إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الكذب وتحرّى الكذب
عند الأخوان المسلمين

الاتجاه الإسلامي والكذب المفضوح!!


لقد جاء بيان الاتجاه الإسلامي، هذا الذي بين أيدينا، كرد فعل لسخط الطلاب على شغب الأخوان المسلمين، فحاول جاهدا ان يتنّصل عن مسئولية ما حدث، فاتسم بالكذب الصراح، والتناقض المزري، وهو، رغم كل هذا، قد عجز عن تبرير تلك المواقف الشائنة التي تردى فيها الأخوان المسلمون، مما اضطره لمحاولة اظهار الجمهوريين كمتحرشين، ومعتدين، على الأخوان المسلمين!! فهو يقول (وللإنسان ان يعجب من رابطة كهذه تبحث عن الاشتجار وتستجديه وهي تدّعى زعامة الفكر وتتوشح بشعار الحوار والمنطق له بعد ذلك أن يدرك ان الاحتشاد التحرشي الذي قام به بالأمس الجمهوريون مع حلفائهم الأقربين..) الى ان يقول (ولكن النقطة الإستراتيجية التي تبقى وراء كل هذه الأحداث ماثلة لكل عين.. هي أن رابطة الجمهوريين وحلفائها يبحثون لهم عن مشاجرة ايا كان نوعها.) انتهى.. والحق الذي لا مراء فيه ان الجمهوريين لم يعرفوا، طوال تاريخهم، بحادث اعتداء واحد، على أي شخص، أو جماعة، مهما كان الخلاف بينهم.. ولقد جاء الجمهوريون عقب الحادث لركن النقاش ليثبتوا ان حقهم الطبيعي في الحرية والتعبير لا يمكن ان يتنازلوا عنه بسبب عنف الأخوان المسلمين وغوغائيتهم.. ولو كان الجمهوريون يقصدون الاعتداء لاعتدوا على العدد القليل الذي حضر هذا الركن من الأخوان المسلمين، ولما اقاموا حوارا موضوعيا فتحوا فيه الفرصة حتى للأخوان المسلمين أنفسهم!! وبيان الاتجاه الإسلامي يسوق دليلا ساذجا على زعمه بأن الجمهوريين جاءوا لإحداث مشاجرة، اسمعه يقول: (وإذا كان المقصود هو الحوار الموضوعي لتوعية طلاب السنة الأولى كما ذكروا في كتابهم الأخير فلماذا الإصرار على أن ينعقد (الركن) والجامعة مغلقة والطلاب غائبون؟) انتهى.. ان القصد من قيام الركن بعد الحادث مباشرة هو التوعية.. وامر التوعية يشمل الأخوان المسلمين أنفسهم، وهو، في حقهم، يعني توعيتهم بأن أساليب العنف، والإرهاب، لن توقف الحوار الديمقراطي، الحر، وهي توعية هم في أشد الحاجة اليها.. ومهما يكن من أمر فإن الطلاب لم يكونوا غائبين كما زعم الأخوان المسلمون بدليل بيان الاتجاه الإسلامي نفسه الذي قال (.. إذا الرابطة الجمهورية ومن خلفها الجبهة الشيو-بعثية تفاجىء الطلاب بحشد عدد من النساء والرجال)!! وبدليل ان الركن قد حضرته أعداد كبيرة من الطلاب.
