إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

هؤلاء هم الأخوان المسلمون
الجزء الثالث والأخير

الفصل الأول
دور الأخوان المسلمين في محكمة الردة


و(محكمة الردة) صورة لأسلوب التآمر، والكيد، الذي يتخذه تنظيم الأخوان المسلمين في محاربة خصومهم، والعمل على تصفيتهم.. فقد اشتركوا مع الأحزاب الطائفية، بالتواطؤ مع القضاء الشرعي، في استصدار حكم (بردة) الأستاذ محمود محمد طه عن الإسلام من (المحكمة الشرعية العليا) بالخرطوم يوم 18/11/1968!! والمحكمة ليست، في الحقيقة، سوى مكيدة سياسية التقى فيها القضاء الشرعي مع الاحزاب الطائفية، بما فيها الأخوان المسلمون، في التعبير عن خصومتهم الشديدة، جميعا للأستاذ محمود.
أما بالنسبة للقضاة الشرعيين فقد نعى عليهم الأستاذ محمود منذ فجر الحركة الوطنية، مواقفهم الموالية للاستعمار، والمناهضة للاتجاهات التحررية.. وظل الأستاذ محمود يعلن هذا الرأي المبدئي الثابت فيهم طوال سني الحكم الوطني.. أما بالنسبة للأحزاب الطائفية فقد عرف الأستاذ محمود، أيضا، بموقف المعارضة الثابت منها، منذ نشأتها، من حيث سيرها في ركاب الطائفية، وخدمتها للمصالح الطائفية، وانعدام المذهبية عندها... وهذان الموقفان المبدئيان الثابتان للأستاذ محمود من القضاء الشرعي، ومن الأحزاب الطائفية مرصودان في تاريخ الحركة الوطنية، وفي الوثائق الصحفية، وفي مسجلات الأخوان الجمهوريين... وخاصة في كتابي (معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية) بجزئيه، و(مهزلة محكمة الردة مكيدة سياسية)... ووقف الأستاذ محمود، ومن نفس المنطلق، ضد اتجاهات الأخوان المسلمين إلى استغلال الدين في الأغراض السياسية، وذلك في محاضراته وكتبه.. من مثل ما جاء في كتابه (الدستور الإسلامي؟ نعم!! ولا!!) الصادر في يناير 1968: (إن جبهة الميثاق أسوأ من استغل الإسلام في هذه البلاد لأغراض السياسة.. ولقد أصدر الحزب الجمهوري منشورا بتاريخ 21/11/1965 بعنوان "استغلال الدين للأغراض السياسية أضر بالدين، وبأخلاق الأمة، من دعوة الإلحاد السافرة")... صفحة 45، كما جاء في ذلك الكتاب، وفي نفس الموضع: (جميع الهيئات الإسلامية، وعلى رأسها الأخوان المسلمون، يعارضون رأي الحزب الجمهوري في التطوير، ويرون أن جميع صور الشريعة الإسلامية الواردة فيها النصوص القطعية لا تحتاج منا إلا إلى التطبيق من جديد لتحل مشاكل عالمنا الحاضر على أتم الوجوه.
ومع ذلك، فأن جماعة الأخوان المسلمين، مجاراة منها لحكومة أكتوبر الأولى، أعطت المرأة المسلمة حق التصويت، وحق الترشيح، على قدم المساواة مع الرجل!!
وجماعة الأخوان المسلمين قدمت امرأة شابة، هي السيدة سعاد الفاتح، لتحاضر طلبة معهد المعلمين العالي في بعض شؤون المرأة المسلمة، كما بلغنا، وقد وقع الحادث المشئوم في تلك المحاضرة..
من حق هذا الشعب أن يسأل هذه الجماعة: من أين جاءت بعملها هذا الذي تنسبه إلى الإسلام بتشريعه الحاضر؟؟)
هكذا كان رأي الأستاذ محمود محمد طه في مواقف الأخوان المسلمين السياسية بعد ثورة اكتوبر.. كما أصدر الأستاذ محمود كتاب (زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان: 1) الثقافة الغربية 2) الإسلام) الذي عالج فيه الفجوات الكبيرة في ثقافة الدكتور الترابي القانونية، والتناقضات الشديدة التي يعيش فيها مع الإسلام – مما المعنا اليه، ببعض النماذج، آنفا، عند حديثنا عن دور الأخوان المسلمين في حل الحزب الشيوعي..
