إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

أنقذوا الشباب
من هذا التنظيم الدخيل

بسم الله الرحمن الرحيم
(وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة؟؟ إن الله لذو فضل على الناس، ولكن أكثرهم لا يشكرون..)
صدق الله العظيم..



مقدمة:


في الآونة الاخيرة حيث بلغ الهوس الديني اوجّه في العالم الإسلامي، وبصورة خاصة ما كان منه في إيران، على يد الخميني، أخذت تنشط من جديد، في بلادنا القوى السلفية المتمثلة في الطائفية، وفى الاخوان المسلمين، ليعيدوا المسرح السياسي إلى ما يشبه الحال الذي كان عليه قبيل قيام ثورة مايو، من مزايدة باسم (الدستور الإسلامي)، ومن محاولات لتضليل الشعب باسم الدين، حينما انكشف أمر الأحزاب الطائفية بوجهها السياسي التقليدي، فأخذ الشعب يواجهها بقصور برامجها، وبفساد سياسييها.. فأرادت هذه الأحزاب الطائفية، في ذلك الوقت، ان تأتي للشعب بوجه جديد، يلتحف قداسة الدين، ويلبس على سواد الشعب، وعلى المثقفين، أمر الطائفية، وأمر أحزابها، وأغراضها السياسية التي تتستر وراء الواجهة الدينية.. ولقد ساعد (الاخوان المسلمون) الطائفية بالأمس، مساعدة فعالة في ذلك التضليل، وفى تلك المحاولة الماكرة لتمرير ما كان يسمى زورا (بالدستور الإسلامي) وذلك بدفعهم زعماء الطائفية لتبنى قضية (الدستور الإسلامي)، وبافتعال اثارة العواطف الدينية وسط جمهور المساجد، وبافتعال ارسال البرقيات باسمهم لمطالبة زعماء الطائفية بالعمل لإجازة (الدستور الإسلامي) المزيف..
إن (الاخوان المسلمين) قد كانوا قبل مايو، بعملهم ذاك أداة في يد الطائفية التي استغلّتهم، والتقطت من يدهم دعوى (الدستور الإسلامي) ، وكادت، بذلك، أن تنجح في استعادة قواها، وتمكين قبضتها من رقاب الناس، لولا فضل الله الذي قيض مايو لتسحب البساط من تحت اقدام الطائفية، في مايو 1969، نفس الشهر الذي عقد فيه زعماء الطائفية اجتماعهم الشهير، حيث أيقنوا أن حاجتهم للاتفاق على حبك مؤامرة (الدستور الإسلامي) هي حاجة حياة أو موت، وبالفعل خرجوا ببيان يكشف عن مخططهم، ويؤكد اصرارهم على تنفيذ ذلك المخطط الذي به يتقرّر مصيرهم في الاحتفاظ بالحكم والمضي لأمد أطول في استغلال هذا الشعب..
وهاهم الاخوان المسلمون، لمّا يزالوا مستغلّين من قوى الطائفية – في الداخل والخارج – يحاولون بعث الحياة الهامدة في تنظيمهم راكبين موجة العاطفة الدينية التي انبعثت بقيام حركة الخميني في إيران، فأخذوا ينتهزون كل فرصة تواتيهم، سواء اكان ذلك من خلال المنابر العامة، أم من خلال الأجهزة الرسمية التي رضوا أن ينخرطوا فيها، او من خلال تنظيمات الطلاب، وجمهور المساجد، ليثيروا العاطفة الدينية، بغير علم، وبغير صدق، وبغير حق، ليرهبوا المثقفين، وليحملوا السلطة لتسير في ركبهم، في طريق تزييف الشريعة، وتقنين الهوس الديني الذي يبرأ منه الإسلام، وهو طريق يجهل (الاخوان المسلمون) أنفسهم معالمه، وإنما هو التيه، وإنما هي الهاوية التي تردى فيها شعب إيران على يد الخميني، ولا منقذ له من مأساته التي يقف العالم كله عاجزا حائرا بإزائها..
ومصداق هذا الذي نقول هو مواكب تأييد إيران التي ينظمها، ويسيرها تنظيم الاخوان المسلمين، وهو التصريحات التي يطلقها زعماء هذا التنظيم، الترابي وزملاؤه، والتي يكيلون فيها الثناء على الخميني، ويبررون فيها مفارقاته وفوضى الحكم التي فرضها على شعب إيران.
إن تحرّك الاخوان المسلمين، وتآمرهم مع الطائفية بالأمس، هو، هو تحركهم اليوم للتآمر، والوثوب إلى السلطة باسم (النهج الإسلامي) وباسم (القوانين الإسلامية)، وباسم (الدستور الإسلامي) مستغلّين حب هذا الشعب للدين، وممددين، بغير صدق، وبغير إخلاص، كل كلمة عن الدين تجرى على لسان قيادة الثورة، ليحملّوا الكلمات فوق ما تحتمل، وليخرجوا بها عن مدلولها الواضح المحدد الذي لا يعنى، بأي حال من الاحوال، غير تقدير السلطة للإسلام، وغير رغبتها في أن تسود روحه، وقيمه المجتمع، بالوجه الذي يحفظ للوطن وحدة بنيه ووحدة ترابه.
انه لمن حسن التوفيق ان اختلف الامر وسط الشعب، اليوم، عنه بالأمس، قبل ثورة مايو، فقد ارتفع مستوى الوعي بحقيقة الاخوان المسلمين، وازدادت معرفة الشعب لمصلحته، ومصلحة دينه، بحيث ضاقت فرص انخداعه بالدعوة الزائفة للحكم الإسلامي التي يتبنّاها الاخوان المسلمين، ويحاولون ان يرهبوا الناس بها، وان يقسروهم على قبولها..
ولكن، مهما يكن من الامر، فإن اتساع دائرة الوعي لا يعني أن ندع اليقظة، أو أن نتخلى عن الحذر من التآمر السلفي، وإنما يجب أن يزداد وعينا، وأن يكون كل حادب، وكل مخلص لهذا الشعب، واع بمصلحته، على درجة كبيرة من اليقظة، ومن الشجاعة لكشف، ودحض، كل دعوة زائفة من الطائفية، ومن اعوانها، حتى تتأمن مسيرة شعبنا، وحتى يكتمل وعيه، فيسد بذلك الطريق أمام المخادعين، المتاجرين باسم الدين، وحتى يجئ، من ثم، البعث الديني الصحيح.