إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

تعلموا كيف تجهزون موتاكم!!
الكتاب الثاني

ترشيد الجمهوريات لسلوك المرأة


الغريب أنه بعد كل هذه التوجيهات الواضحة، ظل الناس يتفرجون على المرأة، وهي تدمن هذا التعبير الجاهلي.. ولكن الأغرب أن تهبط إلى هذا المستوى المتخلف حتى المرأة العصرية، المثقفة، الذكية، الواعية.. وهذا الأمر المؤسف إنما يعلن فشل التنظيمات النسوية في اجتثاث هذه العادات المهينة لكرامة المرأة.. وفشل رجال الدين حتى في ترشيد أسرهم حتى تصدت الأخوات الجمهوريات لإدخال الدين في حياة المرأة لترشيد تصرّفها، وانقاذ كرامتها فأخذن يعبّرن عن حزنهنّ، وتعزيتهنّ، برفع الفاتحة، أو البكاء الصادق المشروع الذي لا يخدش الوقار، ولا يمس الكرامة.. إنهنّ هنّ يخرجن، ثم يخرجن بالزي الأبيض المحتشم الوقور، عند تشييع فقيد عزيز، فهن يشاركن في تشييع الجنازة التي تلزمهن، فيسرن وراء الرجال في وقار، وعلى ذكر وفكر، ويشاركن في الصلاة على الجنازة أيضا، اذ يصلين وراء الرجال، وهن قد فعلن ذلك نبذا لأفعال الجاهلية المسيئة للمرأة، وتخلصا من العادات السيئة، واستجابة لداعي الدين، ولصوت العقل، اذ لا يمكن أن تزاحم المرأة في كل المجالات ثم تحجم عن المجالات الدينية المقدسة..

اشتراك المرأة في الأعمال والمناسبات الدينية


المعروف أن النساء يشاركن في الحج، وهو أكبر تجمع ديني، وفي الصلاة الجماعية في المساجد.. فقد جاء في الحديث: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله).. كما جاء الأمر بخروج النساء إلى صلاة العيد، ومشاهده (عن أم عطية قالت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج في العيد العواتق وذوات الخدور والحيض فأما الحيض فيشهدن جماعة المسلمين ودعاءهم ويعتزلن مصلاهم) أخرجه الخمسة.. وحيث كانت للمرأة المشاركة في الواجبات الدينية العامة، وفي المناسبات الدينية المتعددة، فإنه لم يقم التحفظ في انطلاق المرأة في المجال وما ينبغي لها نحو الميت العزيز لديها، إلا بسبب سوء التصرف الذي كانت عليه المرأة في هذه المناسبة وإلا بسبب رواسب المجتمع فيما يخص أمر المرأة.. أما إذا اتجهت المرأة إلى المسئولية، واستشعار جلال المناسبة، فاستبدلت النياحة، والعويل، بالتشييع الوقور، والصلاة الخاشعة، فإن هذا يعني دخول الدين في حياة المرأة التي كانت متروكة للعادات والأعراف الجاهلية.. وإذا كانت المرأة الآن قد تعلمت وعملت وشاركت في الحياة العامة والواجبات العامة، فما الذي يمنعها من المشاركة في الواجهات الدينية والبروز في كل المجالات الدينية كما تفعل الجمهوريات؟؟ خاصة إذا علمنا أنه حتى في مرحلة الوصاية والحجاب المعلولة بملابساتها الموقوتة، فإن هناك ما يؤكد انفتاح الشريعة على مستوى المسئولية والحرية المدخر في أصول القرآن، وما يؤكد الانفتاح، من الحجاب على السفور النظيف المسئول.. ومن ذلك مشاركة المرأة في الحج، وفي الصلاة في المساجد مثلا.. ثم إنه، وفي تلك المرحلة الموقوتة، ورغم ملابساتها، فقد وردت مشروعية صلاة النساء على الجنائز وتشييعهن للجنائز..