وما جاء في بيان الاتجاه الإسلامي هذا العجيب (.. الإستراتيجية هي إذن ان يستفز الأخوان المسلمون بكل صورة من الصور كأن يهتف الشيوعيون مثلا بسقوط الإسلام أو تتمنى شيوعية أن ترقص في مسجد البركس بعد سقوط الحر المباشر) انتهى.. ولم يثبت ان أحدا من الشيوعيين هتف بسقوط الإسلام، بل أن الثابت هو محاولة الأخوان للبس هذه الجريمة حتى يبرروا احداث الشغب التي يثيرونها، فقد ذكر الأخوان المسلمون من قبل، في منشور لهم عقب الانتخابات، يصفون مظاهرة الطلاب التي سيّروها ابتهاجا بسقوطهم، انها مظاهرة شيوعية، وزعموا انها كانت تهتف (الجامعة تدين تجار الدين) فإن كذّب الاتجاه الإسلامي على مظاهرة بأجمعها فمن ذا يصدّقه حين يدّعى ان شيوعية أعلنت على الملأ انها تتمنى ان ترقص في مسجد!! لقد بنى الأخوان المسلمون مجدهم كله على الكذب على الشيوعيين ومحاولة إظهارهم بمظهر الذي يسيء الى الإسلام وإظهار أنفسهم بمظهر الغيور على الإسلام المدافع عنه في وجه اساءة الشيوعيين له، وفى هذا قدر كبير من الخديعة للشعب السوداني المسلم وليس للإخوان المسلمين غرض في حماية الدين وإنما غرضهم في استغلال الدين لأغراضهم السياسية..
ومن الكذب المخجل الذي جاء في بيان الاتجاه الإسلامي (وبعد ذلك يثور أحد الأخوان لكرامته الشخصية كما حدث بالفعل فيخرج الجمهوريون في الأسواق يتحدثون عن "أخسّ اعتداء وأسوأ انتهاك وأردأ إمتهان لحرمة الجامعة").. انتهى. فكأن هذا البيان، الكاذب، يريد أن يقول ان الذي اعتدى على سبعة من الجمهوريين واصاب أحدهم بأذى جسيم حجز بسببه في المستشفى وأصاب بقية الجمهوريين بصور متفاوتة من الأذى أحد الأخوان المسلمين، وهو يثور لكرامته الشخصية!! ومن عجب الأمر ان الاتجاه الإسلامي، قد لقن، هذه الكذبة للأخ المسلم المدعو مطرف صديق فذكر في تأييد البلاغ أمام القاضي وبعد ان أدى القسم، انه جاء للجمهوريين وحده!! وأنه سألهم مجرّد سؤال فابتدره اثنان منهم بالضرب!! وانه واصل الدفاع عن نفسه فحدث ما حدث لبقية الجمهوريين!! وإننا لنعجب من اتجاه إسلامي يكذب، ويتحرى الكذب، ويخطط له، ويلقّنه اتباعه الذين لا يتحرجون من الكذب حتى بعد أن يؤدوا القسم على المصحف الشريف!!
جاء في بيان الاتجاه الإسلامي (ولماذا تعطى مكاتبات الاتحاد الرسمية لشخص ليس هو عضو في الاتحاد ولا طالب في الجامعة ليقيم بها محاكما في الأسواق؟) وهذه العبارة على قصرها حوت العديد من الكذب، فلم تعط مكاتبات الاتحاد لأي شخص، والشخص المقصود هنا هو الأخ أحمد المصطفى دالي وهو طالب بكلية الدراسات العليا وهو عضو في الاتحاد بنص الدستور وهو لم يقم أي محاكم في الأسواق!!
وجاء في بيان الاتجاه الإسلامي ايضا (إذا كان رئيس الرابطة الجمهورية قد تعهد لنائب مدير الجامعة الاّ يعود هو وأعضاء رابطته الى استفزاز أحد لحين الفراغ من النظر في القضية فلماذا نقض العهد وعاد لسيرته الأولى في اثارة الناس وشتم أعراضهم) انتهى.. والحق انه لم يتعهّد اى من الجمهوريين بأى شىء لنائب مدير الجامعة.. والجمهوريون لا يمكن ان يتعهدوا بعدم الإستفزاز لأنهم أساس لم يستفزوا أحدا، ولم يكن في حديثهم، قبل وبعد الحادث، استفزازا، أو خوض في أعراض الناس، ومثل هذا الكذب، قصير الأجل، لأن التأكد منه ميسور بالرجوع الى نائب المدير!!