما بعد الغزو.. ثم ان مجرد عملية الغزو، وما صحبها من تصميم واستعراض قوة، هي رادع قوي جدا، لأي دولة تأوي الارهاب، او يمكن ان تفكر في ذلك.. اعني دولة وليس مجرد تنظيم.. واعتقد ان هذا الأمر تم بالفعل.
اما بالنسبة لعلاقة احداث 11 سبتمبر بالانتخابات القادمة. فان العلاقة تتمثل في ان الحزب الجمهوري وادارة بوش، عملا على استغلال احداث 11 سبتمبر، وقضية الارهاب لجمع الشعب الأمريكي حولهم ولقد نجحوا الى حد كبير، فعلى الرغم من ان التجربة الطويلة دللت على ان الشعب الأمريكي، في الانتخابات، اكثر اهتماما بقضايا الاقتصاد والمشاكل الداخلية، منه بالقضايا الخارجية.. الا ان احداث 11 سبتمبر، جعلت من الارهاب، وما يتعلق به، قضية داخلية خطيرة، تمس كل مواطن امريكي مباشرة، فلذلك يمكن استغلالها بصورة كبيرة في الانتخابات القادمة، وهذا ما سعى ويسعى له الجمهوريون، وغزو العراق عمل هام في هذا الباب، فهم باسم محاربة الارهاب يريدون ان يقدموا بوش لدورة رئاسية جديدة، من خلال محاربة الارهاب، كبطل قومي.
ان غزو العراق عمل له ابعاد عديدة، وكبيرة، ويمكن ان يوفر للولايات المتحدة مصالح عديدة، اقتصادية، وسياسية، واستراتيجية عسكرية، وثقافية، ويتيح الفرصة لمحاربة فعالة للارهاب، وللهيمنة على اهم مناطق العالم القديم- الشرق الأوسط- في اطار مفهوم العولمة، الذي يعني من وجهة النظر الأمريكية الهيمنة على العالم.
هنالك خدمة المصالح الاقتصادية للشركات- اللوبي الأساسي وراء الغزو- خصوصا في مجال البترول، الذي بدأ منذ الآن الحديث عن خصخصته، وشركات الأسلحة- المستفيد الأول من الحروب- .. وهناك قضية المياه في المنطقة، وخدمة أغراض اسرائيل الحليف الأول في المنطقة، والمستفيد الأساسي من الغزو منذ الآن، وفرص تغيير الأنظمة في المنطقة، الى انظمة اكثر مواكبة واكثر خدمة لأغراض امريكا في المرحلة، الى غير ذلك من التفاصيل المبيتة، وغير معلنة.
النصوص الواردة، في وسائل الإعلام، والصحافة الأمريكية، حول غزو العراق، ودوافعه، عديدة، فالأعلام جزء اساسي من عملية الغزو، ولكن هذه النصوص في جملتها تستهدف تبرير الغزو، ولذلك هي لا تصرح بوضوح بالأهداف الأساسية، ولكنها رغم ذلك واضحة بما يكفي، ونحن هنا نورد بعض النماذج، فقد جاء مثلا، في النيوزويك عدد 29 ابريل .. " المنتصر الأكيد في الحرب الباردة، لا يشعر بعد الآن بأنه مقيد من التدخل في المناطق الحساسة، كالشرق الأوسط، وآسيا الوسطى، اذا ما تطلبت ذلك المصلحة الأمنية.. فالولايات المتحدة لا تواجه اي تحديات عسكرية، ولا ترى امامها اي قوة عظمى تقدر على منافستها. ولكن هذا لم يؤمن لها الكثير من الشعور بالراحة، وهي تشعر منذ 11 سبتمبر بأنها اقل امنا وتقوم بإنفاق مبالغ طائلة على التسلح. ومع ان لديها اكبر اقتصاد منفرد في العالم، الا انها امام عجز هائل في التجارة والميزانية".. "الاستراتيجية تنطوي على مجازفة، لقد حدد بوش هدفا طموحا- يكاد يكون بلا حدود- استئصال الارهاب عن طريق تغيير القلوب والأنظمة في جميع دول محور الشر وملحقاته .." .. يكاد هذا يكون أوضح حديث في هذا المجال، فالهدف: استئصال الارهاب عن طريق تغيير القلوب والأنظمة!! تغيير الأنظمة أمر مفهوم وممكن، ولكن كيف يريد الأمريكان تغيير القلوب!؟ من الواضح انهم يظنون ان ذلك ممكن من خلال فرض نظامهم الحضاري، وهذا ظن يفضح خطورة المدى الذي يمكن ان يذهبوا اليه، كما يدل على مدى تطفيف الأمور، في مخططاتهم.