وشن الأستاذ محمود، كما سنرى في الصفحات التالية، حربا فكرية شديدة على اتجاه الاحزاب الطائفية، بالتواطؤ مع الأخوان المسلمين، على اقرار دستور طائفي، انتحلت له اسم (الدستور الإسلامي) لتؤمن، عن طريقه مصالحها، وتوسع نفوذها – فكانت محكمة الردة، بذلك، مكيدة سياسية، بادية الغرض، من هذه الأحزاب الطائفية، باستخدام القضاء الشرعي، لإسكات صوت الأستاذ محمود الذي ظل، وحده، في ميدان المذهبية الفكرية، يقود حملة التوعية الشعبية ضد الطائفية، وضد الأخوان المسلمين، وسائر المؤسسات (الدينية) التي تضلل الشعب، عن مصالحه الحقيقية، باسم الدين، لخدمة المصالح الطائفية... وظل وحده يدعو الى البعث الإسلامي الصحيح، بالفهم الواعي للإسلام..
ويمكن أن نضع أيدينا على خيوط التآمر التي نسجت (محكمة الردة) مما نشره المدعي الأول، في تلك المحكمة بنفسه، في كتابه الذي اسماه (نقض مفتريات محمود محمد طه وبيان موقف القضاء منه).. فقد نقل، في هذا الكتاب، خطابا تلقاه من أحد أعضاء مجلس السيادة السابق، السيد الفاضل بشرى المهدي، بتاريخ 3/11/1968، أي قبل اسبوعين من المحكمة، وقد تعرّض الخطاب للأستاذ محمود بعبارات غير كريمة ثم قال: (وأرجو ان يتخذ الاجراء الرادع ضده)!! كما أورد المدعي الأول في كتابه اتصاله بقاضي القضاة، وبقاضي المحكمة الشرعية العليا، وما وجده منهما من قبول وموافقة على رفع الدعوى!! أكثر من هذا فقد أورد حصوله على وعد قاضي المحكمة بالوقوف بجانب دعواه – صفحة 45 الطبعة الثانية من الكتاب..
هذا وقد أيد قاضى القضاة حكم محكمة الردة بعد ثلاثة أيام من صدوره بالصحف اليومية (الرأي العام) و(الصحافة) بتاريخ 21/11/1968 مع أنه الجهة التي ترفع إليها استئنافات أحكام المحكمة الشرعية العليا!!
ومن الأخطاء القانونية لتلك المحكمة، والتي حولت المحكمة إلى ما يشبه المهزلة هذا بالإضافة الى ما ورد ذكره آنفا: -
1) أنها محكمة غير ذات اختصاص.. فإن اختصاص المحاكم الشرعية لا يتعدى الأحوال الشخصية، وما يتصل بها من ميراث، وهبة، ووقف، الخ الخ..
2) لا تملك أي محكمة، على الإطلاق، صلاحية سلب حق الرأي من أي مواطن – حتى ولا المحكمة العليا التي انيط بها حماية الحقوق الأساسية في الدستور..
3) اعتمدت المحكمة دعوى مبنية على نصوص مبتورة، ومشوّهة، من أقوال الأستاذ محمود.. دون ان تتأكد من صحتها وذلك كادعاء المدعي الثاني بأن الأستاذ محمود يصف الله بالحقد، حيث أورد له نصا من كتاب "الرسالة الثانية من الإسلام" مبتورا هكذا: (وحين يصبح العقاب سرمديا يصبح انتقام نفس حاقدة، لا مكان فيها للحكمة) ووقف هنا باترا تمام النص حيث تجيء عبارة: (وعن ذلك تعالى الله علـوا كبيرا)!!
4) قبلت المحكمة بينات سماعية من الشهود كما قبلت رأي أحد الشهود باعتباره بينة!! مما يتنافى مع ابسط قواعد الإثبات، فقد قال الشيخ عطية محمد سعيد – أحد زعماء جبهة الميثاق الإسلامي – أمام تلك المحكمة (في رأيي أن الأستاذ محمود لا يؤمن بالله، ولا بالنبي محمد، ولا بالبعث الجسدي...)!!
5) رفعت الجلسة لمدة ثلث ساعة ثم عاودت الانعقاد لتعلن حكمها!! وهو زمن لا يكفي لقراءة أقوال المدعين، والشهود، ناهيك عن فحصها، وتقويمها!!
وهكذا تجرى (محكمة الردة)، في تاريخ القضاء السوداني، مثلا بارزا لامتهان القضاء تقع على المثقفين، عامة، وعلى القانونيين، بخاصة، مسئولية محوه، ومحو آثاره.. وجدير بالذكر أن الأستاذ محمود لم يمثل امام تلك المحكمة، ولم يستأنف حكمها.. تأكيدا لعدم اختصاصها، ولعدم دستوريتها.. وقد أعلن، في كتبه ومنشوراته، رفضه الشديد لتلك المحكمة، وجدد تسجيل رأيه الثابت في القضاء الشرعي. كما تصدت، يومئذ، طائفة من القانونيين والمثقفين – لتلك المحكمة تشجبها، وترفضها – مما هو مسجل، جميعه، في كتابي (بيننا وبين محكمة الردة)، و(مهزلة محكمة الردة مكيدة سياسية)..
