إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

ساووا السودانيين فى الفقر
الى أن يتساووا فى الغنى

تركيز أسعار السلع ومحاربة السوق السوداء:


بعد أن ركزنا فى الفقرة السابقة على ضرورة إعادة النظر فى هيكل، وبنود الميزانية العامة، لتوفير إيرادات فعلية، من داخل بنودها، لمقابلة الأعباء المالية المترتبة على صرف التقويم الوظيفى، مستهدفين بذلك التقليل من ضرورة اللجوء للنظام المصرفى، ذى الآثار التضخمية المباشرة، نتجه الآن نحو معالجة الآثار السلبية لإرتفاع مستوى الإنفاق العام، والتى ستنعكس فى مزيد من التصاعد فى الأسعار، مما يسلب العمال مزايا الزيادة فى الأجور، ويؤدى الى المزيد من المطالب برفعها. ونلّخص هذه المعالجات فى الآتى:

1) الزيادة فى الأجور حق يقابله واجب:


إن المبدأ الأخلاقى، والإقتصادى الذى نحب توكيده، بادى ذى بدء، هو أن الحقوق التى سيحصل عليها العاملون من زيادات فى الأجور يقابلها واجب، ذلك الواجب هو الإنتاج، والاّ فإن هذه الزيادة فى النقد المطروح ستخل بالتوازن الإقتصادى، بما تحدثه من خلل فى الموازنة العامة بين العرض والطلب الأمر الذى يستوجب إتخاذ كل وسائل الحث على رفع الإنتاج وفى ذلك نوصى بالآتى:-
أ) إعادة النظر فى نمط توزيع القوة العاملة على الأنشطة المختلفة لإزالة ما فيها من إختناقات، ظلت تعوّق الإنتاج.
ب) محاربة كل صور التسيب، والأرتخاء العام، التى تنتظم كل مبادىء العمل العام، والتى ترجع فى أهم أسبابها، الى ضعف قيادات العمل العام التى عجزت عن الحفاظ على روح الإنضباط بين العاملين.
ج) نقابات العمال والموظفين هى نقابات مطلبية بطبيعة الحال وواجبها هو الدفاع عن مصالح أعضائها.. ولكن هناك جنوحا يحصل دائما جعل النقابات تهمل واجبات العمال والموظفين وهى تطالب بحقوقهم.. هناك ما قد يوهم العامل أو الموظف العادى بأن له حقا وليس عليه واجب هو زيادة الإنتاج، والحفاظ على الممتلكات العامة، فيرجى من النقابات أن تتولى إعادة تربية أعضائها بأن تؤكد لهم الواجب قبل المطالبة بالحق.

2) محاربة الندرة المفتعلة:


إن الندرة المفتعلة للسله هى من أكبر مسببات إرتفاع الأسعار، وذلك لما تؤدى اليه من إنتشار السوق السوداء وهذه يمكن مواجهتها بالسياسات الآتية:
أ- بث الوعى التعاونى، وتعميق مفاهيمه، وإبراز مزاياع، وسط الشعب، فى مدن البلاد وأريافها.
ب- توسيع نشاط التعاونيات وتمكينها من السيطرة التامة على السلع، الضرورية، والإستراتيجية، للقضاء على سلسلة الوسطاء، والطفيليين، الذين يكتسبون أرباحهم على حساب المستهلك والمنتج الحقيقى، على حد سواء، وهذا يستوجب أن يراجع هذا النظام السياسة المصرفية للبنوك تجاه التعاونيات، على نحو يمكنها من الحصول على الدعم الذى يساعدها على النهوض والنمو بمعدّل أكبر، حتى تحل محل القطاع الخاص، ما أمكن ذلك لأن البنوك لا تشجع التعاونيات كما تشجع القطاع الخاص.
ج – محاربة السوق السوداء، عن طريق تقوية أجهزة الرقابة الإدارية على السوق، ودعهما سياسيا، وتشريعيا، وقضائيا، لتمكينها من احكام الرقابة والردع الفورى للمخالفين لقوانين التسعيرة، والساعين فى إخفاء السلع، وهنا لا بدّ من التنبيه الى أن الرأسمالية لا محالة ستحاول إزاحة العبء الضريبى عن كاهلها الى كاهل المستهلك، الأمر الذى يستوجب اليقظة، والحزم التام، فى التعامل معها، وذلك بالإصرار على إلزامها بالتقيد بفئات التسعيرة.

3) خلق الوفرة من السلع الإستهلاكية:


أ- إن توفير السلع الإستهلاكية الضرورية يتطلب توجيه سياسة الإستيراد بحيث يعطى إمتياز توفيرها للقطاع العام، والتعاونيات، وأن تستغل الدولة كل فرصة ممكنة، لتحقيق أكبر قدر ممكن إما عن طريق الدعم الأجنبى، ذى الشروط الميسرة الذى يمكن أن يكون اما مجها لتوفير مستلزمات زيادة الإنتاج محليا، أو عن طريق الإستيراد، أيهما كان أفضل. ولما كانت هذه السياسة لا تتعارض، فى جوهرها، مع برنامج التركيز المالى والإصلاح الإقتصادى، فإن مساعى الحصول على هذا الدعم يرجى لها أن تجد الإستجابة من مؤسسات العون الدولية.
ب – إتخاذ كل التدابير، والسياسات، الكفيلة بدعم وتوسيع نطاق التعاونيات الزراعية وبخاصة الإسراع بقيام بنك التنمية التعاونى، لتوفير المطالب الأساسية من المواد الغذائية، كالقمح، والدقيق، والذرة، واللحوم، والألبان.