إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الأخوان الجمهوريون في
جريدة الأخبار المصرية

خاتمة


إن البشرية اليوم تقف على مفترق الطرق، ولا تملك طويلا من الوقت، تنفقه في التردد، وفي ممارسة الجهود التي لا تتّسم بميسم الحذق والذكاء، ولا بدّ لها من سلوك أحد طريقيها: اما الطريق الصاعد إلى مشار الحضارة والسلام، أو الطريق الهابط إلى مزالق الهمجية والحروب.. على أن الحروب الحديثة هي الفناء والدمار.. وإذا كان هذا هو الطور الذي تمر به الإنسانية، وهو طور يعيش خطورته سائر الناس بما فيهم المواطن العادي، الذي يلمسها في مشاكله اليومية المعقّدة.. فإن هذا المنعطف الخطير يجب أن يؤرق كل إنسان حتى نبحث جميعا عن الطريق الصاعد، فنعرفه، ونلتزمه، ونرشد إليه الآخرين.. فهذا هو واجب الناس عامة، وواجب المثقفين خاصة، وواجب المسلمين بصورة أخص، لأن الإسلام هو مدنية المستقبل المرتقبة على أن يفهم الإسلام فهما جديدا به يقدم مستواه العلمي في عصر العلم، فطور القلق والحيرة، الذي تمر به الإنسانية الآن، يجعل التفكير ضريبة إنسانية، كما هو فريضة إسلامية، ويجعل الثقافة مسئولية وجد..
واننا منطلقين من واجبنا الديني، وواجبنا الإنساني، قد قمنا بمبادرتنا لتقديم الدين للإنسانية الحاضرة، وقد اتضّح لنا أن الفهم الجديد للإسلام ضرورة دينية تنبع من ضرورة تطبيق اصول القرآن، التي لا مفازة للإنسانية إلاّ بها، ولا كرامة لمطلق حي إلاّ ببعثها.. ونحن من جانبنا موقنون ان دعوتنا هي الإسلام، عائد من جديد ومن حق الناس علينا أن يطالبونا بالدليل، وبالبرهان.. ومن حقنا عليهم أن نعطي حقنا في التعبير.. فحق التعبير هو الحد الأدني الذي يجب أن نحرص عليه جميعا، حتى تعبّر الإتجاهات المختلفة عما تراه، ومن خلال صراع الأفكار ستوعى الشعوب، وتستنير فتشتعل الثورة الثقافية، والثورة الدينية الشاملة التي تتوّج الحضارة الحاضرة بمدنية السلام، ولا تهولن الناس غرابة دعوتنا فالمألوف قد استنفد غرضه، والإسلام سيعود غريبا ((بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء)) ونحن نعلم أن سدنّة القديم من السلفيين يحاربون الجديد بضراوة الضّرة، ولكنهم، في الحقيقة، لا يعادون إلاّ أنفسهم، فإن الحق لا يعادى.. كما نعلم أن بعض المثقفين يفرطون في واجب الثقافة وفي شرف الثقافة فيقفون مع القديم المحتضّر بسبب الخوف وبسبب السلبية فهؤلاء واولئك نذكرّهم بأن التاريخ لا يرحم وأنهم في هذه الأيام سيكتبون سيرتهم للأجيال إن خيرا فخير وان شرّا فشر..
هدى الله الإنسانية إلى مفاوزها فهو السميع المجيب.