وأخذت معالم المؤامرة الطائفية التي كانت تقف وراء محكمة الردة تتكشف بجلاء تام.. فعلق السيد الصادق المهدي على المحكمة بما ينم عن خصومة سياسية لديدة نحو الأستاذ محمود محمد طه الذي كان يقود، يومئذ، حملة التوعية الشعبية الواسعة ضد الطائفية في كل صورها، لا سيما في صورة الصادق المهدي!! ذلك بأن الصادق، في سعيه الى السلطة، قد أخذ يعمل على التضليل عن طبيعته الطائفية، ليمد في عمر الطائفية، بانتحال الأهداف التقدمية، والظهور بمظهر التجديد، مما شكل خطرا ماثلا على الحياة السياسية، في بلادنا، أكبر بكثير من صور الطائفية التقليدية، فالباطل العريان، خير من الباطل الملتحف بثوب الحق. (يمكن الرجوع في ذلك الى كتابنا (الصادق المهدي والقيادة الملهمة!! والحق المقدس!!).. فقد قال الصادق في جريدة (أنباء السودان) بتاريخ 24/11/1968 تعقيبا على محكمة الردة:
إن أفكار رئيس الحزب الجمهوري خارجة عن نطاق الدين والشريعة الإسلامية وإن التفكك والانحراف الذي تعيشه بلادنا هو الذي سهل من قبل لدعاوي الكفر والإلحاد أن تتفشي، وإذا أردنا حقا القضاء علي الردة والإلحاد فيجب أن نسعي جميعا لإقامة دولة الإسلام الصحيحة.. وأضاف السيد الصادق بأن الوضع الحالي كله خارج الشريعة الإسلامية وهذا ما مهد قبلا لإعلان مثل هذه الأفكار والدعاوي الغريبة دون أن تجد من يردعها
..
هذا ما قاله السيد الصادق تعقيبا على محكمة الردة، وهو قول ينطوي على قدر كبير من المرارة، ويعبر عن خصومة سياسية مستولية... ويمكن أن نبين ذلك فيما يلي:
1) الصادق المهدي لم يواجه الفكرة الجمهورية بالنقد الموضوعي الذي يدلل به على أنها (خارجة عن نطاق الدين والشريعة الإسلامية) كما أدعى... فلم يشر الى أي صورة من صور هذه الفكرة فيها خروج عن الدين ليدحضها بالأسانيد الدينية..
2) قال الصادق المهدي بأن الوضع، يومئذ، كان (كله خارج الشريعة الإسلامية)، مع أنه قد كان، قبل ذلك بقليل، يحتل منصب رئيس الوزراء في ذلك الوضع!! فكيف رضي أن يكون على قمة المسئولية في وضع يرى أنه (كله خارج الشريعة الإسلامية)، ثم هو يتحدث عن الإسلام؟؟
3) ما هي الصورة التي يراها الصادق (لدولة الإسلام الصحيحة) التي يدعو لإقامتها؟؟ هل هي صورة ذلك الدستور الذي انتحلت له الأحزاب الطائفية اسم (الإسلام)، وهو في حقيقته ليس دستورا، وليس إسلاميا، كما سنبين في الفصل الثاني من هذا الجزء؟؟
4) يكشف الصادق، بوضوح، عن غايته، وغاية الأحزاب الطائفية الأخرى من الدعوة الى ما اسموه (تحكيم الإسلام)، وهي القضاء على الخصوم السياسيين، باسم الردة، حينا، وباسم الالحاد، حينا آخر!! هكذا برز رأي الصادق في (محكمة الردة) تعبيرا عن سخائم الخصومة السياسية التي يحملها نحو الفكرة الجمهورية..
وجاء تعقيب الترابي على تلك المحكمة بسبيل من تعليق الصادق، ليدلل على مدى تورط (الأخوان المسلمين) في اصطناع تلك المحكمة.. قال الدكتور الترابي فيما ترويه جريدة (أنباء السودان) بتاريخ 29/11/1968:
إن أول عهدي بمحمود محمد طه يوم كنت طالبا في مدرسة رفاعة الوسطى وقد جندنا محمود في حملته ضد الإدارة في قضية الخفاض الفرعوني المشهورة واندفعنا في ثورتنا الشاذة واقتحمنا مركز الحصاحيصا مع طائفة من أهالي رفاعة وخربنا المركز تخريبا وعدنا بعد انتزاع الداية السجينة من السلطات ثم تعرضت رفاعة لإجراءات تأديبية بقوة من الجيش وراح محمود الى السجن حيث استطاع في حرية تامة من أي توجيه أو تقويم أن يطور تصوراته الشاذة واتجاهاته الغريبة لتصبح نظرية متكاملة ما أظن انه باح للناس إلا ببعض أجزائها..
