إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

تعلموا كيف تجهزون موتاكم!!
الكتاب الثاني

تشييع الجنازة والبكاء على الميت


تشييع الجنازة إنما يكون بالمشي خلفها، لقول على بن أبي طالب (فيما يرويه ابن رشد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، قدمها بين يديك واجعلها نصب عينيك، فإنما هي موعظة، وتذكرة وعبرة).. وتمشي النساء في الجنازة مجتمعات، منمازات خلف الرجال.. ويجب أن يكون المشيعون على ذكر وفكر طوال مشيهم خلف الجنازة، ويحسن أن يوحدوا حالهم بترديد ذكر الله تعالى، على نحو ما يفعل الأخوان الجمهوريون، تصفية للخواطر الداخلية وتجنبا لما قد ينشأ بين المشيعين من ثرثرة في موقف يقتضي الورع، وجمعية النفس، والذكر والفكر..
إنه لاحترام الفقيد الراحل وحسن التوجه لله ليقبله ويكرمه وهو يواجه حياته الجديدة، ولمواساة الأحياء أيضا، وتخفيف مصابهم، فقد وجه الدين بتشييع الراحل إلى مقره والصلاة عليه بالتشفع والتضرع إلى الله ليقبل ضيفه وهو وافد عليه لا حول له ولا قوة.. وقد جاء في الحديث: (من خرج مع جنازة من بيتها ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من الأجر كل قيراط مثل أحد.. ومن صلى عليها ثم رجع كان له قيراط) والمعروف الآن أن الرجال وحدهم هم الذين يحاولون أداء هذا الواجب الديني العظيم في التشييع والصلاة على الميت وإن كان هو أداء تحتوشه الغفلة وتحركه العادة كما المحنا في الإرشادات التي حواها هذا الكتاب.. أما النساء فإن دورهن في هذه المناسبة الدينية الموقرة، فقد رسمته لهن العادات البالية والأعراف الجاهلية فكان دورهن هو البكاء والعويل والصراخ والنياحة وإعلان مظاهر السخط وضروب من التبرج والضوضاء والصخب، وتكلف صور مزرية من الجزع!!
وهذه الصور المتخلفة المهينة للمرأة وإن ألفها الرجال ورضوها للمرأة لتؤكد لهم نقصها عنهم، فهي صور لا تليق بالمرأة العصرية إطلاقا، بل هي تنال من كرامة المرأة وتطعن في وعيها وحسن تصرفها – وحسن التصرف هو ثمن حريتها – ثم هي صور ليست من الدين في شيء.. بل هي صور جاهلية تناقض الدين.. فقد جاء في الحديث: (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) ولقد تبرأ رسول الله من المرأة التي ترفع صوتها عند المصيبة والتي تحلق شعرها وتشق ثوبها تحزنا، وعن أم سلمة قالت: (لما مات أبو سلمة قلت غريب في أرض غريبة لأبكينه بكاء يتحدث عنه فكنت قد تهيأت للبكاء عليه إذ أقبلت امرأة تريد البكاء، فاستقبلها رسول الله فقال: أتريدين أن تدخلي الشيطان بيتا أخرجه الله عنه فكففت عن البكاء فلم أبك) هذا في النهي عن النياحة.. أما البكاء المقتصد في التعبير عن الفقد والحزن فقد ورد عنه: (إياكن ونعيق الشيطان فإنه ما كان من العين ومن القلب فمن الله ومن الرحمة وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان) كما ورد (إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا، وأشار الى لسانه، أو يرحم)..