لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل، شجاع، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة، والشرف ولا ينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا، في مستواه، فان المعجزات تجري على يديه، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده.. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار، فيما بعد، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام))

معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية - الكتاب الاول

menu search

الطائفية!! وأحداث الجمعة!! وعار الأبد!!

التقويم الموضوعى لمحاولة الغزو الفاشلة


لقد وكدنا، في مقدمة هذا الكتاب، كما وكدنا في مناسبات عديدة، وفي مواضع شتى من كتبنا، أن الطائفية هي الخطر الجاثم، دائما، على صدر هذا البلد.. ولقد جاءت محاولة الغزو الفاشلة مصداقا لهذا الرأي.. إلاّ أن الطائفية، في هذه المرة، لم تتوّرع من اللجوء لأحط الأساليب، باستجلاب المرتزقة الأجانب، لإراقة الدماء بصورة وحشية.. وكعادة زعماء الطائفية، دائما، فإنهم يزجون بالسذّج، من أتباعهم وأهل عقيدتهم، في مثل هذه الأعمال الطائشة، بينما يظلون هم، آمنين وموفورين، في خارج البلاد أو حتى في داخلها، يتحينون الوقت المناسب للظهور لإستلام السلطة، وتقسيم الغنائم، غير عابئين بما أزهقوا من أرواح الأبرياء..

إن محاولتنا، في هذا الفصل، ستسير في اتجاه بيان الأبعاد الحقيقية لهذه المؤامرة.. وكما وكدنا، فان المؤامرة، على بشاعتها، هدية ساقها الله لنا حتى نتعلم منها ما يجنبنا شرورا أكبر من هذه في مقبل الأيام، لا سيما ونحن نعلم، ونثق، أن كل تجربة لا تورث حكمة تكرر نفسها.. وأننا، أيضا، لعلى يقين تام أن هذه المحاولة قد جاءت بهذه الصورة المؤلمة البشعة لأننا لم نتعظ من التجارب الماضية في صراعنا مع الطائفية.. فنرجو أن يكون هذا درسا أخيرا يغنينا عن الدخول في تجربة جديدة.. وهذا بالطبع لن يكون الاّ إذا واجهنا الموقف بالوضوح، وبالصدق، وبالتحليل العلمي الذي يضع النقط فوق الحروف بأمانة وشجاعة.. ولذلك، فأننا سنزيح النقاب عن جميع الجهات التي وقفت وراء هذه المؤامرة الفاشلة، الجهات التي اشتركت بصورة مباشرة، والجهات التي اشتركت بصورة غير مباشرة.. وأول وأخطر هذه الجهات هي الطائفية.. وبالتحديد طائفة الأنصار..