إن الانحراف الفكري لمحمود يوافق الاتجاه العام للحركات الشاذة في تاريخ الفكر الإسلامي وحاضره فهي نزعة للانفساخ من التزامات الدين وواجباته من الصلاة الى الجهاد وهو جنوح لتحكيم الهوى وجعله فوق الرسالة بإنكار السنة والتصرف بالتفسيرات الذاتية في آيات القرآن. وبها لا يعدو الدين أن يكون أداة لتسخير الأتباع لأهواء القائد وتقديسه بصورة عمياء كما نشاهد، وقد كانت هذه الحركات في إطار التقليد العام للمسلمين مثل الأفراد مختلي العقل في المجتمع وكان مصيرها دائما أن تنحصر الفتنة في الأفراد الشذاذ الذين يوافقون شذوذ المتزعم ثم تنقرض الفتنة ويبقى الفكر الإسلامي الصحيح..
وقد كان موقفنا ان السياسة الصحيحة نحو محمود واضرابه هي أن نضرب عنهم والا نجعل منهم معركة انصرافية نشغل بها العاملين للإسلام عن أهدافهم الرئيسية في تحكيم الإسلام لأن الانحرافات العقيدية مثل الانحرافات السلوكية ما هي إلا مظاهر لعدم تحكيم الإسلام، وما أدى اليه ذلك من جهل وضلال، ولأن التهاء المسلمين بأمثال محمود مما يعمل له أعداء الإسلام. أما حكم المحكمة الشرعية فقد اقتضاه اختصاص المحاكم بالأحوال الشخصية للمسلمين وضرورة الفصل في الصفة الدينية للمواطنين لتبني على ذلك أوضاعه القانونية الشخصية، وهو حكم قد صدر في إجراءات قضائية رسمية. ولعل ردة الفعل الهوجاء التي ظهرت من محمود خير دليل على أن الحكم قد كان له آثاره الفعالة في حصر المرض الذي يحاول محمود وأشياعه أن ينشروه. والذين تولوا مع محمود الحملة على القضاء الشرعي لا يقصدون اشخاص القضاة وانما يهدف أغلبهم للنيل من الإسلام في كل مظهر من مظاهره بصورة منافقة ماكرة
انتهى..
هذا ما قاله زعيم "الأخوان المسلمين" حول محكمة الردة يومئذ.. ونحب هنا أن نتناول حديثه هذا بشيء من التحليل، والتعقيب، لما له من دلالة شديدة، على أبعاد شخصية الترابي من حيث الأخلاقية الدينية، ومن حيث الفهم الديني، ومن حيث الثقافة القانونية..
إن كل كلمة من حديث الترابي هذا لتكاد تنطق عن سخيمة مستولية، لا يقف معها صاحبها عند حد في الخصومة!! فحديثه، كله، أبلغ تعبير عما ينتاب تنظيم الأخوان المسلمين من ردود الفعل لحملة التوعية الشعبية المركزة التي كان الأستاذ محمود يقودها ضد هذا التنظيم.. وقد ذهب الأستاذ محمود ليؤكد ان هذا التنظيم أسوأ من استغل الدين في الأغراض السياسية – كما جاء في حديثنا، آنفا، في هذا الفصل.. ولعل كتاب الأستاذ محمود "زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان: 1) الثقافة الغربية 2) الإسلام" قد كان من الدوافع المباشرة لهذه الخصومة الطاغية التي استولت على نفس الترابي فعبر عنها بهذه الصورة وقد أشرنا إلى أطراف من ذلك الكتاب عند حديثنا عن دور (الأخوان المسلمين) في حل الحزب الشيوعي، في الجزء الثاني من هذا الكتاب – حيث كشف الأستاذ محمود عن ضعف الترابي حتى في الثقافة القانونية التي تخصص فيها، ونال عليها درجة من أكبر الدرجات العلمية، كما كشف عما يتورط فيه من تناقضات منكرة مع الدين، وهو الداعية الإسلامي!! ومن ههنا جاء دور الأخوان المسلمين في محكمة الردة، حيث كان أحد شهودها الأساسيين من رجالهم، وجاء تعقيب الترابي عليها، بهذا القدر من التحامل، والمرارة، والانفعال. ولسوف لا نتتبع كل عبارات حديثه بالتعليق، وانما نكتفي باتجاهاته العامة، فيما يلي:
1) أما بالنسبة لثورة رفاعة التي قادها الأستاذ محمود محمد طه ضد الاستعمار البريطاني، فيكفي أن نورد هنا رأي المؤرخ السوداني الكبير الأستاذ التجاني عامر عنها.. وهو من الذين عاصروا فجر الحركة الوطنية وأسهموا فيها، فألموا بأبعاد تلك الثورة، وهم في سن الوعي التي تتوفر فيها مقدرة الحكم الصحيح على الأحداث ... فقد قال الأستاذ التجاني في جريدة الصحافة بتاريخ 19/4/1975، وهو يؤرخ للحزب الجمهوري، كأحد الأحزاب السياسية السودانية:
الحزب الجمهوري:
قد يكون هذا الحزب من أقدم الأحزاب السياسية بحساب الزمن، وهو أول حزب صغير يعمل خارج نطاق النفوذ الطائفي بإصرار، بل بمناجزة، وصدام.. واسمه يدل على المبدأ الذي انتهجه لمصير السودان … ومؤسس الحزب هو الأستاذ محمود محمد طه الذي كان من أبرز الوجوه الوطنية في مستهل حركات النضال، حينما كان مهندسا بالسكة الحديد بعطبرة.. ولعل سلوك محمود الصارم في القضايا العامة، وشجاعته العنيفة، التي دفعته إلى التخلي عن الوظيفة، هو نفس السلوك السياسي الذي جعل الحزب الجمهوري، في فترة من فترات الاحتلال، عبارة عن جمعية ارهابية، تضرب، وتحرق، وتخرّب، ولكن في سبيل المصلحة العامة، بنوايا نقية، وذمة طاهرة..
