إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

تعلموا كيف تجهزون موتاكم!!
الكتاب الثاني

عدة الزوجة التي توفى عنها زوجها


عدة المتوفى عنها زوجها، مهما كان عمرها، هي أربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها، وذلك لقوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا).. هذا إذا لم تكن حاملا.. أما إذا كانت حاملا، فإن عدتها تنقضي بوضع حملها، قال تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن).. وجاء في الحديث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سئل عبد الله بن عباس وأبو هريرة عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها فقال ابن عباس: آخر الأجلين، وقال أبو هريرة إذا ولدت فقد حلت فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت أم سلمة: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر فخطبها رجلان أحدهما شاب والآخر كهل فحطت إلى الشاب فقال الشيخ لم تحلّي بعد، وكان أهلها غيبا، ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها فجاءت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال قد حللت فانكحي من شئت).. عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال عبد الله بن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال عبد الله بن عمر: إذا وضعت حملها فقد حلت.. فأخبره رجل من الأنصار كان عنده أن عمر بن الخطاب قال لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد لحلت).. عن المسور بن مخرمة أن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليالي فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حللت فانكحي من شئت) رواه الموطأ الجزء الثاني صفحة 105.. وهناك قول آخر في عدة المتوفى عنها زوجها جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الجزء الرابع صفحة 529 عن (علي وابن عباس ومن تبعهما)، قالوا (إن المتوفى عنها زوجها وهي حامل إذا وضعت حملها قبل انقضاء أربعة أشهر وعشرة أيام فإن عدتها لا تنقضي بوضع الحمل بل لا بد من انتظار مضي المدة بتمامها، أما إذا انقضت مدة أربعة أشهر وعشرة أيام قبل الوضع فإن عدتها لا تنقضي إلا بوضع الحمل لأنه حمل الزوج المتوفى فتجب صيانته).. فهذا اتجاه من الإمام علي وابن عباس كما يقول صاحب بداية المجتهد ونهاية المقتصد للجمع بين عموم آية الحوامل وآية الوفاة.. ولكن جمهور العلماء على نهاية عدة الحامل بوضع الحمل.. قال الشعبي ذكر عند عبد الله بن مسعود آخر الأجلين فقال: (من شاء قاسمته بالله أن هذه الآية التي في النساء القصرى نزلت بعد الأربعة الأشهر والعشر ثم قال أجل الحامل أن تضع ما في بطنها) وقال محمد بن سيرين لقيت مالك بن عامر فسألته فذهب يحدثني بحديث سبيعة فقلت هل سمعت عن عبد الله فيها شيئا؟ فقال كنا عند عبد الله فقال أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة؟!) ابن كثير الجزء السابع.. وخلاصة ما تشير إليه سعة الشريعة وحكمتها، هو أن العدة ليست لبراءة الرحم وحسب، وإنما هي لبراءة الرحم، ولرعاية العلاقة الزوجية الإنسانية (وجعل بينكم مودة ورحمة).. ورعاية لكل ذلك، فإن الشريعة قد قدّرت فترة من التبتل والإحداد، تقضيها المرأة في بيت العدة، منشغلة بالذكر والفكر والاحتساب والدعاء والاستغفار.. ولتحقيق كل ذلك فإنه وإن كانت عدة الحامل تنقضي بوضع حملها مهما قلت المدة، فإنها ينبغي أن تواصل التبتل والإحداد والمكث في المنزل حتى تتم مدة الأربعة الأشهر والعشر فهذا أدخل في رعاية العلاقة الزوجية، ولذلك قال النبي الكريم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا).. وعلى هذا الحديث أيضا فإن من قضت أربعة أشهر وعشرة أيام، ولم تضع حملها، فإن عدتها تستمر إلى وضع الحمل، وذلك بالنسبة لاستبراء الرحم فقط بمعنى أنها لا تتزوج إلا بعد وضع حملها.. أما انقطاعها عن الخروج، وأما شرط مبيتها في بيت زوجها المتوفى كالذي يحدث خلال الأربعة أشهر وعشرة فإنه لا يستمر، وإلا لكانت هناك مضارة للزوجة الأرملة و(لا ضرر ولا ضرار)..