إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الكذب وتحرّى الكذب
عند الأخوان المسلمين

بيان الاتجاه الإسلامي عن الأحداث:


ولقد شاع نبأ الاعتداء الأثيم بين الطلاب الموجودين بالجامعة، فاستنكروه، وادانوه، مما دفع الاتجاه الإسلامي ليخرج بيانا عن هذا الموضوع نثبت فيما يلي نصه كاملا:
(بسم الله الرحمن الرحيم – بيان من الاتجاه الإسلامي بجامعة الخرطوم..
فى يوم أمس 20/11/1979 والذي يوافق عطلة المسلمين ببداية قرن هجري جديد وذكرى رسول كريم، وبينما كانت الجامعة مغلقة والطلاب في داخليتاهم إذا الرابطة الجمهورية ومن خلفها الجبهة الشيو-بعثية تفاجىء الطلاب بحشد عدد من النساء والرجال ينزلون فجأة من البصات الأهلية ويتركونها أمام بوابة الجامعة الرئيسية، وينتظمون في حلقة تبلغ المائة والخمسين – جلهم من غير الطلاب – يتوسطهم الناطق الأوحد باسم الرابطة الجمهورية وذلك بعد ان ابلغوا الحرس الجامعي أن يأخذ حذره وان يستعد لأن هناك معركة رهيبة بين الطلاب سوف تحدث!! وللإنسان ان يعجب من رابطة كهذه تبحث عن الاشتجار وتستجديه وهي تدّعي زعامة الفكر وتتوشح بشعار الحوار والمنطق له بعد ذلك أن يدرك ان الاحتشاد التحرشي الذي قام به بالأمس الجمهوريون مع حلفائهم الأقربين لم يكن مجرد صدفة، ولم يهبطوا على الركن من حيث لا حيث وانما كان هناك سابق تخطيط وسلسلة اجراءات أعلن ناطقهم الأوحد طرفا منها حينما استخف به الطرب عشية الإنتخابات قائلا انهم سيقومون بحملة تفتيش واسعة على حجرات الأخوان ليخرجوا ما سرق الأخوان من ممتلكات الاتحاد.. ولم يكترث الطلاب وهم يغادرون الجامعة في العطلة الشتوية اذ كانوا يعتبرونه ظاهرة من ظواهر الشطح التي تعتري الجمهوري إذا انتشى، ولكن الأمر كان استراتيجية متكاملة فقد قامت عرائس المسرح الشيو- بعثية بالتنفيذ واقتحموا حجرة أحد الطلاب من أعضاء الاتجاه الإسلامي وقد رأس الحملة السكرتير الاجتماعي (شيوعي) وسكرتير الشئون الخارجية (بعثي) مستعينين بكتيبة من الحرس ولمّا لم يجدوا مالا مسروقا، ولا خزينة مخبأة، أبت على السكرتير الشيوعي عبقريته الفذة الاّ ان يغافل الجميع – كما يفعل رعاة البقر – ويغلق الحجرة من الخارج على الطالب المعتدى عليه وعلى زميله السكرتير وعلى الحرس الجامعى ثم يذهب ليبلّغ رئاسة الحرس بأن هنالك مشاجرة بين الطلاب في أحد الحجرات المغلقة.. ثم ليتضح بعد ذلك أن البلاغ من أساسه كاذب وأن الحجرات ليست تابعة للاتحاد وذلك (بشهادة قسم شئون الطلاب) وان ليس بها ثروة مسروقة!!! ويسجل هؤلاء العباقرة جرائم كلها تنضح بالخزي الذي لم يفارقهم.. فهم (أولا) قد اتهموا طالبا بريئا اتهاما يمس الشرف دون أي تثبت او ظن راجح وهم (ثانيا) قد تهجموا على طالب آمن في حجرته دون وجه حق وهم (ثالثا) قد انتحلوا صفة التفويض من الاتحاد وما كانوا مفوضين، ثم هم (رابعا) قد خرجوا على كل أعراف العمل النقابي وهبطوا بالممارسة السياسية في الجامعة الى مرحلة الإسفاف والتفاهة ولكن النقطة الاستراتيجية التي تبقى وراء كل هذه الأحداث ماثلة لكل عين هي أن رابطة الجمهوريين وحلفائها يبحثون لهم عن مشاجرة – ايا كان نوعها ليكثر التباكي يومها على الحرية والمنطق ويزرف الدمع الجمهوري الغزير (لكي لا تكون الجامعة غابة) وتكتب بعض الكتب في هذا المعنى وتوزع في الأسواق.. الإستراتيجية هي إذن ان يستفز الأخوان المسلمون بكل صورة من الصور كأن يهتف الشيوعيون مثلا بسقوط الإسلام أو تتمنى شيوعية أن ترقص في مسجد البركس بعد سقوط الحر المباشر، أو يقتحم سكرتير الشئون الإجتماعية حجرة أحد الأخوان وبعد ذلك يثور أحد الأخوان لكرامته الشخصية كما حدث بالفعل فيخرج الجمهوريون في الأسواق يتحدثون عن (أخسّ اعتداء وأسوأ انتهاك وأردأ إمتهان لحرمة الجامعة)! ثم يتبجحون بأن الأخوان صاروا يضربون قوى التمثيل النسبي (نتيجة للهزيمة الساحقة التي منىّ بها تنظيمهم)
