إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

تعلموا كيف تجهزون موتاكم!!
الكتاب الثاني

الإحداد على الميت


جاء في الموطأ الجزء الثاني صفحة 110، 111 (قالت زينب وسمعت أمي أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم تقول "جاءت امرأة الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينيها افنكحلهما؟؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا!! مرتين أو ثلاث، كل ذلك يقول لا!!" (ولعله واضح أن النهي من الكحل إنما هو نهي عن التزيّن وليس عن العلاج بل ورد السماح بالعلاج وعلى ذلك يمكن للمعتدة أن تذهب للعلاج ومقابلة الطبيب كما تذهب لضرورياتها على أن تبيت في منزلها) ثم قال إنما هي أربعة أشهر وعشرا، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول!! قال حميد بن نافع فقلت لزينب وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟؟ فقالت زينب كانت المرأة إذا توفى عنها زوجها دخلت حفشا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبا، ولا شيئا، حتى تمر بها سنة... ثم تخرج فتعطي بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب، أو غيره.. قال مالك والحفش البيت الرديء)..
هذه صورة الإحداد في الجاهلية وهي على ما نشاهد الآن قد أثرت على ممارسات الناس.. أما الإحداد في الشريعة فيعني مكث الزوجة في بيتها، وترك التزيّن، والاختضاب، والتطيب، والاكتحال، ولبس الثياب الملونة المزركشة.. (روت أم حبيبة أنها سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول على المنبر "لا يحل لامرأة، تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال الاّ على زوج أربعة أشهر وعشرا") وكذلك روت زينب بنت جحش.. متفق عليه.. وعن أم عطية قالت: (كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلاّ على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل، ولا نتطيب، ولا نلبس ثوبا مصبوغا).. وعن أم سلمة قالت قال رسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا تلبس المتوفى عنها زوجها المعصفر من الثياب ولا المشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل ولا تتمشط) رواه الأربعة.. وعلى ذلك يختصر إحداد المعتدة لموت زوجها.. ويمكن لها أثناء عدتها أن تزاول أعمالها المنزلية كعادتها، وليس من الشريعة في شيء ما يمارسه نساؤنا اليوم من عادات في عدتهن، كالحضانة عند شروق الشمس، وعند الغروب، واستقبال الحائط، فيما يسمينه (بالحمارت) وكالنوم على الأرض.. بل إن هذه العادات ما يعد ردة إلى الجاهلية كما وردت الإشارة أعلاه، وفيها من مظاهر السخط، والجري وراء العادات البالية، ما يتجافى مع الحكمة من العدة.. هذا وإنه ليجب خروج المعتدة لموت زوجها لاكتساب عيشها إذا لم يكن لها عائل، بشرط واحد هو أن تبيت في منزلها.. قد جاء في الموطأ الجزء الثاني صفحة 107 (عن مالك عن يحي بن سعيد أنه بلغه أن السائب بن خباب توفى وأن أمرأته جاءت إلى عبد الله بن عمر فذكرت له وفاة زوجها وذكرت له حرثا لهم بقناة وسألته هل يصلح لها أن تبيت فيه؟ فنهاها عن ذلك فكانت تخرج من المدينة سحرا فتصبح في حرثهم فتظل فيه يومها ثم تدخل المدينة إذا أمست فتبيت في بيتها).. وكذلك المرأة العاملة إذا خشيت أن تفقد عملها فإنها أن وجدت النفقة من زوجها يمكنها أن تأخذ إجازة ولو بدون مرتب وتعيش على نفقة الزوج مدة العدة، أما إذا لم تجد إجازة وخشيت أن تفقد عملها المؤمن لحياتها ولأطفالها، فإنها وإن ترك لها زوجها قليلا من النفقة فإنه يمكنها أن تستمر في عملها محافظة على عملها بشرط أن تبيت في منزلها..