وشيئا فشيئا (تملّص) عن محمود الأعضاء الذين يؤمنون (بالتقية)، وجماعة (حب السلامة)، وتركوه يناضل الإدارة البريطانية، مع جماعة من الشباب المغامرين، أمثال أمين صديق وغيره.. وقد تعرض محمود للسجن الطويل في خصومات ايجابية مع الانجليز منها حادث (الطهارة الفرعونية)، في رفاعة، وهو حدث اجتماعي، رفعه محمود إلى مستوى المساس بالدين والوطن..
ولأن محمود زاهد في المكاسب، وراغب عنها، فإن حزبه لم يدخل في معارك السياسة في غير النضال القومي العام، وبالتالي لم يكن فيه من إغراءات الطموح السياسي ما يدفع الناس الى عضويته الجافة من ماديات الحياة، والتي لا يقبلها انسان إلا إذا كان سيفه بيمينه، وبطانيته على كتفه ليدخل السجن) انتهى حديث الأستاذ التجاني عامر... وهو حديث يشرف صاحبه كمؤرخ أصيل، وكمثقف أمين ...
فعهد الناس بالأستاذ محمود هو فجر الحركة الوطنية حيث (كان من أبرز الوجوه الوطنية في مستهل حركات النضال) وحيث (تعرض للسجن الطويل في خصومات ايجابية مع الانجليز) كما قال الأستاذ التجاني.. فلم تكن ثورة رفاعة هي أول عهد الناس بالأستاذ محمود، كما حاول الترابي أن يوحي، وهو يتحدث عن اول عهده بالأستاذ محمود.. أما حدث رفاعة فهو (حدث اجتماعي رفعه محمود الى مستوى المساس بالدين والوطن) كما قال الأستاذ التجاني.. فهو لم يكن (ثورة شاذة)، كما لم يكن مجرد (حملة ضد الإدارة) كما أشار الترابي، وإنما هو حلقة من سلسلة نضال الأستاذ محمود المتصلة ضد (الإدارة البريطانية)..
2) وبالنسبة لمحكمة الردة فقد قام الأستاذ بشير محمد سعيد رئيس تحرير جريدة الأيام يومئذ بمقابلة صحفية مع الأستاذ محمود نشرها بتاريخ 18/11/1968، وهذه صورة لها، وكان عنوانها (بين الدين والشريعة) قال: - (التقيت أمس بالسيد محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري، ومن كبار رجال الفكر والعلم والأخلاق في بلادنا.. التقيت به على أثر الأمر الذي وجهته له محكمة الخرطوم الشرعية العليا للمثول أمامها لمواجهة أبشع اتهام يوجه لمسلم – الردة وكان محمود كعهدنا به أكبر من أن يهزه هذا الموقف منه، وهذا التصرف تجاهه.. رد الموظف الذي جاءه بالأمر ردا (مهذبا) وقاطعا.. حدثه أنه يرفض المثول أمام المحكمة.. ولا أريد في هذا الطور أن أعلق على الاتهام الخطير الموجه نحو السيد محمود محمد طه، ولا عن صلاحية المحكمة في محاكمته، ولكني أود أن أنقل لقرائي طرفا من حديث السيد محمود محمد طه إلىّ ليلموا به، ويقفوا عنده، ويصدروا أحكامهم له أو عليه..
سألت السيد محمود محمد طه أن يحدثني عن محاضرته التي أثارت الضجة، وكان عنوان المحاضرة:
(الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين)
قال سيادته:
* الإسلام معنى شامل كبير يتمثل في القرآن بآياته المكية والمدنية..
* الآيات المكية من القرآن أصول، والآيات المدنية فروع تدلت من الأصول، لتكون قريبة من أرض الناس، في مجتمع القرن السابع..