وفي موضع آخر من نفس المصدر يجئ: "اذا تمكن الصقور من تحقيق رغباتهم- اي اذا عملنا على تعزيز موقعنا في العالم، وتغيير مجتمعاته- فإن (اللحظة الأمريكية) في الشرق الأوسط يمكن ان تكون طويلة نوعا ما .." .. "ولكن الصقور من المفكرين وصناع القرار في العاصمة واشنطون، يعتقدون بأن على امريكا ان تنتهز هذه الفرصة لتغيير الشرق الأوسط واصلاحه وبالتالي ستصبح المنطقة جزءا من العالم المتحضر- من وجهة نظرهم-" .. "والشرق الأوسط سيصبح اكثر استقرارا وازدهارا وسيصبح الوصول اليه اكثر سهولة، وان المنتقدين الخارجيين سيتوقفون عن انتقاداتهم مع تحقيق مزيد من النجاحات، وان الشعب الأمريكي سيتم حشده لتأييد السياسة الجريئة الرامية الى توسيع نطاق، وبالطبع القضاء على منابت الارهاب.." .. "ان بوش يعلم ان عليه ان يتحدث عن (الوظائف، الوظائف، الوظائف). فحسب آخر استطلاعات الرأي، وضع الناخبون المخاوف الاقتصادية قبل المخاوف المتصلة بالارهاب. ومع ذلك يبدو انه لابد للرئيس في النهاية ان يتجه الى البلاد في العام القادم برسالة (حرب، حرب، حرب) ولم لا ؟ فان معدلات الرضا المرتفعة عن ادائه (72% حسب آخر استطلاع للنيوزويك) دعمت شعبيته الحقيقية كقائد أعلى"
هذه بعض النماذج وبالطبع هنالك من الكتاب من ينتقدون اتجاه امريكا هذا للهيمنة، ولكن في الغالب نقد لا ينطلق من مواقف مبدئية وانما يقوم على خوف الفشل: "ان سجل امريكا في محاولة تغيير المجتمعات الأخرى، سواء في امريكا الوسطى او كوبا او الفلبين، لم يكن مشجعا هو الآخر، لقد احتلينا المنطقتين الأخيرتين قبل اكثر من قرن من الزمن، ومع ذلك فان تاريخ كوبا عمته الفوضى، والفلبين لا تزال تستقبل حاليا اعدادا جديدة من جماعات المستشارين العسكريين الأمريكيين. فلماذا نعتقد اذن بأن أدائنا في سوريا او العراق او السعودية، سيكون افضل"
امريكا الآن تحلم باقامة اكبر واعظم امبراطوربة في التاريخ، وغزوها العراق هو بسبيل من هذا الحلم الكبير ولكن الأحلام شئ، والواقع شئ آخر.. فالأيام القليلة القادمة ستبين ما مدى موضوعية الطموحات الأمريكية في غزو العراق، هل ستحقق امريكا كل مراميها‍‍‍‍‍‍‍‍!‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍؟‍‍‍‍‍‍‍ أم هل ستحقق البعض، وتفشل في البعض الآخر‍!‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍؟ أم هل سيظهر لها أمر لم يكن داخلا في حساباتها!؟

عملية الغزو:


لقد كانت امريكا، فاشلة تماما في تسبيب غزوها للعراق، أما عملية الغزو نفسها، فقد كانت ناجحة الى حد كبير.. فلم تأخذ الحرب اكثر من ثلاثة اسابيع وقد سقط نظام صدام حسين، فقصر مدة الحرب يعتبر اكبر نجاح.. كما ان امريكا من خلال الحشد العسكري للحرب استطاعت ان تستعرض قوتها، في رسالة واضحة وفعالة، لكل الخصوم المحتملين في المنطقة، وهذا