وان لم يكن ما ذكرنا صحيحا فكيف نفسر (أولا) حادثة الاعتداء على طالب آمن في حجرته؟ أو كيف نفسّر (ثانيا) احتشاد الجمهوريين الذي جرى أمس؟ وإذا لم يكن الغرض هو اتهام الأخوان بضرب النساء فلماذا بحشود من النساء وهم يتوقعون معركة (كما ابلغوا الحرس بذلك)؟ او إذا كان الغرض هو فضح ممارسات الاتحاد السابق فلماذا لا يتولى هذا الأمر الاتحاد الجديد بنفسه؟ ولماذا تعطى مكاتبات الاتحاد الرسمية لشخص ليس هو عضو في الاتحاد ولا طالب في الجامعة ليقيم بها محاكما في الأسواق؟ وإذا كان المقصود هو الحوار الموضوعى لتوعية طلاب السنة الأولى كما ذكروا في كتابهم الأخير فلماذا الإصرار على أن ينعقد (الركن) والجامعة مغلقة والطلاب غائبون؟ وإذا كان حقا ان رئيس الرابطة الجمهورية قد دخل في مشاجرة يحميه عدد من أعضاء رابطته وقد فتح بلاغا عند البوليس وما زال الأمر كله قيد التحرى ولم تثبت ادانة بعد ضد أى شخص او جهة فلماذا خرج على قرار الطبيب وعاد الى الجامعة ليعيد التحدي والاستفزاز لذات الشخص الذي رفع قضية ضده، ثم إذا كان رئيس الرابطة الجمهورية قد تعهد لنائب مدير الجامعة الاّ يعود هو وأعضاء رابطته الى استفزاز أحد لحين الفراغ من النظر في القضية فلماذا نقض العهد وعاد لسيرته الأولى في اثارة الناس وشتم أعراضهم؟ الإجابة الوحيدة لكل هذه الأسئلة هي ان استراتيجية الجمهوريين وحلفائهم تقوم على البحث عن مشاجرة مع الأخوان تؤدى الى صرف النظر عن القضايا الجوهرية التي تتعلق بالاتحاد ودستور الطلاب وقضاياهم القومية والنقابية..
أما نحن في هذا المقام فنحب أن نؤكد الآتى:
أولا: ان المشاجرات التي تقوم بين طالب وآخر في مختلف الزمان ولشتى الأسباب هي قضايا تنتهي عادة عند مخافر الشرطة ودوائر القضاء ونحن كتنظيم سياسي لا ندعو لها ولا نشعل نارها.
ثانيا: ان العضو من جماعتنا إذا استفز في دينه او شتم في عرضه او تحرش به سفيه فلن نطالبه بأن يكون مسيحيا.
ثالثا: ان المبادرة، التي قامت، بها الرابطة الجمهورية وحلفائها من الشيوعيين والبعث يوم أمس تعني لدينا اعلانا للحرب الجماعية المنظمة بين الجهات كأسلوب جديد في ممارسة السياسة في الجامعة ونحن ندين هذا الأسلوب لأنه دعوة للفتنة وافساد في الأرض بغير حق.
رابعا: على الجهات السياسية الموغلة في القدم والغارقة في الثورة والحداثة ان توضح موقفها سلبا أو إيجابا فيما أعلنه الجمهوريون وحلفاؤهم كخط جديد.
خامسا: ان جماعتنا قادرة على ان تخوض كل معاركها بشرف ورجولة وان تختار الميادين التي تقاتل فيها دون ان تفقد عقلها أو تفرط في حقوق أفرادها.
سادسا: اتحاد الطلاب وادارة الجامعة إذا اختاروا طريق التفرج على ما يفعله الجمهوريون والشيوعيون او اعجبهما ذلك فسوف يجدان ان الجامعة ذات يوم كوما من رماد.
سابعا: ان خصمنا ليس هو من يقف مع التمثيل النسبي أو من يدعو اليه فهذه قضية تقديرية للطلاب إطلاق الحرية في تقريرها وانما خصمنا هو الذي يهتف بسقوط الإسلام ويدعو له ويخطط لتصفيته تنظيميا ويجاهر بذلك فهؤلاء لن يرضى الله عنّا إذا رضينا عنهم – وما نحن بفاعلين.
ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء.
الاتجاه الإسلامي جامعة الخرطوم
2 محرم 1400 هـ
الموافق 21/11/1979)