* سيدنا، ونبينا، محمد، صلى الله عليه وسلم، كان مأمورا بتبليغ القرآن المقروء كله، ولكنه، في رسالته، مأمور بتوضيح ما يطيقه الناس في القرن السابع، وهو منصب على الفروع.. وقد جاءت الشريعة من التوضيح القائم على آيات الفروع..
* هناك لبس عام في أذهان الفقهاء بين الشريعة والدين.. هم يعتبرون الشريعة دينا والدين شريعة.. وحقيقة الشريعة أنها طرف من الدين تنزل لأرض الناس.. وهي مدخل للدين..
* والدين الإسلامي كما ورد في القرآن لا يتطور بل يتطور الناس في فهمه برقيهم وادراكهم..
* ولكن الشريعة تتطور لتواكب المجتمع البشري في ارتقائه واتساع إمكانياته الفكرية، والاجتماعية، والاقتصادية.. ولا شك في أن مجتمع القرن العشرين يختلف، من جميع الوجوه، عن المجتمع البدائي، الجاهلي، الذي نزلت عليه الشريعة في القرن السابع..
* لكي يستوعب الإسلام طاقات البشرية في القرن العشرين فلا بد من أن تتطور الشريعة التي تحمل سمة الموقوتية لتكون أكثر استجابة لتحديات العصر، ومطالب الإنسان الحديث.. وتطور الشريعة يعني انتقالها من نص فرعي، نزل لحاجة الناس في القرن السابع، لتستلهم النص الأصلي الذي كان حينذاك أكبر من طاقة البشرية وأعتبر مرجأ.. وكأنه مدخر لمستقبل البشرية في القرن العشرين وما يليه..
* الشريعة المقصودة بالذات هي الشريعة الفردية التي كان عليها النبي.. وما الشريعة التي كانت عليها الأمة إلا شريعة مرحلية اقتضتها ظروف قصور الناس عن طاقة ما كان يلتزمه النبي.. فإذا ما تطور تشريعنا من مستوى الشريعة المرحلية ليستلهم أكبر قدر ممكن من شريعة النبي الفردية نكون قد انتقلنا من شريعة الإسلام الأولى، إلى قريب من شريعة الإسلام الثانية..
* رسالة الإسلام الثانية لا تحتاج إلى نبي لأن النبوة قد ختمت بخاتم الأنبياء، محمد المعصوم.. ولكن يقوم بها ويدعو لها، أي رجل مسلم أوتي فهما عن الله من القرآن..
هذا ما سمعته أمس من السيد محمود محمد طه.. وهو يدعو إلى كثير من التأمل، وينطوي على كثير من الفلسفة، والصفاء.. ولعله من الخير لمجتمعنا أن تتاح فيه مناقشة، ومجادلة فلسفية علمية تنهض بنا من مستوى القعود، والتحجر، والاستسلام إلى مشارف سامية من حسن الإدراك.. ولعلنا في الأيام ندعو لمثل هذه المناقشة..
وشكرا للسيد محمود على اللحظات السامية المشرقة التي أتاحها لي..
18/11/1968 بشير محمد سعيد)
أنتهى
ونحن نورد، هنا، تعليق الأستاذ محمد ابراهيم خليل، على كلمة الأستاذ بشير.. وقد كان الأستاذ محمد ابراهيم، من قبل، عميدا لكلية الحقوق بجامعة الخرطوم، ونائبا عاما، ووزيرا للعدل. ونلفت نظر القارئ الكريم بخاصة إلى تعليق الأستاذ محمد ابراهيم خليل على محكمة الردة، ونعتبر ذلك التعليق ردا على مزاعم الدكتور الترابي بأن (حكم المحكمة الشرعية قد اقتضاه اختصاص المحاكم بالأحوال الشخصية للمسلمين .....)..
ونحن ننشر تعليق الأستاذ محمد كما جاء في جريدة الأيام بتاريخ 21/11/1968 موجها إلى الأستاذ بشير محمد سعيد.. قال الأستاذ بشير: -
جاءني من السيد محمد ابراهيم خليل المحامي ووزير العدل الأسبق الخطاب التالي يعلق فيه على ما كتبت حول محاكمة الأستاذ محمود محمد طه:
لقد تكرمت أول أمس فاستعرضت في عجل واجمال بعض آراء الأستاذ محمود محمد طه التي زعم بعض خصومه أنها كافية لإعلان ردته ودعوتك إلى مناقشة تلك الآراء في ترو وهدوء وتمعن قبل صدور الحكم عليها. ولكن ما كاد مداد قلمك أن يجف حتى طلعت علينا تحدثنا أن المحكمة الشرعية استمعت إلى الذين اتهموه بالكفر ورموه بالزندقة ومضت تصدر أمرا بردته.
