إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

أئمة بلا ايمان
عبد الرحمن عبد السلام آخر النماذج

بسم الله الرحمن الرحيم
((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ!! إِنَّ السَّمْعَ، وَالْبَصَرَ، وَالْفُؤَادَ، كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا!!))
صدق الله العظيم


المقدمة


قصة هذا الكتاب


في أثناء انعقاد مؤتمر الجمهوريين الطائف على مدينة ود مدني في الفترة ما بين 29/5/77 و2/6/77، خرج الأخوان الجمهوريون كعادتهم موزعين على أتيام يحملون الكتاب الجمهوري لبيعه للمواطنين، وكان من بين الأتيام الثلاثية الطائفة تيم تكوّن من الأخوان خيري أحمد خيري وعبدالله أحمد النعيم ويوسف صالح، وبينما كانوا في طوافهم بالقرب من منطقة بنك الخرطوم في غرب السوق، وجدوا جماعة مكوّنة من نحو ثلاثة أشخاص، من بينهم مصطفى خالد عبدالله، فعرض الأخ عبدالله أحمد النعيم على مصطفى خالد الكتب، فأشاح بوجهه عنها، قائلا وبتعبير عربي فصيح، أنه أطلع على بعض هذه الكتب وقرّر الا يقرأها مرة أخرى، وأنه صاحب موقف محدّد منها، فقال له عبدالله إذن نتركك، وبينما همو منه بالإنصراف سمعوه يقول "ولنا في مولانا أسوة حسنة" مشيرا بذلك إلى الشيح عبد الرحمن عبد السلام الموّظف بالشئون الدينية، والذي بادر برفع عصاه في وجوه الأخوان ثم طفق يكيل الشتائم البذيئة والقبيحة للإخوان الجمهوريين، مثل يا كفار وي أولاد الحرام، ابحتوا المحرمات، والى غير ذلك مما نعف عن ايراده بالفاظه البذيئة في هذا المكان، والذي يمكن الإطلاع عليه في حيثيات المحكمة المنشورة في غير هذا المكان من هذا الكتاب، جرى كل ذلك الشتم وكل تلك الإساءة من غير أن يعرض عليه الأخوان كتبهم، أو أن يتكلموا معه بكلمة واحدة، ولما رأوه يرفع عصاه، وسمعوه يتفوّه ويردد عباراته البذيئة هذه، قال لهم خيري، أحسن ننصرف، فلما أداروا ظهورهم، إذا بهم يسمعون صوت مصطفى خالد صائحا: لا، لا، وقبل أن يلتفتوا عليهم، فإذا بعصا عبد الرحمن عبد السلام تقع على طرف من ظهر خيري وعلى طرف من كتفه، برغم محاولة مصطفى خالد لصرفها عنه، فما كان من الأخوان الجمهوريين إلاّ أن أنصرفوا من المكان، تاركين عبد الرحمن عبد السلام يواصل شتائمه وافتراءاته، حتى نقله فيما بعد مصطفى خالد بعربته الى منزله.
والجدير بالذكر أن عبد الرحمن عبد السلام هذا كان قد تعدّى بمحاولة التهجّم والسباب والشتم، والتحريض على قتل الجمهوريين قبل حوالي ساعة من حادثته سابقة الذكر وفي نفس المكان، وذلك على أثر حركة الأخ الجمهوري عزالدين مصطفى دالي مع أخوانه في توزيع الكتاب، هذا وقد تجمّع على أثر هذه الحادثة عدد كبير من المواطنين، الذين حالوا بينه وبين عزالدين دالي!
وعلى أثر هاتين الحادثتين اجتمع الأخوان الجمهوريون وقوّموا الموقف، ثم رأوا أن يرفع الأخوان خيري أحمد خيري وعزالدين مصطفى دالي قضيتين ضد عبد الرحمن عبد السلام.. وقضية هذا الكتاب هي قضية خيري، أما قضية عزالدين، فقد أحالتها محكمة الجنايات بمدني إلى محكمة كبرى تحت المادة (90) من قانون العقوبات، هذا وقد استأنف المتهم بواسطة دفاعه قرار الإحالة الى قاضي المديرية، الذي أيّد القرار الصادر من محكمة الجنايات بالإحالة وأمر بتشكيل المحكمة الكبرى، ثم أيضا استأنف المتهم بواسطة محامي دفاعه قرار محكمة المديرية الى محكمة استئناف مديرية الجزيرة والتي لم تصدر قرارها بعد.

الغرض من إصدار هذا الكتاب:


وفي ايجاز شديد نقول إن هذا الكتاب قد أخرج ليؤرخ ويسجل للتاريخ عارا خاضه في غير حياء ولا ورع أحد ممن يسمون "بعلماء الدين"، والذي يعتبر، من وجهة النظر الرسمية، عند الشئون الدينية، أنه عالم وواعظ وإمام متنقل بمساجد المدينة ومفتش للخلاوي، ومقريء للقرآن في المناسبات الرسمية، وكثيرا ما يسمع صوته من الراديو.. ذلكم هو الشيخ عبد الرحمن عبد السلام أحمد! وكما مرّ بنا قبل قليل، فإنه قد تعدّى بالسباب وبالشتم، وبالإساءة الفاحشة البذيئة وبالضرب على الأخوان الجمهوريين في غير حياء وفي غير خجل، ثم لما واجهته مسئوليته القانونية، أنكر فعله الذميم، من غير أن يخشى على سمعته الزائفة أو على دينه الرقيق الذي يدّعيه زورا وبهتانا، وشاء الله أن يخذله شر خذلان وأن يدينه شر إدانة بعد أن ملأ الدنيا ضجيجا وعواء، وبعد أن طاف وطافوا له لجمع المال من المساجد ومن المكاتب ومن الأسواق، ليوظفوا له محاميا مسلما!! يا للعار!! محام مسلم تجمع له الصدقات من مكاتب الدولة ومن المساجد ومن الأسواق؟؟ فيا للمذلة ويا للهوان!!
ثم تنتهي قصة هذا الكتاب بإدانة المتهم عبد الرحمن عبد السلام بعد أن ثبت أمام المحكمة أنه مذنب تحت المادتين (435) و(296) من قانون العقوبات، وبعقوبة قدرها خمسة وعشرون جنيها أو خمسة وعشرون يوما سجنا في حالة عدم الدفع..
لقد كان واعظ مدني إذن متعدّيا بلسانه وبيده، ثم هو قد كان منكرا، لكل أولئك.. ولكن ذلك لم يجد شيئا، فقد طالته يد العدالة التي كانت له بالمرصاد.. والذي يهمنا من كل هذا أن "الشيخ" عبد الرحمن عبد السلام ليس بدعا من الوعاظ، وإنما هم مثله..
هذه هي الحقيقة الهامة التي نريد لها أن ترسخ في أخلاد الناس، وهي هي التي نريد أن يتعلموا منها الكثير، ومن أجل هذا فإننا سنورد أمثلة من رجال الدين بكوستي فإنهم جميعهم قد أدلوا بشهادات كاذبة وهم على اليمين أمام المحكمة!!