انجازات هذا النظام يجب أن تقدّر
ان هذا النظلم يكفيه انه قد وضع حدا لحرب الجنوب التي دامت سبعة عشر عاما كلفت البلاد خسائر فادحة في الأرواح، وفي الأموال، وهددت وحدة ترابها بالإنفصام، وقد فشلت أحزاب الطائفية في ايجاد حل لها، بل ساهمت في تأجيج أوارها بما تمارسه من مزايدات، وفساد، في كسب النواب، وكسب الناخبين.. تلك الأحزاب التي يمثلها الأخ حسين الهندي ويريد أن يعيد حكمها للبلاد مرة أخرى.
ان الإنجازات التي تحققت في هذا العهد في مجالات التنمية المختلفة، من إنشاء الطرق، واقامة الجسور، واستجلاب مصانع السكر، ومصانع النسيج، ومشاريع تتضاءل بازائها كل السلبيات التي من الطبيعي أن تصاحب عملا كبيرا كالذي تضطلع به ثورة مايو، خصوصا إذا لم يغب عن بالنا ان هذه الثورة قد ورثت تركة مثقلة من عهود حكم الأحزاب الطائفية.. هذه التركة هي السبب الرئيسي في وجود صور الفساد، والقصور، التي قد يلمسها المرء هنا وهناك، في أوجه الحياة المختلفة، تلك السلبيات التي تحسبها المعارضة الآن من سلبيات السلطة الحاضرة، وتنسى مسئوليتها هي عنها
لم تكن هناك ديمقراطية
ان من أوهى حجج المعارضة التي تسوّقها مبررا لسعيها، وتعاونها مع الشيوعية الدولية، لإسقاط النظام الحالي ما قاله السيد حسين الهندي في تصريحاته تلك التي أوردتها جريدة الدستور 26/3/1979، وهو قول يردده كل المعارضين لثورة مايو ومن غير أن يتمعنوه ليبصروا التناقض الذي يوقعهم فيه.... لقد تحدث السيد حسين عن صفات النظام البديل الذي يريدونه فقال عنها (الديمقراطية والحرية وسيادة حكم القانون ومحاربة العسف والتجسس الخ)
ويكفي هذا القول ضعفا، وتناقضا، أنه يجيء من رجل شارك في حكم الطائفية وأحزابها.. فإنه من المقرر عندنا انه قد كانت هناك هياكل للديمقراطية، ولكنها فارغة المحتوى، بل ان هذه الهياكل نفسها قد نسفت يوم ان عدل الدستور، وحلّ الحزب الشيوعي، وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية، على أيدي رجال الحكم آنذاك، ومن زعمائهم السيد حسين الهندي..
لم تكن هناك ديمقراطية، وانما كان هناك تزييف لها.. فقد كانت الإشارة من زعيم (الطائفة) هي التي تفوّز النائب، أو تسقطه، حتى ان الصادق المهدي عندما اختلف مع عمه الهادي سقط في الانتخابات لأن عمه – زعيم الطائفة – أراد ذلك، ولما عاد الصادق الى حظيرة عمه اخليت له دائرة انتخابية ليفوز فيها.. راجع كتابنا (الصادق المهدي، والقيادة الملهمة، والحق المقدس).. لم تكن هناك ديمقراطية في يوم من الأيام حتى تتباكى عليها المعارضة اليوم.. أسوأ من ذلك، كما سلف القول!! كان هناك تضليل منظّم للشعب باسم الديمقراطية، وباسم الإسلام!!