هذا يا سيدي أمر كبير خطير ممعن في الخطورة، بحيث لا يجدر أن يمر دون أن يوليه الناس اهتمامهم ويسلطوا عليه أضواء النقاش الهادئ والجدل الموضوعي حتى تظهر أبعاده ويتضح صوابه أو خطأه.
ولست في هذا الخطاب القصير العاجل بصدد الدفاع عن الأستاذ محمود فهو رجل وهبه الله من الفكر وسعة الاطلاع وعمق الثقافة ما مكنه من الغوص في أعماق المسائل الدينية والقضايا الفكرية.. فكان له في كل منها أفكار وآراء مهما أختلف الناس حولها فلا مناص من الاعتراف بأصالتها، ووهبه من البيان ما وفقه إلى الإفصاح عن تلك الأفكار والآراء وترجمتها إلى نظريات محددة واضحة، ومن الشجاعة والأمانة ما دفعه إلى الجهر بها في المحاضرات والندوات وأعمدة الصحف.
ثم أن له بعد ذلك من الجد والعزم والصبر ما مكنه من تدوين أفكاره وآرائه في عدد من المؤلفات.
لذلك فإنني لست في هذا الخطاب العاجل القصير بصدد الدفاع عن الأستاذ محمود، ولا مناقشة نظرياته ومعتقداته والحكم عليها، ولعله تتاح لي فرصة الإسهام برأيي اذا ما تفضل خصومه بفتح باب النقاش الهادئ والجدل الموضوعي في جو خال من الإرهاب الفكري والتخويف بالكفر والزندقة.
إنما أريد بهذا الخطاب أن ألفت النظر إلى الركن الأساسي الذي قامت عليه القضية التي حكم فيها بردة الأستاذ محمود محمد طه ذلك هو ركن الاختصاص.
لعله من المعلوم لدى الناس جميعا أن المحاكم الشرعية في السودان أسست على قانون المحاكم الشرعية السودانية لعام 1902 وأن اختصاص هذه المحاكم قد حددته المادة السادسة التي تنص على أن للمحاكم الشرعية الصلاحية للفصل في: -
أ) أي مسألة تتعلق بالزواج والطلاق والولاية والعلاقات العائلية بشرط أن يكون الزواج قد عقد على الشريعة الإسلامية أو أن يكون الخصوم من المسلمين.
ب) أي مسألة تتعلق بالوقف أو الهبة او الميراث أو الوصية ... الخ.
ج) أية مسألة سوى ما ذكر في الفقرتين السابقتين على شرط أن تتقدم الأطراف المتنازعة بطلب كتابي ممهور بتوقيعاتهم يلتمسون فيه من المحكمة أن تقضي بينهم مؤكدين أنهم عازمون على الالتزام بحكم الشريعة في الأمر المتنازع عليه..
لذلك ترى يا سيدي أنه ليس من اختصاص المحاكم الشرعية في السودان أن تحكم بكفر أحد أو ردته.
انتهى.
هذا هو الرأي القانوني لأحد كبار رجال القانون في بلادنا حول عدم اختصاص محكمة الردة. ونحب، هنا، أن نسجل للأستاذ محمد ابراهيم خليل ذلك القدر العظيم من الأمانة الفكرية الذي تجاوز مقتضيات الخصومة الحزبية ليعبر عن التزام أخلاقي أصيل.
3) والترابي قد تحدث عن (نظرية متكاملة) للأستاذ محمود، ثم ذهب يشوه أفكاره بصورة منكرة، أشد النكر، من غير أن يورد أي نص من تلك (النظرية) التي ينسبها للأستاذ محمود، ليدحضها بالأسانيد الدينية. وهو الداعية الإسلامي، بينما كانت قد صدرت للأستاذ محمود، يومئذ، عدة كتب – منها (رسالة الصلاة)، و(الرسالة الثانية من الإسلام)، و(طريق محمد).. لتمثل أسس الفكرة الجمهورية.. ولكن الترابي إنما كان يعبر، في انفعال شديد، عن خصومة لا تبقى من مقتضيات الأمانة الفكرية، ولا من أسس النقد الموضوعي، شيئا، ولا تذر!!
4) وأخذ الترابي يردد نغمة الصادق المهدي نفسها في الدعوة إلى (تحكيم الإسلام) فكأنهما كانا يعبران عن وجهة نظر واحدة متفق عليها.. وبالطبع فإنه عندهما سيكون الحكم الإسلامي على وفق الدستور الطائفي، وذلك للقضاء على ما أسماه (بالانحرافات السلوكية والعقيدية).. وربط موضوع (محكمة الردة) بموضوع (تحكيم الإسلام)، عند زعماء الطائفية هؤلاء، إنما له دلالة شديدة على أن تلك المحكمة لم تكن الا حلقة في سلسلة متصلة من التآمر الطائفي لتصفية كل الخصوم السياسيين الذين يقطعون على هؤلاء الزعماء طريق السلطة..
