الجمهوريون هم دعاة بعث السنّة
الأمين داؤود يخفي الحقائق
كانت جريدة الأخبار المصرية قد نشرت بتاريخ 4/6/76، بجريدة الجمعة، حديثا للدكتور الأمين داؤد زعم فيه أنه سيعرّف بالجمهوريين وبأهدافهم... والشيخ الأمين داؤد مستواه معروف عندنا، فهو قد نشر عنّا كتابين، كان أولهما يطفح بالبذاءات، وساقط القول، وكان الثاني يشكّل جريمة قذف هي الآن أمام المحاكم الجنائية.. ولم نر في هذا المستوى العجيب ما يستحق الرد، أو المناقشة.. والآن، وقد نشر عنّا مقلا في صحيفة سيارة، فعنصر الصحيفة، ونظرة الناس لما ينظر في الصحف، جعلتنا نهتم بالرد عليه، رغم رداءة محتواه كعادته، وبعده عن الإنصاف والأمانة.. ولولا دخول اسم الجريدة لما اهرقنا مدادا في الرد عليه، فهو شخص لا وزن له عند الله، ولا وزن له عند الناس.. وقد عمد الدكتور الشيخ الأمين داؤد إلى التضليل كشأنه دائما، وفي بعد عن الموضوعية أخذ يصوّرنا بصورة عقائدية غريبة، وساذجة، تعمل لهدم الإسلام، فهو يتهمنا بدعوى الرسالة، وبأننا أتينا بشريعة جديدة، تسوّي بين الرجل والمرأة في القوامة، والميراث! إلى آخر تلك الصورة الساذجة التي سولها له خياله المريض، فحاول أن يظهرنا كجماعة تأتي بشريعة، ورسالة تناقض القرآن.. ولكن من يطّلع على نصوص حديثنا في هذه المواضيع (وقد تعمّد الشيخ إخفاء هذه النصوص لأنها بما فيها من أدّلة وموضوعية، تفضح صورته الكاذبة، التي يريد أن يصورنا بها، ليضلّل بها القراء) نقول إن من يطّلع على تفاصيل ما نقول يدرك أن الأمر في بساطة ووضوح، وتحديد يقوم على القرآن والسنّة بتمييز دقيق.. يميّز بين الأصول والفروع في القرآن، ويميّز بين السنّة والشريعة..
الرسالة الثانية ما هي؟
فالرسالة الثانية التي يوردها الشيخ بتلك الصورة المغرضة، هي سنّة النبي الكريم، وقد وضحّنا بالنص أن "السنّة هي الرسالة الثانية" والشريعة الجديدة التي يشوّهها الشيخ، هي آيات الأصول التي قامت عليها سنّة النبي الكريم يومئذٍ، ونريد لها أن تقوم عليها الآن شريعة القرن العشرين.. فالأمر ليس هدما للإسلام، ولا هو تناقض مع القرآن، وإنما هو دعوة لمزيد من الدخول في القرآن، ومزيد من القرب من النبي، وبذلك يسع ديننا طاقات، وامكانات الحياة، الحديثة، ويوجهها، ويسود الحياة، ويسعدها، بعد تلك العزلة التي ضربها عليه المشايخ لقصورهم، هم، ولتخلّف فهمهم، ولبعدهم عن تطبيق الدين على أنفسهم.. والقرآن لا يعطي علومه إلاّ لمن يستحقها، ويتأهل لها بتجربة ذاتية هي التقوى
((واتقوا الله ويعلّمكم الله
)) فالشيخ الدكتور لعجزه عن الصراع الفكري، ولفجوره في الخصومة، لم يناقش دعوتنا في إطارها هذا، فينازع في النصوص التي أوردناها فيضعف أو يبطل أدلتنا. وسند كل هذه المسائل التي أوردها مشوّهة يلتمس في مثاني القرآن.. فميزة القرآن التي جعلته صالحا لتنظيم مجتمع القرن السابع، ومجتمع القرن العشرين الكوكبي المعقّد الذّكي، هي أن الكتاب قد نزل مثاني
((الله أنول أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني
))
القرآن المكي والقرآن المدني
وهذه المثاني أوضح ما تكون في القرآن المكي، والقرآن المدني المعروف بين الناس بهذه الثنائية بين مكة والمدينة، ولكن دقة التمييز تتعمّق أكثر، فتوّضح أن الفرق بين المكي والمدني فرق مستوى.. والآيات المكية هي آيات الأصول، والآيات المدنية هي آيات الفروع، وآصل الأصول في الإسلام هي الحرية، ولذلك بدأت بها الدعوة في مكة وجاءت آيات الدعوة مثل قوله تعالى:
((وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
)) وكذلك قدّس الإسلام الحرية الفردية للدرجة التي نهى فيها نبيه الكريم، على خلقه العظيم، عن السيطرة على حرية المشركين الجاهليين، عبدة الأوثان، فقال تعالى
((فذّكر إنما أنت مذّكر* لست عليهم بمسيطر
)) وبعد تجربة ثلاثة عشرة سنة، ظهر ظهور تجربة، أن مجتمع القرن السابع لا يستطيع أن ينهض بمسئولية الحرية، فثبت قصوره، فبدأ التحوّل من آيات الحرية إلى آيات الوصاية – الآيات المدنية- إلى أن جاءت آية سميت آية السيف، فاعتبرت ناسخة لآية الحرية الفردية في حق المشركين.. وآية السيف هي:
((فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشريكن حيث وجدتموهم..
)) ونسخت آية الحرية في حق المؤمنين بآية الشورى – آية حكم الفرد الرشيد
((فاعف عنهم، واستغفر لهم، وشاروهم في الأمر، فإذا عزمت فتوّكل على الله، إن الله يحب المتوّكلين
)) وهذا أمر طبيعي فإن الحرية لمن يدفع ثمنها ويتحمّل مسئوليتها، وللقصّر الوصاية، وخير وجوه الوصاية هي حكم الفرد الرشيد الذي يدّرج القصّر، ويرشدهم حتى يكونوا أهلا للديمقراطية، بنهوضهم إلى مستوى حسن التصرّف في الحرية الفردية، ولذلك أقيم النبي الكريم وصيا على القصّر، وأمر بترشيدهم، وبمشاورتهم.. وحيث كانت الأمة قاصرة، وكان النبي وصيا على الرجال، فإن الرجال بدورهم، وعلى قصورهم، قد جعلوا أوصياء على النساء وذلك لمكان قصورهن الكبير الذي ورثنه من العهد الجاهلي.. وآية وصاية الرجال على النساء هي قوله تعالى:
((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم
))