إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

إصطلحوا مع إسرائيل

الأحداث تؤكّد ضرورة الاعتراف بإسرائيل والتفاوض معها


وقد واجه هذا الحل العلمي لمشكلة الشرق الاوسط، الذي قدّمه الأخوان الجمهوريون عام 1967 موجة عنيفة من الهجوم سواء من الشيوعيين أو من الساسة، وحملة الأقلام، الذين وقعوا تحت التضليل الشيوعي.
وتوالت الأحداث على مشكلة الشرق الاوسط، لتؤكّد حتمية ذلك الحل العلمي، وضرورته التاريخية... وذلك بدءا بصدور قرار مجلس الأمن رقم 242 في نوفمبر عام 1967، وهو يقوم على إنهاء حالة الحرب بين العرب وإسرائيل، والاعتراف بالسيادة الإقليمية لكل دول المنطقة، بما فيها إسرائيل، داخل حدود آمنة. وقد قبلت دول "المواجهة" العربية هذا القرار، وتوالت سائر اقتراحات الحل السلمي لمشكلة الشرق الاوسط، وهي تقوم على أساس هذا القرار الدولي. وظل العرب يصرون على إنسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 كشرط أساسي لأي تسوية سلمية للمشكلة، بينما ظلت إسرائيل تصر على المفاوضات المباشرة للوصول لهذه التسوية، حتى تم الإتفاق بين أطراف النزاع في الشرق الاوسط على قيام مؤتمر جنيف للسلام وبناء على القرار الدولى رقم 242.
ثم كانت زيارة الرئيس المصري المفاجئة لإسرائيل، حيث تم التفاوض المباشر بين إسرائيل ومصر، لأول مرة في تاريخ هذه المشكلة، وامتد هذا التفاوض الى مباحثات القاهرة التي تهدف الى التحضير لمؤتمر جنيف.
وهكذا تؤكد الأحداث حتمية وضرورة الحل السياسي القائم على التفاوض المباشر الذي قدّمه الأستاذ محمود محمد طه قبل عشر سنوات، داعيا العرب الى عدم الإبطاء، أو التسويف، في الأخذ به، حتى لا يفقد قوة المساومة مع إسرائيل حول انسحابها من الأراضي التي احتلتها في الحروب الثلاث منذ عام 1948. غير أن قلة حنكة الزعماء العرب، ووقوعهم تحت التضليل الشيوعي، فوتت فرصة الحل السلمي، حتى بعد صدور القرار الدولي رقم 242، فاضطروا، اليوم، الى الرجوع اليه، بعد عشر سنوات، في صورة مؤتمر جنيف، غير أنهم، اليوم، إنما يرجعون اليه للمساومة حول انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 فحسب! وقد نبّه الأستاذ محمود محمد طه في كتاب "مشكلة الشرق الاوسط" الذي صدر عام 1967 الى مصير التسويف، والإبطاء في الأخذ بالحل السلمي القائم على التفاوض المباشر، قائلا بأن (إسرائيل في فترة الإصرار على عدم الاعتراف بها قد تقوّت، ولا تزال عسكريا، وسياسيا، ودبلوماسيا، واقتصاديا، وبشريا، ثم هي ستنال الاعتراف الكامل بها بعد أن تفرضه، وبعد أن يكون العرب، كما هو واضح الآن، قد قدموه على إقساط، وبعد أن يكون، على ذلك، قد فقد قيمة المساومة التي كان ولا يزال يحظى بها، فكأن إسرائيل ستحرز اعتراف العرب بها دون أن يقبض العرب من إسرائيل ثمن هذا الاعتراف).