هكذا برز دور (الأخوان المسلمين) في مؤامرة (محكمة الردة)، في جميع أطوارها، تخطيطا، وتنفيذا، وتدعيما، كدور أساسي عبروا فيه عن ألد الخصام للأستاذ محمود، بعد أن أدركوا عجزهم التام عن مواجهته، المواجهة الفكرية الموضوعية التي تليق بالدعاة الإسلاميين اليوم..
5) أما الحقد الأسود الذي يطفح به أسلوب الدكتور الترابي، وسخيمة النفس التي تفوح منه، وأما محاولته المتعمدة للتجريح، في غير موضوعية، ولا علمية، وأما نزعة الاستعلاء، والوصاية على أفكار الأحرار، فإنه أمر لا يحتاج منا إلى تعليق، دائما سنتركه لتقدير القراء الكرام، وإلا فإن كل كلمة من كلماته التي سود بها الصفحة تحتاج إلى تصحيح، وإلى مراجعة، ولكن لا ضير (ستكتب شهادتهم ويسألون!!)
6) وأخيرا فإنا ندعو كل مثقف إلى إعادة قراءة ما ختم به الدكتور الترابي كلمته تلك ابتداء من قوله: (أما حكم المحكمة الشرعية) وإلى قوله (وإنما يهدف أغلبهم للنيل من الإسلام في كل مظهر من مظاهره بصورة منافقة ماكرة).. فإن هذه الفقرة من حديث الدكتور الترابي لشديدة الدلالة على مبلغ ثقافته العامة بوجه عام، وعلى مبلغ ثقافته القانونية بوجه خاص.. وهي بعد شديدة الدلالة ايضا على تكوينه الفكري، والخلقي..
ويجي بعد السيد الصادق المهدي والدكتور الترابي أحد زعماء تنظيم الأخوان المسلمين وهو السيد صادق عبد الله عبد الماجد فقد نشرت له جريدة الميثاق الإسلامي يوم 21/11/1968 ما يأتي: -
جريدة الميثاق الإسلامي 21/11/1968
صادق عبد الله يعلق على اعلان ردة محمود محمد طه
يجب تحكيم الإسلام في كافة أوجه حياتنا
قال السيد صادق عبد الله عبد الماجد معلقا على اعلان ردة محمود محمد طه قال: انه إذا كان هناك اهتمام بتحديد موقف الانسان من الإسلام وتعاليمه للحكم بردته أو عدمها فإن الواجب يحتم على العلماء والمسئولين أن يحكموا الإسلام في أوضاعنا القائمة بأكملها وأضاف السيد الصادق: إن قضية رئيس الحزب الجمهوري لا تعدو عن كونها جزئية صغيرة من القضايا التي كان يجب ان تكون منطلقا جديدا للعلماء لعرض واقع حياتنا على الإسلام وليتقبلوا النتيجة وليصححوا كل وضع بعيد عنه.
انتهى
1) بهذا نكون قد سجلنا كلمات الزعماء الإسلاميين الثلاثة، وأول ما نلاحظ عليهم جميعا رضاءهم التام، بل وغبطتهم (بمحكمة الردة).. هذا مع أن محكمة الردة، قد كانت وستظل، سبة وعارا في جبين القضاء في هذه البلاد، وهي قد كانت، وستظل، سبة وعارا في تاريخ أي مثقف سوداني شرفه الله بحمل الكلمة وحمل القلم ثم لم يقل فيها، وفي ادانتها قولا شافيا وبليغا..
2) يلاحظ أن ثلاثة الزعماء الإسلاميين يستغلون (محكمة الردة) ليصلوا الى (غرض) دعواتهم في إقامة (الحكم الإسلامي الصحيح).. ولماذا يقوم الحكم الإسلامي الصحيح في حسبانهم؟؟ ليردع الأفكار التي لا يوافقون عليها، وباسم الإسلام!! وما هو (الحكم الإسلامي الصحيح) في نظرهم؟؟ انه الدستور الإسلامي (المزيف) الذي فصلّنا عنه القول في كتبنا!!
3) ليعلم هؤلاء الزعماء الإسلاميين أن ما يدعون إليه من الحكم الذي (يردع) الأفكار ليس هو حكما إسلاميا، على الإطلاق!! بل ليس هو حكما مدنيا متقدما، وإنما هو حكم (متخلّف) يقوم على الجهل الموبق بحقائق الحياة، وحقائق الدين..
4) الحكم الإسلامي الصحيح مقبل، ما في ذلك أدنى ريب.. وهو الحكم الذي فيه تبلغ حرية الرأي مبلغ ما تحكيه الآية الكريمة: (وقل الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر..) كل ظن غير ذلك، إنما هو جهالة يأباها نص الدين ويأباها عقل الذكي..