إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

إصطلحوا مع إسرائيل

الحل العاجل كما قدّمه الأخوان الجمهوريون عام 1967:


وقدّم الأستاذ محمود محمد طه في كتابه "مشكلة الشرق الاوسط" حلا عاجلا للمشكلة بقوله (إن على العرب ان يعلنوا للعالم على الفور انهم، ايثارا منهم لعافية الدول، وتضحية منهم في سبيل السلام العالمي، وابقاء منهم على المنظمة العالمية العظيمة، ورعاية منهم لصالحهم هم انفسهم، يقبلون التفاوض مع دولة اسرائيل، تحت اشراف الامم المتحدة، (ومجلس الامن بشكل خاص) وعلى ان يكون التفاوض على أساس قراري الامم المتحدة، المتخذين في التاسع والعشرين من نوفمبر عام 1947 (قرارالتقسيم)، وفي الحادي عشر من ديسمبر عام 1948 (قرار إعادة اللاجئين). وهما القراران اللذان التزمت بهما دولة اسرائيل لدى دخولها هيئة الامم، وقد وردت الى ذلك الالتزام الاشارة في القرار الذي اتخذته الجمعية العامة في الحادي عشر من شهر مايو عام 1949، وهو القرار الذي يقضي بقبولها في الهيئة، وينص ((في ديباجته على ان اسرائيل قد تعهدت باحترام التزاماتها تجاه ميثاق الامم المتحدة منذ قيامها، أي في الرابع عشر من آيار (مايو) عـام 1948، كمـا ينـص على التذكيـر بقـراري 29 تشـرين الثـاني (نوفمبر) عـام 1947 (قرار التقسيم)، والحادي عشر من كانون الأول (ديسمبر) عام 1948 (قرار إعادة اللاجـئيـن..)
()).. وسيكون هدف المفاوضة المباشرة مع اسرائيل تحت اشراف مجلس الأمن، الآتي: -
1. انهاء حالة الحرب التي ظلت قائمة بين العرب واسرائيل، والاعتراف لإسرائيل بحق البقاء في سلام، وامن. واحترام لسيادتها على أراضيها.
2. احترام حق اسرائيل في المرور البريء بالممرات المائية - خليج العقبة، وقناة السويس.
3. انسحاب القوات الاسرائيلية، والسلطات الاسرائيلية، من الاراضي العربية التي احتلتها اسرائيل على التوالي: في حروب 15 مايو عام 1948، و29 أكتوبر عام 1956، و5 يونيو عام 1967.
4. ارجاع اللاجئين العرب الذين أخرجوا من ديارهم، أثناء هذه الحروب، أو بعدها، وتعويضهم عن جميع ما تعرضوا له من خسائر. وتوطين من لا يرغبون منهم في العودة الى داخل الحدود الإسرائيلية، في الأرض الفلسطينية، التي خصصها مشروع التقسيم الأصلي للعرب، مع تعويضهم أيضا.. وهذا يعني تنفيذ مشروع التقسيم الأصلي.
5. ضمان مجلس الأمن (الامم المتحدة) لحدود الدولة العربية الجديدة، التي تنشأ نتيجة لتنفيذ مشروع التقسيم الاصلي، ولتأكيد هذا الضمان توقف، على الفور، الهجرة اليهودية الى دولة اسرائيل، وذلك لان زيادة السكان الناتجة عن استمرار الهجرة ستجعل اسرائيل مضطرة الى التوسع، وقد تصبح مهددة بذلك لامن جيرانها، وسلامة اراضيهم.
6. تأخذ هيئة الامم على دولة اسرائيل تعهدا بالا تحاول أي توسع في أرض أي من الدول العربية المجاورة لها. فاذا جرت منها أية محاولة فإن مسئولية ايقافها عند حدها تقع على عاتق المنظمة الدولية، مجلس الامن والجمعية العامة.
فإذا ملك الزعماء العرب هذه الشجاعة، وهي شجاعة سيحتاجونها لمواجهة شعوبهم، (وذلك، على كل حال، أفضل من التضليل الذي يمارسونه الآن) فإن موقف اسرائيل سيصبح ضعيفا.. ولكنها أمام اغراء اعتراف العرب بها، وأمام الرأي العام العالمي، في المنظمة وخارجها، لن تجد بدا من الموافقة. فاذا ما ابرم الحل العاجل بصورة مرضية فقد أصبح على العرب ان يباشروا الحل الآجل)..
هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد طه في كتاب "مشكلة الشرق الاوسط" ثم قال عن الحل الآجل (خلاصة الحل الآجل، في كلمة واحدة؟ "الإسلام"!!).. ولكن ما هو الإسلام؟) ثم ذهب يفّصل ما يعنى بالإسلام.. مما سنتناوله في آخر فصول هذا الكتاب. هذا هو الحل العلمي الذي قدّمه الأستاذ محمود محمد طه لمشكلة الشرق الاوسط عام 1967، بعد إستقراء تاريخى، وتحليل سياسى، طويل، مناديا بعدم تفويت الفرصة التي يعطيها التفاوض المباشر مع إسرائيل، والاعتراف بها، في الحصول على انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلتها في الحروب الثلاث، مشيرا الى أن أى تسويف أو إبطاء في الأخذ بهذا الحل السلمي إنما يفقد العرب كثيرا من قوة المساومة في أية تسوية مقبلة. وتوالت الأحداث لتجىء مصداقا لكل ما ذهب اليه الأستاذ محمود.. ذلك أن العرب لا يفكرون، بل لا يحلمون، بإعادة الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1948 أو حرب 1956 وإنما إنصرف كل همهم، وهم نصرائهم، فقط، الى إعادة الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب الخامس من يونيو 1967، والى ترك ما قبلها حقوقا مكتسبة لإسرائيل!! إن حلنا العاجل الذي اقترحناه في عام 1967 في كتاب "مشكلة الشرق الاوسط" وطالبنا فيه بإنسحاب إسرائيل من كل الأراضي التي احتلتها منذ عام 1948 لا يجد مكانه اليوم، بعد أن كان، من قبل، ممكنا، لو كان زعماء العرب في مستوى المسئولية، وفي مستوى الإخلاص والصدق مع شعوبهم.. ولات ساعة مندم!
والآن!! فإن الحل المقترح بإعادة الأراضي التي احتلتها اسرائيل في عام 1967 والذي قام عليه قرار مجلس الأمن رقم 242، سيفقد قوته مع مرور الزمن، لا محالة، لو لم يتدّارك زعماء العرب مغبة الإبطاء في الأخذ به!!